سياسة وأمن » لقاءات

الأمير السعودي ذو النفوذ القوي يقوم بجولة في آسيا - لهدف

في 2019/02/20

سايمون هندرسون- معهد واشنطون-

يقوم الأمير محمد بن سلمان، الزعيم المؤثر للمملكة العربية السعودية، هذا الأسبوع بزيارة لآسيا - ويا لها من جولة مثيرة كما تبيّن.

ففي يوم الأحد، وصل ولي العهد السعودي إلى إسلام أباد، في زيارة تستغرق يومين. وكان وصوله متأخراً بيوم واحد لأسباب غير واضحة. وغادر العاصمة الباكستانية يوم الاثنين، لكنه بقي في الواقع أقل من 24 ساعة في باكستان.

ويعني وصوله المتأخر أن مسار الرحلة تغيّر في اللحظة الأخيرة. وقد وصل إلى الهند [يوم الإثنين] ومن المقرر أن يغادرها [في وقت متأخر من يوم الأربعاء] إلى الصين، ولكن تم إلغاء زيارته إلى ماليزيا وإندونيسيا. (ويفضل المسؤولون السعوديون استخدام كلمة "تأجيل".)

وقد طغى على وصوله إلى باكستان، وزيارته الحالية إلى الهند، وقوع هجوم إرهابي في منطقة كشمير الهندية، ذات الأغلبية المسلمة، أودى بحياة 44 شخصاً من قوات الأمن الهندية. وردت الحكومة الباكستانية بنفي صارم لاتهامات الهند بضلوع باكستان، لكن نيودلهي تدرس القيام برد عسكري. وفي غضون ذلك، زادت الهند الرسوم الجمركية على السلع الباكستانية بنسبة 200 في المائة، بينما استدعت إسلام آباد، يوم الإثنين، سفيرها لدى نيودلهي "لإجراء مشاورات". ولا نتحدث هنا عن [خطر حدوث] اشتباك نووي بين العملاقين في جنوب آسيا - على الأقل، ليس الآن.

ومن حيث الترويج الإعلامي، كانت الزيارة إلى باكستان مهرجان حب بين محمد بن سلمان ورئيس الوزراء عمران خان، لاعب الكريكيت الذي تحوّل إلى سياسي وانتُخب العام الماضي. وأعلن الأمير السعودي، الذي يبدو أنه يتمتع بسلطة تامة في المملكة، أنه يشعر "في وطنه في باكستان". أما خان، الذي حكمه مقيّد من قبل جيشه القوي، فقد كان مُمتناً إلى حدٍ كبير للمساعدات المالية السعودية والعقود التي تم إبرامها معها بمبلغ 20 مليار دولار، كما أفادت بعض التقارير. بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لوسائل الإعلام الباكستانية، دفعت الرياض ثمن الرحلة بأكملها، والتي تضمنت ثماني حاويات [من الأمتعة واللوازم] الشخصية للإقامة الليلية لمحمد بن سلمان و 3500 حمامة تم شراؤها من الأسواق المحلية [لكي تحتفي باكستان] بتطييرها في مراسم استقبال ولي العهد السعودي.

ومن الجدير بالذكر أن محمد بن سلمان عقد اجتماعاً جانبياً مع قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول قمر جاويد باجوا، الذي رافقه الفريق عاصم منير، مدير عام "وكالة الاستخبارات المركزية" المخيفة، التي تتصدرالقائمة لدى الكثير من الناس كونها مسؤولة على الأرجح عن الهجوم الذي وقع في كشمير. وفي الماضي، اهتمت السعودية اهتماماً حقيقياً بالبرنامج الباكستاني للأسلحة النووية، لذلك قد يكون أمراً ينذر بالشؤم عندما ذكر البيان الرسمي الذي صدر في نهاية الزيارة بأن "الطرفين أكدا على رضاهما عن متانة العلاقات العسكرية والأمنية واتفقا على مزيد من التعاون في الميدان لتحقيق الأهداف المشتركة."

وعندما أُعلن عن زيارة محمد بن سلمان الأسبوع الماضي، وُصِفت على أنها جزء من "محور لآسيا"، لأسباب تجارية ولأن الدول التي تشملها الزيارة أقل احتمالاً بأن تطرح أسئلة مزعجة عن الصحفي جمال خاشقجي - الذي اغتيل في 2 تشرين الأول/أكتوبر في القنصلية السعودية في اسطنبول، تركيا - مما هو عليه الأمر في الولايات المتحدة وأوروبا. ويُعرف عن الهند والصين بأنهما عملاقتان اقتصاديتان. وفي حين أرادت باكستان الحصول على دعم مالي، ترغب نيودلهي وبكين في قيام روابط تجارية أكبر، مُزيّتة - إذا كانت هذه الكلمة الصحيحة - بإمدادات الطاقة السعودية.

ولكن الهند ستشعر بالانزعاج من أي تعزيز في العلاقات بين الرياض وإسلام آباد، خاصة إذا لم تُظهِر المملكة أي تقيّد من الأنشطة الشائنة [التي تُمارَس] في كشمير أو أفغانستان. وكما هو عليه الحال، أصرت نيودلهي على أنه لا يمكن لمحمد بن سلمان أن ينتقل مباشرة جواً من باكستان، مما اضطر الزعيم السعودي إلى العودة إلى الرياض لليلة واحدة. وفي الأسبوع الماضي شكت إيران أيضاً من تورط باكستان في هجوم على عناصر «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني قرب حدودهما المشتركة.

ويمكن القول أن الزيارة إلى الصين هي بنداً "قائماً بذاته". فدعم بكين السياسي لباكستان يمتد لعقود من الزمن، وهو أقل تقلّباً من موقف واشنطن. وهناك روابط تجارية قوية أيضاً بين البلدين. ونظرياً تُعتبر باكستان جزءاً من الرؤية الصينية المتمثلة بـ "الحزام الواحد، الطريق الواحد"، على الرغم من أن حدودهما البرية عالية على امتداد جبال الهيمالايا. فالطريق يرتفع إلى أكثر من 15000 قدم (ما يزيد عن 4.5 كيلومتر)، لذلك تبقى الرحلة الطويلة عن طريق البحر أكثر اتساماً بالطابع العملي.

لكن الزيارة إلى الصين ستجري يومي الخميس والجمعة. وهناك الكثير الذي يجب اجتيازه قبل ذلك.