سياسة وأمن » تصريحات

يطمح لتقويتها.. كيف ستكون علاقة ترامب مع الخليج بحال فوزه؟

في 2024/11/06

يوسف حمود\ الخليج أونلاين

يتابع العالم ودول الخليج بشكل خاص، الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في 5 نوفمبر، والتي تتنافس فيها كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، مع سلفه دونالد ترامب.

ولعل عودة ترامب المحتملة إلى سدة الحكم ستقلب بدون شك، السياسة الخارجية الأمريكية رأساً على عقب، من جديد حسب التوقعات، خصوصاً مع التغيرات التي شهدها العالم والمنطقة خلال سنوات حكم بايدن.

ويتفق خبراء ومحللون على أنه في حال عودة ترامب إلى سدة الحكم في 2024، فسيكون لذلك تأثير كبير على الشرق الأوسط وبالخصوص على منطقة الخليج، وهو أمر يضع تساؤلات حول نظرة دول مجلس التعاون لهذا السيناريو المحتمل، خصوصاً السعودية.

ترامب وتخوفات

ارتفعت المنافسة خلال الأسابيع الماضية في استطلاعات الرأي بين المرشحين، وارتفعت حظوظ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ومع احتمال تلك العودة عاد القلق من سياساته وهوسه بجمع المال وإبرام الصفقات مع دول المنطقة، وحصد مليارات الدولارات، سواء للاقتصاد الأمريكي، أو لمشروعاته الخاصة.

وفي يوليو الماضي زادت فرص ترامب في حصد السباق الرئاسي، حيث حصل في استطلاعات الرأي على نسبة 69%، على خلفية محاولة اغتياله في بنسلفانيا، وتوقعت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أن تزيد حادثة إطلاق النار عليه شعبيته خلال الانتخابات المرتقبة.

لكن انسحاب بايدن من المنافسة وترشح نائبته هاريس جاء بنتائج عكسية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي (22 سبتمبر 2024) تقدم مرشحة الحزب الديمقراطي على ترامب الذي قال إنه لن يترشح في 2028 إن خسر انتخابات العام الحالي.

استطلاع شبكة "إن بي سي نيوز" بيّن أن هاريس تتقدم بفارق 5 نقاط على ترامب، فيما أظهر استطلاع لشبكة "سي بي إس نيوز" تقدمها أيضاً بواقع 4 نقاط مئوية بين ناخبين محتملين، إذ حصلت على 52% مقابل 48% له، مع هامش الخطأ زائد أو ناقص 2%.

وفيما يحبس الأمريكيون أنفاسهم بانتظار نتائج الانتخابات التي ستحدد الرئيس الجديد للبلاد، أكد ترامب (4 نوفمبر) أنه متقدم بشكل كبير عن منافسته الديمقراطية.

ومن المبكر الجزم بفوز ترامب، لكن حظوظه تظل قوية للعودة إلى البيت الأبيض بعد أن غادره في العام 2021.

ولذا، فقد طُرحت سيناريوهات مختلفة يمكن أن يتبناها ترامب في دورته المقبلة قياساً على تلك المطبَّقة في فترته الأولى، ومنها اللجوء إلى الصفقات الدفاعية مع دول الخليج لتحصيل مزيد من الأموال.

تطلع للتعاون مع قطر

ومع اقتراب الانتخابات، بدت دول مجلس التعاون الخليجي مهتمة بمعرفة ما لدى كل من المرشحَين الرئاسيَّين الأمريكيَّين، وهي رغبة متبادلة أيضاً.

وفي هذا السياق، أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأحد (22 سبتمبر)، لقاءً مع ترامب الذي بدا سعيداً بذلك.

ترامب كتب على منصة "تروث": "كانت لدينا مع قطر علاقة رائعة خلال سنواتي في البيت الأبيض، وستكون أقوى هذه المرة (في حال فاز بالانتخابات الرئاسية)".

المرشح الرئاسي الأمريكي قال إنه وجد الشيخ تميم "راغباً في تحقيق السلام بالشرق الأوسط، ومختلف أرجاء العالم"، وأنه "أثبت قوته وقيادته العظيمة لدولته (قطر) على كل المستويات وبسرعة قياسية".

