بدر السيف- مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط-
توصّلت الكويت والسعودية إلى سياسات مرِنة في المنطقة المقسومة على طول حدودهما، استنادًا إلى حدود جغرافية ثابتة وحدود اقتصادية متحرّكة. وقد نجحت هذه المرونة في تحقيق الإدارة المشتركة للمواد الهيدروكربونية وتقاسُم أرباحها مناصفةً وحالت إلى حدٍّ كبير دون وقوع نزاعات، باعتبارها قائمة على الالتباس البنّاء وتجنّب المواجهة المباشرة. صحيحٌ أن هذه المقاربة لا تخلو من التحدّيات، بيد أنها أثبتت نجاعتها في مرحلة 2009-2019 عندما تمكّن الجانبان من تسوية خلاف كبير حول المنطقة المقسومة.
أفكار رئيسة
لم يكن للحدود الثابتة وجود في شبه الجزيرة العربية في مطلع القرن العشرين. بل كانت الحدود فيها مفتوحة وخاضعة للسياسات الإمبريالية العثمانية والبريطانية، وللديناميكيات المتغيّرة على صعيد النفوذ المحلي، وللولاءات القبلية المتحولة.
حدّدت أربع اتفاقيات حدود الكويت الجنوبية بين العامَين 1913 و2000. ومن النتائج الأساسية التي ترتبت عن إحدى هذه الاتفاقيات في العام 1965 إنشاء المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية في ما كان يُعرَف بالمنطقة المحايدة.
بين العامَين 2009 و2019، أدّى خلافٌ بين الكويت والسعودية بشأن المنطقة المقسومة إلى توقّف إنتاج المواد الهيدروكربونية هناك اعتبارًا من العام 2014، إلى حين التوصل إلى الترتيبات الحدودية المرنة التي أتاحت تحقيق اختراق في حل الأزمة.
مع أن الجانبين توصّلا إلى حل الخلاف بشأن السيادة في المنطقة المقسومة، قد تطرأ مشاكل عدة متعلقة بالإدارة المشتركة للمواد الهيدروكربونية، ما سيتطلب معالجة مسائل عدة.
خلاصات وتوصيات
تُعتبر العلاقات الكويتية-السعودية وطيدة، واحتمال نشوب نزاع بين الدولتَين ضئيل.
تتّسم المرونة التي تُوجّه العلاقات الكويتية-السعودية والترتيبات الحدودية بطابع مبتكر، وقد نجحت مرارًا في نزع فتيل الخلافات. وهي جديرة بأن تُصبح نموذجًا يُحتذى به لتسوية الخلافات في أماكن أخرى.
قد يسهم تقديم ضمانات ووضع جداول زمنية محدَّدة على نحوٍأفضللحلّأيمسائلخلافية،فيتعزيز النموذج المرِن وتسريع آليات تسوية النزاعات.
ينبغي أن تحرص الدولتان على احترام وتعزيز آلية التعويض المدرَجة في مذكرة التفاهم للعام 2019 والتي ساعدت على تسوية الخلاف بينهما حول المنطقة المقسومة.
يجب أن تفكّر الكويت والسعودية بطريقةاستبقائية في المقاربة التي تنويان اعتمادها لإدارة مواردهما الهيدروكربونية المشتركة في المنطقة المقسومة بعد انتهاء العمل بالامتياز النفطي الذي منحته السعودية لشركة "شيفرون العربيةالسعودية"، والذي تسبب تجديده في العام 2009 بنشوب خلاف استمر حتى العام 2019.
يتعيّن على الدولتين معالجة مسائل عالقة أخرى، منها هجرة النفط، والقضايا البيئية، والتنقيب البحري، على نحوٍ يأخذ في الاعتبار الحدود البحرية الكويتية والسعودية مع إيران، والتي لا تزال أجزاء منها بحاجة إلى ترسيم.
ينبغي على الكويت والسعودية إنشاءفرق عمل ثنائية لمعالجة المسائل العالقة وتجنّب حدوث سوء تفاهم. ويجب أن تتشكّل هذه الفرق من كوادر شابة وأن تتعزّز قدراتها من أجل ضمان الحفاظ على روحية التسوية وعلى المقاربة الحدودية المرِنة في المستقبل.
مقدّمة
تُركّز الدراسات التي تتناول الحدود الكويتية عادةً على الحدود العراقية-الكويتية نظرًا إلى الاحتلال العراقي للبلاد في 1990-1991.1 ولكن الهواجس التي تراود الكويت بشأن السيادة والحدود ليست مرتبطة فقط بالعراق الواقع عند حدودها الشمالية. فمنذ ما قبل تأسيس العراق الحديث في العام 1921 في ظل الانتداب البريطاني، تعيّن على الكويت، التي كانت آنذاك تحتالحمايةالبريطانية، التوصّل إلى ترتيبات بشأن الجزء الشرقي من الحدود التي تتشاركها مع الكيان الذي أصبح لاحقًا السعودية. وقد توصّلت إلى هذه الترتيبات أولًا مع السلطات الاستعمارية البريطانية؛ ثم مع سلطنة نجد في وسط شبه الجزيرة العربية، والتي كان يحكمها عبد العزيز آل سعود المعروف بابن سعود؛ ثم مع المملكة العربية السعودية بعد العام 1932.
وبين العامَين 1913 و2000، ساهمت أربع اتفاقيات أساسية في ترسيم حدود الكويت الجنوبية، وأثمرت عن متغيّرات حدودية عكست التقلبات في الحدود الإقليمية وموازين القوى في المنطقة. وفي العام 2000، أبرمت الكويت والسعودية أيضًا اتفاقية بشأن الحدود البحرية لاقت ترحيبًا واسعًا إذ اعتُبِرت أنها تُشكّل تسوية لمسألة الحدود النهائية بين البلدَين.2 ولكن الاتفاقية لم تسهم في حل لجميع المسائل الحدودية. واستدعت التفسيرات المختلفة للحدود الكويتية-السعودية التوصل إلى اتفاقية خامسة في العام 2019، كانت في الواقع ملحقًا لاتفاقية سابقة، وقد اقترنت بمذكرة تفاهم منفصلة، وكان الهدف منها تحقيق وضوح أكبر وتسوية مسألة الحدود.
تمكنتالسعوديةوالكويتمن تجنُّب نزاع حدودي لأن الطرفَين يطبّقان منذفترة طويلة آلية مرِنة لمعالجة المسائل الحدودية، تستند إلى حدود جغرافية ثابتة إلى جانب علاقات اقتصادية حدودية تتسم بالديناميكية، تجلّت أهميتها في الاتفاقيات الموقّعة بينهما والتي تنص على تقسيم الأرباح النفطية مناصفةً في منطقة عُرِفت أولًا بالمنطقة المحايدة، ثم بالمنطقة المقسومة. تتميّز هذه المرونة بعناصر عدّة تشملالالتباسالبنّاء حيال المسائل الحدودية، والقبول بمعانٍ متغيرة للحدود، والميل نحو تفادي المواجهات المباشرة حين تطرأ الخلافات الحدودية، والاستعاضة عنها بتوجيه رسائل غير مباشرة، وإبداء استعداد لتقديم تنازلات بهدف التوصل إلى تسوية، وإدراك الواقع الجيوسياسي، والتحلّي بالصبر. ولكن هذه المقاربة لا تزال تطرح جملةً من التحدّيات. صحيحٌ أن اتفاقية 2019 ساهمت في تبديد الهواجس بشأن مطالب السيادة وترسيم الحدود، لكنها تركت المجال مفتوحًا أيضًا أمام احتمال نشوب خلاف بشأن الإدارة المشتركة للموارد الطبيعية التي يجري تقاسمها بالتساوي بين البلدَين.
