الخليج أونلاين-
تُسابق دولة الإمارات الزمن ليكون لها دور أكثر فعالية وتأثيراً ضمن التحرك الأمريكي في المنطقة، وما يتم تجهيزه من خطط سياسية واقتصادية تتعلق بحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، والتي باتت تعرف باسم "صفقة القرن".
الإمارات والتي عانت الفترة الأخيرة من تجاهل ملحوظ من قبل الإدارة الأمريكية، حاولت أن تزج باسمها بكل الطرق على الطاولة ليكون لها دور جديد في الصفقة الأمريكية، التي يرفضها الفلسطينيون بشكل قاطع، ويتهمون الإمارات والسعودية صراحة بالسعي لتصفية قضيتهم.
الدور الجديد الذي تسعى الإمارات للحصول عليه، والذي يعد بالنسبة لها "مكافأة أمريكية كبيرة"، هو استضافة أراضيها للورشة المقبلة التي ستناقش تطورات "صفقة القرن"، ومتابعة نتائج ورشة المنامة الاقتصادية التي عقدت في (25-26) شهر يونيو الماضي، وأثارت معها عاصفة كبيرة من الجدل والانتقاد والمقاطعة.
الإمارات تعرض دعم "صفقة القرن"
وبحسب ما كشفت مصادر عربية رفيعة المستوى لـ"الخليج أونلاين"، فإن "أبوظبي" أبلغت رسمياً إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، بأن أراضيها مفتوحة لاستضافة مشاورات "صفقة القرن" وبأنها ستكون المحطة الثانية بعد البحرين.
وأوضحت أن الإدارة الأمريكية ورغم تحفظاتها الكبيرة على ما أسمته بـ "دور الإمارات الضعيف في المنطقة، وتقلص نفوذها وتأثيرها مقارنة بدول عربية أخرى كالسعودية ومصر مثلاً"، فإنها وافقت على الطلب وقررت بشكل مبدئي أن يتم عقد الورشة المقبلة داخل أبوظبي.
وذكرت أن الإمارات هي من ستتولى التجهيز للورشة المقبلة، وستقوم بتوجيه دعوات لشخصيات عربية وأمريكية وإسرائيلية وحتى فلسطينية للمشاركة فيها، لتعلن من أراضيها عن الخطوة الجديدة لصفقة القرن، التي ينظر لها الفلسطينيون على أنها الخطر الأكبر الذي يهدد مستقبل قضيتهم.
المصادر العربية أشارت خلال حديثها لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن التجهيزات والمشاورات حول ورشة أبوظبي سيبدأ الاستعداد لها رسمياً مطلع شهر أغسطس، على أن تعقد بعد عيد الأضحى المبارك، وستحرص الإمارات على أن تكون ناجحة.
وتابعت المصادر حديثها: "ستكون ورشة أبوظبي مكملة لما جاء في ورشة المنامة، وسيتم اتخاذ الطرف الأمريكي والمتمثل بالمستشار كوشنر قرارات جديدة تتعلق بالصفقة التي تسعى إدارته لطرحها، وتنفيذ ما جرى التوافق عليه في البحرين قبل شهر تقريباً".
وعُقدت في البحرين على مدار يومين (25-26 يونيو) ورشة اقتصادية، أثارت معها الكثير من الجدل والانتقاد في الأوساط الفلسطينية وسط مقاطعة عربية ودولية، نظراً لما جاء فيها من قرارات وخطوات تمس القضية الفلسطينية بشكل مباشر، وتقدم الحل الاقتصادي على الحل السياسي، وتقرب "إسرائيل" من المنطقة العربية، وتفتح باب التطبيع معها من خلال المشاريع الاقتصادية.
ومثّل المؤتمر الشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن"، ويهدف إلى ضخ استثمارات على شكل منح وقروض في فلسطين والأردن ومصر ولبنان، بقيمة 50 مليار دولار.
