سياسة وأمن » تصريحات

أول سيدة قد تحكم أمريكا.. ما توقعات تعاملها مع الشرق الأوسط والخليج؟

في 2024/11/06

كمال صالح\ الخليج أونلاين

تخوض كامالا هاريس السباق الانتخابي الأمريكي بعد اعتمادها رسمياً من قبل الحزب الديمقراطي، خلفاً لجو بايدن، الذي قرر التنحي تحت وطأة الضغوط بسبب فشله في مجاراة دونالد ترامب، القادم بقدر كبير من الأوراق.

وأصبحت هاريس، ذات الـ59 عاماً، القادمة من أصول مهاجرة، المرشحة الرسمية للحزب الديمقراطي، بعد الدعم الكبير الذي حصلت عليه من مندوبي الحزب، ومن الرئيس الحالي بايدن، والرئيس الأسبق باراك أوباما، لتكون (في حال فوزها) أول امرأة بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي حال وصلت هاريس إلى البيت الأبيض، فإن أمامها الكثير من الملفات الشائكة، الداخلية والخارجية، ولا سيما ملف الحرب في الشرق الأوسط، والتنافس الأمريكي الصيني على النفوذ في هذه المنطقة المهمة من العالم، والعلاقة مع دول الخليج، فكيف ستتعامل هاريس مع كل هذه التعقيدات؟

توقيت حساس

وتأتي هذه التحولات الانتخابية والسياسية في الولايات المتحدة بمرحلة حساسة يمر بها العالم، بسبب تزايد حدة الصراعات الدولية، واقترابها من النقطة الحرجة، فالحرب الأوكرانية مستمرة، والولايات المتحدة تقود الجبهة الدولية المساندة لكييف.

كما تأتي هذه التحولات في ظل التورط الأمريكي الكبير في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تواصل "إسرائيل" ارتكاب مجازر بشعة بحق المدنيين هناك، في الوقت الذي تنذر المؤشرات بتوسع غير منضبط للحرب، يتجاوز قدرة الولايات المتحدة على إعادة الأمور إلى نصابها مجدداً.

الشرق الأوسط

بالرغم من أن هاريس معروفة في الأوساط الأمريكية فإن ارتباطها بالملفات الخارجية، والعلاقات مع الدول ليس كبيراً كما هو حال هيلاري كلينتون التي تولت منصب وزير الخارجية خلال حكم أوباما، وكان لها رصيد مهم في التعامل مع القضايا الدولية.

وفي حال فازت هاريس فسيكون أمامها ملفات ثقيلة ومعقدة، أبرزها ملف الحرب في الشرق الأوسط، ومعضلة دمج "إسرائيل" في محيطها، بناء على الخطوات التي قطعها الرئيس الحالي.

ولعل أبرز الملفات المعقدة أمام هاريس هو العدوان الإسرائيلي على غزة، والانحياز الصريح والواضح للإدارة والسياسة الأمريكية لـ"إسرائيل" في المعركة، التي ينظر إليها العرب، ومن ضمنهم الأنظمة التي طبعت حديثاً، على أنها حرب غير عادلة، وهذا يشكل معضلة للرئيس الأمريكي القادم.

ولا يبدو أن سياسة الإدارة الأمريكية في حال فازت هاريس ستتغير تجاه "إسرائيل"، إلا أن المرشحة المحتملة أبدت حزماً خلال الأيام الماضية تجاه استمرار الحرب في غزة.

وقالت هاريس، في تصريحات صحفية، إن التزامها راسخ تجاه "إسرائيل" وأمنها، لكنها أعربت خلال لقائها برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن قلقها الشديد إزاء حجم المعاناة الإنسانية في غزة.

وأضافت أن الوقت قد حان لإيقاف الحرب في غزة، في حين قال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "واشنطن بوست"، إن فريق نتنياهو فوجئ بهاريس، وأنها ستكون أكثر صرامة من بايدن، مشيراً إلى أن الجميع في واشنطن يدفعون باتجاه إبرام صفقة تبادل.

ومنذ بداية العدوان على غزة، إثر هجمات الـ7 من أكتوبر الماضي، بدت هاريس منحازة لـ"إسرائيل"، وأيدت حقها في الدفاع عن نفسها، كما أنها كانت ولا تزال مدافعاً شرساً عن دولة الاحتلال.

وكانت هاريس قالت في لقاء مع اللجنة  الأمريكية الإسرائيلية "أيباك" عام 2017: "أعتقد أن إسرائيل يجب ألا تكون قضيةً حزبيةً على الإطلاق، وما دمت عضواً في مجلس الشيوخ للولايات المتحدة فسأفعل كل ما في وسعي لضمان الدعم الواسع والحزبي لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس".

هاريس والخليج

من أبرز المهام الملحة أمام هاريس استعادة الثقة مع دول الخليج العربي، التي تدهورت كثيراً خلال السنوات الماضية، من جراء الشعور السائد بتخلي الولايات المتحدة عن حلفائها، وتحديداً منذ تولي أوباما للحكم.

