سياسة وأمن » لقاءات

ما دلالات استضافة عُمان مسؤولين يمنيين مناهضين للإمارات؟

في 2019/09/23

الخليج أونلاين-

برزت سلطنة عمان مؤخراً كلاعب جديد في الملف اليمني، بعد أن ظلت طوال السنوات الماضية مجرد محطة عبور للطرف الحوثي، واتخذت لنفسها خلال فترة الحرب وضعاً خاصاً بعيداً عن السعودية والإمارات.

ورغم أن عُمان لم تدخل بشكل كبير في الأزمة اليمنية فإن الأحداث التي شهدتها المهرة اليمنية التي تربطها باليمن من الغرب؛ بسبب محاولة الإمارات والسعودية السيطرة عليها، دفعتها للظهور نداً مباشراً لهما، وتعمل بما تملك من علاقات مع سكانها من أجل منع تمدد أبوظبي والرياض نحو عمقها الاستراتيجي.

وبينما كانت الإمارات تنفذ انقلاباً في جنوب اليمن بالسيطرة على عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، استغلت عمان تلك الخطوة لتعود من تلك البوابة كداعم رئيسي للشعب اليمني ولفصيل من الحكومة اليمنية، ظهر مؤخراً يدعو إلى طرد الإمارات، وفرض سيادة الدولة على كافة الأراضي اليمنية.

وفد حكومي معارض بمسقط

في 15 سبتمبر الجاري، دعا مسؤولون يمنيون إلى إنهاء مشاركة دولة الإمارات في التحالف العربي في اليمن، والبدء في مقاضاتها دولياً، وتشكيل جبهة وطنية واسعة للدفاع عن الجمهورية اليمنية ووحدتها وسيادتها.

البيان المشترك صدر عن ثلاثة من أبرز الشخصيات في اليمن، إضافة لكونهم مسؤولين حكوميين؛ وهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني، ونائب رئيس مجلس النواب عبد العزيز جباري.

البيان قال: إن "الوطن يتعرض لمؤامرات تستهدف نظامه الجمهوري ووحدته وأمنه واستقراره، نتيجة الانقلاب السلالي الذي نفذته مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في صنعاء، والمشروع الانقلابي المناطقي والقروي في عدن، والمتمثل بما يسمى بالانتقالي المدعوم من دولة الإمارات".

وبعد أيام من صدور البيان، استقبلت سلطنة عمان المسؤولين الثلاثة المعادين للإمارات والمطالبين بإنهاء تدخلها في التحالف العربي، حيث وصلوا إلى مسقط في الـ21 من الشهر ذاته.

هدف الزيارة إلى عُمان

خبر وصول المسؤولين اليمنيين نقله موقع وزارة الداخلية اليمنية، الذي قال إن الزيارة تستغرق ثلاثة أيام بدعوة رسمية من القيادة العمانية، وذلك "للتباحث ومناقشة الأوضاع وبحث السبل الممكنة لتحقيق السلام باليمن، مع مناقشة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها".

وأكد موقع الداخلية أن الوفد برئاسة الميسري "سيجري سلسلة لقاءات هامة مع القيادة العمانية في عدد من الملفات الهامة، وستتم مناقشة آخر مستجدات الأوضاع في الشأن اليمني".

كما كشف أنه وبحسب جدول أعمال الزيارة، فإن الوفد اليمني سيلتقي عدداً من المسؤولين بعمان بناءً على تلك الدعوة الرسمية.

يذكر أن المسؤولين الثلاثة سبق أن غادروا السعودية، مطلع سبتمبر الماضي، وألقوا بياناً من مصر، في حين تتحدث الأنباء عن منع السلطات المصرية المسؤولين من إجراء أي نشاط سياسي، عقب صدور البيان.

عمان واليمن

لم تتضح إلى الآن الأسباب التي دفعت بمسقط لتصدر الواجهة، والدوافع التي تقف خلف دعوتها للمسؤولين اليمنيين لزيارتها، التي تأتي بالتزامن مع تحركات حكومية يمنية ضد الإمارات، بعد انقلابها على الشرعية في عدن، منتصف أغسطس الماضي.

وما يؤهل عُمان لأداء دور لصالح المناهضين لوجود الإمارات امتلاكها لعلاقات مع مختلف الدول؛ منها إيران التي تنظر لها السلطنة كجارة ينبغي أن تحافظ على علاقات جيدة معها، إضافة إلى ابتعادها عن الأزمات المختلفة للإمارات والسعودية.

