سياسة وأمن » لقاءات

الإمارات: الإجراءات ضد قطر «مقاطعة» وليست «حصاراًً»

في 2017/09/29

الاتحاد الاماراتية-

جددت الإمارات العربية المتحدة التأكيد على أن الإجراءات التي اتخذتها مع المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية ضد قطر هي بمثابة «مقاطعة» وليست «حصاراً» وفقاً للقانون الدولي، وتندرج ضمن الحقوق السيادية للدول في الدفاع عن أمنها الوطني في مواجهة مصادر التهديد الخارجية. وأكد وفد المجلس الوطني الاتحادي برئاسة النائب الثاني لرئيس المجلس عبد العزيز عبد الله الزعابي خلال جلسة مباحثات رسمية مع رئيسة لجنة شبه الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي ميشال أليو ماري في بروكسل، أن الإمارات تقدر جهود الوساطة الكويتية، وأن المسار الدبلوماسي هو الطريق الوحيد للمضي قدماً لحل هذه الأزمة مع التزام الدولة ودعمها لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وعدم اللجوء إلى القوة في تسوية الأزمات وتغليب لغة الحوار.

وحذر وفد المجلس الوطني من الخطر الإيراني الناجم عن الممارسات التوسعية ذات الطابع الأيديولوجي، ومن تهديد برنامج إيران النووي والصواريخ الباليستية لأمن واستقرار الخليج، ومن تدخل طهران في اليمن والعراق وسوريا، وعلاقتها بالإرهاب. وأشار إلى احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، مؤكداً على أهمية إدراج قضية الجزر المحتلة على أجندة أي حوار مشترك بين أوروبا وإيران من أجل تسوية القضية وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، مشدداً على أن احتلال الجزر يعد قضية وطنية ذات أولوية قصوى لدى الإمارات. وأشار وفد المجلس الوطني إلى أن الإمارات تشارك في قوات التحالف العربي، لإعادة الشرعية الدستورية في اليمن، ومنع التدخل الإيراني هناك، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة، والتصدي لخطط إيران بشأن استنساخ تجربة حزب الله اللبناني في اليمن عن طريق جماعة الحوثي، وحماية الأمن القومي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ومنع انتشار وتغول التنظيمات الإرهابية في اليمن مما ينجم عنه تحولها لدولة فاشلة تهدد أمن المنطقة.

التعاون والشراكة

وتركزت المباحثات بين وفد المجلس الوطني ومسؤولة البرلمان الأوروبي على بحث سبل تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين الجانبين في مختلف المجالات، مع التأكيد على أهمية دعم الحوار المشترك حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك في ظل التطورات والأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط والعالم. وضم وفد المجلس كلا من، حمد عبد الله الغفلي، وسعيد المطوع، وسعيد صالح الرميثي، وعزة سليمان بن سليمان، ومطر سهيل الظاهري.

وجرى خلال الجلسة بحث سبل تعزيز علاقات التعاون والشراكة القائمة بين الإمارات ودول الاتحاد الأوروبي في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والسياحية، وفي مجالات التنمية المستدامة والابتكار واستشراف المستقبل، مع التأكيد على أهمية تطوير العلاقات البرلمانية والنهوض بها وتطويرها بما يحقق تطلعات وآمال قيادات وشعوب الجانبين. واتفق الجانبان على أهمية مواصلة الحوار والتنسيق والتشاور والزيارات المتبادلة بما يحقق أفضل النتائج التي تواكب التطور الملحوظ الذي تشهده العلاقات الثنائية القائمة بين الإمارات ودول الاتحاد الأوروبي، لا سيما على صعيد استثمار الدبلوماسية البرلمانية لما لها من أهمية في دعم وتعزيز عمل الحكومات وفي تسهيل التواصل في العديد من القطاعات. واستعرض الجانبان عدداً من الموضوعات من أهمها التنويع في الاقتصاد والاستدامة والتغير المناخي، واستراتيجية مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، وريادة الإمارات في تمكين المرأة والشباب، والمساعدات الإنسانية التي تقدمها الإمارات لا سيما للاجئين.

هزيمة الفكر الإرهابي

ونقل الزعابي تحيات معالي الدكتورة أمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، مؤكداً أهمية هذا الاجتماع مع رئيس وأعضاء لجنة شبه الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي، حيث يوفر فرصة ثمينة لتعزيز التعاون ودعم الحوار المشترك، وقال إن ما تحقق على صعيد مكافحة الإرهاب واقتراب هزيمة تنظيم «داعش» عسكرياً بشكل كامل في العراق وسوريا، يمثل انتصاراً لإرادة الخير والقيم الإنسانية والحضارية، ويعكس أهمية تضافر الجهود الدولية وتعاونها في مكافحة أعداء الإنسانية والأديان كافة، ونود الإشارة في هذا الصدد إلى أن هزيمة التنظيمات الإرهابية لا تعني بالضرورة هزيمة الفكر الإرهابي واندحاره، الأمر الذي يتطلب استمرار اليقظة والعمل التعاوني الجماعي من أجل استئصال شأفة هذه الظاهرة البغيضة من العالم.