وفي منتصف مايو 2022، كانت هاريس على رأس وفد رفيع، يضم وزراء الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات الأمريكية إلى أبوظبي، وحينها التقت برئيس الإمارات الجديد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بعد توليه مقاليد السلطة، ووصفت بلاده بأنها "صديق وشريك".

وحينها قالت: "نحن موجودون هنا كوفد، لإعادة تأكيد التزامنا المشترك بالأمن والازدهار في هذه المنطقة، وأيضاً كيف استفاد الشعب الأمريكي من هذه العلاقة فيما يتعلق بالأمن والازدهار".

السفير وليام رويبوك، قال في تقرير نشره معهد "دول الخليج العربية في واشنطن"، في 25 مايو 2022، إن هدف الزيارة التي قامت بها هاريس هو الاعتذار تجاه تجاهل الإدارة الأمريكية للإمارات في مواجهة الهجمات التي نفذها الحوثيون في يناير من ذات العام.

أما بالنسبة للسعودية، فكان موقف هاريس في السابق مناوئاً للحرب التي قادتها الرياض لاستعادة الشرعية في اليمن، وصوتت، أواخر 2018، تأييداً لوقف الدور الأمريكي العسكري المساند للمملكة في تلك الحرب، كما تبنت موقفاً عدائياً ضد الدولة الخليجية في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ولعل أبرز التحديات التي تواجه أي إدارة أمريكية قادمة في تعاطيها مع الشرق الأوسط ودول الخليج تحديداً هو التنافس مع الصين، إذ بدأت الدولة الآسيوية بتعميق علاقاتها وشبكات تعاملاتها مع دول المنطقة، وعززتها باتفاقيات عسكرية وحضور سياسي لدى مجلس التعاون، توّج برعاية المصالحة السعودية الإيرانية في 2023، ورعاية المصالحة الفلسطينية قبل أشهر.

الشرق الأوسط

بعد انسحاب بايدن، بات السباق الانتخابي في الولايات المتحدة أكثر شراسة، ومن وجهة نظر رئيس جمعية الصحفيين العمانية الدكتور محمد العريمي، فإن حظوظ هاريس ليست قليلة، خصوصاً بعد الدعم الذي حصلت عليه من أوباما وزوجته، وهما يملكان شعبية كبيرة في أوساط الأمريكيين السود والملونين.

ولفت العريمي، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن أمريكا "دولة تحكمها مؤسسات عديدة، محكومة بدورها من قبل الدولة العميقة، ومن ثم فالقرار فيها ليس بيد الرئيس أياً كان، جمهورياً أو ديمقراطياً".

وأشار إلى أن تعامل الرئيس الأمريكي القادم مع ملفات الشرق الأوسط لن يكون سهلاً، "في ظل ما تشهده المنطقة من تأزم وتعقيدات، كحرب غزة، وملف الإرهاب الذي ظهر بقوة مؤخراً، كما حصل في هجوم الوادي الكبير في مسقط، والهجوم على منطقة مجدل شمس في الجولان المحتل، وملف اليمن واستهداف السفن في البحر الأحمر، والوضع في العراق، وكذلك ملف التطبيع".

واستطرد العريمي قائلاً: "كل هذه الملفات المعقدة والمأزومة لن تستطيع الرئاسة القادمة في نوفمبر التعامل معها بشكل مختلف، وسوف تحتاج من 6 أشهر إلى سنة للالتفات إليها؛ لأن هناك ملفات تحتاج إلى العمل وبشكل مكثف".

الخليج العربي

وفيما يتعلق بتعاطي الإدارة الأمريكية القادمة مع دول الخليج، يرى الدكتور العريمي أن العلاقات بين الطرفين مبنية على المصالح المشتركة، مشيراً إلى أن كلاً منهما يدرك هذه الحقيقة جيداً.

وأضاف: "لا أعتقد أن هذه العلاقة سوف تتأثر بفوز هذا المشرح أو ذاك، خاصة بعد الفهم السياسي والاقتصادي والفكري للرئيس ترامب خلال ولايته السابقة، التي قضى فيها 4 سنوات وتعامل مع القيادات الخليجية".

وتابع بالقول: "مصلحة دول الخليج في توحدهم فقط، وفي شراكتهم، ولا سيما أن مصالحهم مشتركة، ولديهم من المشتركات الكثير الذي يمكن البناء عليه إقليمياً ودولياً، فالغرب- كما هو معلوم- والولايات المتحدة الأمريكية لا يحترمان الضعيف، والشواهد كثيرة لا تعد ولا تحصى، هم بحاجة إلى دولنا أكثر مما نحن بحاجة إليهم".

وأكد أن على دول الخليج أن تضع هذه الحقيقة أمام أعينها في جميع الاجتماعات واللقاءات، مبيناً أن "الساسة في الولايات المتحدة وفي الغرب منتخبون ومحاسبون من قبل شعوبهم، ومن ثم دائماً ما يضعون مصالح بلدانهم وشعوبهم فقط في مقدمة كل حراك سياسي أو اقتصادي أو أمني".