لقد نجحت الكويت والسعودية مرارًا في تسوية خلافاتهما في منطقة تسودها النزاعات الحدودية، ما أدّى إلى اعتماد ترتيبات حدودية مواكِبة للتطورات في منطقةٍ تزخر بثروات هيدروكربونية طائلة. وقد أرست الكويت توازنًا بين رغبتها في عدم إثارة امتعاض السعودية من جهة وصونها لسيادتها من جهة ثانية. وبنت الدولتان أيضًا على علاقاتهما التاريخية، وعلى إعطاء السعودية الأولوية لمصالحها في قطاع الطاقة في المنطقة المقسومة التي تضم 0.5 في المئة من الإنتاج النفطي العالمي.3 وأتت الرغبة في التوصل إلى أرضية مشتركة بين البلدَين نتيجة التطورات التي أثّرت في الحدود الكويتية-السعودية على امتداد القرن العشرين.
الحدود الكويتية-السعودية المتحرّكة
لم يكن للحدود الثابتة وجودٌ في شبه الجزيرة العربية في مطلع القرن العشرين.4 فالحدود المفتوحةفيهذهالمناطق كانت خاضعة للسياسة الإمبريالية العثمانية والبريطانية، وديناميكيات النفوذ المتغيّرة بين الحكّام المحليين، والولاءات القبلية المتبدِّلة، ما أدّى إلى اعتماد موقف متكيف حيال الحدود، ولا سيما أنّ ذلك أتاح فرصًا مفيدة للتوسّع وضم أراضٍ جديدة في بعض الأحيان. وعلى المستوى العملي، ساهمت هذه النظرة في صوغ مقاربة الكويت البراغماتية للعلاقات الحدودية مع السعودية، بخاصةٍ بعد صعود نجم ابن سعود الذي حكم سلطنة نجد اعتبارًا من العام 1902، ثم المملكة العربية السعودية منذ 1932 حتى 1953.
كانت الإمبراطوريتان البريطانية والعثمانية القوتَين المسيطرتَين في المنطقة في مطلع القرن العشرين. وقد نجح حاكم الكويت السابع، مبارك الصباح، الذي حكم البلاد منذ 1896 إلى 1915، في تأليب الواحدة على الأخرى من خلال الطريقة التي اتبعها في إبرام اتفاقيات مع الإمبراطوريتَين، ما ساهم في تعزيز نفوذه ومكانته. وحدث ذلك في مرحلةٍ خسر فيها آل سعود مؤقتًا أراضيهم ولجأ أفراد من العائلة، بمن فيهم ابن سعود، إلى الكويت. وقد أبرم مبارك الصباح الذي عُرِف ببسالته ، اتفاقية سرّية في العام 1899 مع بريطانيا العظمى، أصبحت الكويت بموجبها حاميةبريطانية. وقد تسلّم البريطانيون زمام الشؤون الدفاعية والخارجية في الكويت، ولا سيما بعدما علِم العثمانيون بأمر الاتفاقية. وهكذا، توصّل البريطانيون إلى حلٍّ وسط، سعيًا إلى إرساء توازن بين الإمبراطورية العثمانية التي كانت لديها مصالح وحضور في شبه الجزيرة العربية من جهة، وبين الحاكم المحلي الطموح الذي كان يتطلع إلى توسيع نطاق الأراضي الخاضعة لسيطرته من جهة أخرى.5
شكّلت الاتفاقية البريطانية-العثمانية في العام 1913 المحاولة الأولى لتعيين الحدود الكويتية، وذلك من خلال ترتيبات قائمة على مستويَين اثنين (انظر الخريطة 1). فقد منحت هذه الاتفاقية الكويت حكمًا ذاتيًا غير متنازع عليه ضمن نطاق 40 ميلًا (60 كيلومترًا) من وسط ما يُعرَف اليوم بمدينة الكويت في مختلف الاتجاهات. ثم حدّدت منطقة خارجية "تقع تحت التبعية الإدارية لشيخ الكويت" وتمتد ضمن نطاق 140 ميلًا (225 كيلومترًا) من وسط المدينة.6 لقد اعتقد البريطانيون أن تقسيم الكويت إلى منطقتَين سيطمئن العثمانيين نظرًا إلى عدم منح الكويت الحكم الذاتي الكامل في جميع الأراضي التي كان مبارك الصباح يطالب بها، ما يتيح للقوتَين الإمبريالتين هامشًا للمناورة في المناطق الخاضعة لنفوذهما.
على الرغم من أن ابن سعود استعاد السيطرة على وسط الجزيرة العربية في العام 1902، لم يؤتَ على ذكره في اتفاقية 1913 التي قُدِّمت على أنها تفاهم عثماني-بريطاني حول الحدود الكويتية. ولكن سرعان ما اندلعت الحرب العالمية الأولى، ما حال دون المصادقة على الاتفاقية.7 لكن البريطانيين كانوا قد زرعوا عن غير قصد بذور منظومة هجينة عند الحدود. وهكذا أرست الاتفاقية، من خلال تقسيم الأراضي الخاضعة للسيطرة الكويتية، الأسس التي أتاحت للبريطانيين الحد من التوسع الكويتي عند الحاجة. وما لبثت أن حانت تلك اللحظة بعد بضع سنوات، في العام 1922، حين أثّرت اتفاقية ثانية بشكل جذري على حدود الكويت الجنوبية.
تبدّل ميزان القوى في شمال شبه الجزيرة العربية إثر وفاة حاكم الكويت مبارك الصباح في العام 1915 والصعود المتواصللابن سعود الذي دفعه طموحه إلى التوسّع في مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية من خلال ضم أكبر عدد ممكن من الأراضي. وكانت التخوم الكويتية أحد أهدافه الكثيرة. ولم يكتفِ ابن سعود بعدم الاعتراف بالاتفاقية البريطانية-العثمانية للعام 1913 التي منحت الكويت أراضي ادّعى أنها ملك أجداده، بل فرض أيضًا حصارًااقتصاديًا لإرغام الكويت والقبائل الموالية لها على الخضوع لسلطته.8 كان البريطانيون والتجّار الكويتيون يتطلعون إلى انتهاء هذه التوترات، ولا سيما عندما تحوّلت المناوشات بين الطرفَين إلى مواجهات دموية لفترة وجيزة، وانتقلت إلى الأراضي الكويتية.9 عندئذٍ، وافقت الكويت وسلطنة نجد على تسوية خلافاتهما الحدودية بمساعدة بريطانيا.
في البداية، تمسّك البريطانيون ببنود اتفاقية العام 1913، وأعادوا التأكيد على ما نصّ عليه الاتفاق من تقسيم السيطرة الكويتية إلى مستويَين. ولكنهم بدّلوا موقفهم في العام 1921 من خلال إعلان أجزاء من المنطقة الخارجية الخاضعة للتبعية الإدارية الكويتية أرضًا محايدة، على ألا تقوم الكويت وسلطنة نجد بأي تحرّك بانتظار أن تعمد بريطانيا إلى تسوية المسألة.10 ولم يُلبِّ ذلك رغبات ابن سعود وحاكم الكويت أحمد الجابر الذي تسلّم السلطة في العام 1921. وقد استغرقت بريطانيا نحو عامٍ كامل قبل أن تحسم قرارها بشأن الحدود في مؤتمر العقير.
