سياسة وأمن » لقاءات

عرب يقدمون خدمات مجانية لـ«إسرائيل»

في 2016/08/02

إن كان هناك ثمة أحد يشك في العوائد الإيجابية الهائلة التي تجنيها إسرائيل في عهد الثورات المضادة، فما عليه الا أن يرصد التهافت النخب المرتبطة بدوائر صنع القرار في العالم العربي على تقديم الخدمات المجانية للكيان الصهيوني والتطبيع معه.

من أسف، فإن تطوع أنظمة عربية لتقديم خدمات مجانية بالغة الخطورة لإسرائيل بات من سمات مرحلة الثورة المضادة.

فهل يعقل أن تصل الأمور إلى حد أن الوزير الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين يكشف النقاب عن أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل كانت جزءا من «استنفار» للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أجل منع صدور قرار في مجلس الأمن يقر بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، بناء على تنسيق مسبق مع نتنياهو. ويستهجن بيلين أن يطالب السيسي الفلسطينيين بالاكتفاء بقرار 242، مع أنه لا يذكر الفلسطينيين من قريب أو بعيد!.

ولا يمكن لأحد أن يغفل دلالات الزيارة التي قامت بها مجموعة من النخب السعودية، برئاسة اللواء المتقاعد أنور عشقي لإسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية ولقائها بعدد من النواب الصهاينة.

ولاحاجة للقول إن تبرير عشقي لقاءاته مع النواب الصهاينة بالقول إنها تهدف إلى إثارة جدل حول المبادرة العربية للسلام تثير السخرية؛ حيث أن نتنياهو كرر أكثر من مرة مؤخراً بأن المبادرة العربية لا يمكن أن تكون أساساً للتفاوض مع الفلسطينيين!.

ولا حاجة للتذكير أيضاً بتعهد نتنياهو خلال الحملة الانتخابية بأن دولة فلسطينية لن ترى النور مادام رئيساً للحكومة، في حين أن الوزراء والنواب الصهاينة يتبارون فيما بينهم على تقديم مشاريع القوانين الهادفة إلى «تشريع» حسم مصير الأرض الفلسطينية. فمنهم من يقدم مشاريع لضم مناطق «ج»، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، وآخرون يطالبون بضم التجمعات الاستيطانية الكبرى.

إن من يدعي أنه يتواصل مع الصهاينة من أجل تحسين فرص التوافق على المبادرة العربية، عليه أن يتصرف على الأقل كالإتحاد الأوروبي، الذي لا يتردد في اتخاذ عقوبات، وإن كانت رمزية، ضد إسرائيل بعد إقدامها على تدشين مشاريع استيطانية وتهويدية، لا أن يكافئ الصهاينة بالتطبيع معهم. ولا حاجة للتذكير بأن نتنياهو قرر بعد أقل من 48 ساعة على زيارة عشقي بناء 770 وحدة سكنية في مستوطنات يهودية.

وقد حملت الصورة التذكارية التي التقطت لأنور عشقي ومضيفيه من النواب الصهاينة دلالة خاصة. فالابتسامة العريضة التي ظهرت على وجه الجنرال عومر برليف، الذي كان الثاني في يسار الصورة لا تخفي ماضي الرجل وطابع موقفه من العرب. فقد كان برليف قائداً لفرقة الاغتيالات «سييرت متكال» التي تعمل في عمق العالم العربي، ويتباهى حتى الآن بأنه قتل عدداً كبيراً من العرب.

المؤسف أن زيارة عشقي لإسرائيل جاءت في غمرة تحرك الصهاينة لإحباط تزود الرياض ودول الخليج بسلاح نوعي من الولايات المتحدة. والمفارقة أن تل أبيب تبرر معارضتها لحصول الدول العربية على سلاح النوعي بالقول إنها تخشى سقوط الأنظمة فيها فيقع السلاح في أيدي «الإسلام المتطرف»!!!.

اللافت أن المسؤولين الصهاينة لم يعودوا يعزون الحرص العربي على تسخين العلاقات مع تل أبيب إلى متطلبات مواجهة المشروع النووي الإيراني، بل يكتفون بتحديد «مواجهة الإسلام المتطرف» كقاسم مشترك للطرفين، يسوغ هذا التعاون.

وقد كان نتنياهو واضحاً في الكلمة التي ألقها في الاحتفال الذي نظم مؤخراً بمناسبة تخريج دفعة جديد من طلاب كلية الأمن القومي، حيث قال إن الدول العربية «اكتشفت الطاقة الكامنة في التعاون مع إسرائيل في مجال محاربة الإسلام المتطرف».

ولا داعي للتذكير، بأن تحديد «الإسلام المتطرف»كمسوغ للتعاون بين إسرائيل والدول العربية يتفق مع الأولويات الصهيونية فقط. ففي الوقت الذي لازالت الدول العربية، التي تقول إسرائيل إنها تتعاون معها في الخفاء، تقر بأن إيران تشكل التهديد الرئيس عليها؛ فإن التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والغرب أفضى إلى تراجع اهتمام إسرائيل بـ «الخطر» الإيراني.

بالنسبة العرب الذين يتهافتون على إسرائيل، قد يكون التذرع بمواجهة الإسلام المتطرف مجرد مبرر للولوج مرحلة جديدة وأكثر صخباً مع الصهاينة.

د. صـالـح النـعـامي- السبيل-