سياسة وأمن » اتفاقيات

هل سينعكس "الاتفاق الاستراتيجي" السعودي الأمريكي على أمن الخليج؟

في 2024/06/13

وضاح حيدر - الخليج أونلاين-

تقترب المملكة العربية السعودية وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من إتمام معاهدة أمنية تاريخية تلتزم بموجبها واشنطن بالدفاع عن أمن المملكة ومصالحها.

المعاهدة التي تحمل اسم "اتفاقية التحالف الاستراتيجي" تحتاج حتى تدخل حيز التنفيذ إلى تصويت أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ لصالحها.

وبحسب ما كشف عنه مسؤولون أمريكيون وسعوديون لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن "مسودة المعاهدة صيغت على غرار الاتفاقية الأمنية المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان"، عام 1954.

بنود المعاهدة

تلتزم واشنطن بالدفاع عن أمن السعودية في حالة تعرضها لهجوم.

 دفع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية و"إسرائيل".

إبرام اتفاق نووي مدني بين واشنطن والرياض.

اتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الحرب في غزة.

منح واشنطن إمكانية استخدام الأراضي السعودية والمجال الجوي للمملكة من أجل حماية المصالح الأمريكية وشركائها في المنطقة.

توثيق الروابط بين الرياض وواشنطن من خلال منع الصين من بناء قواعد في المملكة، أو مواصلة التعاون الأمني ​​مع الرياض.

ما تبقى؟

تجمع كافة المصادر على أن الاتفاقية باتت قريبة جداً، وأحدث هذه الآراء ما نشره الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"، يوم 3 مايو، قائلاً:

مصادر سعودية وأمريكية قالت إن البلدين أنجزا 90% من معاهدة الدفاع المشترك بينهما.

السعوديون والأمريكيون ما زالوا يبحثون بعض المسائل الدقيقة المتعلقة بالاتفاق، مثل علاقة واشنطن ببرنامج الطاقة النووية المدني الذي ستحصل عليه السعودية بموجب الصفقة.

يبحث الجانبان ما إذا كانت اتفاقية الدفاع المشترك "ستكون صريحة، مثل تلك التي بين أمريكا واليابان، أو أقل رسمية، مثل التفاهم بين الولايات المتحدة وتايوان".

يبحث الجانبان التزاماً طويل الأجل من جانب السعودية بمواصلة تسعير النفط بالدولار الأمريكي وليس التحول إلى العملة الصينية (اليوان).

الجزء الذي يُنظر إليه على أنه حاسم لكسب الدعم في الكونغرس للتصويت على المعاهدة هو أن تقوم السعودية بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، كان قد أكد هامش المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض، يوم 29 أبريل الماضي، أن المملكة والولايات المتحدة اقتربتا "للغاية" من إبرام الاتفاقيات الثنائية بين البلدين وتشمل اتفاقاً أمنياً.

كما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، مطلع مايو الماضي، أن "هناك بعض الأجزاء في الاتفاق تكون أبعد من غيرها، فصحيح أن الأجزاء الثنائية بين واشنطن والرياض هي الأقرب الآن، لكن بعض الأجزاء الأخرى تبدو أبعد قليلاً، إلا أننا نأمل أن نحرز تقدماً في هذا الشأن، وأن تكون الاتفاقيات جاهزة للطرح في أقرب وقت ممكن". 

أما سفير الولايات المتحدة لدى السعودية مايكل راتني، فوصف الاتفاق الأمني ​الذي يجري التفاوض عليه حالياً بـ"التاريخي"، وأنه "سيعزز العلاقة الثنائية المستمرة بين البلدين منذ عقود".

وقال راتني، خلال مقابلة في برنامج "Frankly Speaking" على موقع صحيفة "عرب نيوز"، مطلع يونيو الجاري: "نحن نميل إلى استخدام كلمة (تاريخي) بشكل مُبالغ فيه، لكن أعتقد أن حزمة الاتفاقات هذه ستكون فعلاً تاريخية في مجملها، وستكون قادرة على تغيير المشهد جذرياً في الشرق الأوسط نحو الأفضل، فهي تشمل تعاوناً سياسياً وأمنياً، وتكاملاً اقتصادياً".