وأكد أن الإمارات تولي اهتماماً كبيراً بالمبادئ التي ينطلق منها القانون الدولي، حيث أكدت التزامها العميق بحقوق الإنسان وتمكين المرأة والشباب، وحققت تقدماً نوعياً يحظى بالإعجاب والتقدير على هذا الصعيد، كما انعكس اهتمام الإمارات بتوظيف الموارد لمصلحة الإنسان في المؤشرات التي ترصدها التقارير الدولية المتخصصة، حيث حققت مراتب متقدمة عالمياً في مختلف المؤشرات التي تقيس كفاءة الأنظمة الحكومية والمالية والاقتصادية والتنمية البشرية، ومؤشرات الابتكار، وسهولة الأعمال والحرية الاقتصادية، وكفاءة الأسواق، وثقة الشعب بالحكومة، ومدى توفير خدمات التعليم والصحة والبنية التحتية وكفالة وصون كل الحقوق المتعارف عليها في المواثيق الدولية ليس للمواطنين فحسب، بل أيضاً لأكثر من 200 جنسية تقيم على أرض الإمارات، ما يؤهلها لأن تصبح من الدول العشر الأكثر تنافسية عالمياً، والتمتع بقدرات تنافسية تؤهلها للتطلع لأن تكون ضمن الاقتصادات العالمية الأكثر تقدماً، والانضمام لقائمة أفضل 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2021. وقال الزعابي «إننا نعيش في الإمارات هذا العام تحت شعار»عام الخير»، في توجه يستهدف تعزيز قيم الخير والعطاء التي تأسست عليها الدولة راعية للسلام ورمزاً للتسامح والتعايش الإنساني وملتقى للثقافات والحضارات، ونشعر بأن علينا واجب ورسالة تتمثل في صناعة الأمل في منطقتنا، وبناء النموذج الملهم للآخرين في التنمية وتحقيق الرخاء والازدهار للشعوب، وبما يجذب الشباب ويمنحهم طاقة إيجابية ونظرة تفاؤلية نحو المستقبل، ولذا فقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى خلال السنوات السابقة باعتبارها الدولة الأكثر تفضيلاً لدى الشباب العربي للإقامة والعيش فيها، كما حلت الإمارات في عام 2017 في مركز متقدم بين أفضل دول العالم المفضلة للحياة فيها بحسب مؤشر»اكسبات انسايدر 2017» وتقدمت الدولة على المؤشر للعام الجاري 14 مركزاً، حيث حصلت على الترتيب الـ26 عالمياً في الترتيب العام للمؤشر، وفي الوقت نفسه حصلت الإمارات على المركز الثامن عشر عالمياً من حيث جودة الحياة، والمركز الحادي والعشرين من حيث سهولة الاستقرار، والمركز الثامن والثلاثين من حيث تفضيل العمل فيها.

اقتصاد مستدام للأجيال

وقال الزعابي «من خلال الاستعراض السابق، نؤكد على ما تحققه دولتنا من تقدم وتطور على الصعيد التنموي، وسنواصل العمل من أجل تحقيق أحلامنا وطموحاتنا التي لا سقف لها، فنحن نستعد من الآن للاحتفال بتصدير آخر برميل نفط، بالاعتماد على برامج وسياسات التنويع الاقتصادي، ونسعى جادين لاستشراف المستقبل، وبناء اقتصاد مستدام للأجيال القادمة». وأضاف لقد كان دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي السادس عشر في المجلس الوطني الاتحادي استثنائياً في تاريخه، حيث تم للمرة الأولى اعتماد استراتيجية برلمانية للأعوام 2016 ـ 2021، وضمت أهدافاً طموحة تؤسس لتطوير دور المجلس، وتفعيل ممارسته للدورين الرقابي والتشريعي، بالإضافة إلى الدور الخاص بالدبلوماسية البرلمانية، حيث تم التركيز على تطوير أطر وآليات التعاون والحوار مع برلمانات العالم، وقد نجحنا خلال الدور الماضي بالفعل في تحقيق نقلة نوعية على صعيد العلاقات بين المجلس وبرلمانات الدول الصديقة والشقيقة».