تعرّضت الاتفاقية البريطانية-العثمانية في العام 1913 لانتكاسات عدّة. فإضافةً إلى عدم المصادقة عليها، كُتب الزوال لاحقًا لإحدى الإمبراطوريتين اللتين كانتا طرفًا فيها، ناهيك عن أنها أُبرِمت في مرحلة شهدت تحوّلات كبرى. فضلًا عن ذلك، اقترحت الاتفاقية ترتيبات غريبة على صعيد تقسيم الأراضي في منطقة لم تكن معتادة قبل ذلك على مفهوم الحدود ووجدت نفسها فجأةً، بموجبها، مقسَّمة إلى منطقتَين لكل منهما حدود مع سلطة غير واضحة المعالم تتراوح من الإشراف الإداري إلى السيادة الكاملة. وتفاقمت هذه التحديات بفعل الصعود المتسارع لابن سعود وضعف الحكّام الذين تعاقبوا على خلافة مبارك الصباح في الكويت.
في هذا السياق، بُذِلت محاولة ثانية لترسيم الحدود الكويتية في مؤتمر العقير في كانون الأول/ديسمبر 1922 (الخريطة 1). ولكن الكويت لم تكن في الأصل محط تركيز المؤتمر الذي خُصِّص بشكل أساسي إلى تسوية خلاف حدودي بين العراق وسلطنة نجد. وبلغت المفاوضات طريقًا مسدودًا بسبب تعنّت ابن سعود، ما دفع المندوب السامي البريطاني في العراق بيرسي كوكس، إلى اعتماد تكتيك مختلف، مستفيدًا من الدور القيادي الذي لعبه في مؤتمر العقير ومن إشرافه على العراق. فقد ضمّ إلى العراق الأرض التي كان ابن سعود يطالب بها في الشمال، ثم استرضاءً له، "حَرَمَ الكويت بشكلقاسٍمن ثلثَي أراضيها ومنحَها إلى نجد"، على حد تعبير مسؤول بريطاني سابق في الخليج.11 وشكّلت المنطقة التي اقتُطعت من الكويت جزءًا من الأرض التي كانت قد أُخضعت للتبعية الإدارية الكويتية في اتفاق 1913.12
وأُنجِز ذلك كله من دون أن يكون للكويت حضور مباشر في مؤتمر العقير. فقد تولّى تمثيلها في المؤتمر السير جون مور، الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، وذلك بموجب اتفاقية الحماية للعام 1899 التي نصّت على تسليم بريطانيا زمام الشؤون الدفاعية والخارجية الكويتية. وقد أقرّ البريطانيون بأنهم سدّدوا "ضربة" للكويت لكنهم مضوا قدمًا بالاتفاقية من أجل الحفاظ على مصالحهم في أرجاء أخرى من المنطقة.13 بطبيعة الحال، لم يكن الجابر راضيًا عن نتائج المؤتمر، ولكن كوكس أبلغه أن الاتفاقية الجديدة تصون حقوق الكويت في وجه المطالب التي قد يرفعها ابن سعود في المستقبل. يُضاف إلى ذلك أن صعود ابن سعود جعل الكويت في العام 1922 أضعف مما كانت عليه في العام 1913، ما شجّع البريطانيين على تغيير موازين القوى عند حدودها.14
وقد اضطُر الجابر في نهاية المطاف إلى القبول باتفاقية 1922، إذ اعتبرها جزءًا من سلسلة أطول من التعديلات الحدودية التي قد تتحوّل لمصلحته في المستقبل.15 لكن ذلك لم يحدث. فمنظومة الدولة الوطنية التي نشأت في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى أدّت إلى ترسيخ التغييرات الحدودية، على غرار اكتشاف النفط والعمليات التي قامت بها شركات النفط الدولية لاحقًا. لكن تجربة الكويت مع الحدود المتغيرة في الجنوب لم تنتهِ عند هذا الحد، إذ أبقى أحد بنود اتفاقية العقير مسألة الحدود مفتوحة حتى بعد منح سلطنة نجد جزءًا من الأراضي الخاضعة للتبعية الإدارية الكويتية.16
أدخل البريطانيون عنصرًا جديدًا مبتكرًا في اتفاقية 1913، من خلال تقسيم الأراضي الكويتية إلى فئتَين بحسب طبيعة السيطرة. وفي العام 1922، أطلقوا ابتكارًا جديدًا تمثّل في إنشاء ما يُسمّى منطقة محايدة على طول النصف الشرقي للحدود بين الكويت ونجد، حيث تتشارك الدولتان حقوقًا متساوية بموجب الاتفاق.17 وهكذا، بحلول العام 1922، نُقل قسمٌ من الأرض التي اعتبرها البريطانيون اسميًا خاضعة للتبعية الإدارية الكويتية في الجنوب إلى سلطنة نجد، وحُوِّل القسم الثاني إلى منطقة ذات سيطرة مشتركة، ما رسّخ فكرة الحدود المرِنة. كان يمكن أن يؤول هذا الاتفاق الملتبس والمبتكر إلى وقوع خلاف (مثلما حصل لاحقًا بين العامَين 2009 و2019)، ولكن ساهمت عوامل عدّة في تقليص هذا الاحتمال، وأبرزها المعطيات الجيوسياسية المتغيّرة، والعلاقات الكويتية-السعودية الجيدة، والمكاسب الاقتصادية المتوقَّع تحقيقها في المنطقة، ما دفع الطرفَين لتحويلها إلى فرصة مشتركة.
تمتد المنطقة المحايدة على مساحة 2228 ميلًا مربعًا (5770 كيلومترًا مربعًا). حيث أن الكويتوالأراضيالتيباتتتُعرَف لاحقًا بالسعودية تمتلكان حقوقًا متساوية في المنطقة المحايدة، لم يشكّل محط اهتمام كبير في البداية.18 ولم يتغيّر ذلك إلا عند اكتشاف النفط في جنوب الكويت في العام 1938 واتخاذ الكويت والسعودية قرارًا بمنح امتيازات نفطية منفصلة في المنطقة المحايدة في الأربعينيات والخمسينيات.19 لم تحتوِ تلك المنطقة على النفط فحسب، بل كان المخزونالاحتياطي هناك أيضًا من الأكثر غنى في العالم.20 وقد سلّط ذلك الضوء على الحاجة إلى توضيح كيفية إدارة هذه المنطقة، ولا سيما لنواحي البنيةالتحتية النفطية، وسكن العاملين في القطاع النفطي، وتنقّلهم. لم يعمل البريطانيون على معالجة هذه المسائل، بل تركوا الأمر للكويت والسعودية.
