سياسة وأمن » لقاءات

من أجل التطبيع.. لقاءات في أبوظبي لتغيير ملامح القضية الفلسطينية

في 2018/09/19

الخليج أونلاين-

بالتزامن مع الجهود التي تجريها مصر للتوصل لتهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، تعقد دول عربية أخرى لقاءات سرية تهدف لتغيير ملامح القضية الفلسطينية، بتوجيه مباشر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

اللقاءات السرية التي جرت شارك فيها مسؤولون من إدارة ترامب، إضافة إلى شخصيات فلسطينية موجودة في الخارج وعلى خلاف كبير مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عقدت في العاصمة الإماراتية "أبوظبي"، بحسب ما كشفت مصادر دبلوماسية مصرية رفيعة المستوى لمراسل "الخليج أونلاين".

وأوضحت المصادر المصرية، التي فضلت عدم ذكر اسمها لحساسية منصبها، أن أبوظبي استضافت حتى هذه اللحظة ثلاثة لقاءات على الأقل، وشارك فيها مسؤولون إماراتيون، وسعوديون، ومصريون، إضافة إلى شخصيات فلسطينية معارضة، وجميعها كانت تحت إشراف الإدارة الأمريكية.

ملفات ساخنة

وبحسب المصادر فإن تلك اللقاءات لم تشارك فيها أي أطراف رسمية من السلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس أو حتى حركة "فتح" التي يتزعمها، في إشارة واضحة إلى أن ما يجري إعداده سيكون مخالفاً للموقف الفلسطيني المتعلق بالقضايا السياسية المطروحة وعلى رأسها "صفقة القرن".

وبسؤال "الخليج أونلاين" حول طبيعة الملفات الساخنة التي يتم بحثها خلال تلك اللقاءات السرية، أجابت المصادر الدبلوماسية: "زيارة المبعوثين الخاصين للرئيس ترامب، جارد كوشنير، وجيسون غرينبلات، للمنطقة العربية خلال شهر يونيو الماضي لم تنجح في إقناع رؤساء بعض الدول العربية وعلى رأسها الأردن بالصفقة الأمريكية، ومن ثم لم تحقق أهدافها الأمر الذي عطل طرحها".

وتابعت: "إدارة ترامب بدأت البحث عن طرق أخرى بالتعاون مع دول عربية صديقة لها، وداعمة لصفقتها السياسية، من بينها السعودية والإمارات، لإيجاد جسم عربي مساند لها وغير معارض لتمرير صفقتها، حتى إن تسببت بتغيير ملامح القضية الفلسطينية بأكملها، وهذا كان جوهر تلك اللقاءات".

ولفتت المصادر الرسمية إلى أن "كل القرارات التي صدرت عن ترامب خلال الفترة الأخيرة، والتي تعلقت بالقدس واللاجئين وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وغيرها، جاءت دون أي معارضة من الدول العربية، الأمر الذي شجع ترامب على تنفيذ 70% من بنود صفقته دون حتى أن يُعلنها بشكل رسمي".

وكان صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قد أكد في تصريح تلفزيوني في 16 سبتمبر الجاري، أن إدارة ترامب قد نفذت فعلياً 70% من "صفقة القرن" على أرض الواقع، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، إلى جانب قطع المساعدات عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).

ومنذ تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكية، بدأ باتخاذ عدد من القرارات التي تُضعف القضية الفلسطينية؛ كان أولها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ووقف تمويل بلاده وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).

ودَرَجَ خلال الفترة الماضية تداول مصطلح "صفقة القرن"؛ وهي خطة جديدة للرئيس الأمريكي لحل القضية الفلسطينية، ولكن الغموض ما زال يحيط بملامح هذه الخطة بالكامل.

عقبة التطبيع

وبالعودة للمصادر الدبلوماسية، فقد أكدت أن دولاً عربية تعتبر مواقف الفلسطينيين المتشددة والرافضة للصفقة الأمريكية والعودة لمفاوضات السلام مع "إسرائيل"، عقبة أمام فتح باب التطبيع مع دولة الاحتلال على مصراعيه، رغم وجود علاقات ولقاءات سرية تشهد تطوراً يوماً بعد يوم.

وتابعت حديثها لـ"الخليج أونلاين": "مسؤولون عرب زاروا رام الله سراً قبل أشهر، والتقوا بالرئيس عباس في مقر الرئاسة برام الله، وأبلغوه حرفياً بضرورة التنازل عن شروطه لفتح باب المفاوضات مجدداً مع إسرائيل المغلق منذ العام 2014، وإنهاء مقاطعة أمريكا وإعطائها فرصة جديدة للتوسط في العملية السلمية، إلا أنه رفض ذلك، الأمر الذي اعتبرته تلك الدول عقبة فلسطينية أمام تنمية المشاريع السياسية والاقتصادية والأمنية مع دولة الاحتلال، فبدأت البحث عن طرق بديلة تتجاوز فيها الفلسطينيين وقضيتهم بشكل كامل".

وذكرت المصادر الدبلوماسية أن اللقاءات التي تجري في أبوظبي كان على أجندتها الأولى كيفية الضغط على الفلسطينيين لتغيير مواقفهم السياسية تجاه "إسرائيل" والولايات المتحدة، واللعب كذلك بأوراق تغيير المشهد الفلسطيني بأكمله، بما يتناسب مع مشاريع التطبيع التي يطمحون لها، والتقرب أكثر من دولة الاحتلال، متوقعةً في ختام حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن "تتكثف تلك اللقاءات خلال الفترة المقبلة، وأن ينضم إليها مسؤولون إسرائيليون".

الجدير ذكره أن السلطة الفلسطينية أوقفت اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأمريكية منذ ديسمبر 2017، بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل".

وفي حوار سابق لـ"الخليج أونلاين"، كشف نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، عن وجود جهود تبذلها أطراف خارجية، وبصورة علنية، لزعزعة مكانة السلطة الفلسطينية، خاصة بعد رفضها التجاوب مع الأطروحات السياسية الأخيرة "المدمرة"، مؤكداً أن "زمن ضغط العرب على الفلسطينيين قد انتهى".

ورغم المعارضة الفلسطينية، فإن ترامب ومساعديه يجرون، منذ أشهر، جولات مكوكية في عدد من دول الشرق الأوسط لتنفيذ "صفقة القرن"، التي تدعمها دول عربية في مقدمتها السعودية ومصر.