وأضاف»ضمن هذا الإطار، نتطلع إلى أن يكون لنا كبرلمانيين دور أكثر عمقاً في تعزيز العلاقات الإماراتية ـ الأوروبية، لاسيما في ظل تنامي حجم المصالح المشتركة بين شعوبنا ودولنا، الأمر الذي يفرض علينا السعي الجاد للبحث عن آليات وسبل مبتكرة لتعزيز التعاون القائم وتدعيمه بما يتوافق مع تطلعات الشعوب وطموحاتها، وننظر باهتمام شديد إلى لقاءنا هنا في بروكسل باعتباره محطة مهمة يمكن أن توفر لنا فرصاً ثمينة لتحقيق تقدم على صعيد العلاقات المشتركة في مختلف المجالات، كما نتطلع إلى تكرار اجتماعاتنا المشتركة في المستقبل من أجل تعزيز الحوار والتعاون والتنسيق البرلماني المشترك».

وأكد أعضاء لجنة شبه الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي أن الإمارات تعتبر شريكاً استراتيجياً ومهماً في المنطقة، وأشاروا إلى أن الإمارات تعتبر رائدة في مجال حقوق الإنسان، كما تم الإشارة إلى العلاقات التجارية بين دول الاتحاد الأوروبي والإمارات بما نسبته 58%، وأن الإمارات تعتبر من أكثر الدول جذباً للاستثمارات الأجنبية، وبلغت نسبة الاستثمارات في الإمارات 8.2% في سنة 2016 ،بالرغم أن هذه السنة استثمارات دول الاتحاد الأوروبي كانت قليلة جداً، كما تم الإشارة لزيادة عدد مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في الإمارات. وتطرقوا إلى موضوع التنويع في الاقتصاد بحيث تعتمد الجهود الرامية إلى تقليل الاعتماد على النفط واستخدام الطاقة المتجددة، مؤكدين أن الإمارات تعتبر شريكاً مهماً في معالجة أزمة التغير المناخي.

حماية الروهينجا

وجرى حوار موسع بين أعضاء المجلس الوطني الاتحادي وأعضاء اللجنة تطرق إلى موضوع مكافحة الإرهاب والتطرف ودور الإمارات وأهمية التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي لمواجهة الفكر المتطرف، ودور الإمارات في التحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية في اليمن، وقضية الجزر الإماراتية الثلاث»طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى» المحتلة من قبل إيران، والتدخلات الإيرانية في دول المنطقة، وتطورات الأوضاع في سوريا والعراق واليمن، والأزمات التي تمر بها المنطقة لا سيما قطر، وما تتعرض له أقلية «الروهينجا» المسلمة في ميانمار. وأكد أعضاء المجلس الوطني أن الإمارات في مقدمة الدول التي طالبت بضرورة اتخاذ موقف أممي ودولي عاجل وحازم لإيجاد حل إنساني وسياسي يحمي»الروهينجا» من أعمال العنف والتشريد والعقاب الجماعي التي تتعرض لها. وأشار أعضاء المجلس إلى أن المرأة الإماراتية تشغل أدواراً قيادية في مختلف المجالات، وتساعد في تحديد وتنفيذ التوجه الاستراتيجي للبلاد في مختلف القطاعات الحكومية والمجتمعية، وتؤمن الدولة أن المرأة هي القوة الناعمة التي تستطيع تغيير المجتمع وإحداث تحول في الحياة وتستطيع التغلب على التحديات عن طريق التسامح والأمل واستشراف المستقبل، واجتثاث ثقافة الكراهية والإرهاب والتطرف من خلال بناء جيل واعد، يصعب اختطافه من الطريق السليم الذي يبنى على أساس من التعاون والمشاركة والتعايش والتسامح.

وأكد أعضاء المجلس أن الإمارات تتصدر في كل عام الدول العربية في مجال المساواة بين الجنسين وفقاً للمؤشر السنوي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واحتلت الإمارات في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2016 بشأن الفجوة العالمية بين الجنسين أعلى المراتب في العالم من حيث المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بمعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة والمشاركة في مرحلتي التعليم الثانوي والعالي، وتلتحق ما يقارب نسبة 97% من طالبات الثانوية بالتعليم الجامعي، وتشكل المرأة نسبة 70% من خريجي الجامعات.

وأكد أعضاء المجلس الوطني أن الإمارات من أولى الدول التي أنشأت مراكز لمحاربة الإرهاب فكرياً من خلال بناء مركزي «صواب» و«هداية»، والهدف من ذلك استئصال الفكر الإرهابي ليمنع انتقال الأفكار للأجيال القادمة، وشددوا على أن سبب قطع العلاقات مع قطر هو دعمها هذا الإرهاب الفكري على الرغم من توقيع العديد من الاتفاقيات. وتطرقوا إلى دور الإمارات في الدعوة إلى بناء نموذج تنموي ناجح يصنع الأمل، ويقدم الحلول والبدائل الملهمة للشباب الباحث عن المستقبل في المنطقة برمتها، والإشارة إلى الاستراتيجية الوطنية لاستشراف المستقبل التي تشمل بناء نماذج مستقبلية للقطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية والتنموية والبيئية، وبناء اقتصاد مستدام بالإضافة إلى بناء قدرات وطنية في مجال استشراف المستقبل.