إبراهيم شاكر \ الخليج أونلاين
في زيارة خاصة ومفاجئة، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، في 1 ديسمبر الجاري، زيارة إلى دولة الإمارات وعقد لقاء ومشاورات مع رئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وعكست الزيارة رغبة المملكة والإمارات بتعزيز التعاون والشراكة في مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، في مرحلة تبدو في غاية الحساسية والخطورة تعيشها المنطقة.
فاللقاء تزامن مع اشتعال الساحة السورية مجدداً إلى جانب التطورات في لبنان وغزة، وهو ما يعني أن الدولتين تسعيان للحفاظ على مستوى عالٍ من التنسيق لمواجهة أي تداعيات، أو تحديات قد تفرضها الصراعات الحالية.
وأثارت الزيارة الأولى بعد قرابة ثلاث سنوات، تساؤلات حول انعكاساتها المتوقعة على العلاقات بين البلدين وتوجهاتهما خلال الفترة المقبلة.
زيارة مهمة
وبالنظر إلى الظروف الراهنة يمكن القول إن هذه الزيارة تأخذ أبعاداً هامة، تصب في خانة سعي البلدين لتعزيز التواصل والتنسيق، وتعميق التعاون في المجال الاقتصادي بُغية تحقيق التكامل بين بلدين يمتلكان اثنين من أهم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وخلال لقاء ولي العهد السعودي مع الرئيس الإماراتي في قصر الروضة بمدينة العين، جرى بحث العلاقات الثنائية ومسارات التعاون والفرص الواعدة لتنميته.
الزعيمان تطرقا أيضاً إلى أهمية تعزيز العمل الخليجي المشترك فضلاً عن مناقشة المستجدات الإقليمية الراهنة، وذلك بعد ساعات من انتهاء القمة الخليجية في الكويت.
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، فقد ركز محمد بن سلمان ومحمد بن زايد على "أهمية دفع العمل الخليجي المشترك"، مؤكدَين حرص البلدين على دعم كل ما يعزز منظومته ويسهم في ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار بالمنطقة.
ومن ضمن الملفات الإقليمية، يتوقع أن الزعيمين ناقشا الحرب في غزة ولبنان، وتوترات البحر الأحمر والتهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، وأخيراً الهجوم الشامل لفصائل المعارضة في سوريا.
كما شدد الزعيمان على أهمية العمل من أجل التوصل إلى السلام العادل والشامل والدائم، الذي يقوم على أساس حل الدولتين، ويضمن تحقيق الأمن والاستقرار للجميع، بحسب "وام".
وإلى جانب التنسيق والانسجام في المواقف السياسية تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، ترتبط الإمارات والسعودية بعلاقات اقتصادية وثيقة.
ووفق وزارة الخارجية الإماراتية، فإن المملكة تعد الشريك التجاري الأول عربياً والثالث عالمياً مع دولة الإمارات، حيث استحوذت على النصيب الأكبر من إجمالي التبادل التجاري بين بنسبة 7% عالمياً بإجمالي 34 مليار دولار لعام 2021.
وخلال الملتقى الاقتصادي السعودي الإماراتي الذي عقد في أكتوبر الماضي، في العاصمة السعودية الرياض، أعلن وصول التبادل التجاري بيتن البلدين إلى 244 مليار دولار، خلال الفترة من 2014 وحتى 2023.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، سجّل التبادل التجاري بين البلدين 87.3 مليار دولار، في حين بلغ في 2023، قرابة 29.92 مليار دولار، منها 16.50 مليار دولار صادرات سعودية للإمارات، و13.31 مليار دولار قيمة الواردات من الإمارات، بحسب بيانات صحيفة "الاقتصادية السعودية.
تنسيق مستمر
هذه الزيارة والمباحثات المهمة بين الزعيمين يعتبرها مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش تعكس أهمية التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين.
وأضاف قرقاش في تدوينة على منصة "إكس"، أن العلاقات الثنائية الراسخة "تشكل أحد الركائز الأساسية لاستقرار المنطقة"، لافتاً إلى أن الزعيمين (بن سلمان وبن زايد) "يمثلان نموذجاً للحراك الإيجابي في منطقة تواجه تحديات كبيرة".
وختم حديثه بالقول: "تعاونهما وحكمتهما صمام أمان في الظروف الإقليمية الراهنة".
اللقاء الودي الذي جمع الزعيمين جاء بعد تقارير وتسريبات ملأت صفحات العديد من الصحف الكبرى العالمية حول وجود تباينات بين البلدين، بعضها يتعلق بالخلاف على محمية "الياسات"، والبعض الآخر يتعلق بالملف اليمني، إلى جانب الملف السوداني، وهو ما نفاه مسؤولو البلدين مراراً.
وسبق أن نفى رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير تركي الفيصل، في 3 يناير 2024، وجود أي خلافات بين الإمارات والسعودية، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين تسير بإيجابية.
وفي هذا السياق أكد الصحفي السعودي عبد الله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" السعودية، أن هذه الزيارة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والأهداف المشتركة التي تجمعهما.
وشدد آل هتيلة، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، على أن "الروابط بين الرياض وأبوظبي ثابتة ولا يمكن أن تهتز رغم التحديات الإقليمية والعالمية".
كما لفت إلى أن "هناك تطابقاً في الرؤى بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث يدعم الجانبان حل الدولتين، ويؤكدان ضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة".
ويشير آل هتيلة إلى أن "الزيارة تأتي في ظل ظروف سياسية معقدة، وتستهدف تعزيز العمل المشترك بين البلدين على الصعيد الدولي لدفع العملية السياسية، والضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
كما أكد أن "السعودية تسعى من خلال قيادتها لتحالف دولي إلى تحقيق أمن واستقرار المنطقة، بما يشمل تعزيز السيادة في لبنان والعمل على تحقيق رؤية مشتركة تجاه مختلف القضايا".