كيرستن كنب- DW- عربية-
بابا الفاتيكان فرانسيس يقوم بزيارة هي الأولى من نوعها إلى الخليج وتحديداً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ما حجم الوجود المسيحي في البلاد وإلى أي حقبة زمنية يعود؟ وماذا عن الحرية الدينية وحدودها في هذا البلد النفطي؟
يلتقي بابا الفاتيكان فرنسيس في زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الأحد الواقع في 3 فبراير/ شباط المسيحيين، الذين يبلغ عددهم وفق أحدث التوقعات حوالي 800 ألف. وينحدر معظمهم من جنوب وجنوب شرق آسيا ويشكلون نسبة 10 في المائة من مجموع عدد سكان البلاد. وبهذا تكون الإمارات هي مركز اتباع الديانة المسيحية في شبه الجزيرة العربية، حيث يعيش ما يصل إلى مليونا مسيحي.
وتتزامن زيارة البابا مع زيارة لشيخ الأزهر أحمد الطيب. وسيزور فرنسيس وشيخ الأزهر جامع الشيخ زايد الكبير وضريح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، كما سيلتقي البابا بأعضاء مجلس حكماء المسلمين.
يهدف البابا من خلال زيارته إلى خلق وعي لدى الرأي العام بمدى تنوع الحياة في الإمارات، حسب ما يقول المسؤول عن شؤون الهجرة والكنيسة في العالم خلال مؤتمر الأساقفة الألمان، أورليش بونر، مضيفاً أنه لا يعرف على نطاق واسع أن عدد المسيحيين في شبه الجزيرة العربية كبير إلى هذا الحد
وفي حديث مع DW يردف بونر أن عدد المسيحيين تراجع في الشرق الأوسط بشكل حاد إلى حد خشي البعض فيه من أن نهاية العقد الأول من القرن الجاري ستشهد نهاية المسيحية في مناطق واسعة من المنطقة ويضيف: "ومن هنا يعتزم البابا دعم الأقلية المسيحية والمساعدة في خلق ظروف حياة أفضل لها".
المسيحية جاءت مع النفط
الوجود المسيحي، المكون بغالبيته العظمى من العمال، في الإمارات العربية المتحدة ليس عرضة للتهديد، بل يتمتع المسيحيون هنا بحرية نسبية. وإلى جانب مختلف الطوائف الكاثوليكية- الرومانية يوجد البروتستانت-المعمدانيون والإنجيليون والأقباط. ويعود تاريخ قدومهم إلى بدايات ستينات القرن المنصرم مع اكتشاف النفط على نطاق واسع في البلاد. في ذلك الوقت سمح أمير أبو ظبي للمهندسين الأمريكيين بممارسة شعائرهم الدينية، حيث أقيم أول قداس في البلاد في عام 1960. وبعد ذلك بخمسة أعوام جرى بحضور الأمير تدشين أول كنيسة في الإمارات. وتبع ذلك بناء عدة كنائس في السنوات والعقود اللاحقة
تبلغ نسبة الأجانب ما يقارب 90 في المائة من عدد السكان. ويشيد أورليش بونر بالتسامح الديني في الإمارات، على عكس ما هو عليه الحال في السعودية، على حد تعبيره، مردفاً أن الانفتاح منسجماً مع التراث الإسلامي.
إمارات "التسامح" الديني
أعلن نائب رئيس وزراء الدولة وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التزامه بالتسامح في الدين والمعتقد: "التسامح أحد المبادئ الأساسية لأسلافنا ومؤسسي الدولة"، هذا ما قاله في عام 2016 بمناسبة إقرار برنامج التسامح الديني.
أسقف جنوب شبه الجزيرة العربية التي تضم سلطنة عمان والإمارات واليمن، بول هندر، يرى أن الديانتين الإسلامية والمسيحية قريبتين من بعضهما البعض، ويضيف النائب الرسولي: "يوجد فهم عميق في الديانتين لضرورة حماية الحياة الإنسانية والأسرية. كما تلتقي المسيحية والإسلام في ضرورة القضاء على الفقر وتحقيق العدالة والسلام"، كما كتب الأسقف في صحيفة ذا ناشيونال/ The National.
وأعلن مسؤولون بالإمارات أن فرنسيس سيؤدي قداس في مدينة زايد الرياضية يوم الخامس من شباط/فبراير، بمشاركة أكثر من 135 ألف شخص من المقيمين في دولة الإمارات ومن خارجها ومن المتوقع أن يكون هذا القداس أحد أكبر التجمعات في تاريخ دولة الإمارات
حرية بـ "حدود"
على كل حال يبقى للتسامح الديني حدوده في الإمارات. يحظر التبشير أو تغيير الدين والمعتقد. ومن يتخطى المحظور لا يتم معاقبته، ولكن عليه أن يأخذ في الحسبان أن تصريح إقامته في الإمارات لن يتم تجديده، حسب وزارة الخارجية الأمريكية. وممنوع أيضاً أن تكون الصلبان وغيرها من الرموز الدينية مرئية في الشارع. ولا يسمح للمسلمة بالزواج من غير المسلم.
بالنسبة للمسيحيين فإن الكنائس نوع من المتنفس الروحي: "تراقب الكنائس من الخارج للتأكد أن السكان المحليين لا يدخلونها ويتحولون بالتالي إلى المسيحية"، يقول أورليش بونر مضيفاً أن المسيحيين يمارسون عباداتهم ومختلف الأنشطة الاجتماعية والخيرية والتعليمية داخل الكنائس.
هل يمكننا القول أن هناك حرية دينية في الإمارات العربية المتحدة؟ الجواب: نعم ولكن مع تضييقات، حسب تعبير المسؤول عن شؤون الهجرة والكنيسة في العالم في مؤتمر الأساقفة الألمان، أورليش بونر، والذي قال: "لا يمكن الحديث عن الحرية التي نتصورها، بمعنى السماح لجميع أتباع الديانات والمذاهب والمعتقدات بممارسة شعائرهم. مهما يكن الأمر يتمتع المسيحيون في البلاد بحقوق معينة؛ إذ أن لديهم مساحة لممارسة شعائرهم. وهذا شيء ليس بالقليل".