الخليج أونلاين-
يجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، هذا الأسبوع، زيارة هي الأولى لدولة الكويت منذ توليه منصبه، في يناير الماضي، وهي زيارة تتزامن مع محاولات لتفكيك العديد من أزمات المنطقة التي تعتبر الولايات المتحدة طرفاً أصيلاً فيها.
وبحسب ما أعلنته وازرة الخارجية الأمريكية، الجمعة 23 يوليو، سيصل بلينكن إلى الكويت، يوم الأربعاء 28 يوليو، ضمن جولة خارجية يستهلها بالهند لتأكيد التزام بلاده بتعزيز أواصر الشراكة والتعاون.
وسيناقش الوزير الأمريكي مع مسؤولين كويتيين كبار القضايا الثنائية والعلاقات الدبلوماسية الممتدة منذ 60 عاماً، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس.
واعتبر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شبه الجزيرة العربية دانييل بنعيم، أن زيارة بلينكن إلى الكويت "تشكل تأكيداً للعلاقات الدائمة بين الولايات المتحدة والكويت الشريكة منذ فترة طويلة".
وقال بنعيم في مؤتمر صحفي، الجمعة 23 يوليو، إن بلينكن سيبحث خلال الزيارة مجموعة واسعة من القضايا المشتركة.
توقيت مهم وقضايا مختلفة
وعرفت العلاقات الأمريكية الكويتية، منذ سنوات طويلة، بمتانتها وقوتها في مختلف المجالات؛ السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وعلى الأصعدة كافة.
وتتوافق الولايات المتحدة والكويت، اللتان تعود علاقاتهما إلى 70 عاماً، في عديد من الملفات الإقليمية والدولية؛ أبرزها محاربة الإرهاب، والدعوات إلى وقف الحرب الدائرة في اليمن.
ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية واسعة، حيث جاءت الكويت بالمرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي في أذون وسندات الخزانة الأمريكية، وفق آخر الأرقام الرسمية.
وتتزامن زيارة بلينكن للكويت مع محاولات الولايات المتحدة وقف الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات، وأيضاً مع مفاوضات متعثرة تجريها واشنطن لإحياء الاتفاق النووي الذي وقعته مع إيران عام 2015، وانسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.
كما تتزامن زيارة الوزير الأمريكي مع تصاعد القتال الداخلي في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على مساحات كبيرة من الأراضي الأفغانية في ظل انسحاب القوات الأمريكية، وهو الأمر الذي يدفع واشنطن لتنفيذ ضربات جوية ضد الحركة، وما قالت الحركة، الجمعة 23 يوليو، إنه سيكون له عواقب.
وكانت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية قالت، الأربعاء 21 يوليو، إن الولايات المتحدة تتفاوض لإيواء عدد من المترجمين الأفغان في قواعدها العسكرية الموجودة في الكويت وقطر.
وقالت الصحيفة إن البلدين لم يعطيا موافقة نهائية على الصفقة، لكنها نقلت عن مسؤول أمريكي أن الاتفاق في مراحله النهائية.
وكان النائب الجمهوري مايك ماكول قال، في 26 يونيو، إن الدول التي قد ينقل إليها المترجمون الأفغان هي الإمارات والبحرين وقطر والكويت.
قضايا معقدة
ويمثل الوضع الأمني الأفغاني الآخذ في التدهور هاجساً للإدارة الأمريكية على ما يبدو، خاصة أن إيران عززت مؤخراً حضورها العسكري على الحدود الأفغانية، ما يعني أنها تخطط للاستفادة من الوضع.
المحلل السياسي أسامة أبو ارشيد قال لـ"الخليج أونلاين" إن القضية الأفغانية ستكون على رأس أجندة بلينكن، سواء في الكويت أو الهند، مشيراً إلى أن واشنطن تريد إيجاد دولة مستقرة بعد سحب قواتها من هناك.
وتعتبر مسألة إيواء نحو 4 آلاف أفغاني ممن تعاونوا مع الجيش الأمريكي في أفغانستان في بلد ثالث مسألة مهمة بالنسبة لإدارة بايدن، التي تسعى لإقناع الكويت أو قطر باستقبال هؤلاء وذويهم لحين إنهاء إجراءات سفرهم للولايات المتحدة، بحسب أبو ارشيد.
