سياسة وأمن » لقاءات

ترامب يكشف المستور.. كيف ساعدت السعودية "إسرائيل"؟

في 2018/11/23

الخليج أونلاين-

أزاح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الستار عن فصل جديد من العلاقات الخفية التي تسير في الظلام بين المملكة العربية السعودية و"إسرائيل"، ليكشف عن تفاصيل مرحلة جديدة وغير مسبوقة، تجاوزت حدود الدبلوماسية السياسية، ووصلت لحد العلاقات "المتينة والمساعدات".

ولأول مرة يعترف الرئيس ترامب بوجود علاقات متينة بين السعودية و"إسرائيل"، وليس هذا فحسب؛ بل فجَّر مفاجأة مدوية حين صرح بشكل رسمي، الثلاثاء (23 أكتوبر)، بأن "السعودية ساعدتنا كثيراً على الصعيد الإسرائيلي"، دون أن يُدلي بمزيدٍ من التفاصيل.

وبحسب موقع "كان" العبري، الذي أورد الخبر صباح الأربعاء (24 أكتوبر)، قال ترامب، تعليقاً على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي: "إن السعودية حليف عظيم بالنسبة للولايات المتحدة وأحد أكبر المستثمرين، وربما الأكبر، وساعدتنا كثيراً في دعم إسرائيل".

وعاد ترامب ليصرح للصحافيين، اليوم الخميس 22 نوفمبر، في نفس السياق بالقول إنه "لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة"، دون مزيد من التفاصيل.

هذه التصريحات كشفت فعلياً تعاظم كرة العلاقات المتدحرجة بين "إسرائيل" والمملكة في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، لكنها أثارت معها الكثير من ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة، خاصة أن الفلسطينيين ينظرون إلى بن سلمان باعتباره عراب "صفقة القرن" الأمريكية، ودائماً ما توجَّه إليه أصابع الاتهام بلعب "دور مشبوه لتصفية القضية الفلسطينية".

- خدمات مجانية لـ"إسرائيل"

واشتهر بن سلمان، منذ توليه منصب ولي العهد، بالتصريحات المعادية للفلسطينيين، والتي كان آخرها تصريح له حول رفض الفلسطينيين "صفقة القرن"؛ قال فيه- بحسب ما نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية-: "على الفلسطينيين أن يخرسوا"، وهو ما أشعل غضباً كبيراً في الوسط العربي، واعتبره البعض تطبيعاً علنياً مع "إسرائيل".

ويبقى السؤال الأهم والأبرز في تصريحات ترامب الأخيرة حول العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، وهو: "ماذا قدمت السعودية من مساعدات لإسرائيل؟"، حيث تؤكد مصادر فلسطينية مطلعة لـ"الخليج أونلاين"، أن الرياض قدمت لـ"تل أبيب" ما لم تقدمه أي دولة عربية منذ سنوات طويلة.

وأوضحت المصادر أن "السعودية هي أولى الدول العربية وأجرؤها التي فتحت باب التطبيع السياسي والعسكري والفني والثقافي مع دولة الاحتلال على مصراعيه بشكل علني وأمام الجميع؛ بل أنقذتها من عزلتها حين وسَّعت- من خلال ضغوطها ونفوذها- الدائرة لتلحقها بقية الدول العربية، وعلى رأسها مصر والإمارات والبحرين".

وذكرت المصادر ذاتها لـ"الخليج أونلاين"، أن الرياض خلال سنوات تولي بن سلمان منصب ولي العهد قدَّمت الكثير من الخدمات السياسية المجانية لـ"إسرائيل"، ولعل أبرزها دعوات بن سلمان الصريحة للتعامل مع دولة الاحتلال كأمر واقع على الأرض، والتوجه إلى الحوار والسياسة بعيداً عن الخيارات الأخرى كالمقاومة.

ولفتت إلى أن تبني الرياض "صفقة القرن" الأمريكية، رغم إسقاطها القدس واللاجئين وحق العودة، يعد "خدمة إضافية ومجانية" قدمتها السعودية لإرضاء "إسرائيل" وإدارة الرئيس ترامب، مشيرةً إلى أن السعودية "باتت شريكاً واضحاً للاحتلال في تصفية القضية الفلسطينية".

وأشارت إلى أن "موقف الرياض المعادي للقضية الفلسطينية يعد مساعدة لا تقدَّر بثمن بالنسبة لدولة الاحتلال، التي لطالما كانت تواجه ضغطاً وتحركاً عربياً مضاداً لأي خطوة تتخذها ضد الفلسطينيين أو حقوقهم، لكن السعودية وفَّرت كل الأجواء، بل أعطت ضوءاً أخضر للاستفراد بالفلسطينيين، وكان ذلك واضحاً حين قال بن سلمان أمام تجمع لليهود بنيويورك في شهر أبريل الماضي: "إن على الفلسطينيين أن يقبلوا مقترحات السلام أو يخرسوا".

وتابعت المصادر حديثها بالقول: "من الخدمات والمساعدات الأخرى التي قدمها بن سلمان لإسرائيل، تهيئة البيئة السياسية والدينية لحل سياسي يتجاوز الحق التاريخي، وتغيير الخطاب الديني والإعلامي تجاه دولة الاحتلال والعلاقات معها، وكسر المحرمات، والتمهيد لإدخالها في منظومة الأمن القومي بالمنطقة، تحت ذريعة محاربة المشروع الإيراني".

وأشارت إلى أن السعودية كذلك استخدمت المال للضغط على السلطة الفلسطينية، للقبول بـ"صفقة القرن"، التي تحولت فيها الرياض لـ"جسر للعبور" نحو "إسرائيل" واتساع التنسيق والتعاون معها.

- ضرب الوحدة العربية

وذكرت المصادر ذاتها أن "تصريحات ترامب التي أطلقها مؤخراً، لم تكن زلة لسان حسب ما يصفها البعض؛ بل كشفت فعلياً وأمام الجميع عن حجم الصداقة والتقارب بين الرياض وتل أبيب، والتي وصلت لحد المساعدات المباشرة وغير المباشرة"، مشيرةً إلى أنه "لا توجد مساعدة تقدَّم لإسرائيل أكثر من تضييع القضية الفلسطينية وتقزيمها، وهذا ما فعلته السعودية".

وربطت المصادر الفلسطينية تصريحات ترامب بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وأكدت أن ترامب "أراد من تصريحه المفاجئ أن يهوِّل الأمور، ويحاول أن يستفيد من موقف اللوبي اليهودي بعد قتل خاشقجي، ليحافظ على صفقاته مع السعودية، والترويج لمواقف بن سلمان الداعمة لـ"إسرائيل" والتعاون معها، ليكسب الدعم الصهيوني وموقف اليمين الإسرائيلي المتطرف".

وبسؤال "الخليج أونلاين" عن المقابل الذي تجنيه الرياض من مساعدة "إسرائيل" على حساب القضية الفلسطينية؟ أجابت المصادر بالقول: "الرياض مُستعدة لفعل كل شيء من أجل أن تبقى قوة كبيرة ومسيطرة بالمنطقة ويؤخذ رأيها في كل شيء، وهذا يفسر سر تبنِّيها صفقة القرن الأمريكية رغم مخاطرها، وهجومها المستمر على الفلسطينيين، وهذا النهج يسير عليه بن سلمان منذ توليه الكرسي، والذي يريد أن يكون المسيطر بالمنطقة".

وفي هذا السياق، توقع الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور، أن تكون تصريحات ترامب الأخيرة عن العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، "مقدمة لشيء قادم يتعلق بتطبيع علني بين الرياض وتل أبيب".

وأوضح المحلل السياسي، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أن "ترامب يريد من إسرائيل أن تردَّ الدَّين للرياض على كل المساعدات التي قدمتها لها بصورة مباشرة وغير مباشرة"، مؤكداً أن الرئيس الأمريكي "يعرف استغلال الظروف جيداً لخدمة مصالحه ومصالح دولة الاحتلال".

وأضاف: "أكبر مساعدة قدَّمتها السعودية لإسرائيل؛ حين قدمت المبادرة العربية للسلام عام 2002، وكانت بمثابة حلم لم تتوقعه دولة الاحتلال، والذي حافظ على وجودها وكيانها"، مشيراً إلى أن "النهج السعودي تغيَّر، خاصة في الخطاب الديني والسياسي الذي لا يجرم إسرائيل وسلوكها تجاه شعوب المنطقة".

وكانت الكاتبة الإسرائيلية في صحيفة "هآرتس"، تسفيا غرينفيلد، قالت في تصريح سابق لها: إن  "محمد بن سلمان هو الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ 50 عاماً"، موضحة أن عزله من ولاية العهد "سيكون مدمراً لإسرائيل"، داعية إلى ضرورة تساهل المجتمع الدولي معه.

وعلى الرغم من غياب أي علاقات علنية بين السعودية و"إسرائيل" بسبب القضية الفلسطينية، تشير تقارير عديدة إلى تقارب ملموس بين البلدين في الفترة الماضية، لا سيما بسبب عدائهما المشترك لإيران.

ودعا رئيس وزراء "إسرائيل"، بنيامين نتنياهو، مراراً، إلى إقامة تحالف دولي بالشرق الأوسط لمواجهة إيران، يضم "بلداناً معتدلة" بالمنطقة، في إشارة واضحة إلى السعودية.