سياسة وأمن » لقاءات

تعاون دفاعي مع تركيا.. الكويت تنوع تحالفاتها تحسبا لدرس قطر

في 2018/10/12

وكالات-

"نقول لمن يبشر بحرب اقتصادية ضد تركيا، أو يتمنى حدوث انهيارات مالية بها: لن تنجحوا، فتركيا ليست جمهورية موز".

كلمات نارية أطلقها رئيس مجلس الأمة الكويتي "مرزوق الغانم"، الخميس، في كلمته أمام الاجتماع الثالث لرؤساء البرلمانات الآسيوية والأوروبية المنعقد في مدينة أنطاليا التركية، تزامنا مع توقيع بلاده وتركيا خطة عمل للتعاون الدفاعي المشترك لعام 2019.

قدمت كلمات "الغانم" وتوقع الخطة مؤشرا على توجه استراتيجي للكويت خلال الفترة المقبلة، أكثر من كونها تعبيرا عن "تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين، وتحقيق منظومة عمل موحدة، وتبادل الخبرات"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).

فإدارة التوجيه المعنوي في الجيش الكويتي، أكدت في بيان لها، أن توقيع الخطة يأتي استمرارا لاستراتيجية التنسيق العسكري المشترك التي انتهجتها الكويت مؤخرا، ما يعني أن تطورات المنطقة الخليجية خصوصا، مثلت دافعا للقيادة الكويتية نحو تغيير مسارها التقليدي نحو تحقيق توازن استراتيجي في علاقاتها السياسية والاقتصادية والدفاعية.

جرس إنذار

وفي هذا الإطار، يشير "جوناثان شانزير" و"فيرشا كودفايور" في تقرير نشراه بمجلة "فورين بوليسي"، في يونيو/حزيران الماضي، إلى أن تفكك مظلة "مجلس التعاون الخليجي" بعد أزمة حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، حشرت دول الحياد (الكويت وعمان تحديدا) في الزاوية ودقت جرس إنذار بأن عليها تنويع تحالفاتها وعلاقاتها الاستراتيجية لضمان عدم تعرضها لتهديد مفاجئ كذلك الذي واجهته قطر.

وتزداد قيمة هكذا إنذار في ظل الضغوط التي تتعرض لها الكويت منذ إعلانها "الوساطة" بين طرفي النزاع الخليجي، إذ تحاول السعودية والإمارات دفعها عن الحيادية، ترغيبا تارة وترهيبا تارة أخرى.

ليس هذا فقط، بل إن التقرير أشار إلى أن المخاوف الكويتية تمتد إلى توقعات باحتمال محاولة تدخل من جانب السعودية والإمارات في عملية الخلافة داخل العائلة الحاكمة، خاصة في ظل تقدم سن الأمير "صباح الأحمد الجابر الصباح"، وولي عهده، الشيخ "نواف الأحمد الجابر المبارك الصباح".

وبإضافة وجود خلاف كويتي – سعودي ذي طابع اقتصادي – سيادي بشأن إنتاج النفط في المنطقة المحايدة بين الطرفين، انتهى بإجراء سعودي منفرد بوقف إنتاج النفط بها عام 2015، باتت الحاجة الكويتية ملحة إلى الاتجاه نحو تنويع استراتيجي يحفظ لها مصالحها المهددة.

الصين وبريطانيا 

في هذا الإطار جاء الانفتاح الكويتي الأخير على كل من: الصين وبريطانيا وتركيا، حيث وقعت اتفاقيات تعاون مع بكين في يوليو/تموز الماضي، وصفها العديد من المراقبين بـ "الاستثنائية"، شاملة إنشاء عدد من "المدن الذكية" بالكويت، في تجربة شبيهة بوادي السليكون بالولايات المتحدة الأمريكية.

تزامن ذلك مع اتجاه الكويت لاستغلال التوجه البريطاني الجديد نحو توسيع الاتجاه نحو الشرق الأوسط بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إذ تتطلع للعب دور متقدم في هذا الصدد، بلغ حد الحديث، عبر العديد من وسائل الإعلام الغربية عن استضافة الكويت لقاعدة عسكرية بريطانية.

السفير البريطاني في الكويت "مايكل دافنبورت" صرح بذلك، بمقابلة مع شبكة "فورسز" في مارس/آذار الماضي، قائلا: "نبحث في كل الاحتمالات، ولا نتحدث عن نشر كبير، لا أعتقد هذا، ولكننا نبحث في ما يمكن أن يكون في صالح كل من المملكة المتحدة والكويت".

وأعلن وزير الدفاع البريطاني "جافين وليامسون"، في أغسطس/آب الماضي، عزم بلاده توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع الكويت، كجزء من التزام المملكة المتحدة تجاه الكويت والأمن الإقليمي.

وفي هذا الإطار أيضا يمكن قراءة دعوة وزارة الدفاع الكويتية لأفراد القيادة البريطانية من اللواء 51 إلى المشاركة في تدريبات عسكرية عام 2017، لمحاكاة سيناريو ينطوي على "عدوان أجنبي على الكويت".

ويشارك البريطانيون أيضا في نفس المناورات عام 2019، كما سيقوم الكويتيون والكتيبة الملكية الثانية، التابعة لأميرة ويلز، بممارسة تدريب في الخارج لاختبار التخطيط التشغيلي ونشر القوات.

ضغوط متوقعة 

وإذا كان "من المستحيل حل مشكلة عمرها 50 عامًا في غضون بضعة أسابيع" كما صرح ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان" لوكالة بلومبرغ الأمريكية، فإن الاحتياج المتنامي لتعويض تناقص المعروض الإيراني من النفط الخام بعد تطبيق العقوبات الأمريكية يعني مزيدا من الضغوط على الكويت لاستئناف الإنتاج بالمنطقة المحايدة على غير اتفاق يضمن لها عوائد عادلة، خاصة في ظل تصريح رئيس لجنة الميزانيات في مجلس الأمة الكويتي "عدنان عبد الصمد" بأن توقف الإنتاج خلف خسائر للكويت تجاوزت قيمتها 10.2 مليار دولار.

ولذا جاء التوسع الكويتي في توثيق العلاقات الاستراتيجية مع تركيا، وفي الوقت الذي أطلق فيه "الغانم" تصريحاته النارية، كان وكيل وزارة الداخلية الكويتية المساعد لشؤون أمن الحدود، اللواء "سالم نواف الأحمد الصباح"، في أنقرة، مع قائد قيادة الدعم اللوجستي في قوات الدرك التركي "عبدالله كوجم"، لتوقيع اتفاقية تعاون أمني في مجال تبادل الخبرات والتدريب.

وسبق أن وقع البلدان، العام الماضي، اتفاقيات في مجالات عدة خلال زيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى الكويت، وزيارة رئيس الوزراء الكويتي "جابر المبارك الصباح" لتركيا.

وتنوعت هذه الاتفاقيات بين تعاون في المجال الرياضي، ومجال الأبحاث العلمية والتكنولوجية، إضافة للاتفاق على مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمار.