القبس الكويتية-
استقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد أمس الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقر ديوان عام وزارة الخارجية بمناسبة زيارته والوفد المرافق إلى البلاد، وأقام مأدبة غداء على شرفه.
من جهته، أكد وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الشيخ سلمان الحمود، أن الأزهر الشريف بتاريخه الممتد لأكثر من ألف عام يعد قلعة متقدمة للدفاع عن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة والفكر الإسلامي المستنير.
وقال في كلمة أمس خلال لقاء ثقافي حواري مفتوح مع د. أحمد الطيب وكوكبة من المثقفين والإعلاميين الكويتيين في مكتبة الكويت الوطنية، إن الأزهر الشريف يعبّر عن القيم الأصيلة في الثقافة والحضارة الإسلاميتين في دعم فكر التعايش مع الأديان والحضارات والثقافات ومقاومة ومجابهة الفكر الضال والمضلل الذي ينشر مبادئ الطائفية المتعصبة والغلو الفكري والتطرف والارهاب.
حسن حظ
وأضاف أن «من حسن حظ» العالم الإسلامي وجود شخصية علمية رفيعة المستوى واسعة الخبرة عميقة الفكر والثقافة، منفتحة على العصر على قمة الأزهر الشريف كالشيخ د. أحمد الطيب، الذي يقود ثقافة الاعتدال والوسطية الاسلامية في قارات العالم من أجل تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين.
وتابع قائلاً: «إننا إذ نحتفي اليوم وإياكم بفضيلة الشيخ د. أحمد الطيب شخصية مهرجان الكويت عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2016، فإننا نحتفي بعنوان الوسطية والتسامح والمحبة وتعزيز التعاون العلمي والفكري والثقافي بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بوسطية أفكاره وآرائه وعمق إيمانه وعلمه وثقافته».
وتقدّم الحمود بتحية إعزاز وإكبار من الكويت وشعبها الوفي لدور وشخصية فضيلة الشيخ الطيب في خدمة الإسلام والمسلمين، ناقلاً تحيات سمو الأمير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء لفضيلة الشيخ الطيب العالم الجليل والشخصية الدولية الرفيعة التي تمثل أيقونة الاحتفال باختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية 2016.
قلعة الوسطية
من جانبه، أكد الطيب في كلمته أن الأزهر الشريف هو قلعة الوسطية ومركز الاعتدال في العالم منذ نشأته عام 972، ويعد مدرسة لنشر علوم أهل السنة، ومنبراً للانفتاح على كل المذاهب والطوائف لأكثر من 1050 عاماً.
وأوضح أن الأزهر جامعة تحتوي على 67 كلية ومدرسة لجميع المراحل الدراسية، وتضم 400 ألف طالب وطالبة، منهم ما يقارب 40 ألف طالب وطالبة وفدوا إليه من أكثر من 110 دول، ليكون الأزهر ملخص العالم.
وأضاف أن «الأزهر يتبنى منهجاً منفتحاً وتعددياً، حيث لكل طالب حرية اختيار المذهب الذي يريد دراسته، سواء المالكي أو الحنبلي أو الشافعي أو الحنفي لتجتمع المذاهب جميعها في فصل واحد وسكن واحد، ما رسَّخ لدينا التعددية وقبول الاختلاف المقبول بيننا، حتى انتقل هذا التعدد معنا حتى دراستنا الجامعية التي ندرس فيها جميع المذاهب».
المذاهب الأربعة
وأوضح أن هذه الروح جعلت الأزهر «لا يقصي ولا يكفّر ولا يبعد أحداً»، ما ألقى بأثره على مصر كلها، إذ تجاورت المذاهب الأربعة في الأزهر لتتجاور في مصر كلها، لافتاً الى أن الأزهر «مصري جغرافياً، ولكنه بلا شك عالمي علمياً».
وقال الطيب إن الثقافة الإسلامية ترسّ.خ الاختلاف المحمود في إطار الغاية الواحدة، مشيرا الى أن تأثير العالم الغربي أحدث ما يسمى بالشرخ بين الثقافتين الاسلامية والعلمانية، وأصبح كل ما لدى طرف مرفوض من الآخر، وهو «بلاء» نجح الغربيون في ترسيخه.
وبيّن أن ضرب اللغة العربية وتهميشها وجعلها لغة جامدة كئيبة لدى الناشئة والشباب يعد ضرباً للقومية والشخصية الإسلامية والعربية، مشدداً على دور الأزهر في مقاومة هذا التوجه رغم الصعوبات التي يواجهها.
أسباب «داعش»
وأوضح أن هناك أسباباً داخلية وأخرى خارجية معقدة أدت الى ظهور ما يسمى «داعش»، كأنها «نبتة شيطانية» بما تملكه من أموال وأسلحة وقدرات تكنولوجية وإعلامية كبيرة، مشيرا الى أن اهم الاسباب الداخلية هو «توجس بعضنا من بعض عقائدياً ووطنياً حتى أصبح من يختلف معك فكريا يقصيك، حتى وصلنا إلى كارثة تكفير الآخر التي يقف بوجهها الأزهر».
وأكد أن الأزهر لم يُخرج أي قيادي إرهابي أو تكفيري، لأن نهج الأزهر يغذّ.ي أبناءه التعددية وتقبُّل الآخرين، لافتا الى استحداث مواد تعليمية جديدة مثل مادة الثقافة الاسلامية في المرحلة الاعدادية لتسليح الطلبة بالمعرفة الصحيحة.
وذكر د. الطيب أن الدم العربي الذي يسيل حالياً بسبب خلاف مذهبي فقهي، معتبراً ذلك «فضيحة»، حيث إن الدين الإسلامي جاء «ليجمع لا ليفرق».
مصانع السلاح
وبين أن «ما نراه في الدول العربية من خراب سببه تشغيل مصانع السلاح في الغرب التي لن تعمل إلا بسيل الدماء العربية، وبأيدٍ عربية كنوع من الاستعمار الجديد بأن يقتل بعضنا بعضاً وندفع أموالنا لذلك باستغلال الخلاف المذهبي الطائفي».
وقال الطيب إن مرصد الأزهر الذي انطلق «بسبع لغات ليرصد ما يخرج من داعش من رسائل كثيرة يومياً تصل إلى 2000 رسالة تدعو إلى الهجرة من دولنا، وترجمتها إلى اللغة العربية، ثم الرد عليها ونشرها للقنوات بلغات مختلفة».
قوافل للسلام
قال شيخ الأزهر د. أحمد الطيب إن الأزهر أرسل قوافل للسلام من العلماء ممن يتحدثون عن الاسلام بلغات مختلفة، ليجوبوا العالم، داعياً السفارات العربية لبذل مزيد من الجهود لإيجاد مراكز لتقديم الإسلام بصورته الحقيقية.