سياسة وأمن » لقاءات

من بوش حتى بايدن.. كيف استقبلت السعودية رؤساء أمريكا؟

في 2022/07/16

الخليج الجديد-

بين "الفتور" و"الترحيب"، تفاوتت طريقة السعودية في استقبال القادة الأمريكيين، وآخرهم الرئيس "جو بايدن"، الذي بدأ، مساء الجمعة، أول زيارة للمملكة الغنية بالنفط منذ توليه الحكم في يناير/كانون الثاني 2021.

قبلتان لـ"جورج بوش" 

انتظر "جورج بوش الابن" حتى العام الأخير من ولايته لزيارة المملكة، ثم سافر مرتين في غضون 4 أشهر ليضغط من أجل المزيد من إنتاج النفط مع ارتفاع أسعار الطاقة.

وفي مايو/أيار 2008، استقبله العاهل السعودي الراحل، الملك "عبدالله بن عبد العزيز"، بحرارة في المطار، ولم تظهر أي بوادر للتوترات التي عصفت باجتماعهما في 2002 في مزرعة في تكساس عندما هدد "عبدالله" (ولي العهد آنذاك) بالانسحاب؛ بسبب خلافات حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بحسب فرانس برس.

فبعدما نزل "بوش" وزوجته "لورا" من الطائرة الرئاسية، قبّل الملك "عبدالله" الرئيس على الخدين، وعزفت فرقة عسكرية النشيد الوطني الأمريكي.

لكن القيادة السعودية رفضت ضخ المزيد من النفط؛ إذ قال المسؤولون السعوديون إنهم لا يعتقدون أن هناك نقصا في الإمدادات، وإن أساسيات السوق "سليمة".

فتور مع "أوباما" 

سافر "باراك أوباما" إلى الرياض لأول مرة عام 2009 بعد أقل من 5 أشهر من أداء اليمين الدستورية، في زيارة خاطفة قبل خطاب في القاهرة هدف إلى "إعادة تأهيل صورة واشنطن في العالم الإسلامي بعد عهد بوش".

وكانت الزيارة رمزية؛ إذ سعى "أوباما" إلى التشاور مع المملكة قبل إعادة برمجة الانخراط الأمريكي في المنطقة.

وقال مدير مجلس الأمن القومي آنذاك "دان شابيرو" إن "أوباما كان يحاول أيضا تنسيق استراتيجية للتعامل مع برنامج إيران النووي، ويتطلع إلى دفع التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل قدما".

وطبع الفتور بعد ذلك العلاقات الأمريكية السعودية في عهد "أوباما"، خصوصا بعد التوصل إلى اتفاق في 2015؛ للحد من برنامج إيران النووي. 

وفي زيارة عام 2016، مع قرب نهاية ولاية "أوباما"، أرسل الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، الذي تولى السلطة في العام السابق، حاكم الرياض لاستقبال الرئيس الأمريكي عند مدرج المطار، ولم يتم بث وصوله على التلفزيون الرسمي.

حفاوة مع "ترامب"

حصل ترحيب كبير بـ"دونالد ترامب"، الذي اختار المملكة في 2017، كأول وجهة خارجية له بعد توليه منصبه.

وأغدق الحكام الهدايا على أفراد عائلة "ترامب"، الذين رافقوه، ورقصوا معا حاملين السيوف.

وطبعت الزيارة أيضا صورة لـ"ترامب" والملك "سلمان" والرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، خلال افتتاح مركز في الرياض لمكافحة الفكر المتطرف.

ويقول مؤلف كتاب "الملوك والرؤساء" الذي يبحث العلاقات الأمريكية السعودية "بروس ريدل": "من المرجح أن يبقى الترحيب بترامب هو الأكثر إثارة على الإطلاق".

وعانت العلاقة لاحقا في عهد "ترامب"، لا سيما في أعقاب ما اعتبره السعوديون رد فعل فاترا على الهجمات على منشآت نفط سعودية في عام 2019، التي أعلن الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران مسؤوليتهم عنها، وترددا بالنسبة الى جريمة قتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في 2018، التي نفت السعودية تورط الحكومة بها.

