يوسف حمود - الخليج أونلاين-
رحلت الملكة إليزابيث الثانية عن حكم بريطانيا عن 96 عاماً، ليتربع نجلها الأمير تشارلز، البالغ من العمر 73 عاماً، على العرش خلفاً لها، ويصبح كذلك قائداً لكومنولث يضم 14 دولة أخرى، من بينها أستراليا وكندا ونيوزيلندا.
وترتبط دول الخليج والملك الذي بات يُطلق عليه "تشارلز الثالث" بعلاقات وثيقة خلال توليه منصب ولي عهد بريطانيا، إذ أجرى زيارات واسعة، ولقاءات مكثفة مع قيادات دول الخليج، وشارك في احتفالات ومراسم عزاء خلال السنوات الماضية.
وفي حين أن العائلة المالكة في بريطانيا لا تملك سلطات فعلية تذكر، لكنها تمنح بريطانيا قدراً من القوة "الناعمة" في العلاقات العالمية والدبلوماسية، وكانت دول الخليج إحدى تلك الدول التي تربطها علاقات واسعة مع بريطانيا والعائلة الحاكمة فيها.
رحيل بعد حكم طويل
كان الـ8 من سبتمبر 2022، موعداً لإعلان رحيل الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، التي كان لها الحكم الأطول مدة في تاريخ المملكة المتحدة، عن عمر يناهز 96 عاماً؛ بعدما تولت العرش منذ أن كانت في عمر الـ26 من عمرها.
ومنذ توليها عرش بريطانيا عام 1952، حرصت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية على توطيد العلاقات مع الدول العربية بالزيارات المستمرة، القائمة على لغة الصداقة والود.
وزارت خلال فترة حكمها دول الخليج، ولطالما جمعتها علاقة قوية مع جميع دول المنطقة؛ كالسعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وعُمان، وقطر وغيرها.
وكان العام 1967، هو الأول لها الذي تزور فيه دولة خليجية، حينما اتجهت إليزابيث إلى السعودية، وفي العام ذاته زار الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز لندن واستقبلته الملكة.
أما عام 1979 فكان مليئاً بالزيارات للدول الخليجية، حيث زارت وقتها ملكة بريطانيا، السعودية للمرة الثانية، ثم توجهت منها إلى الإمارات، ثم زارت عمان والكويت وقطر.
وخلال عام 2010، توجهت الملكة إليزابيث، إلى الإمارات وعمان، في زيارة استغرقت نحو 5 أيام، وكانت هذه الزيارة بهدف تنشيط العلاقات مع دول الخليج العربي.
وتعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول العربية التي سافرت لها ملكة بريطانيا، ما بين أعوام 1981، و1987، و2007، و2018.
6 زيارات لقطر.. ولقاءات
في الجانب الآخر فإن العلاقات بين الدول الخليجية والملك الحالي الأمير تشارلز كانت كبيرة واتسمت بزيارات ولقاءات مكثفة، وفي مقدمتها دولة قطر.
ففي فبراير من العام 2015، كانت آخر زيارة يقوم بها "تشارلز الثالث" إلى قطر، وهي الزيارة السادسة له إلى الدوحة، بعد زياراته التي تمت في الأعوام 1986 و1997 و2007 و2013 و2014.
وارتبطت قطر بعلاقات ثنائية متميزة مع الجانب الملكي البريطاني، وكان لافتاً من خلال الاستقبال الذي حظي به أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مايو من العام الجاري، خلال زيارته إلى لندن، والتي التقى خلالها مع الأمير تشارلز لبحث العلاقات بين البلدين.
وحينها قال الديوان الأميري القطري إنه جرى خلال اللقاء "تناول علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين والشعبين الصديقين وسبل تطويرها"، وكذلك "تبادل وجهات النظر حول عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك".
زيارات أكثر للسعودية
كما يرتبط الملك تشارلز بعلاقة طيبة مع السعودية، حيث تعتبر من الدول المحدودة التي زارها بشكل كبير، فمن المعروف أنه يزور البلدان المختلفة مرة واحدة كل خمس سنوات، إلا أنه زار السعودية أكثر من 9 مرات.
كما أُطلق عليه لقب "تشارلز العربي"، بعد ارتدائه زي العرضة السعودية، حيث كان ضيف السعودية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية 29"، وشارك في العرضة السعودية وعدداً من الأمراء.
