سياسة وأمن » تصريحات

امتد لـ105 دول.. الصندوق الكويتي يواصل دعمه التنموي عالمياً

في 2025/08/14

طه العاني - الخليج أونلاين

يواصل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ترسيخ حضوره التنموي في مناطق بحاجة ماسّة إلى الدعم، مؤكداً التزام الكويت بدورها الإنساني والاقتصادي تجاه الدول النامية.

ومن قلب نيجيريا تأتي أحدث محطات هذا الدعم، ضمن مسيرة ممتدة تشمل العالم العربي وأفريقيا على حد سواء، تستهدف النهوض بالتعليم والبنية التحتية وتمكين الفئات المهمّشة.

تعليم نيجيريا

وفي امتداد جديد لمسيرته التنموية في القارة الأفريقية، وقّع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، في 6 أغسطس 2025، اتفاقية قرض مع نيجيريا، بهدف تمويل مشروع تطوير التعليم في ولاية كادونا، عبر دعم الأطفال خارج المنظومة التعليمية.

وبحسب صحيفة "الراي" الكويتية، فإن الاتفاقية تهدف إلى إنشاء وتأهيل المدارس ورفع كفاءة المعلمين وتعزيز الإدارة التعليمية، بما يضمن توسيع فرص الوصول للتعليم الأساسي، لا سيما للفئات الأكثر احتياجاً مثل ذوي الإعاقة والفتيات والمراهقين.

وجرى توقيع الاتفاقية التي بلغت قيمتها 3.85 ملايين دينار (12.6 مليون دولار) بين المدير العام بالوكالة للصندوق وليد البحر، ووزيرة الدولة للشؤون المالية النيجيرية دوريس أنيتي، وفق ما أعلنه الصندوق عبر منصة "إكس".

ويأتي هذا التعاون في سياق الدور التاريخي الذي يضطلع به الصندوق الكويتي منذ تأسيسه عام 1961، حين بدأ بدعم الدول العربية بمبلغ أولي قدره 50 مليون دينار (نحو 163.6 مليون دولار)، قبل أن يوسّع نطاقه في عام 1974 ليشمل الدول الأفريقية، تأكيداً لنهج كويتي قائم على التضامن الإنمائي مع الشعوب الشقيقة والصديقة.

دعم متواصل

ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي إن نيجيريا تواجه تحديات كبيرة في قطاع التعليم، حيث إن نسبة معرفة القراءة والكتابة لا تزال منخفضة، ويوجد عدد كبير من الأطفال خارج المدارس.

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن هذه المشكلة تتفاقم مع عدم كفاية فرص العمل للعدد المتزايد من الشباب الذين يدخلون سوق العمل كل عام.

وأضاف العبسي أن القرض الذي قدمه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية لدعم التعليم في نيجيريا يمثل التزاماً ثابتاً من الكويت بمبادئ التنمية المستدامة.

ويرى أن هذا القرض ليس مجرد دعم مالي، بل هو استثمار استراتيجي في بناء قدرات الشباب، وتحسين البنية التحتية التعليمية، وفتح آفاق واسعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي في نيجيريا.

ولفت العبسي إلى أن توسع الصندوق في القارة الأفريقية يعكس تحولاً استراتيجياً مدروساً لتنويع خارطة عمله التنموي.

ويبيّن أن أفريقيا اليوم تمثل بيئة خصبة للمشاريع التنموية، وأن الصندوق يسعى من خلال هذا التوسع إلى تعزيز دوره كمحرك للتنمية الإقليمية وداعم للاستقرار.

وتطرق إلى أن الصندوق الكويتي قد أسهم على مدار أكثر من ستة عقود في تمويل مئات المشاريع في الدول العربية والأفريقية.

وتتجاوز هذه المساهمات الدعم المالي لتشمل نقل الخبرات الفنية وتبادل المعرفة وبناء شراكات طويلة الأمد، مما أسهم في تحسين مستوى المعيشة ورفع معدلات التنمية البشرية.

ويوضح الكاتب الاقتصادي أن هذه المساهمات تعكس صورة الكويت كدولة فاعلة ومسؤولة على الساحة الدولية، وملتزمة بالتعاون والتضامن الإنساني.

ويرى العبسي أن هذه الجهود تعزز من مكانة الكويت الدبلوماسية وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي، إذ تتيح المشاريع الخارجية فرصاً للشركات والمستثمرين الكويتيين للمشاركة في تنفيذها.

مسيرة تنموية

رسّخ الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية منذ انطلاقه مكانته كأول مؤسسة إنمائية تنشأ من دولة نامية، ليصبح أحد أبرز أذرع العون التنموي في العالم.

ومنذ تلك اللحظة حمل الصندوق رؤية إنسانية ترتكز على دعم التنمية المستدامة في الدول الأقل نمواً، مساهماً في تحسين حياة الملايين حول العالم.

ورغم التحديات المبكرة التي واجهته، خصوصاً نقص البيانات اللازمة لتقييم المشاريع، استطاع الصندوق تأسيس قواعد راسخة لعمله، وقدم أكثر من 1.2 مليار دولار كمنح فنية لإعداد دراسات الجدوى، ما مكنه من دعم مشاريع تنموية كبرى.

وقد تمحور عمل الصندوق تاريخياً حول مشاريع البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة والزراعة، لكنه سرعان ما وسّع رؤيته ليشمل التعليم، والصحة، والبيئة، إدراكاً لأهمية الاستثمار في الإنسان.

وخلال السنوات الأخيرة، اتجه بشكل استراتيجي نحو مشاريع ذات أثر اجتماعي مباشر، مثل بناء المدارس والمستشفيات، وتوفير المياه النظيفة، والصرف الصحي.

وأشارت صحيفة "القبس" الكويتية، في ديسمبر 2024، إلى أن الصندوق يستند إلى سجل حافل بالإنجازات امتدّ ليشمل 105 دولة حول العالم، من بينها 16 دولة عربية، و41 أفريقية، و19 في شرق وجنوب آسيا والمحيط الهادي، و17 في وسط آسيا وأوروبا، و12 دولة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.

وبلغ عدد القروض التي قدّمها 1022 قرضاً بقيمة 6.89 مليارات دينار (نحو 22.4 مليار دولار)، إلى جانب 336 منحة ومعونة فنية بقيمة 381 مليون دينار (1.24 مليار دولار)، خصصت لدعم دراسات ومشاريع تنموية نوعية.

ولم يقتصر دور الصندوق على تمويل المشاريع، بل أسهم أيضاً في تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية والبيئية والإنسانية؛ فخلال السنوات الأخيرة برز حضوره في دعم قضايا اللاجئين، إذ قدم ما يقارب 377.5 مليون دولار لصالح مشاريع إنسانية للاجئين السوريين والفلسطينيين والروهينغا، إضافة إلى شراكات مع منظمات دولية لتقديم العلاج والتعليم والخدمات النفسية.

وفي الشأن الفلسطيني وقع الصندوق اتفاقية منحة بمبلغ 2.5 مليون دولار للمساهمة في دعم صندوق التمويل الإنساني للأراضي الفلسطينية المحتلة للفترة 2024 - 2025.

وعلى الصعيد البيئي، وسّع الصندوق من نطاق دعمه لمشاريع خضراء تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، حيث خصص أكثر من 654 مليون دولار لمبادرات بيئية في العقد الأخير.

ويؤكد الصندوق الكويتي للتنمية، عبر مبادراته المتواصلة، التزام الكويت بقيم التضامن، والتعاون مع الدول النامية وفقاً لأولوياتها التنموية واحتياجاتها المحلية.