سياسة وأمن » تصريحات

«ديلي تليغراف»: السعودية حليف أساسي لبريطانيا في مواجهة «الدولة الإسلامية»

في 2015/12/10

ديلي تليغراف- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-

عندما حاول «ديفيد كاميرون» معرفة عدد المقاتلين السوريين المتاحين لإجراء عمليات برية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» كانت الاستجابة من كبار مستشاريه العسكريين بالكاد مشجعة.

«بالتأكيد ليس هناك أي نقص في المقاتلين على الأرض في سوريا»، وفقا لما صرح به مكتب رئيس الوزراء، «المشكلة الوحيدة هي أنه لا أحد منهم يريد أن يقاتل ضد الدولة الإسلامية».

هذا باختصار يلخص المأزق الذي يواجه صناع السياسة الغربيين في محاولاتهم لوضع استراتيجية متماسكة لهزيمة «الدولة الإسلامية»، لا تعتمد حصرا على الاعتقاد المتفائل أنه إذا قمت بإسقاط ما يكفي من القنابل على رؤوس المتعصبين، فإنهم سوف يتخلون ببساطة عن محاولاتهم الرامية إلى إقامة الخلافة الخاصة بهم.

داونينج ستريت ينأى بنفسه الآن عن مزاعم «كاميرون» بأن هناك ما يقرب من 70 ألفا من المتمردين السوريين على استعداد للانضمام إلى القتال ضد الدولة الإسلامية. وقد قيل لي أن هذه المعلومة قد تم إدراجها في اللحظة الأخيرة ضمن خطاب «كاميرون» من قبل أحد المسؤولين المتحمسين في مجلس الوزراء الذي لم يكن يميل إلى الإصغاء إلى التوجيه العسكري الرسمي.

في واقع الأمر، بطبيعة الحال، فإنه مع وجود أكثر من 100 من الفصائل المختلفة التي تقاتل جميعها من أجل نصيبها من الغنائم في الحرب الأهلية الوحشية الدائرة في سوريا، فإنه يكاد يكون من المستحيل التمييز بين الجماعات التي تقاتل ضد «الدولة الإسلامية» من تلك التي تسعى إلى أجندات أخرى مثل محاولة الإطاحة بـ«نظام الأسد» أو حتى القتال من أجل إنشاء إقطاعيات مستقلة خاصة بهم.

في بعض الحالات، فإن الفصائل تجد نفسها تحارب على جبهتين. الفصائل التي تأسست خصيصا قبل أربعة أعوام من أجل استهداف الرئيس السوري «بشار الأسد» تجد نفسها الآن يتم دفعها دفعا نحو الدفاع عن مكاسبها على الأرض في وجه تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي لا يفرق بين الجماعات التي تقاتل مع «الأسد» أو ضده.

لذلك فإنه، ومن أجل إحراز أي تقدم ملموس في الحرب البرية ضد «الدولة الإسلامية» فإنه ينبغي أن يكون هناك قدر من الترشيد في ساحة المعركة يوضح بالضبط من يقاتل من، وإلى أي نهاية يسير الأمر بالضبط.

في هذا السياق، فإن افتتاح القمة التي تجمع مجموعات المعارضة السورية أمس في المملكة العربية السعودية يمثل محاولة طال انتظارها لصياغة بعض الوحدة حول الهدف، وهي نهاية تصب في صالح المطاف في هدف إزالة «الدولة الإسلامية».

لم يحظ السعوديون بتغطية جيدة في الصحافة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، لأسباب ليس أقلها طغيان كلاسيكيات نشطاء اليسار المتشدد من تحالف أوقفوا الحرب وحزب العمال بزعامة «جيرمي كوربين»، الذي يريدنا أن نعتقد أن المملكة العربية السعودية بمفردها هي المسؤولة عن خلق تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.

باعتراف الجميع، فقد ساعدت أموال بعض السعوديين في تمويل المنظمتين في الماضي، ولكن الحكومة السعودية نفسها في حالة حرب مع كلا الفريقين، كما أن المتشددين التابعين لتنظيم «الدولة الإسلامية» قد قاموا مؤخرا بشن هجمات متتالية على المساجد داخل البلاد السنية.

السعوديون إذا يبدون ملتزمين تجاه هزيمة «الدولة الإسلامية» بقدر التزامهم تجاه إزالة «نظام الأسد»، منافسهم الإقليمي طويل الأمد. وهو أمر على ما يبدو ليس مخالفا عن الأهداف التي تبناها «كاميرون» عندما قام بتحديد الأهداف طويلة الأمد لبريطانيا من تدخلها العسكري في سوريا.

في مثل هذه الظروف، فإنه سوف يكون من الجيد للغاية لبريطانيا أن تعمل بشكل وثيق مع السعوديين من أجل قضية مشتركة، خاصة أن البلدين لديهما تحالف وثيق يعود إلى ما قبل حرب الخليج الأولى.

والآن، في الوقت الذي يحتاج فيه «كاميرون» إلى حشد جميع حلفائه من أجل ضمان نجاح مشاركة بريطانيا في سوريا، فإن العلاقات بين لندن والرياض قد صارت أكثر توترا أسباب ليس أقلها قرار وزير العدل «مايكل غوف»، غير الحكيم، في أكتوبر/ تشرين الأول، إلغاء عقد السجون احتجاجا على سجل حقوق الإنسان لدى السعوديين، وهي الخطوة التي تسببت في إغضاب الرياض بشكل كبير.

ما غفل عنه السيد «غوف» في تقديره هو أن تدخله جاء عند منعطف حاسم في التطور السياسي في المملكة.

نهاية الأسبوع المقبل، فإن هذا البلد المحافظ سوف يسمح للنساء لأول مرة للوقوف في الانتخابات البلدية. إصلاحات من هذا النوع، رغم كونها بطيئة بشكل مؤلم، فإنها بالتأكيد خطوة على الطريق الصحيح ويجب أن يتم تشجيعه بدلا  من رفضها كما يفسر السعوديون تدخل السيد «غوف».

وعلاوة على ذلك، فإنه في الوقت الذي تقوم فيه بريطانيا بعملية إعادة هيكلة في صفوف القوات المسلحة، فإنه من المنطقي أن تعزيز تحالفها مع شركاء على المدى الطويل مثل الرياض.

يرغب السعوديون في تعزيز قدراتهم العسكرية، وقد أبدوا اهتمامهم في تعزيز أسطول مقاتلات تايفون البريطانية الـ72 التي اشتروها خلال عام 2007. ولكن هذه الصفقة من غير المرجح أن تمضي قدما إذا استمرت الشكوك في الرياض حول التزام بريطانيا بالحفاظ على علاقات قوية.

يمكن للسعوديين أن يكونوا حلفاء صعبين بشكل ما، كما يتبين من قضية المهرب البريطاني البالغ من العمر 74 عاما الذي حكم عليه بالسجن والجل لـ350 جلدة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالقضايا الإقليمية الكبيرة، فإن السعوديين قد أثبتوا أنفسهم كأصدقاء جيدين لبريطانيا، كما أن السعودية بإمكانها أن تلعب دورا حيويا في تدمير «الدولة الإسلامية».