وبعدها بأيام التقى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي زار واشنطن، الرئيس الأمريكي السابق، الذي كانت فترة رئاسته حافلة بالاتفاقيات والتفاهمات بين الولايات المتحدة والإمارات.

 وبحث الجانبان "العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، كما تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من الموضوعات والقضايا محل الاهتمام المشترك"، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).

وأكد بن زايد أن العلاقات الإماراتية - الأمريكية "ترتكز على رؤية مشتركة للتقدم والازدهار منذ قيامها قبل أكثر من 50 عاماً، وتشكل الشراكة التنموية ركيزة أساسية لهذه العلاقة"، معبراً عن "تقديره لجهود ترامب في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة".

ترامب والخليج

على مدار نحو 8 سنوات، مرت العلاقات الأمريكية الخليجية بمنعطفات مختلفة وتحولات كان حجر زاويتها الرئيس الأمريكي القاطن في البيت الأبيض وسياساته تجاه دول الخليج؛ فبين وجود ترامب وبايدن في سدة الحكم تشكلت العلاقات بين البيت الأبيض والتكتل الخليجي وفقاً لمصالح اقتصادية وسياسية تدعم الجانبين.

وفي نهاية العام الجاري قد تشهد العلاقات فصلاً آخر مع انتخاب رئيس أمريكي جديد بين ترامب وهاريس، وسط تقارب بين الجانبين في استطلاعات الرأي.

وعلى مدار سنوات حكم الرئيسين الأمريكيين كان النفط والعلاقات التجارية والعسكرية محاور مهمة شكّلت الترابط بين ترامب وبايدن من جهة ودول الخليج من جهة أخرى.

وخلال فترته الأولى، سعى ترامب لإنشاء تكتل خليجي في وجه إيران "المارقة" من وجهة نظره، والدفع باتجاه تطبيع دول المنطقة للعلاقات السياسية والاقتصادية مع دولة الاحتلال بشكل غير مسبوق، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل".

كما يُتوقع أن يواصل الضغط تجاه إعطاء دفعة قوية لملف التطبيع في ولايته الجديدة، خصوصاً مع السعودية، رغم كل ما جرى من حرب إبادة جماعية في غزة على مدى شهور طويلة من طرف جيش الاحتلال.

ورغم تطابق مواقف الإدارات الأمريكية السابقة مع المبادرة العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، والتي حظيت بإجماع عربي، فإن الانحياز الأمريكي إلى الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب غزة أدخل العلاقات بين الجانبين في اختبار صعب.

وسبق أن أصيبت علاقة أمريكا بالخليج بأزمات ثقة متتالية خلال الأعوام الماضية، بدءاً من تخفيض قواتها في المنطقة، والعلاقة مع إيران، والانسحاب المرتبك والفوضوي من أفغانستان عام 2021، في حين لا تزال التباينات غير واضحة في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي الحالي.

وفي الوقت نفسه، يزيد تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد في الشرق الأوسط.

ففي ظل رئاسة ترامب يمكن أن يتصاعد الصراع الصيني-الأمريكي، مما سيخلق خطوط تصدُّع جديدة ويفجر صراعات محتملة. ومهما كانت نوايا وأهداف الرئيس السابق في رئاسته الثانية، سيظل الجميع في الشرق الأوسط قلقين من كيفية تنفيذه هذه النوايا وتحقيق ما يصبو إليه.

لن يتغير

حول هذا الأمر، يرى الباحث في الشأن الأمريكي سيف مثنى، أن نظرة ترامب إلى الخليج لن تتغير "خاصة في ظل الصعود الاقتصادي لهذه الدول، وأيضاً موقعها الجغرافي أو حتى الإقليمي سواء من الناحية المالية أو دور الوسيط الذي تلعبه بعضها".

لكن من الجانب السياسي، يعتقد أنه "ربما سيكون انعكاسه من خلال التعاطي مع الملف الإيراني، بعد التطبيع الذي حدث بين السعودية وإيران".