أهمية الاتفاقية

وسيكون للمعاهدة أهمية استراتيجية كبرى، ليس فقط على المملكة، بل حتى منطقة الخليج العربي، الذي تحاصره الصراعات والتهديدات المختلفة، إضافة للمليشيات في العراق واليمن تحديداً، ولا سيما أن دول مجلس التعاون سبق أن تعرضت لعدة هجمات خطيرة على الأقل، خلال الأعوام الـ60 الماضية.

فالاضطرابات في اليمن أثرت على الأمن السعودي والخليجي، خلال السنوات الماضية، بما وصل لحد تعرض مواقع حيوية لقصف من جماعة الحوثي.

كما أن أمن منطقة الخليج والسعودية لا يمكن أن يتجزأ بأي حال من الأحوال؛ لكون المملكة "البلد الأكبر والأقوى" في منظومة مجلس التعاون، ومن ثم فإن الاتفاقية المرتقبة مع واشنطن سوف يتردد صداها بكل تأكيد في المنطقة الخليجية.

وبشكل أوسع، تواجه المنطقة مخاوف مستقبلية قد تسببها أزمة الجزر الإماراتية المحتلة من جانب إيران، منذ العام 1971، حيث تستذكر دول الخليج غزو واحتلال الكويت من الجار العراقي عام 1990، ما أدى لتشكيل تحالف دولي لطرده آنذاك.

يتحدث لـ"الخليج أونلاين" المحلل السياسي المختص بعلم المخاطر والأمن والصراعات موسى قرقور، في هذا السياق قائلاً:

تعتبر الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ذات أهمية كبيرة لأمن المملكة، وأمن منطقة الخليج العربي بشكل عام، وحمايتهم من الاضطرابات الخطيرة في الدول المجاورة لهم، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصادين السعودي والخليجي.

إذا ما أسقطنا الاتفاقية الأمريكية اليابانية الشهيرة على الاتفاقية المرتقبة، فإن الأخيرة ستسهم في توفير دعم عسكري واستخباري للسعودية لمواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة من الدول التي قد تشكل تهديداً مباشراً كإيران وأذرعها في المنطقة المحيطة بدول الخليج.

الوضع الراهن في العلاقة (السعودية - الخليجية) مع إيران لا يمكن وصفه بأكثر من "تهدئة مؤقتة" سوف ينتهي عند أول تصادم بين المصالح، وقد لا يكون ذلك بعيداً.

منطقة الخليج كانت تاريخياً محل أطماع كافة القوى التوسعية، وحتى اليوم لم تنبذ إيران أطماعها التوسعية في المنطقة، بل على العكس، شاهدنا قبل أسابيع تهديداً مباشراً للأردن حليف الخليج الوثيق بذريعة نصرة القضية الفلسطينية، الأمر الذي يعني إطباق الحصار على دول الخليج من المليشيات الإيرانية فيما لو نجح مخطط زعزعة استقرار عمّان.

منطقة الخليج هي كسائر المناطق الحيوية في العالم، كجنوب آسيا والقارة الأوروبية، بحاجة لحليف قوي وموثوق يضمن أمنها، وبالفعل عقد اليابانيون والتايوانيون والأوروبيون اتفاقيات كبرى مع الولايات المتحدة حتى بات نظامهم العسكري والأمني واحداً تقريباً، ولذلك من المهم أن تؤدي واشنطن دوراً أكبر وفعالاً في ضمان استقرار منطقة مجلس التعاون، ووجودها العسكري يسهم في ردع التهديدات لها، ويعزز من استقرارها، ولا سيما أن الخليج العربي هو ممر حيوي للتجارة العالمية، وخاصة ما يتعلق بالطاقة.

العلاقة مع "إسرائيل" وحل قضية فلسطين هو جوهر الاتفاقية استراتيجياً، إذ لا يمكن بقاء التهديد الذي تشكله التداعيات الخطيرة لاستمرار القضية الفلسطينية على استقرار المنطقة ككل منذ عقود، وعليه يجب إقامة دولة فلسطينية وفق المبادرة العربية للسلام، أي على حدود 1967، والتي وافق عليها الفلسطينيون، والكرة الآن بملعب الولايات المتحدة للضغط على تل أبيب لقبولها.