ماذا يحمل كوشنر في جولته؟
وفي سياق آخر، وعن زيارة جاريد كوشنر الجديدة للمنطقة بعد شهر تقريباً من انعقاد ورشة المنامة، والتي سيزور خلالها "إسرائيل" ودولاً عربية أخرى، أكدت المصادر خلال حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن المستشار الأمريكي سيبدأ فعلياً بمرحلة تنفيذ ما جاء في ورشة المنامة الاقتصادية، وسيزور الدول المعنية للتشاور في آلية التنفيذ على الأرض.
وأوضحت أنه رغم الرفض الفلسطيني القاطع لما جاء في ورشة المنامة، فإن الدول العربية وعلى رأسها السعودية والبحرين والإمارات ومصر، تدعم التحرك الأمريكي ووافقت على توفير كل الظروف في المنطقة من أجل بدء مرحلة التنفيذ الفعلية.
"كوشنر أخذ الضوء الأخضر من الدول العربية، وسيبدأ الآن الخطوة المقبلة بعملية التجهيز ومن ثم التنفيذ على أرض الواقع، والإدارة الأمريكية ومن خلفها الدول العربية المطبعة أعلنت فعلياً الحرب على الفلسطينيين"، تضيف المصادر العربية لـ"الخليج أونلاين".
ولفتت إلى أن الإمارات قد ساهمت في حل الأزمة بعرضها الاستضافة، بعد أن رفضت دولة عربية استضافة أي لقاءات تتعلق بـ"صفقة القرن"، خاصة بعد الهجوم الكبير الذي تعرضت له المنامة مؤخراً، موضحة أن "أبوظبي" تريد أن تسابق الزمن في التطبيع وأداء دور أساسي في التقرب من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكوشنر سيقوم بتنفيذ هذه المهمة، إضافة إلى مهام تطبيق مخرجات ورشة المنامة السابقة.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووزير التنمية الاجتماعية في حكومة رام الله، أحمد مجدلاني، عقب على قضية استضافة الإمارات لورشات "صفقة القرن"، وتحدث كذلك عن الموقف الفلسطيني الرسمي من تلك الورشات.
وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، قال مجدلاني: "الموقف الفلسطيني واضح بهذا الشأن وهو عدم المشاركة في أي ورشة أو لقاء عربي يهتم بالصفقة الأمريكية التصفوية، ويحاول تمريرها على أرض الواقع، وهذا الموقف لم ولن يتغير".
واعتبر مجدلاني أن مصير الورشات السياسية والاقتصادية التي تعقد بغرض دعم "صفقة القرن" سيكون الفشل، كالمصير الذي واجهته ورشة المنامة السابقة، لافتاً إلى أن الحديث عن عقد ورشات جديدة في دول عربية هدفه دعم مخطط التطبيع العربي-الإسرائيلي في المنطقة، وكذلك تقديم "هدايا مجانية" ومساندة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في معركته الانتخابية المقبلة.
وازدادت موجة التطبيع العلني مع الاحتلال في ظل "صفقة القرن" التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تقوض حقوق الفلسطينيين، ودعمتها كل من السعودية والإمارات وشاركتا في ورشة البحرين الخاصة بتمويل الصفقة.
وتقوم "الصفقة" على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لـ"إسرائيل"، في ملفات القدس واللاجئين وحدود عام 1967، مقابل تعويضات واستثمارات.
وذكرت إذاعة "ريشت كان" العبرية، مساء الأحد (21 يوليو)، أن كوشنر سيرأس وفداً أمريكياً في جولة بالشرق الأوسط لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل خطته المقترحة للتنمية الاقتصادية للفلسطينيين.
وسيغادر الوفد واشنطن أواخر هذا الشهر ويعود إليها أوائل أغسطس المقبل، وقال مسؤول أمريكي، إن الهدف من هذه الجولة "مواصلة الزخم الذي تولد في ورشة العمل في البحرين، ووضع اللمسات الأخيرة على الجزء الاقتصادي من الخطة".