ويعتقد أبو ارشيد أن بلينكن سوف يناقش أيضاً في الكويت وفي الهند مسألة مواجهة توسع النفوذ الصيني في عدد من المناطق التي تعتبرها واشنطن مناطق نفوذ بالنسبة لها.
وبشكل متواصل يزداد التحالف بين الصين وروسيا وإيران في مواجهة الولايات المتحدة قوة وصلابة على وقع "حرب باردة" بين الغرب والصين.
وكان وزير الخارجة الصيني وانغ يي، قد أجرى جولة في الشرق الأوسط، في مارس الماضي، أعطى خلالها إشارات واضحة على أن بلاده تعتزم التحول لأداء دور محوري في شؤون المنطقة، فيما أبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن قلقه من التعاون المتزايد بين الصين وإيران.
الخطر الإيراني
إلى جانب ذلك، يضيف المحلل السياسي أسامة أبو ارشيد، سيبحث بلينكن بالتأكيد الملف الإيراني وسلوكها في المنطقة، خاصة مع تعثر عودة البلدين إلى الاتفاق المبرم عام 2015.
كما أن الحديث عن سحب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق، بنهاية العام الجاري، وهذا التصعيد في استهداف هذه القوات من قبل المليشيات الموالية لإيران، سيدفع واشنطن، بحسب أبو ارشيد، لمحاولة تقوية وجودها في مكان آخر.
ويرى أبو ارشيد أن "الكويت ستكون المكان الأقرب للعراق الذي يمكن للولايات المتحدة تعزيز حضورها العسكري فيه للتعامل مع السلوك الإيراني".
ويبدو أن هناك مخاوف أمريكية من تدخل إيراني كبير في أفغانستان في ظل الأوضاع الراهنة، الأمر الذي يجعل احتفاظ الولايات المتحدة بقوات قتالية في المنطقة أمراً مهماً.
وقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة 23 يوليو، أن واشنطن ستعلن سحب قواتها المقاتلة من العراق بنهاية العام الجاري، مع الإبقاء على التدريب والمشورة.
فوفقاً لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، نقلت إيران معدات تابعة للحرس الثوري والجيش الوطني إلى الحدود الأفغانية، وتشمل المعدات دبابات القتال الرئيسية وناقلات الجنود المدرعة وأنظمة المراقبة وأصول الدعم.
وفي تحليل نشره الاثنين 19 يوليو، قال معهد واشنطن إن طهران قد تدفع بوحدات من "الحرس الثوري" في حملة هجومية كبيرة داخل أفغانستان، بدعم من عناصر "فيلق القدس" التي يُعتقد أنها تعمل هناك أصلاً.
وذهب التحليل الذي كتبه فرزين نديمي، وهو محلل متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، إلى أن إيران قد تلجأ لاستهداف القوات الأمريكية في أفغانستان؛ عبر دعم طالبان، أو عبر مليشيا موالية لها على غرار الحشد الشعبي العراقي.
وخلص التحليل إلى أن إيران ستسعى بشكل أو بآخر لاستغلال الوضع الجديد في أفغانستان لتعزيز مشروعها التوسعي في الإقليم من جهة، ولتحقيق هدفها الأكبر المتمثل في طرد القوات الأمريكية من المنطقة من جهة أخرى.
وفي حين لم تنجح واشنطن وطهران في إحياء الاتفاق النووي الذي يثير مخاوف الخليجيين، فإن دول مجلس التعاون طالبت مراراً بإشراكها في المفاوضات، ودعت لضم برنامج طهران الصاروخي ودعمها للمليشيات إلى عملية التفاوض بما يضمن أمن المنطقة.
ورغم عدم جلوس دول المجلس على طاولة التفاوض التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا، فإن الولايات المتحدة أكدت مراراً أنها ستشاور حلفاءها بشأن الاتفاق الذي قالت إنه لا بد أن يكون أوسع ويعالج مخاوف المنطقة.