وحاولت عُمان الوقوف على مسافة واحدة من الشرعية والانقلابيين خلال الفترة الماضية، وإن أبدت بعض الانحياز للحوثيين، وهو ما يجعل صوتها مسموعاً لدى الطرفين في الداخل اليمني، إضافة إلى أنها تعد لاعباً رئيسياً في منطقة الخليج.

كما أن عُمان وجدت نفسها محاصرة من حدودها الغربية مع اليمن خلال العامين الأخيرين، بعدما دفعت السعودية والإمارات بقوات لبسط سيطرتهما على محافظة المهرة، وهو ما يجعل الزيارة التي يقوم بها المسؤولون الحكوميون مهمة؛ لكونها تأتي في سياق رفض انتهاك سيادة اليمن، والذي سيكون ضد محاولة أبوظبي والرياض السيطرة على المهرة.

إشراك الثلاثي في تسوية جديدة

يقول الدكتور فيصل علي، رئيس مركز "يمنيون" للدراسات، إن عُمان من بداية الحرب في اليمن تقف على الحياد، وأدت أدواراً مهمة في محاولتها للتوفيق بين اليمنيين، إلا أن الفرص لم تكن سانحة لتظهر بشكل أكبر.

ويرى في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن استقبال مسقط للمسؤولين الثلاثة "يأتي في إطار إشراكهم فيما قد يتوصل إليه الأمريكان والحوثيون من نتائج مفاوضاتهما الثنائية"، مشيراً إلى أن عُمان "كدولة محايدة ودولة سلام بإمكانها أن ترعى السلام بين أطراف النزاع في البلد بدون أطماع".

وأشار إلى أن من حق عُمان الخوف من سيطرة السعودية على المهرة، المحافظة الحدودية القريبة منها؛ لما ستسببه من متاعب لليمن وعُمان على حد سواء، حسب قوله، مضيفاً: "لها الحق في إبداء القلق والتخوف، فلا أمان لجيران السعودية، الدولة القائمة على التوسع والعدوان على أراضي الجيران".

وأوضح أن عُمان تريد "الوصول إلى تفاهم عُماني يمني حول هذه القضية وحول مستقبل العلاقات بين البلدين على ضوء المشكلات الراهنة"، مشيراً إلى وجود "شخصيات يمنية لها ثقلها في عُمان، وهي أقرب دولة للصلح بين اليمنيين، خلافاً لدول التحالف التي زادت التباعد بين الفصائل اليمنية".

دور خفي

ويشارك في الرأي الباحث اليمني مثنى علوان، الذي قال إن سلطنة عُمان سبق أن أدت في السابق دوراً دبلوماسياً هاماً وخفياً لتقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية، خصوصاً في المفاوضات السابقة، بعدما كادت أن تفشل مشاورات جنيف والسويد لولا تدخل مسقط.

لكن علوان في تصريح لـ"الخليج أونلاين" انتقد ذهاب المسؤولين الحكوميين إلى عُمان، الذي قال إنه سيسهم في تأجيج الخلاف بين الحكومة اليمنية من طرف، والإمارات والسعودية من طرف آخر.

ويضيف: "أعتقد أن المسؤولين الثلاثة يرتكبون خطأ كبيراً بهذه الزيارة؛ لأنهم اختاروا وقتاً غير مناسب للقيام بمثل هذه التحركات، خصوصاً مع تزايد خلافات السعودية والإمارات مع عُمان بسبب المهرة، وهو ما يجعلهم مع أحد الأطراف وهي عُمان".

وتابع: "لا نعرف إن كانوا يبحثون عن وجود لهم في التحركات الأمريكية بشأن إنهاء الحرب، وتقسيم البلاد بما يضمن مشاركة جميع الأطراف ومن ضمنهم الحوثيون، وهذا يعني خيانة منهم للحكومة وللشعب؛ لأن الجميع يرفض المليشيا".

ويؤكد أن الأزمة اليمنية "أصبحت في وضع صعب بعد تدخل الكثير من الأطراف، ولجوء الإمارات إلى فرض انقلاب في عدن، ما جعل الأزمة تتسع بشكل أكبر وهو ما جعلها أكثر تدويلاً مما سبق".