سياسة وأمن » لقاءات

ترامب يحاول إصلاح ما أفسدته سياسات أوباما بالمنطقة.. فهل ينجح؟

في 2017/05/20

يعزّز وجود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في السعودية لعقد قمم الرياض الثلاث، العلاقات الأمريكية مع دول الخليج العربية، بعد أن شهدت توتراً في الفترة الأخيرة، في ولاية الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما.

ويأتي هذا التوتّر على خلفية الاتفاق النووي، وتدخّل إيران في شؤون الدول الخليجية والعربية والإسلامية، وملفّات المنطقة السورية واليمنية والعراقية، وهي التي وقف معها أوباما موقف المتردّد، بحسب ما قرأه المحللون عن فترة رئاسته، ما سمح للمليشيات الموالية لطهران أن يكون لها الحضور الأكبر في المنطقة.

وبهذا يواصل ترامب ما بدأه منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، في يناير/كانون الثاني الماضي، بتصريحاته ضد الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في سبتمبر/أيلول عام 2015، مع الدول الست الكبرى، إذ قال إنه "سيمزّقه"، وبعدها قال إنه "سيراقب بشدّة تنفيذ بنود الاتفاق"، أملاً منه لتغييرها "من بنود سيئة إلى جيدة"، بالإضافة لخطواته التصعيدية ضد طهران.

- سياسات ترامب تجاه الخليج

وحول سياسة ترامب إزاء دول مجلس التعاون الخليجي، يقول محمد الهاجري، الباحث الاستراتيجي في مركز البحرين للدراسات، إن "زيارة ترامب للسعودية تأخذ بعداً هاماً؛ لكونها أول زيارة له خارج أمريكا"، ووضح الهاجري لـ "الخليج أونلاين"، أن "ثمة انفتاحاً للرئيس الأمريكي على السعودية وعلى الدول العربية والإسلامية، وفاجأت سياسته هذه المراقبين"، وهو عكس سابقه أوباما.

وسيعقد ترامب في زيارته التاريخية للسعودية، السبت والأحد، ثلاث قمم؛ الأولى مع القادة السعوديين، والثانية مع قادة دول الخليج، والثالثة مع قادة وممثلي الدول. كما سيشارك على هامش الزيارة في افتتاح مركز لمحاربة التطرف، وجلسة حوار مع شباب سعوديين حول دور مواقع التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب.

ويتابع الهاجري أنه "وبطبيعة الحال فإن هذه سياسة أمريكية متّبعة لها أهدافها وأجندتها، ومن المهم القول إن جميع الأطراف قد أدركوا أبعاد تداعيات وتحولات المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط، لذلك فإن المواقف التي يتم اتخاذها اليوم هي مواقف يتشارك على أهميتها الولايات المتحدة، والعالم الإسلامي بقيادة المملكة، في الوصول إلى رؤية موحدة تهدف إلى توحيد السياسات وحماية الأمن والاستقرار".

ومن الواضح أن صنّاع السياسة في الولايات المتحدة باتوا يدركون بأنّ السعودية هي من أهم الحلفاء الاستراتيجيين في المنطقة، ليس فقط لكونها تمثل أكبر احتياطي للنفط في العالم، بل وأكبر مسيطر رئيسي على سوق النفط العالمي، مع احتفاظها بموقع ديني وروحي مهم بين الدول؛ فالعامل الديني هو أحد أهم المحركات والدعائم الأساسية التي من المهم أن تراعيها واشنطن في علاقاتها مع السعودية، بحسب مراقبين.

كما أنّ الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب ترغب في استعادة دور أمريكا المحوري في العالم من جديد؛ عبر إعادة إنعاش العلاقات الأمريكية-العربية، وعلى رأسها العلاقات مع دول الخليج والسعودية، التي تراجعت بشكل كبير في عهد أوباما.

- انتهاكات إيران

وتوقع الهاجري "أن تكون مخرجات قمم الرياض مواقف وتوجهات من شأنها أن تصبّ في تعزيز العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية، واتخاذ موقف موحد، وبخاصة إزاء الانتهاكات الإيرانية للنسيج العربي، والإرهاب".