لكن بقي القادة السعوديون "قريبين" من شخصيات بارزة في عهد "ترامب"، لا سيما صهره "جاريد كوشنر"، وفق "ريدل". 

فتور من جديد مع "بايدن"

رغم تعهد "بايدن"، خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة دولة "منبوذة" على خلفية جريمة قتل "خاشقجي" داخل سفارة الرياض في إسطنبول عام 2018، إلا أن الرئيس الأمريكي اضطر تحت ضغط أسعار النفط المرتفعة، التي تهدد حكمه، إلى التراجع عن تعهده، والقيام بزيارة للمملكة بعد 18 شهرا على توليه الحكم.

ولم يكن مفاجئا أن يغلف الفتور الزيارة؛ حيث اكتفت القيادة السعودية بتكليف أمير منطقة مكة المكرمة  "خالد بن فيصل بن عبدالعزيز" باستقبال الرئيس الأمريكي في المطار.

كما حرص الرئيس الأمريكي، لاحقا، عند استقبال ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" له عند مدخل قصر السلام في جدة على السلام عليه على عجل بقبضة اليد، عوضا عن الاستقبال الحار الذي حظي به "ترامب" خلال زيارته للمملكة.

وبينما قال البيت الأبيض إن السلام بهذه الطريقة يأتي في إطار حرص الرئيس على تقليل الاتصال المباشر خلال جولته الخارجية تحاشيا لـ"كورونا"، قالت صحيفة صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية إن تلك حيلة لجأ إليها "بايدن"لتفادي التقاط صورة له، وهو يصافح ولي العهد السعودي.

وأظهرت مشاعهد متلفزة أن "بايدن" عقد لقاءات ثنائية مع الملك "سلمان" بحضور ولي العهد، قبل لقاء لاحق مع الأخير بدون الملك، ثم لقاء لوفدي البلدين برئاسة الرئيس الأمريكي و"بن سلمان".

ويقول "ريدل" إن "السعوديين مصممون على أن الزيارة تشكل إقرارا (بحكم) ولي العهد".

ويقول الباحث في معهد "هدسون" للأبحاث "محمد اليحيى": "يدرك السعوديون أن أمريكا تمر بوقت مرتبك للغاية، أحيانًا تسمع أشياء غير منطقية لا معنى لها، لكن هناك مصالح أكبر وأكثر أهمية على المحك من التركيز على شيء من هذا القبيل". 

وتابع: "عندما يكون أصدقاؤك غير متجانسين، فإن العناق ينفع أحيانا".

وفي محاولة لتقليل الانتقادات المتوقعة له للزيارة ولقاء "بن سلمان"، خاصة من معسكر الجمهوريين، قال "بايدن"، في تصريحات صحفية مساء الجمعة، إنه أبلغ ولي العهد بأنه يحمله المسؤولية عن مقتل "خاشقجي".

وأضاف "بايدن"، في تصريحات بعد اجتماعات مع كبار القادة السعوديين، إن ولي العهد نفى تورطه، وأكد أنه حاسب المسؤولين.

وبينما كان هناك إعلان ضخم عن توقيع اتفاقات بمئات المليارات من الدولارات خلال زيارة "ترامب" للمملكة، تم إعلان رمزي عن توقيع 18 اتفاقية بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء والصحة، خلال زيارة "بايدن"، دون توضيح أي قيمة مادية لها.

وفي بيان مشارك، رحبت الولايات المتحدة بالزيادات المتسارعة في إنتاج النفط التي أعلنت عنها مسبقا مجموعة (أوبك +)، التي تضم السعودية وروسيا.

ونص البيان على أن القوات الأمريكية وقوات حفظ السلام الأخرى ستغادر، بحلول نهاية العام الجاري، جزيرتي "تيران" و"صنافير" التي تتمركز فيها في إطار اتفاقات تم التوصل إليها عام 1978 والتي أدت إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومصر. 

وفيما يتعلق بإيران، أفاد البيان بأن واشنطن والرياض اتفقتا خلال زيارة "بايدن" على أهمية منع طهران من "الحصول على سلاح نووي".

وقال البيان إن "بايدن" أكد التزام بلاده القوي والدائم بدعم "أمن السعودية والدفاع عن أراضيها وتسهيل قدرة المملكة على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية".