آرون ديفيد ميلر | كارنيجي - ترجمة الخليج الجديد-
ورثت إدارة الرئيس "جو بايدن" عمليتي سلام إحداهما فاشلة بين إسرائيل والفلسطينيين، والأخرى ناجحة وتتمثل في اتفاقيات التطبيع التي تم التوصل إليها حديثا بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
وسجلت تلك العملية الأخيرة خطوة استثنائية يوم الإثنين مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت" للإمارات والتي تعد الأولى التي يقوم بها زعيم إسرائيلي إلى الإمارات.
وتعكس هذه الزيارة تحولًا في العلاقات واستعداد بعض الدول العربية للتخلي عن القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن الصراع العربي الإسرائيلي لن تكون له نهاية قريبة.
وهناك 3 استنتاجات يمكن استخلاصها من الاجتماع بين "بينيت" وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد":
أولا: العلاقة بين الإمارات وإسرائيل تبدو فريدة من نوعها
ومع أن معاهدات السلام المصرية والأردنية كانت اختراقات استراتيجية أنهت النزاعات العسكرية وغيرت التوازن الإقليمي، إلا إنها افتقرت إلى الكثير من التفاعل الطبيعي مع الجانب الإسرائيلي.
أما بالنسبة لاتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، ففي غضون عام واحد انخرط البلدان في التجارة والسفر والسياحة والمشاريع التعاونية من قبل كل من الحكومتين والقطاع الخاص، بشكل يفوق بمراحل العلاقات السابقة مع شركاء إسرائيل من العرب.
وفوق ذلك، نجت العلاقة بين إسرائيل والإمارات من اختبارها الحقيقي الأول؛ حين حدثت مواجهة عسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين، مع أنها كان يمكن أن تعرقل عملية التطبيع بسهولة.
ثانيا: رحلة "بينيت" تعكس تحولات في أولويات بعض الدول العربية
وكانت زيارة زعيم إسرائيلي لدولة خليجية لا يمكن تصورها قبل عقد من الزمن، لكن المنطقة تتغير وإيران تصعد وإحباط الدول العربية ينمو تجاه كل من "حماس" والسلطة الفلسطينية. وترى هذه الدول أن العلاقة مع إسرائيل يمكن أن توفر فوائد ملموسة في المجالات التقنية والأمنية، في وقت يسود فيه عدم اليقين بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن الشرق الأوسط.
وفتحت هذه التحولات الباب في البداية ثم جاءت حوافز إدارة "ترامب" (مبيعات طائرات F-35 إلى الإمارات، اعتراف الولايات المتحدة بالحكم المغربي على الصحراء الغربية، والضمانات الأمنية للبحرين، وإزالة السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية) لينتهي الأمر بتوقيع الاتفاقيات الرسمية.
وفي الواقع، انتهجت هذه الدول نهج الرئيس المصري الراحل "أنور السادات" وهو: إذا كنت ترغب في نيل رضا واشنطن، فإن السر يكمن في تدفئة العلاقات مع الإسرائيليين.
ثالثا: "بينيت" المستفيد الأول من الزيارة
ومع أن الإسرائيليين يعرفون أن "بينيت" لم يكن وراء اتفاقيات التطبيع، إلا أن الرحلة ستوفر بعض البروباجندا له.
ومثل سلفه "بنيامين نتنياهو"، يحرص "بينيت" على تجنب التعامل مع الجانب السياسي للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن لديه مصلحة في الإشارة لاستعداد دول عربية للتعامل مع إسرائيل بدون التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية وبينما يستمر بناء المستوطنات.
لكن "بينيت" يعرف أيضا أنه يجب أن يكون حريصا على عدم القيام بخطوات دراماتيكية تجاه الفلسطينيين الذين قد يهددون هذه العلاقات الجديدة مع الدول العربية.
وليس هناك شك في أن الفلسطينيين هم أكبر الخاسرين في هذه الظروف الجديدة، فهم منقسمون ويواجهون إدارة "بايدن" المنشغلة وعالم عربي يركز بشكل متزايد على أولويات أخرى.
ومع ذلك، لم تتقدم أي دول عربية جديدة إلى مسار التطبيع مع إسرائيل منذ وصول "بايدن" و"بينيت"، كما أن عدم حل القضية الفلسطينية يحمل عواقب وخيمة.
ومع ضعف الدول العربية ونهج إيران المتشدد واستخدامها للوكلاء في سوريا ولبنان والعراق، فإن الشرق الأوسط سيظل مكانا متقلبا وغير مستقر ومليء بالنزاعات.
وبالرغم أن زيارة "بينيت" للإمارات علامة فارقة في مسار التغيير، لكن العلاقات مع الإمارات لا يمكنها أن تجعل المنطقة حاضنة لإسرائيل.