كما يتوقع الباحث أن تعمل الإدارة الأمريكية على إخراج المليشيات الإيرانية التي تنخر النسيج الاجتماعي العربي في بعض الدول العربية، وتخفيف النفوذ الإيراني فيها، وأن توجه واشنطن في هذه القمم نحو تأكيد أهمية إنشاء التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، والدفع نحو تشكيل هيكل أمني إقليمي جديد، على غرار حلف الناتو، وذلك لتوجيه الحرب ضد الإرهاب ومقاومة التمدد الإيراني، وفق الباحث.

- أمريكا تغير نظرتها للخليج

ويوضح حضور ترامب، بحسب ما يرى الهاجري، أن الولايات المتحدة مستعدّة للنظر إلى المنطقة برؤية مختلفة عن المواقف السابقة لسلفه، وستتيح هذه القمم لقادة الخليج فرصة لقاء ترامب، وأن يتعرف على مواقفهم الفردية والجماعية تجاه أزمات المنطقة والعالم لاستعادة الاستقرار.

- إعادة توطيد علاقات

المحلل والكاتب السياسي السعودي، وحيد هاشم، قال إن أسباب الزيارة "مرتبطة بالدرجة الأولى بإعادة توطيد الشراكة الاستراتيجية مع السعودية لمواجهة كل التحديات التي تواجه المنطقة، إضافة إلى معالجة ومناقشة الملفات الخطيرة المنفتحة على مصارعها في المنطقة؛ مثل مواجهة تأثير إيران في سوريا والعراق واليمن، وكذلك مناقشة حل طويل الأمد لقضايا التطرّف، خاصة داعش والإرهاب الإقليمي والدولي، واتخاذ إجراءات إضافية لوقف تمويل المنظمات المسلّحة، وزيادة التعاون الأمني بين دول الشرق الأوسط".

وأكد هاشم لـ "الخليج أونلاين"، أن "الزيارة تدخل ضمن إطار الامتداد التاريخي للعلاقات الأمريكية-الخليجية والسعودية، والإرث السياسي الذي يجمع الولايات المتحدة والسعودية منذ عام 1945، وذلك على مرّ أكثر من سبعة عقود".

- أمريكا واليمن

وبقيت الولايات المتحدة في ظل الرئيس السابق بعيدة عن الحرب في اليمن، واكتفت بمحاربة تنظيم القاعدة فيها عبر سلسلة من الغارات والضربات الجوية، إلا أن زيارة ترامب إلى السعودية تحمل بين طيّاتها إشارة واضحة إلى أن السياسة الأمريكية إزاء حرب اليمن يمكن أن تتغيّر بسرعة، وفق صحيفة الواشنطن تايمز الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في 15 مايو/أيار، إن الحرب في اليمن تبدو مصيرية بالنسبة إلى السعودية؛ فالسفير عبد الله المعلمي (مندوب السعودية بالأمم المتحدة) اعتبر أنه لا سلام في السعودية قبل أن يكون هناك سلام في اليمن.

وفي مارس/آذار الماضي، ناقش كبار قادة الجيش الأمريكي خيارات زيادة الدعم الأمريكي للسعودية في اليمن، ومن بين هذه الخيارات توفير الأسلحة والذخيرة للقوات السعودية، وزيادة العمليات الاستخبارية والمراقبة ضد أهداف الحوثيين.

- أمريكا والمسلمون

وبهذه الزيارة أيضاً، يطمئن ترامب الدول الإسلامية، وذلك بعد شعورها بالقلق من تصريحاته خلال حملته الانتخابية، والتي فُسّرت أنها معادية للمسلمين، وفق الهاجري.

ويؤكد الباحث الاستراتيجي البحريني أن الزيارة تؤكد الحرص على استمرار العلاقات الاستراتيجية التاريخية التي تجمع دول مجلس التعاون بأمريكا.

واعتبرت صحيفة "الواشنطن تايمز"، سابقاً، أن الزيارة هي محاولة من ترامب للاعتذار عن الخطاب المعادي للمسلمين الذي استخدمه في حملته الانتخابية بكثافة، وتبعه بقرار حظر للسفر على مواطني سبع دول إسلامية إلى أمريكا.

وأشارت إلى أنها تعتبر كسراً للبروتوكول المتّبع في البيت الأبيض؛ فغالباً ما كان الرؤساء يبدؤون زياراتهم الافتتاحية إلى دول الأمريكتين، أو أحد حلفاء واشنطن في أوروبا.

هناء الكحلوت - الخليج أونلاين-