ويشير في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن هذا الملف "سيشكل اختباراً حقيقياً لدى سياسة ترامب في خفض التصعيد مع إيران أو خفض المناوشات الإعلامية، بعد مقتل (قائد فيلق القدس قاسم) سليماني وانسحابه من الاتفاق النووي وفرض عقوبات على إيران"، مضيفاً: "هذا هو المتوقع في حال عودته".

وفي ما يتعلق بعلاقات الخليج مع الصين وروسيا، يقول مثنى: إن ترامب "دائماً ما كان يتحدث في خطاباته، عن أنه لو كان هناك رئيس عاقل فهاتان الدولتان لن تشكلا خطراً على أمريكا، وكان دوماً يهدد بالانسحاب من حلف الناتو خاصة".

وأضاف: "في عهده خفض الدعم وطالب الدول الغربية بالمال؛ لأن العقلية المالية والاقتصادية لدى ترامب لن تجعل منه شرطياً في الشرق الأوسط ولا حتى الأدنى؛ بل تجعله مفاوضاً، خاصة في ما يخص الصين والقاعدة التجسسية لها في كوبا، أو من ناحية تايوان، أو من الدور الذي تلعبه حالياً، إما الوصول لتفاهمات أو معاقبة بكين من خلال فرض رسومات اقتصادية".

وبما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يرى أن "نظرته لن تتغير، فهو من شرعن لإسرائيل من خلال نقل القنصلية الأمريكية إلى القدس ومن خلال التطبيع العربي الذي قاده وسعى إليه، ولهذا دعم إسرائيل أولوية لفوز ترامب بالانتخابات الأمريكية".

التأثير الاقتصادي

ويتوقع الخبراء أن يؤثر فوز ترامب على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بعدة طرق، فهو يركز على تعزيز إنتاج الطاقة المحلي وتنظيم صناعة النفط والغاز وترويج صادرات الغاز الطبيعي المسال عالمياً، ما قد يعزز سوق الطاقة الأمريكي، وينعكس ذلك على اقتصادات دول الخليج المعتمدة على النفط.

وتنقل قناة "العربية Business" عن اقتصاديين، قولهم إن سياسات ترامب التجارية، خاصة مع الصين، قد تؤثر على ديناميكيات التجارة العالمية والطلب على النفط.

فقد يؤدي التباطؤ في اقتصاد الصين، نتيجة التوترات التجارية، إلى خفض الطلب على صادرات النفط من دول مجلس التعاون؛ مما يؤثر على أسعار النفط واقتصادات الدول الست.

واحتفظت دول الخليج والولايات المتحدة بعلاقات اقتصادية متوازنة خلال فترة تولي ترامب الرئاسة، واستمرت كذلك حتى انتشار فيروس كورونا الذي أوقف سلاسل الإمداد حول العالم.

ومع مجيء بايدن إلى الرئاسة لم تعد قيمة الصادرات أو الواردات الأمريكية من منطقة الخليج وإليها، إلى مستويات ما قبل كورونا، واستمر الميزان التجاري بين البلدين يميل تجاه أمريكا.

ويعني هذا أن الميزان التجاري بينهما يسجل فائضاً لصالح أمريكا؛ أي إن صادرات أمريكا إلى دول الخليج أكبر من وارداتها.

وتشير البيانات التجارية بين الجانبين إلى أن واردات هذه الدول خلال أول عامين في ولاية ترامب كانت فوق مستوى 50 مليار دولار، قبل أن تتراجع بفعل كورونا لمستويات 40 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات الأمريكية لدول الخليج في الفترة نفسها بين 32 و37 مليار دولار في أول عامين، قبل أن تتراجع بشكلٍ حاد في 2019 إلى 24 مليار دولار بفعل تراجع كبير لأسعار النفط وقتها، واستمرت مع انتشار الجائحة.

ويعتبر الوقود والزيوت المعدنية والألومنيوم ومصنوعاته والذهب والأسمدة أبرز الصادرات الخليجية التي تذهب إلى السوق الأمريكية، بينما تستورد من الأخيرة الآلات والمعدات والسيارات والطائرات ومنتجات الصيدلة والأسلحة.