د. حسن عبدالله عباس
قد لا يبدو ان ما جرى في جلسة الامس بالشيء الغريب، الا انه من المؤكد تصرفات مستهجنة ومستوى منخفض من الأدب والاحترام لمجلس يمثل ارادة الأمة.
جلسة 4 نوفمبر لم تأت بجديد من حيث انها كشفت ما تكنه الصدور من تحامل طائفي. فلم تفاجئني كلمات النواب بصراحة ولا اظن اي احد بالمجتمع قد تفاجأ بشيء لان الملاسنات ورمي بعضهم بالكلمات الطائفية صارت سُنّة برلمانية، وبالتالي الشعب الكويتي اصبح معتادا لسماع نوابه يتحدثون بهذه اللغة الرخيصة، بعدما رآهم يتقاذفون السباب والشتائم بل وحتى الضرب والبوكسات وتطاير العقل.
المهم بعد هذه المقدمة القول بان الاستمرار بهذا الشكل من التراشقات الطائفية تكشف عن اشياء عدة، أبسط ما يُقال فيها إنها «قليلة أدب». النقاط كالتالي:
الاولى ان جلسة 4 نوفمبر يُفترض انها جلسة الرد على الخطاب الاميري السامي. ونعلم ان اهم ما في كلمة الامير الافتتاحية تركيزها على الوحدة الوطنية ومحاربة الإرهاب الفكري. فحينما يكون نواب الامة هم أول من يكسر ويطيح بهذه الامنية الاميرية مباشرة في الجلسات الاولى بعد الخطاب وبعد الطلب السامي، نستنتج أن البرلمان شيء والعمل البرلماني شيء مختلف تماماً. كان حري بنواب الامة ان يتحلوا بقليل من الحياء ويبلعوا السنتهم عن التعرض لمكتسبات هذا الوطن ويحترمونا بدلا من التنفيس الطائفي الرخيص بهذا الشكل وفي محضر ردهم على رمز البلد.
الامر الآخر ان نواب المجلس شاءوا ام أبوا يمثلون المجتمع باكمله، وهذا يُحمّلهم مسؤولية كبيرة للغاية ويضطرهم ليتماسكوا ولا ينجرفوا وراء مغرياتهم العاطفية وعصبياتهم العنصرية. فصحيح ان النائب له ان يبدي ما شاء من آراء في قاعة عبدالله السالم، الا ان هذا الكلام مقيد بقيد المسؤولية الوطنية والشعور تجاه علاقات أبناء الوطن ببعضهم البعض. وإن لم يضبط مواقفه وأفعاله، فسينقل أفعاله الغوغائية إلى الخارج وسينعكس سلباً على الشارع.
الامر الثالث يحسب بعض المغفلين ان الكويت مِلك لفئة دون الباقي، ويظن هو ومن معه من الحمقى بانهم يتفضلون ويمنون على الباقي بقبولهم كمواطنين من الدرجة الادنى. وما قول «احنا وقفنا معاكم في تفجير مسجد الصادق» ... لا يصدر الا من احمق! فالكويت لاهلها، وتفجير مسجد الصادق ليس سوى هجوم ارهابي على بلدي ووطني، فاهل الكويت ليسوا بحاجة لمن يتمنن عليهم بالعطية، فنحن مع من احترق قلبه لهذا الوطن ولهذه الارض. والمواطنون مواطنون سواسية لهم ما لغيرهم وعليهم ما على غيرهم، ومن يقول غير ذلك فعلى الآخرين ان يُلقموه الحصى.