شؤون خليجية -
"التقارب" أم "التباعد" هي سيناريوهات متوقعة لنتائج الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القاهرة، اليوم الأحد، بشأن الأزمة السورية، فرغم التحالفات المعلنة بين مصر والسعودية إلا أن الخلافات المبطنة والحقيقية بينهما في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية خاصة الأزمة السورية، وهو ما يمكن أن يؤدي لتوتر العلاقة بينهما في نهاية المطاف.
وتأتي زيارة الجبير إلى القاهرة بعد أن فشل اجتماع فيينا الذي عقد مؤخرا بين أمريكا وروسيا والسعودية وتركيا في تحديد مصير (الأسد)، وانتهى دون التوصل إلى موقف مشترك، وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن الأطراف الأربعة اتفقت على مواصلة المشاورات، وأن الاجتماع لم يتوصل لاتفاق مشترك بشأن مصير الأسد. إلا أن المجتمعين اتفقوا على خطة سياسية تستند إلى مخرجات مؤتمر "جنيف1" وعلى استمرار المشاورات لإيجاد حل للأزمة السورية المستمرة منذ نحو خمس سنوات.
ونص بيان مؤتمر "جنيف1" الذي عقد بإشراف دولي في يونيو 2012 وتصر المعارضة السورية على أن يكون منطلقاً لأي حل سياسي مفترض، على وقف العنف وإطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وضمان حرية تنقّل الصحفيين، والتظاهر السلمي للمواطنين، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات.
إلا أن الخلاف على مصير بشار الأسد في مستقبل سورية هو ما عطل تنفيذ أي من تلك المقررات، وأفشل جولتين من مفاوضات "جنيف 2" التي عقدت ما بين يناير وفبراير 2014، في التوصل لحل سياسي للأزمة.
محاولة للضغط على السيسي
ويرى مراقبون، أن زيارة الجبير، اليوم للقاهرة، تسعى لمحاولة الضغط على رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بشأن موقفه من الملف السوري لمحاولة التقارب بشأن الأزمة السورية، حيث قال وزير الخارجية، سامح شكري، أنه لا يوجد خلاف بين مصر والسعودية حول ملف الإخوان وسوريا.
وأضاف شكري في حوار مع صحيفة "الوطن" المصرية الذي نشر اليوم وبالتزامن مع قدوم "الجبير" إلى مصر: "فيما يتعلق بسوريا كان الحديث الذي دار بيني وبين الأمير محمد بن سلمان، والأمير محمد بن نايف، يؤكد ثوابت الموقف المصري السعودي تجاه سوريا لإنهاء الأزمة"، على حد قوله.
وفيما يتعلق بالموقف المصري حول بشار الأسد، قال شكري: "لا نرى شيئا بالنسبة لبشار الأسد على الإطلاق، ونرى إطارا لحل سياسي، ولا نعرف ما سيسفر عنه الحل السياسي، ونقدر أن ما حدث في سوريا سوف يترتب عليه بالضرورة تغيير كل شيء، وما تقتضيه العملية السياسية بالوصول إلى تفاهم بين الأطراف كافة". وأوضح، أن "من البديهي أن يحدث تغيير، ويحدث تحول، ويُصاغ دستور جديد، وما يفضي إليه بتغيير معادلات كثيرة، ولا يعني هذا أن هناك دعما لأي طرف في سوريا"، بحسب وصفه.
مزيد من التباعد بين الرياض والقاهرة
على الجانب الأخر ذهب مراقبون إلى أن زيارة "الجبير" ستسفر عن مزيدا من التباعد بين الرياض والقاهرة، حيث تأتي في ظل إعلان مصر دعمها للعدوان الروسي على الأراضي السورية، واعتبرت أن التدخل الروسي "يستهدف مكافحة الإرهاب في سوريا ويساعد في القضاء عليه".
ويتخذ السيسي من "الحرب على الإرهاب" حجة لاستمرار نظامه، ويعتبرها حجر الزاوية في سياسته الداخلية، ومن المنطقي تماما أن يرحب السيسي بالغارات الروسية ضد المعارضة السورية التي يهيمن عليها الحركات الإسلامية الجهادية - بحسب تحيل الكاتب كريم اميل بيطار مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية "ايريس".
ويأتي الموقف المصري مخالفا للموقف السعودي، حيث أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ضرورة تشكيل هيئة انتقالية تتولى السلطة فى سوريا، مشددا على أنه لا وجود مكان للأسد فى مستقبل سوريا.
وذكرت قناة "العربية الحدث" أمس، أن الجبير قال، فى ختام مباحثاته مع نظيره الأمريكى جون كيرى الذي يزور الرياض حاليا، إن مباحثاته مع كيرى، تناولت عدة قضايا إقليمية، كاشفا عن وجود توافق في الرؤى حول ضرورة إيجاد حل سياسي في سوريا يعتمد على مبادئ جنيف واحد وتشكيل هيئة انتقالية تتولى السلطة فى سوريا، وتحافظ على مؤسسات الدولة، وتضع دستورا جديدا فى البلاد.
إلا أن القاهرة لا تزال ترغب في تقديم نفسها على أنها جندي المنطقة الذي يحارب "الإرهاب"، بينما تسعى الرياض، على العكس من ذلك، إلى جمع القوى السنية لمواجهة التمدد الشيعي.
وكانت صحيفة الديار اللبنانية قد أعلنت الشهر الماضي أن العالم العربي والمحافل الدولية على موعد مع (دهشة كبرى) تتمثل فى مشاركة بشار الأسد فى قمة بالقاهرة تجمعه بالرئيس عبدالفتاح السيسى، والملك سالمان بن عبدالعزيز، وبرعاية كل من موسكو وواشنطن عبر تفاهم بين لافروف وزير خارجية روسيا وجون كيرى وزير خارجية أمريكا، اللذان سيلعبان دوراً كبيراً فى التحضير لهذه القمة. هذا جزء مما تناقلته صحف ووكالات أنباء عربية، ذات صلة بنظام بشار، تؤكد أن بشار الأسد سيزور القاهرة للمشاركة فى قمة ثلاثية، وربما خماسية، والإعلان عن وثيقة لحل الأزمة.
إلا أن وزير الخارجية المصري نفى في حواره مع صحيفة الوطن وجود أي حوار مصري سوري على المستوى الرسمي، قائلا: "ليس هناك حوار، ولكن هناك اتصالات على المستوى القنصلي".