يمكن تفسير تحوّلات العلاقة بين السعودية واليمن خلال القرن الماضي بناء على نتائج السياسة التوسعية لبن سعود التي ضمت بالقوة قرابة 460 ألف كم مربع (أي ما يساوي 45 دولة بحجم لبنان) من الأراضي التي تعتبر اليمن أن تبعيّتها التاريخية لها (نجران وجيزان وعسير)، ثم السعي لتثبيت هذا الوضع عن طريق إضعاف الدولة اليمنية بوسائل تختلف باختلاف الوضع اليمني، بعد أن حدث تحول كبير تمثل بإعلان النظام الجمهوري الوحيد في شبه جزيرة العرب في شمال اليمن ثم جنوبه (1962/1967).
كان شمال اليمن الجغرافيا المباحة لجارته الشمالية شديدة الطمع في أراضيه، والتي حوّلته إلى مجرد حائط صد بينها وبين جنوب اليمن بنظامه الماركسي المعادي لها، في ظل محاولتها لإبقاء الوضع الاقتصادي اليمني هشاً وبحاجة دائمة لدعمها المباشر (كوسيلة للضغط على خياراته)، واستخدام مراكز النفوذ لإضعاف مؤسسات الدولة الهشة، بل والتحكم بتصعيد وإسقاط الرؤساء، خاصة قبل وحدة الشطرين (1990). ومع الوحدة، تَحوّل اليمن إلى أكبر كتلة سكانية في شبه الجزيرة، بما يمكّنها من التأثير على دور السعودية المركزي في إقليمها المغلق. ولهذا شهدت علاقات البلدين تحولات حادة وصولاً إلى الحرب الراهنة التي لا يمكن فهمها دون قراءة خلفيتها التاريخية.
إعداد: توفيق الجند- السفير اللبنانية-