يوسف حمود - الخليج أونلاين-
قمة مصرية أردنية إماراتية بالقاهرة، يتصدر أجندتها تعزيز العلاقات ومواجهة التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى واستعادة التهدئة الشاملة، في وقتٍ تشهد مدينة القدس اعتداءات إسرائيلية مستمرة على الفلسطينيين واقتحامات متكررة للمسجد الأقصى المبارك.
ويُلاحَظ أن هذه القمة تُعقد، على الأرجح، بناءً على طلب الأردن، خصوصاً مع التصعيد الإسرائيلي، والغضب الأردني من عقد قمة سداسية جمعت دولاً عربية مع إسرائيل والولايات المتحدة بغياب عمّان في مارس الماضي.
وتكتسب هذه القمة أهميتها ليس فقط من أهمية الدول الثلاث، بل لكونها أول قمة تجمع زعماء ثلاث دول عربية، عقب التصعيد الإسرائيلي، وهو ما يطرح دوماً سؤالاً مفاده: ما الأهداف التي من أجلها عُقدت؟
تعهُّد ثلاثي
في قمة ثلاثية جمعت ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، تعهدت الدول الثلاث بالعمل على وقف التصعيد بأشكاله كافة، واستعادة التهدئة في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
ووفق بيان الديوان الملكي الأردني (24 أبريل)، اعتبر القادة الثلاثة أن "التحديات والأزمات الحالية، بطبيعتها المعقدة وتداعياتها العابرة للحدود، تتطلب تنسيق الجهود، وتعزيز العمل العربي المشترك، وتفعيل التعاون الإقليمي، خصوصاً في أزمات الأمن الغذائي والطاقة".
وشدد القادة على أن "بلدانهم لن تدخر جهداً في العمل من أجل استعادة التهدئة بالقدس، ووقف التصعيد بأشكاله كافة؛ لتمكين المصلين من أداء شعائرهم الدينية بدون مُعيقات أو مضايقات".
كما أكدوا أهمية "احترام دَور الوصاية الأردنية التاريخية في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس".
وشددوا كذلك على أهمية "دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين، وتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من القيام بدورها لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته".
ودعوا إلى "ضرورة وقف إسرائيل كل الإجراءات التي تقوض فرص تحقيق السلام، وإيجاد أفق سياسي للعودة لمفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي".
وأدان الملك عبد الله، وفق البيان، "الانتهاكات الإسرائيلية بما فيها اقتحامات المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك والاعتداءات على المصلين وتقييد وصول المسيحيين إلى كنيسة القيامة في القدس وتقليص أعداد المحتفلين في (سبت النور)".
توتر واجتماع بالأردن
تأتي هذه القمة بعد نحو أسبوع من مباحثات هاتفية جمعت بين العاهل الأردني والرئيس المصري وولي عهد أبوظبي، كل على حدة.
ومنذ منتصف الشهر يسود توتر في القدس وساحات المسجد الأقصى، من جراء اقتحامات إسرائيلية للمسجد، تزامنت مع عيد "الفصح اليهودي" الذي استمر أسبوعاً.
وتحمل الأردن على عاتقها إدارة المسجد الأقصى وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، بموجب الوصاية الهاشمية عليها، وكان لافتاً عقدها اجتماعاً وزارياً عربياً طارئاً بشأن تطورات الحداث بالمسجد الأقصى والقدس.
وعُقد في 21 أبريل الجاري، اجتماع للجنة الوزارية العربية المكلفة بالتحرك الدولي لمواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية بمدينة القدس، انطلق في عمّان؛ لبحث التطورات والانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة بالقدس والمسجد الأقصى، في غياب السعودية والإمارات.
متغيرات مهمة
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إكرام بدر الدين، أن القمة تأتي في ظل متغيرات مهمة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، والتحديات التي تواجه المنطقة والعالم على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني، وفي مقدمتها التطورات الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
ويُرجع "بدر الدين" أهمية لقاء الدول الثلاث إلى كونها ذات أهمية في المنطقة، موضحاً بقوله: "القاهرة لديها دور كبير جداً منذ بداية القضية الفلسطينية في أوقات الحرب والسلم، والأردن له دور مؤثر أيضاً وله وصاية على مدينة القدس، كما أن الإمارات تمثل العرب اليوم في مجلس الأمن".
وأضاف: "العلاقات القوية والوثيقة التي تربط الدول الثلاث، سواء على المستوى الرسمي والحكومي أو على المستوى الشعبي، قوية ووثيقة، حيث يتم التنسيق بين العواصم الثلاث ونشهد لقاءات قمة على فترات متقاربة ومتكررة".
وفي مقالة له بصحيفة "الرؤية" الإماراتية، أشار إلى أنه إضافة إلى القضية الفلسطينية، فإن الظروف والتحديات التي تواجه العالم وتنعكس آثارها على مصر والدول العربية، "تتطلب التنسيق العربي المشترك".
وتابع: "كما أن هذه اللقاءات بين القادة العرب تصب في مصلحة الأمن القومي لدولنا العربية، خاصة في ظل التهديد الإيراني المعلن والمستتر لدول الخليج العربي، التي تنظر إليها مصر على أنها جزء لا يتجزأ من أمنها القومي".
أما الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد حسن، فقد أشار إلى أن نتائج قمة القاهرة تدعم التنسيق العربي-العربي المشترك تجاه عديد من الملفات.
وفي تصريح له بصحيفة "الدستور" الأردنية، قال: إن "اللافت في توقيت انعقاد القمة الأخيرة أنها تأتي بالتزامن مع زيادة حدة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في القدس، واقتحام المسجد الأقصى".
ولفت إلى أن هذه القمة الثلاثية "تأتي لمنع أطراف إقليمية كإيران، من استغلال هذه المناوشات لتوظيفها في سياق صراعها مع تل أبيب فيما يخص إحداثيات انتشارها وبنيتها التحتية العسكرية في وسط وجنوب سوريا".
وتابع: "كما أنها ترتبط أيضاً بالملف النووي وجهود إحباط إسرائيل توصُّل إيران إلى اتفاق نووي مع الغرب يتيح لها توسيع دائرة نفوذها عبر الوكلاء الميليشياويين".
اجتماعات سابقة
وبالتطرق إلى أهمية هذه القمة، فإنها جاءت بعد نحو شهر من عقد قمة سداسية، جمعت وزراء خارجية مصر والإمارات والمغرب والبحرين و"إسرائيل" والولايات المتحدة، وغاب عنها الأردن بعد أنباء مشاركته.
وبعد لقاءات ومباحثات امتدت على يومين متتاليين (28-29 مارس)، اتفق الوزراء حينها على استمرار تعزيز العلاقات، وإقامة "منتدى دائم بين الدول المشاركة مع إمكانية توسيع المشاركة فيه".
واللافت في ذلك، أن العاهل الأردني وخلال القمة السداسية، كان يزور رام الله والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في زيارة لم تكن مسجلة في قائمة زياراته، وتعمد أن يكون إلى جانبه فيها ولي العهد الأمير حسين، الذي رافقه أيضاً إلى مصر وشارك في القمة الثلاثية.
وقبل ذلك، وتحديداً في 22 مارس، كان لافتاً أيضاً غياب الأردن عن اجتماع عُقد بين الرئيس المصري، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وولي عهد أبوظبي، في شرم الشيخ المصرية.
وفي 25 مارس الماضي، عُقدت في العقبة بالأردن قمة رباعية بين ملك الأردن، والرئيس المصري، وولي عهد أبوظبي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.