شكل استقلال الكويت في العام 1961 فصلًا جديدًا في المنطقة المشتركة على طول الحدود الكويتية-السعودية، ما أدّى إلى توقيع اتفاقية ثالثة بشأن الحدود أبقت المجال مفتوحًا أمام التفسيرات البديلة. وهذه المرة، خاضت الكويت والسعودية مفاوضات مباشرة بشأن حدودهما، خلافًا لما جرى في اتفاقيتَي 1913 و1922. وقد مرّت المفاوضات في الستينيات بمراحل متعددة وأسفرت عن اتفاقيات عدة بدءًا من ترسيم حدود المنطقة المحايدة ووصولًا إلى تقسيمها إلى جزئين متساويين.21 وتُعتبر اتفاقية 1965 حول تقسيم المنطقة المحايدة الأبرز بين سلسلة الاتفاقيات التي أُبرمت بين 1961 و1969، إذ يستمر تأثيرها حتى اليوم.22
لم تطعن اتفاقية 1965 في نتائج مؤتمر العقير، لكنها أضافت مزيدًا من المرونة إلى الحدود. فقد حوّلت المنطقة المحايدة ذات المعالم الملتبسة والتي كان الطرفان يتشاركانها مناصفةً، إلى ما بات يُعرَف بالمنطقة المقسومة (انظر الخريطة 2). وبموجبه، قامت كلٌّ من الكويت والسعودية بضم الأراضي الأقرب إلى حدودها، مع الإبقاء على ما نصّت عليه اتفاقية 1922 بشأن تقاسم الموارد الطبيعية في المنطقة بالتساوي بينهما. وحافظ بندٌ أساسي على اتفاقيات الامتياز التي وقّعتها الدولتان مع شركات نفطية دولية في الأربعينيات والخمسينيات لمدّة ستين عامًا. وهكذا، تجنّبت الكويت والرياض التصعيد من خلال التوصل إلى تسوية حافظت على مصالح كلٍّ منهما.
أنتجت اتفاقية 1965 مزيدًا من التشابك بين سياسات الدولتَين فيما يخص احتياطياتهما الهيدروكربونية. صحيحٌ أن ذلك زاد علاقاتهما تعقيدًا، لكنه شكّل أيضًا ضمانةً لعدم تعدّي أي من البلدَين على حقوق البلد الآخر، تجنّبًا لقطع الإنتاج النفطي. ومع أن هذه الاتفاقية كانت أوضح من سابقتيها في 1913 و1922، تضمّنت قدرًا كافيًا من الالتباس الذي تسبّب في فترة 2014-2019 بتعطّل الإنتاج النفطي في المنطقة المقسومة، فقُدِّرت خسائر الفرص الضائعة بمليارات الدولارات.23 وكان السبب وراء هذا التعطّل في الإنتاج نشوب خلاف بشأن قضية السيادة في المنطقة. وكان ذلك متوقَّعًا ربما، إذ تباين المستشارون القانونيون في البلدَين في فهم اتفاقية 1965 بعد توقيعها.24
وفي هذا الصدد، اعتبرت الحكومة الكويتية أن الخط الجديد الفاصل بين الجزئين المتساويين في المنطقة المقسومة هو بمثابة حدود دولية نقلت إلى كلٍّ من الدولتَين السيادة الكاملة على قسمها. أما الحكومة السعودية فرأت في الخط الفاصل تقسيمًا إداريًا واقتصاديًا حدّد بوضوح حقوق الدولتين بعد الالتباس الذي أحاط بهذه الحقوق في اتفاقية 1922.25 إذًا، في نظر الرياض، لم تنصّ اتفاقية 1965 على حدود سيادية، بل أنتجت خطًا إداريًا لا يؤثّر على الوضع القانوني للأراضي المشتركة بين البلدَين. ويُفهَم من هذا المنظور السعودي أن للمنطقة المحايدة (أو للمنطقة المقسومة كما باتت تُعرَف) هوية منفصلة غير مرتبطة لا بالكويت ولا بالسعودية، وأنها عبارة عن سيادةمشتركة بين الجانبين.26
هذا الالتباس الذي أحاط بالحدود أمّن لها تجنب النزاع، لكنه ساهم أيضًا في تضارب التفسيرات الكويتية والسعودية حيال وضع المنطقة المقسومة. تُشير اتفاقية 1965 إلى "ضم الأراضي" وإلى اضطلاع كل دولة بما يبدو أنه أنشطة مرتبطة بالسيادة، تتمثّل في الإدارة والدفاع والتشريع في النصف العائد لها من المنطقة المقسومة.27 وقد استخدم المسؤولون الكويتيون هذا النص من الاتفاقية للدفاع عن حجتهم حول السيادة، مع أن كلمة "سيادة" لا ترد مطلقًا في الاتفاقية. لقد شكّلت اتفاقية 1965 حجر الأساس الذي استندت إليه الترتيبات المتعلقة بالحدود الكويتية-السعودية وآليّة تشارُك الموارد الطبيعية في المنطقة المقسومة. لكن الاتفاقية، على الرغم من أنها ساهمت في تنظيم إدارة الموارد على نحوٍ أفضل، لم توضح مسألة السيادة.
وهذا ينطبق أيضًا على الاتفاقية الرابعة بشأن الحدود التي جرى توقيعها في العام 2000، والتي تطرّقت إلى الحدود البحرية بين الكويت والسعودية (انظر الخريطة 2)، فاتخذت من اتفاقية 1965 منطلقًا لها، ونصّت على إنشاء منطقة بحريةمشتركة أسوةً بالمنطقة المقسومة مناصفةً في المنطقة البرية. ولكن الاتفاقية لم تنص بوضوح على أن الجزيرتَين الواقعتين في المنطقة الشمالية جزءٌ من الأراضي الكويتية، بل أكّدت أن موارد الجزيرتَين والمنطقة المقسومة المحيطة بهما يجب أن تكون "ملكية مشتركة"، ما زاد من التباس مسألة الحقوق السيادية.28
وبناءً عليه، لم تؤدِّ اتفاقيتا 1965 و2000 اللتان نصّتا على تقسيم المنطقتين البرية والبحرية المشتركتين بين الكويت والسعودية، إلى تفاهم مشترك بشأن وضعهما القانوني. وقد تسبب هذا التباين في وجهات النظر بتفاقم الخلاف الحدودي بين 2009 و2019، ما شكّل أزمة بين البلدَين لكنه أظهر أيضًا أنهما يمتلكان الآليات اللازمة لتجاوزها.
الخلاف الحدودي بين 2009 و2019: كيف تمّ تجنّب النزاع
شكّل الخلاف بين الكويت والسعودية خلالالفترة 2009-2019 اختبارًا أساسيًا للمنظومة المرنة التي اعتمدتها الدولتان في علاقاتهما الحدودية. وقد تبيّن مدى أهمية روحية التسوية التي سادت في اتفاقَيتَي 1965 و2000 عندما وقع سوء تفاهم جديد بشأن الحدود في العام 2009، على خلفية الإدارة المشتركة للموارد الطبيعية والتفسيرات المختلفة لواقع الحدود في المنطقة المقسومة. وقد ذكّرت هذه المقاربة المرِنة الدولتَين بأنهما تمتلكان وسيلة فعّالة وفريدة لمعالجة خلافاتهما، وإن كانت لا تخلو من التحدّيات. وشكّلت التسوية التي تم التوصّل إليها في العام 2019 المحاولة الخامسة لترسيم الحدود بعد المحاولات السابقة في الأعوام 1913 و1922 و1965 و2000.
هذه الرغبة المتبادلة في التوصل إلى تسوية جاءت نتيجة عوامل عدّة ذهبت أبعد من المرونة التي أبدتها الكويت والسعودية سابقًا في علاقاتهما الحدودية. وهي عوامل وُلدت بحكم الضرورة وشكّلت تجسيدًا لمتانة الروابط الكويتية-السعودية تاريخيًا. فقد أدرك المسؤولون الكويتيون أن بلادهم أقل نفوذًا من جيرانها الأكبر مساحةً، ولا سيما بعد الغزو العراقي في العام 1990. وفي الوقت نفسه، كانت الحكومة السعودية تواجه خلافات حدودية في أماكن أخرىأدت، أسوةً بالكويت، إلى إيجاد حل للمشكلة التي حالت دون استفادتها على نحوٍ كامل من ثروتها الهيدروكربونية.
