سياسة وأمن » لقاءات

جنوب آسيا: ربّ صدفة أسوأ من مليارات بن سلمان

في 2019/02/20

القدس العربي-

زيارة ولي العهد السعودي إلى باكستان والهند والصين أتت وقت اشتداد التوتر بين إسلام أباد ونيودلهي.

لن تفلح مليارات بن سلمان في قطف كامل الثمار المرجوة من جولة تستهدف تبييض صفحة الآمر الأول باغتيال جمال خاشقجي.

تصاعدت مظاهر التوتر بين الهند وباكستان في أعقاب الهجوم الانتحاري الذي قام به أحد أفراد جماعة «جيش محمد» ضد قافلة من أفراد القوات الخاصة للشرطة الهندية، أسفر عن مقتل 41 وجرح العشرات.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يخوض انتخابات حاسمة بعد شهرين، وكان طبيعياً أن يوظف الحدث فيعلن أن «المجموعات الإرهابية وقادتها ارتكبوا خطأ كبيراً وسيدفعون ثمناً غالياً».

وبعد ساعات وقعت اشتباكات مع مسلحين بولاية كشمير سقط خلالها أربعة جنود هنود. وإلى جانب فرض رسوم بنسبة 200% على الصادرات الباكستانية إلى الهند، أعلنت نيودلهي سحب سفيرها، وردّت إسلام أباد بالمثل.

وفي توقيت متقارب كانت جماعة «جيش العدل» المسلحة، التي تطالب بحقوق أقلية البلوش السنّة في إيران وتتمركز في منطقة بلوشستان الباكستانية، قد أعلنت مسؤوليتها عن هجوم استهدف حافلة تقل أفراداً من الحرس الثوري في زاهدان، أودى بحياة 27 منهم وجرح 13.

وردت القيادات الإيرانية على أرفع المستويات، فصرح المرشد الأعلى علي خامنئي أن «أجهزة استخبارات بعض دول المنطقة» تقف وراء الهجوم، وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن «الجذور الرئيسية للإرهاب في المنطقة هي الولايات المتحدة والصهيونية وبعض الدول النفطية الإقليمية».

ومن جانبها توعدت قيادة الحرس الثوري بأن ردها على هذا الهجوم سيكون «قوياً وحاسماً ولن يقتصر على حدود الجغرافيا الإيرانية».

وإذا كانت هذه الوقائع تدعو إلى الأسف لأنها تدفع إلى مزيد من الشقاق بين دول في جنوب آسيا يتوجب أن يجمعها حسن الجوار والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة لشعوبها.

فإن المنطق السليم يدعو أيضاً إلى التشديد على جذورها التي تضرب عميقاً في تربة الأسباب الاجتماعية والتاريخية للنزاعات المحلية وحقوق الأقليات المذهبية والإثنية، والتي عبدت الطرق أمام صعود الجماعات المتشددة.

فالانتحاري الذي قاد العربة المفخخة ضد أفراد الشرطة الهنود هو من أصل هندي كشميري وليس باكستانياً. وإسلام أباد تحظر «جيش محمد» رسمياً ولكن أجهزة استخباراتها تغض الطرف عن كثير من أنشطة الجماعة ضمن ألعاب المناورة مع نيودلهي.

وطهران تدرك أن إيديولوجية «جيش العدل» تقتات أولاً على المظالم التي يعاني منها البلوش في إيران. كل هذا دون إغفال تراث «الصناعة الجهادية» التي أطلقتها الاستخبارات الأمريكية في المنطقة، ضمن سياسات الحرب الباردة وخطط هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان.

ومن جانب آخر، ربّ صدفة أسوأ من ألف ميعاد إذا جاز تحوير المثل الشهير بصدد زيارة ولي العهد السعودي إلى باكستان والهند والصين، لأنها أتت في وقت اشتداد التوتر بين إسلام أباد ونيودلهي.

وبالتالي لن تفلح مليارات بن سلمان في قطف كامل الثمار المرجوة من جولة تستهدف تبييض صفحة الآمر الأول باغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

ومن المضحك أن يصرّح عادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، الذي تواصل بلاده تدمير اليمن وتجويع نسائه وأطفاله وشيوخه، بأن هدف المملكة «هو السعي لتهدئة التوترات» بين الهند وباكستان، والبحث عن «طريق لحل تلك الخلافات بصورة سلمية».

ولعلها صدفة أسوأ من مليارات بن سلمان.