الخليج الجديد-
شكلت الزيارة التي أجراها وزير الخارجية البريطاني، «فيليب هاموند»، إلى الرياض، أمس الأربعاء، محاولة من لندن لتخفيف الغضب السعودي الناجم عن انتقادات متصاعدة في الإعلام البريطاني للوضع الحقوقي في المملكة، حسب تقرير نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية، اليوم الخميس.
واعتبرت الصحيفة أن زيارة «هاموند» للرياض، أمس، تأكيد على أن حكومة حزب المحافظين في بريطانيا متمسكة بـ«العلاقات الخاصة» مع السعودية.
ورأت أن «هاموند» ورئيس الوزراء البريطاني، «فيليب كاميرون»، على النقيض من موقف المعارضة العمالية الصارخة في آيديولوجيتها اليسارية البادية في مواقف وتصريحات زعيمها «جيريمي كوربن»، «يدركان أهمية العلاقة مع السعودية، وخصوصاً التعاون الأمني والاستخباري؛ الذي أقر كاميرون في مقابلة تلفزيونية الشهر الماضي بأنه أنقذ حياة آلاف البريطانيين بسبب معلومات حيوية زودت بها الرياض الجهات المعنية في لندن».
وقالت صحيفة «الحياة»: «لا بد أن هاموند طمأن المسؤولين في الرياض إلى أن الأصوات (الناشزة) في لندن، التي تسعى إلى إنهاء (العلاقة الخاصة) بين البلدين، لا تأثير لها على الصعيد التنفيذي؛ إذ إن معظمهم خارج الحكومة، وليس لهم مجال لشن حملتهم ضد السعودية غير أجهزة الإعلام واتخاذ بعض المنظمات الحقوقية واجهة لإذكاء تلك الحملة، تحت ستار تقارير تنتقد سجل حقوق الإنسان في السعودية».
وبالفعل، فإن «هاموند» حرص في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السعودي، «عادل الجبير»، أمس، على التأكيد على أن البلدين تجمعهما «علاقة راسخة».
وقال: «هناك تعاون في مجال الأمن، ومحاربة الإرهاب، والدفاع، والتجارة، والاستثمار، وأيضاً العمل معاً في مجالات التنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، مثل توسيع النظم التعليمية».
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أمس، أن السعودية مهمة بالنسبة لبريطانيا، باعتبارها أكبر منتج للنفط، وصاحبة أكبر احتياطات نفطية في العالم.
كما أنها توجد فيها المقدسات الإسلامية التي تهم أكثر من بليوني مسلم حول العالم، فضلاً على أن السعودية تملك رابع أكبر موازنة دفاعية في العالم.
والسعودية، أيضا، عضو فاعل في التحالف الدولي لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية».
ويعد «هاموند» أحد أقوى المدافعين عن «العلاقة الخاصة» بين المملكة المتحدة والسعودية، بعد «كاميرون».
وجاءت زيارته للسعودية، أمس، بعد يومين من مقالة «ساخنة» لسفير المملكة لدى لندن الأمير «محمد بن نواف بن عبدالعزيز»، أبدى فيها غضباً ظلت السعودية تكظمه وقتاً طويلاً، من مساعي الشخصيات البريطانية المناوئة لـ«العلاقة الخاصة».
وخلص فيه إلى التحذير من أن استمرار نفوذ تلك الجهات المعادية سيفضي إلى تأثير سلبي في التبادل التجاري بين البلدين.
العلاقات التجارية في خطر
في سياق متصل، نشرت «بي بي سي»، اليوم، تقريرا تناول تأثير التوتر السعودي البريطاني الأخير على العلاقات التجارية بين البلدين.
وأوضحت أن «العلامات التجارية البريطانية تنتشر في كل مكان بالعاصمة السعودية؛ فعندما تقود سيارتك ببطء نتيجة حركة المرور الكثيفة تلاحظ كل العلامات التجارية التي ستشاهدها وأنت تسير في أحد الشوارع التجارية ببريطانيا».
ورأت أن هذا المشهد «تذكير مرئي بأن المملكة العربية السعودية هي أكبر سوق لبريطانيا في الشرق الأوسط».
وكثيرا ما اهتزت هذه العلاقة بين لندن والرياض نتيجة توترات من جانب بريطانيا حول كيفية تحقيق التوازن بين بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان ورغبة الحكومة في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية الحاسمة، بما في ذلك صفقات السلاح الكبرى التي تجعل بريطانيا أحد أكبر الموردين للمملكة العربية السعودية.
ومؤخرا، حفلت وسائل الإعلام البريطانية بانتقادات للرياض على خلفية عقوبة الجلد المقررة بحق المدون السعودي «رائف بدوي»، وحكم الإعدام الصادر بحق الشاب السعودي الشيعي «علي النمر»، فضلا عن حادث التدافع المأساوي أثناء موسم الحج، ومطالبة الرياض ببذل المزيد من الجهد لإيواء السوريين الفارين من الحرب.
وقالت «بي بي سي» إنه كان هناك «إقبال وإدبار» بشأن قضيتي «بدوي» و«النمر» خلال محادثات «هاموند» مع القادة السعوديين بمن فيهم الملك «سلمان بن عبد العزيز».
لكن لا توجد أنباء حتى الآن عن إمكانية الإفراج عنهم ومتى يمكن أن يحدث ذلك.
والسبت الماضي، توعد الأكاديمي السعودي «نواف عبيد» ما وصفها بـ«الحملة الإعلامية ضد المملكة في الإعلام البريطاني» برد صارم.
وقال «عبيد» في تغريدة له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «ترقبوا في الـ48 ساعة القادمة ردا سعوديا صارما لمواجهة الحملة الإعلامية المضادة للمملكة في الإعلام البريطاني مؤخرا».