ويُعزى الخلاف الذي نشب في العام 2009 إلى أن اتفاقية 1965، والمنطقة المقسومة التي نتجت عنها، لم تأت منفراغ. فمنذ ما قبل العام 1965، عملت شركات أميركية ويابانية عدة في المنطقة التي كانت لا تزال تُعرَف آنذاك بالمنطقة المحايدة. وفي العام 1948، منحت الكويت شركة النفط الأميركية المستقلة المعروفة اختصارًا بـ"أمينويل"، امتيازًا لمدة ستين عامًا في المنطقة. وفي العام التالي، منحت السعودية امتيازًا مماثلًا لشركة "باسيفيك ويسترن" النفطية التابعة لشركة "غيتي أويل" (قامت شركة "تكساكو" لاحقًا بشراء "غيتي أويل" ثم اندمجت تكساكو مع شركة "شيفرون").29 وقد منحت الدولتان على نحو مشترك حقوق التنقيب البحري في العامَين 1957 و1958 إلى شركة النفط العربية المملوكة من اليابان والتي احتفظت بهذه الحقوق حتى العام 2000. وقد حقّقت هذه الامتيازات نتائج مثمرة. ففي العام 1954 اكتشفت شركة "غيتي" حقل الوفرة الضخم الذي تبلغ قدرته الإنتاجية 300,000 برميل في اليوم، ثم في العام 1960 اكتشفت شركة النفط العربية حقل الخفجي البحري، وهو جزء من حقل السفانية النفطي الواقع داخل المنطقة البحرية المقسومة، وتبلغ قدرته الإنتاجية 220,000 برميل يوميًا (انظر الخريطة 3).30
بدأ الاختبار الفعلي للعلاقات الكويتية-السعودية في المنطقة المقسومة حين انتهت صلاحية الامتيازات. لم يستمر الامتياز الذي منحته الكويت حتى العام 2008، أي المهلة النهائية التي كانت محدَّدة له، نظرًا إلى تأميم الكويت للامتياز في العام 1977 ونقل إدارة الحقل إلى شركة كويتية-سعودية مشتركة.31 وقد اختارت الحكومة السعودية طريقًا مختلفًا. فالامتياز الذي منحته لشركة "شيفرون العربية السعودية"، وهي أحد أذرع شركة "شيفرون"، للتنقيب عن النفط برًّا في المنطقة المقسومة، انتهى في العام 2009.32 وقد أقدمت الرياض على خطوة فاجأت الكويت، إذ عمدت أحاديًا إلى تجديد الامتياز من دون استشارة القيادة الكويتية، على الرغم مما نصّت عليه المادتان 4 و6 من اتفاقية 1965 عن وجوب التعاون بين البلدَين نظرًا إلى تقاسمهما ملكية المواد الهيدروكربونية مناصفةً في المنطقة المقسومة.33 وما زاد الأمور تعقيدًا أن موقع الامتياز كان في النصف الكويتي من المنطقة المذكورة. إذًا، لم ينتهك القرار الذي اتخذته السعودية حق الكويت بالإدارة المشتركة للموارد الطبيعية فحسب، بل شكّل أيضًا تعدّيًا على السيادة الكويتية وفقًا لقراءة الكويت لتقسيم المنطقة المحايدة في العام 1965.
من أجل التوصل إلى حل ناجع، كان لا بد من معالجة المسألتَين اللتين كانتا سبب الخلاف. أولًا، وجب تحديد ما إذا كان الخط الفاصل في المنطقة المقسومة يُشكّل حدودًا سيادية (بحسب وجهة نظر الحكومة الكويتية) أو ما إذا كان خطًا إداريًا (بحسب وجهة نظر الحكومة السعودية)، ولا سيما أن آثار ذلك تختلف اختلافًا شاسعًا. فالحكومة الكويتية افترضت السيادة الكاملة للكويت في الجزء الشمالي من الخط، والسيادة الكاملة للسعودية في الجزء الجنوبي منه. أما الحكومة السعودية فأعادت من جهتها التأكيد على اتفاقية 1922 التي أشارت إلى ملكية مشتركة للأراضي بين الطرفَين وتمتّعهما بحقوق متساوية. وقد أتاح ذلك لكل دولة الوصول إلى المناطق التي ضمتها الدولة الأخرى إليها، وقد تمت عمليات الضم لأغراض إدارية.
وقد ارتبطت المسألة الثانية بإدارة الموارد. فالكويت والسعودية، وبغض النظر عن توصيف كلٍّ منهما للخط الفاصل في المنطقة المقسومة، لم تتخلّيا عن مبدأ تشارُك الموارد الطبيعية مناصفةً في كامل المنطقة، بموجب الاتفاقيات التي أُبرِمت في الأعوام 1922 و1965 و2000. وكان موضوع الخلاف مرتبطًا على نحوٍ أكبر بطريقة إدارة الموارد من دون تجاهل حقوق أيٍّ من الجانبَين. لقد كانت إدارة الموارد الهاجس الأساسي للحكومة السعودية، فيما شكّلت السيادة مسألةأساسية للحكومة الكويتية.
تضرب قضية السيادة على وترٍ حسّاس في الكويت في ضوء ذكريات الاحتلال العراقي باعتبارها دولة صغيرة محاطة بثلاث دول أكبر مساحة هي إيران والعراق والسعودية. وفي هذا الإطار، تعتبر الكويت أن صون وحدة أراضيها وسلامتها هو أولوية وطنية. لذا، سارع أمير البلاد آنذاك الشيخ صباح الأحمد الصباح بالتحرك بعدما جددت الحكومة السعودية أحاديًا الامتياز النفطي مع شركة "شيفرون العربية السعودية". فوجّه رسالة إلى العاهل السعودي آنذاك الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في شباط/فبراير 2009 مُعرِبًا فيها عن تحفّظات بلاده، ولكن لم تظهر أي بوادر عن التوصّل إلى تسوية فورية.34
في ضوء ما تقدّم، مارست الكويت سيادتها على الجزء الشمالي من المنطقة المقسومة، والذي كانت قد ضمته إليها قبل نحو خمسة وأربعين عامًا. واتخذ ذلك أشكالًا متعددة من دون خوض مواجهة مباشرة مع السعودية. فقد طُلِب من شركة "شيفرون العربية السعودية" التقيّد بالقوانين واللوائح الكويتية. وعليه، فإن شروط امتياز 1949 التي قُبِلت في السابق، ونصّت على تطبيق القانون السعودي في الجزء الكويتي من المنطقة المقسومة، لم تعد سارية المفعول. وهكذا أصبح على شركة "شيفرون العربية السعودية" التقدّم بطلب للحصول على تصريح كويتي وتأشيرات عمل كويتية، فضلًا عن التقيّد بإجراءات كويتية أخرى من أجل مزاولة عملها، ما جعل الشركة تواجه صعوبات أكبر في عملياتها.35
وقد ردّت السعودية عبر إعلانها أحاديًا، في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وقف العمليات في حقل الخفجي البحري، لأسباب بيئية كما أُعلن.36 وشكّلت هذه الأسباب، سواء كانت حقيقية أم لا، ذريعة مناسبة للاعتراض على المعاملة الكويتية لشركة "شيفرون العربية السعودية". وهكذا توقّف نحو نصف الإنتاج في المنطقة المقسومة، وازدادت الأوضاع سوءًا حين قررت الدولتان تعليق عمليات التنقيب البري في حقل الوفرة في أيار/مايو 2015 بداعي الصيانة كما زُعِم. وقد تسبّب ذلك فعليًا بوقف جميع عمليات النفط والغاز في المنطقة المقسومة لأول مرة منذ اكتشاف النفط هناك.37
لقد تبنت الإدارة الكويتية والسعودية للنزاع منهجية التسوياتالتي شكلت المقاربة الحدودية المرِنة، وذلك قبل التوصل حتى إلى حل للمسألة. فقد عبّرت الدولتان بصورة غير مباشرة عن خلافهما من خلال خطوات تدخل ضمن صلاحياتهما، سواء عبر المطالبة بتطبيق القانون الكويتي أو عبر إغلاق حقول النفط لأسباب بيئية وبداعي الصيانة وفقًا لماأعلن. ونظرًا إلى العلاقات الحدودية المتداخلة، كان للخطوات التي اتّخذتها إحدى الدولتَين تأثير على الدولة الأخرى، ولكنها تمّت من دون وقوع صدام مباشر. وينطبق ذلك أيضًا على مواقفهما العلنية. فقد كانت الخلافات في الرأي معلومة لدى الطرفَين والجهات الخارجية على السواء، إنما لم يُكشَف عنها في العلن بحكم العلاقات التاريخية بين الدولتَين. وفي هذا الصدد، تعتبر الكويت أن السعودية تجسّد "عمقها الاستراتيجي".38 وقد عبّر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي السابق عن وجهة النظر هذه قائلًا: "مصائرنا متداخلة... هذه العلاقة ليست مهمة للحكومتَين فحسب إنما أيضًا للشعبَين".39 ومن هذا المنطلق، اعتبر الوزير أن النزاع مع السعودية "خلافٌ عائلي".40 فقد كان على الكويت أن ترسي توازنًا دقيقًا بين مصالحها من جهة وأهمية روابطها مع الرياض من جهة أخرى.41
ساهمت ثلاثة عوامل في تسريع عجلة مفاوضات العام 2019 بعد توقّف دام نحو خمس سنوات في عمليات إنتاج النفط في المنطقة المقسومة، ما أتاح للدولتَين تجنّب اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.42 أولًا، حدثَ تغيير في القيادة السعودية، مع تسلُّم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود سدّة العرش في كانون الثاني/يناير 2015 وقيامه لاحقًا بتعيين نجله محمد بن سلمان وليًا للعهد في العام 2017. فأسلوبهما الحازم في القيادة واعتمادهما نهجًا مركزيًا في الحكم مكّناهما من اتخاذ قرارات سريعة، وهذا ما حدث حين تدخّل ولي العهد في المرحلة الأخيرة من المفاوضات لإتمام الاتفاق.43
ثانيًا، نظّمت الكويت نفسها على نحوٍ أفضل وتخلّت عن المقاربة اللامركزية التي اعتمدتها سابقًا في معالجة المسألة. فبدلًا من اعتماد فريقَين تفاوضيين منفصلين، من وزارة الخارجية ومن المؤسسة النفطية بما فيها وزارة النفط، عمدت الحكومة الكويتية إلى تظافر الجهود وتعاملت بصورة متزامنة مع مسألتَي السيادة وإدارة الموارد، ما ساهم في ترشيد المفاوضات وأفسح المجال أمام التنسيق بين الوزارات.44 حتى إن الأمير طلب من رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم المعروف بفصاحته الانضمام إلى هذه الجهود. وقد سلّط ذلك الضوء على الأهمية التي تعلّقها الكويت على إيجاد حل للمشكلة، وكذلك على حرصها على التوصل إلى تفاهم مع السعودية بشأن المسائل الحدودية الشائكة.45
السبب الثالث هو أن السوق النفطية العالمية كانت بحاجة إلى إنتاج إضافي من الدول المصدرة للنفط من أجل التعويض عن تراجع الإنتاج الإيراني بسبب العقوبات الأميركية. وبما أن المنطقة المقسومة كانت تنتج 500,000 برميل في اليوم إضافةً إلى قدرتها الاحتياطية البالغة 5 مليارات برميل،46 أثّر تعثُّر الإنتاج على استقرار الأسواق النفطية والاقتصاد العالمي. وقد أجرت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مباحثات مع المسؤولين السعوديين والكويتيين لتسوية الخلافات بين الدولتَين واستئناف الإنتاج. إضافةً إلى ذلك، لو استمر التوقّف عن الإنتاج في الحقول النفطية فترةً أطول، لأثّر ذلك سلبًا على سرعة استئناف مستويات الإنتاج الطبيعية.47
تمثّلت نقطة انطلاق المفاوضات في تحديد وضع المنطقة المقسومة وخطها الفاصل. فقد اعتبرت الحكومة السعودية أن الموقف الكويتي ينطوي على تناقض لناحية المطالبة بالسيادة الكاملة على النصف الكويتي في المنطقة المذكورة في حين أن الرياض تملك حصة متساوية من الموارد الطبيعية في ذلك الجزء من الأراضي، عملًا باتفاقيتَي 1922 و1965. لكن الكويت استعانت بأمثلة خارجية لإقناع الرياض بأن تشارُك الموارد الطبيعية عبر الحدود لا يتنافى مع مطلب السيادة، معتبرةً أن الاعتراف بالحدود السيادية لا يلحق الضرر بأي من البلدَين لأنه ينطبق في هذه الحالة على الاثنَين معًا، أي إن التنازلات ستكون متبادلة. فقد سلّمت الحكومة السعودية بالقراءة الكويتية لاتفاقية 1965 في هذه النقطة تحديدًا، ووافقت على أن الحدود في المنطقة المقسومة هي حدود دولية.48
شكّل التوصّل إلى موقف موحّد من السيادة مدخلًا لتسوية المسألة العالقة الأخرى وهي إدارة الموارد. لقد قبِل الطرفان بالامتيازات النفطية السابقة لأنها مُنِحت قبل توقيع اتفاقية 1965، وحتى قبل نيل الكويت استقلالها. لكن لم يعد يجوز للامتيازات السعودية الجديدة العمل وفقًا للقانون السعودي بعد موافقة الكويت، ومن ثم السعودية، على الوضع السيادي للمنطقة المقسومة. وقد أبدت السعودية استعدادها لإعادة التفاوض على اتفاق الامتياز الممدّد والمعدَّل مع شركة "شيفرون العربية السعودية" احترامًا لسيادة الكويت وقوانينها، ولكنها أرادت في المقابل من الكويت أن تُعوّض للشركة الخسائر التي ستتكبّدها بسبب نقل مقرّها من الأراضي التي باتت خاضعة للسيادة الكويتية إلى الأراضي السعودية.49 وقد وافقت الكويت على ذلك، فقدّمت بدورها تنازلًا من أجل التوصل إلى اتفاق يصون المصالح المتبادلة للدولتَين ومواردهما الطبيعية المشتركة. وهكذا، بدا أن الاتفاقية نجحت في تسوية الخلافات حتى الآن.
أضفت الدولتان طابعًا رسميًا على تفاهمهما من خلال التوقيع على ملحق لاتفاقية 1965 ومذكرة تفاهم مرفَقة بها في 24 كانون الأول/ديسمبر 2019. لقد أوضح الملحق أن الخط الفاصل في المنطقة المقسومة عبارة عن حدود دولية، على أن تكون "السيادة الكاملة" للكويت في الجزء الشمالي منه، وللسعودية في الجزء الجنوبي منه. ونصّت الوثيقة أيضًا على أن يُعمَل بنموذج العمليات المشتركة في إدارة الموارد الطبيعية ما لم تتم الإشارة إلى خلاف ذلك.50
أظهرت اتفاقية 2019 أن المرونة آتت أكلها من جديد. ولكن يصعب تحديد ما إذا كانت هذه الاتفاقية هي النهائية. صحيحٌ أنها ساهمت في تهدئة الشكوك بشأن طبيعة الخط الفاصل في المنطقة المقسومة وفي حسم مطالب السيادة هناك، لكن بقيت علامات استفهام قائمة بشأن الإدارة المشتركة للموارد الطبيعية.