وتوشح تشارلز بالزي السعودي الخاص بالعرضة، وهو عبارة عن قطيفة مطرزة بالخيوط الذهبية والفضية ذات أكمام طويلة، ولبس معها الشماغ والعقال، وهذا اللباس عادة ما يرتديه من يؤدي الرقصة المصاحبة للعرضة، وبدأ تشارلز يتمايل بالسيف المذهب الذي يعد عماد العرضة.
وكان من أبرز زياراته لمشاركة أحزان السعودية، في أكتوبر 2011، لليلة واحدة، "قدم خلالها التعازي للعائلة المالكة السعودية" في وفاة ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، الذي توفي في الثمانينات من عمره.
وفي يناير 2015، هرع تشارلز وديفيد كاميرون (رئيس الحكومة الأسبق) إلى الرياض، لتقديم التعازي للأسرة الحاكمة السعودية في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، بينما وقع تنكيس الأعلام في المباني الحكومية في المملكة المتحدة.
ومن ضمن زياراته أيضاً للسعودية حين تفقد برفقة زوجته كاميلا القاعدة الجوية العسكرية في الرياض، في 15 مارس 2013، وزار المقر الرئيسي للحرس الوطني السعودي للاحتفال بالذكرى الخمسين للبعثة العسكرية البريطانية، وهو برنامج شديد السرية يشارك من خلاله ضباط الجيش البريطاني في الحرس الوطني السعودي.
في الإمارات.. زيارات مختلفة
على مدار السنوات الماضية من توليه منصب ولي العهد، زار الأمير تشارلز الإمارات في مناسبات مختلفة، كان أبرزها في نوفمبر 2016، لحضور فعالية لتشجيع التسامح الديني في جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي حضرها ممثلون عن أتباع الديانات من المقيمين، في وقتٍ كانت تبحث فيه لندن عن توسيع علاقتها مع إعلان بدء خروجها من الاتحاد الأوروبي.
لكن الأبرز في تلك الزيارة أنها تضمنت اجتماعات مع نائب القائد الأعلى للجيش الإماراتي، وهو ما لم يذكره البيان الصحفي للقصر الملكي بلندن، وكانت الاجتماعات مع الجيش الإماراتي في هذا الوقت حساسة جداً نظراً للدور الذي يؤديه في الساحة اليمنية.
وفي 2014، وتحديداً في فبراير، زار تشارلز أبوظبي، والتقى محمد بن زايد آل نهيان حينما كان يتولى منصب ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحث معه عدداً من القضايا بين البلدين.
كما زار الإمارات، خلال عام 2011، إبان ثورات الربيع العربي، وحينها التقى بستة من قادة الشرق الأوسط، من البحرين والأردن والكويت والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية.
وفي يوليو 2013، زار الإمارات خلال رحلة شملت أيضاً قطر والسعودية، فيما كانت له رحلة أخرى إلى أبوظبي، في فبراير من العام 2015.
تعازٍ وزيارات ولقاءات
وفيما سبق له أن زار السعودية لتقديم العزاء مرتين، فقد قام بزيارة مماثلة إلى الكويت، مطلع أكتوبر 2020؛ لتقديم العزاء في وفاة أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وقبلها في يناير من العام ذاته، زار الأمير تشارلز سلطنة عمان لتقديم العزاء في وفاة السلطان قابوس بن سعيد، وكان حينها رفقة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، والتي جاءت على الرغم من التوتر الذي شهدته العائلة المالكة في بريطانيا مع إعلان انفصال الأمير هاري وزوجته عن العائلة المالكة.
لم يزر الملك تشارلز عُمان منذ تولي السلطان هيثم بن سعيد الحكم في السلطنة، لكنه التقى به مرة في لندن خلال زيارة الأخير العام الماضي 2021، لكنه سبق أن زار مسقط خلال السنوات الماضية، كان آخرها في في نوفمبر 2016، وهي الزيارة الأخيرة إلى البلاد.
وزار السلطنة عام 2013، قادماً من السعودية، التي قضى فيها ثلاثة أيام، وقبل ذلك بـ10 سنوات كاملة زار مسقط، خلال زيارة شملت الهند أيضاً.
أما في زياراته للكويت فإلى جانب تلك التي عزى فيها بوفاة الأمير صباح، فقد زار الدولة الخليجية في مناسبتين أخريين عامي 2011، و2015.
كما كانت له زيارات برحلة واحدة للدول الخليجية الأخرى، ففي عام 2011 زار تشارلز أيضاً البحرين، والتقى بالملك حمد بن عيسى آل خليفة، كما زارها في عامي 2014، و2016.