«تتناول سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذى بات يمثل تهديداً لأمن واستقرار الأمة العربية بل والمجتمع الدولي بأكمله».. هكذا تحدث بيان الرئاسة المصرية حول القمة السعودية والمصرية، المقررة غدا الأحد.
وأعلنت الرئاسة المصرية، أمس، أنه من المقرر أن يستقبل العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز»، بالعاصمة السعودية الرياض، نظيره المصري «عبد الفتاح السيسي»، غدا الأحد.
مراقبون، اعتبروا أن القمة ستتناول موضوعات أكبر وأعمق من ذلك، على رأسها الخلاف السعودي المصري، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والأزمة في سوريا، والعلاقات المصرية السودانية، وغيرها من الملفات المشتركة بين البلدين.
وكان «السيسي» التقي الملك «سلمان» على هامش أعمال القمة العربية التي عقدت مؤخرًا في البحر الميت بالأردن، في لقاء هو الأول بين الجانبين بعد نحو عام من زيارة أجراها العاهل السعودي للقاهرة في إبريل/نيسان 2016، والتي تلاها تباينات في وجهات النظر حول عدد من قضايا المنطقة.
وأثمر اللقاء الذي خرجت فيه صور «السيسي» والملك «سلمان» للرأي العام بابتسامات عديدة عن ترحيب الرئيس المصري، بدعوة العاهل السعودي، لزيارة للمملكة، التي أعلنت وقتها أنها الشهر الجاري، وفق تصريحات لوزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، دون تحديد موعد.
وآنذلك، قالت مصادر مطلعة إن لقاء «السيسي» والملك «سلمان» جاء ثمرة لتدخل أمريكي ووساطات عربية بين البلدين شملت التوافق على 3 تفاهمات.
السفير «محمد العرابي» وزير الخارجية الأسبق، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، علق على الزيارة قائلا إن «مصر ليس لديها مطالب محددة من المملكة العربية السعودية، كما أن القاهرة غير مطالبة بتقديم شيئ محدد للرياض، ويكفى كلا الطرفين التوافق علي محددات للعمل المشترك فيما بينهما فى المستقبل».
اليمن
وأوضح «العرابي» فى تصريحات صحفية، أن القاهرة والرياض لديهما تفهمات بشأن بعض قضايا وأزمات المنطقة العربية، وسوف يتم استعراض تطورات هذه اﻷزمات خلال القمة، وكذلك استعراض العلاقات مع القوي الدولية الفاعلة والدول اﻷقليمية المؤثرة في المشهد خاصة السوري والعراقي واليمني.
وسبق أن تداول معلومات وصفت بالاستخباراتية، حول تسليم مصر معدات بحرية لميليشيات «الحوثي» والرئيس اليمني المخلوع «علي عبدالله صالح»، دعما لهم في مواجهة السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
سوريا
كما قال الدكتور «سعيد اللاوندي» أستاذ العلاقات الدولية، إن «موقف مصر لن يتغير تجاه القضية السورية واليمنية، فسيظل السيسي رافضًا التدخل في اليمن، وكذلك سيظل مؤيدًا للحل السلمي في سوريا وبقاء «بشار الأسد».
إلا أنه عاد مضيفا: «اللقاء سيكون لصالح العرب جميعًا لأنهم الدولتين الباقيتين في العرب حاليًا».
وكانت أزمة نشبت بين مصر والسعودية عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي، لصالح مشروع قرار روسي، لم يتم تمريره، متعلق بمدينة حلب السورية، وكانت تعارضه دول الخليج والسعودية بشدة.
تيران وصنافير
وعن المناقشات حول «تيران وصنافير»، أشار «اللاوندي»، إن اللقاء سيتطرق بالطبع للجزيرتين باعتبارهما باعتبارها مشكلة بين البلدين، وسيكون الحديث في إطار المناقشة وليس اتخاذ قرار.
وتوقع أن يوضح «السيسي» للملك «سلمان» أن القضية تسير في الاتجاه الصحيح، وأن مجلس النواب هو الحاكم في القضية.
وفي أبريل/ نيسان 2016، وقعت مصر والمملكة اتفاقية تتضمن تنازل القاهرة عن جزيرتي «تيران وصنافير» الواقعتين في البحر الأحمر للرياض، وخرجت احتجاجات شعبية مصرية رافضة للتنازل، وصدر حكم قضائي نهائي في مصر بإلغاء الاتفاقية، وسط محاولات حكومية مؤيدة للتنازل لمناقشتها في البرلمان المصري المؤيد لـ«السيسي»، الذي بدأ بالفعل في ذلك الأمر متمسكا أنه صاحب الحق الأصيل في قبولها أو رفضها.
ولفت السفير «هاني خلاف» مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن القمة ستناقش مستقبل العلاقات الثنائية بين القاهرة والرياض في مجالات عدة منها الاستثمار والتعاون الفني والعسكري والسياسي.
وأبلغت المملكة مصر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بوقف شحنات منتجات بترولية شهرية بموجب اتفاق مدته 5 سنوات، تم توقيعه خلال زيارة العاهل السعودي الملك «سلمان» لمصر في أبريل/ نيسان 2016، قبل أن تعلن القاهرة منتصف الشهر الماضي عودة الشحنات مرة أخرى.
وساطة السودان
وأوضح، أن فكرة اللقاء على هذا المستوى الرفيع بين «السيسي» والملك «سلمان»، تعنى أن السعودية تريد تبادل التقيمات مع مصر بشأن الوضع فى سوريا واليمن والعراق وأمن البحر الأحمر والتحركات الإيرانية غير المسبوقة داخل الدول العربية.
وتلميحا على تدخل الرياض للتوسط بين القاهرة والخرطوم، قال «خلاف»: «مصر لن تطلب تدخل المملكة في هذا الأمر إلا في حال طرح فكرة من قبل المملكة»، مؤكدا أن مصر ترحب بأى أفكار من شأنها وقف الحملات ضد مصر.
وبحسب مراقبين، فإن النظام المصري يسعى لتصفية الأجواء مع السعودية تزامنا مع مباحثاته مع السودان، لإيمانه بأن الرياض تقف وراء تعالي المطالبات السودانية بمثلث «حلايب وشلاتين».
سد النهضة
أما «رفعت لقوشة» المفكر السياسي فقال إن من بين الملفات المطروحة على طاولة اللقاء، ملف أثيوبيا وسد النهضة.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، وجهت صحف مصرية، انتقادات حادة للرياض، مشككة في نوايا زيارة مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي «أحمد الخطيب»، سد النهضة في إطار زيارته في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لإثيوبيا بعد أيام من زيارة أخرى لوزير الزراعة «عبد الرحمن بن عبدالمحسن الفضلي» لأديس أبابا.
وأضاف «لقوشة»: «ربما يكون مطروح أيضًا طبيعة العلاقات بين مصر وإيران، ومخاوف الرياض من طهران».
وتابع: «يجب أن يكون هناك مصارحة في التعامل ليخرج العرب من أزماتهم».
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن تقارب حكومة «السيسي» مع طهران، ووجود أنباء عن تقديم الأخيرة لمعونات نفطية، ووعود بإنعاش السياحة المتردية عبر قيام وفود من الإيرانيين بزيارة المعالم السياحية.
وكانت أزمة نشبت بين مصر والسعودية منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وتصاعدت تباعا، حتى ترافق معها تراشق إعلامي غير رسمي في وسائل الإعلام والصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي في البلدين، وصفت من جانب مراقبين بأنها «وترت» العلاقات الثنائية بين البلدين.
وكالات-