تحديد التوترات المحتملة في المستقبل وتجنّبها
كشف الاختراق الذي تحقّق بموجب هذه الاتفاقية عن حجم التأثير المستمر للمسائل الجيوسياسية على الروابط بين البلدَين. وقد تحققت مصلحة الكويت بترسيخ نظرتها للسيادة مع التطلع إلى اتفاقيات مستقبلية مع العراق وإيران. فالكويت لم تقم بعد بترسيم حدودها البحرية النهائية مع البلدَين بشكل كامل. وبعد إزالة العقبة التي كانت قائمة مع السعودية بشأن النصف الشرقي للحدود المشتركة، بات بإمكان الكويت أن تعيد توجيه جهودها نحو تسوية المسائل الحدودية المتعلقة بالسيادة في أماكن أخرى. فضلًا عن ذلك، قد يشمل التوصل إلى تسوية حدودية بين إيران والكويت موارد طبيعية مشتركة تتطلّب اتفاقًا بشأن العمليات المشتركة إضافةً إلى جرعة من التفاهم المتبادل. ويؤمّن وجود نموذج مطبَّق مع السعودية مرجعًا مفيدًا يمكن الركون إليه في المباحثات مستقبلًا.
لم تمنح السعودية مسألة السيادة الأولوية نفسها التي منحتها إياها الكويت، نظرًا إلى الاختلاف في تاريخ البلدَين ومكانتهما في المنطقة. ولكن الحكومة السعودية قبِلت بإبرام الاتفاقية في العام 2019 بسبب المنافع الاقتصادية التي يؤمّنها الإنتاج الإضافي من المنطقة المقسومة. علاوةً على ذلك، تبدّل الموقف الجيوسياسي للدولتَين منذ بدء الخلاف بينهما في العام 2009. وبعد الأزمةبين معظم دول مجلس التعاون الخليجي وقطر ابتداءً من حزيران/يونيو 2017، ازدادت أهمية دور الوساطة الذي تؤدّيه الكويت في هذا الخلاف. وقد تحققت المصالحة بين قطر والدول الأخرى في العام 2021 بمساعدة الكويت. وفي غضون ذلك، أدرك المسؤولون السعوديون أن فرض آرائهم على الكويت كان ليرتدّ عليهم بنتائج عكسية في وقتٍ استفادت الدولتان من مقاربة الالتباس البنّاء في التعامل مع العلاقات الحدودية بينهما. أخيرًا، تشوّهت صورة السعودية في السنوات التي سبقت توقيع الاتفاقية، لبعض الأسباب منها اغتيال الصحافي جمال خاشقجي وممارسات السعودية في اليمن، ما دفع المملكة إلى العمل على إنقاذ سمعتها المتضررة من خلال إظهار أنها قادرة على التصرّف بطريقة مسؤولة من أجل تسوية خلافٍ حدودي كانت له تداعيات على سوق الطاقة العالمية.51
كان تقاسم الكويت والسعودية للموارد الطبيعية بالتساوي بعد اتفاق ترسيم الحدود أمرًا منطقيًا نظرًا إلى تداخل حقولهما النفطية في المنطقة المقسومة وحاجتهما المتبادلة إلى ضمان تطوير الحقول.52 ولكن مذكرة التفاهم بين البلدَين تركت المجال مفتوحًا أمام احتمال حدوث خلاف في المستقبل في حال بقيت مسائل عدة من دون معالجة.
أولًا، سيتعين على الفريقَين التوصل إلى آلية أكثر فاعلية لتسوية الخلافات التي قد تقع. ففي حال تكرّر ما جرى بين العامَين 2009 و2019، قد يستغرق التوصل إلى تسوية سنوات عدة، ما يُهدّد مصالح الطرفَين. وبما أن اتفاقية 2019 كانت بمثابة ملحق لاتفاق 1965، استُلهِم التفاهم في العام 2019 من البند المتعلق بتسوية النزاعات في الاتفاقية السابقة. ولكن هذاالبند فضفاض ويعتمد بصورة أساسية على حسن نيّة الطرفَين قبل لجوئهما إلى محكمة العدل الدولية. وربما ساهم غياب آليات واضحة لتسوية الخلافات في تعزيز المرونة التي يحبّذها الطرفان، إلا أن اعتماد ضمانات وجداول زمنية محدَّدة على نحوٍ أفضل لمعالجة المشاكل كان ليصون بشكل أكبر المصالح الكويتية والسعودية. وعلى الرغم من إنشاء لجنة دائمة مشتركة بموجب اتفاقية 1965، لم يكن ممكنًا للجنة من هذا القبيل تسوية الخلاف حول المنطقة المقسومة.
المسألة الثانية التي قد تطرح تعقيدات أمام تطبيق مذكرة التفاهم تتعلق بالتعويضات.53 ينبغي على الطرفَين ضمان احترام آلية التعويضات المطبّقة وتعزيزها. بحسب المذكرة، يتوجب اتباع إجراءات معيارية من خلالها تُعيّن كل دولة مستشارًا يُقدّر المبلغ الواجب سداده. ويعيّن المستشاران مستشارًا ثالثًا، على أن يتوصّل المستشارون الثلاثة بشكل مشترك إلى تحديد قيمة التعويضات التي تكون ملزمة للطرفَين. ولكن الإشكالالمحتمل يكمن في التفاصيل. فحتى تتم هذه العملية بسلاسة، يجب أن يتعهّد الطرفان بعدم التدخّل فيها، والقبول بنتيجتها.
ثالثًا، يتعيّن على الجانبَين وضع خطة حول كيفية إدارة مواردهما المشتركة في المنطقة المقسومة بعد انتهاء الامتياز الممنوح لشركة "شيفرون العربية السعودية". بحسب مذكرة التفاهم، ينتهي الامتياز في العام 2046.54 فهل ستطبّق السعودية نموذج العمليات المشتركة أم ستعمد إلى تجديد الامتياز؟ وفي حال التجديد، علمًا بأن مذكرة التفاهم تترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية عدم اتباع نموذج العمليات المشتركة، ينبغي على الدولتَين الاتفاق على بديل لإدارة الموارد بما لا يُشكّل تهديدًا لمصالحهما. ولكن عدم حسم هذه المسألة في مذكرة التفاهم سيكشف عن عجزٍ عن تسوية الخلافات، وبالتالي إرجاء اتخاذ قرار مشترك حتى العام 2046.
رابعًا، على الكويت والسعودية الاستعداد لتناول مسائل أخرى لمتتطرقلها مذكرة التفاهم في معالجتها، ولا سيما في ما يتعلق بإدارة الموارد مستقبلًا.55 وتشمل هذه المسائل هجرة النفط، أو العجز عن الإفادة من الطاقة القصوى للحقل النفطي لأن جزءًا من إنتاجه يتسرّب إلى أماكن أخرى، فضلًا عن الأمور البيئية والإنتاج البحري الذي يأخذ في الاعتبار الحدود البحرية الثلاثية لإيران والكويت والسعودية. لم تقم الكويت ولا السعودية بترسيم حدودهما البحرية الكاملة مع إيران، ومن المستبعد أن تفعلا ذلك في القريب العاجل نظرًا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران منذ العام 2016.56 ولكن هجرة النفط والتأثيرات البيئية لا تقلّان خطورة، لأنهما قد تؤديان أيضًا إلى وقوع خلافات.
ينبغي على الكويت والسعودية الاستثمار في علاقاتهما المتينة والاستلهام من التطوّر الفريد لعلاقاتهما الحدودية من أجل المبادرة بشكل استباقي إلى معالجة المسائل الحدودية الشائكة. وهكذا، يمكنهما تجنّب المشاكل المحتملة في إدارة مواردهما المشتركة. وسوف تستفيدان أيضًا من تسليط الضوء على ترتيباتهما الحدودية المتميّزة باعتبارها مؤشّرًا على المرونة. ويمكن أن تشكّل الأسس التي تقوم عليها هذه الترتيبات نموذجًا لحل الخلافات في أماكن أخرى، من خلال إعطاء الأولوية للتسويات، واستخدام الالتباس والرسائل الضمنية أداةً لحلّ النزاعات، ووضع التطورات الإقليمية في الاعتبار في الخطوات التي يتّخذها الطرفان، على غرار التحولات في أسواق الطاقة. وستكون هذه الخصائص مفيدة حين تباشر الدولتان العمل على تسوية حدودهما البحرية مع جيرانهما.
بما أن احتمال نشوب خلافات جديدة بين الكويت والسعودية لا يزال قائمًا، عليهما تشكيل فرق عمل لمعالجة المسائل الحدودية العالقة بينهما. وينبغي تشكيل هذه الفرق على نحوٍ يؤدّي إلى ترشيد أنشطة الفرق المختلفة التابعة للدولتَين وتفعيلها إلى أقصى حد. ويجب أيضًا منحها تفويضًا واضحًا، ووضع قواعد شفّافة للانخراط مع الجانب الآخر، وتعزيز قدرات أعضائها كي يتمكّنوا من التباحث في المسائل واتخاذ قرارات بشأنها. ويمكن لهذه الفرق معالجة مسائل مختلفة بدءًا من الخطوات التي ستلي انتهاء الامتياز الممنوح لشركة "شيفرون العربية السعودية" ووصولًا إلى الأمور البيئية وهجرة النفط. ومن المسائل الأخرى التي يمكنها التركيز عليها سبل التنسيق بين مقاربات الدولتَين في ما يتعلق بالحقول البحرية المشتركة وحدودهما البحرية مع إيران.
من شأن التحرك في هذه الاتجاهات أن يساعدصنّاع القرار الكويتيين والسعوديين على الشروع في النقاشات في مرحلة مبكرة والاستعداد للمسائل التي يمكن أن تثير خلافات بين الجانبَين. قد لا تكون هذه المسائل ذات أولوية في الوقت الراهن، لكن التعاطي معها على هذا الأساس يسهم في استنباط خيارات استباقية في السياسات في حال وقوع مشاكل. وفي هذا السياق، سيستمر إطار العمل المرن الذي ينظّم الحدود في توجيه فرق العمل، ما يعزّز العلاقات ويحدّ بصورة متزايدة من تأثير الخلافات التي قد تطرأ في المستقبل.
لقد أنشأ الجانبان مجلس التنسيق السعودي-الكويتي في العام 2018 من أجل تحقيق تناغم أفضل في مواقفهما على مستوى السياسات العامة.57 وقد حدث ذلك في ذروة خلافهما حول المنطقة المقسومة، ما يسلّط الضوء على البراغماتية التي تتّسم بها علاقاتهما. ولكن يجب ألا تقتصر فرق العمل المقترحة على القيادات العليا، بل ينبغي على الدولتَين تعزيز قدرات أصحاب المناصب الإدارية المتوسطة الرتبة من أجل تدريب جيلٍ مقبل من القادة منأصحابالكفاءة وتحفيزه على التعاون في المسائل الحدودية من خلال تفويض الكوادر الشابة. وسيسهم ذلك في توسيع نطاق الخبرات المكتسبة للحد من احتمال نشوب خلاف وضمان استمرارية المقاربة الحدودية المرنة.
خاتمة
ترسيم الحدود الجنوبية للكويت مشروعٌ مستمر منذ قرن من الزمن، بدءًا من الاتفاقية البريطانية-العثمانية في العام 1913، ومرورًا باتفاقية العقير في العام 1922، ووصولًا إلى الاتفاقية الكويتية-السعودية في العام 1965 وملحقاتها في العامَين 2000 و2019. تستند الترتيبات الحدودية المرنة في جوهرها إلى حدود جغرافية ثابتة وعلاقات حدودية اقتصادية مرنة تقوم على الإدارة المشتركة للموارد الطبيعية وتقاسم الأرباح بالتساوي. غنيٌّ عن القول إن هذه الترتيبات تنطوي على جملة من التحدّيات، لكنها نجحت في الاستمرار وتجديد نفسها كلما خيّمت الشكوك على آفاق العلاقات الكويتية-السعودية.
اتّصفت الكويت على امتداد تاريخها بالواقعية وأدركت نقاط ضعفها الجيوسياسية حيال الدولالكبيرة المجاورة. وقد أخذت الكويت في الحسبان إلى حدٍّ بعيد الاعتبارات السياسية عند إبرام اتفاقية 2019. وكان تمسّكها بمسألة السيادة مفهومًا نظرًا إلى التهديد المحدق بكيانها منذ الاستقلال، ثم احتلالها في فترة 1990-1991. لذلك، شكّل التوصل إلى تفاهم واضح مع السعودية بشأن السيادة في العام 2019 انتصارًا للكويت، في حين أن أولوية السعودية تمثّلت في حماية مصالحها المالية واستئناف الإنتاج النفطي. وهكذا، حقّق كل بلدٍ مبتغاه.
لا شكّ أن العلاقات الكويتية-السعودية قوية واحتمال نشوب نزاع بينهما ضئيل. وفي حال وقعت خلافات حول إدارة الموارد، فالدولتان قادرتان بجدارة على التوصل إلى اتفاق، مثلما فعلتا منقبل. لكن هذا لا ينفي حاجتهما إلى وضع آليات تُسهّل تسوية الخلافات، ما يتيح لهما توفير الوقت والمال. لقد نجحت المقاربة الحدودية المرنة من خلال منح كلٍّ من الكويت والسعودية هامش مناورة في التفاوض على نتائج مُرضية للطرفَين، وغالب الظن أنها ستستمر على هذا النحو. ولكن من أجل ضمان حدوث ذلك، ينبغي على الطرفَين أن يزرعا لدى جيل جديد من المسؤولين روحية التسوية التي سادت حتى الآن.
ملاحظة حول المنهجية
تستند هذه الدراسة إلى مجموعة واسعة من المصادر والمناهج، وتتضمن تحليلًا نقديًا لمضمون يُستمد من مصادر أولية باللغتَين العربية والإنكليزية، منها اتفاقات قانونية، ومراسلات دبلوماسية، وجلسات برلمانية، وتصريحات علنية، ومقابلات عدّة مع مسؤولين حكوميين بارزين سابقين وحاليين، وخبراء في مجال الطاقة، ورئيس تحرير إحدى الوسائل الإعلاميةالبارزة. وتستعين الدراسة أيضًا بالعديد من المصادر الثانوية، وتعتمد على تقنيات تحليل الخطاب وملاحظات المشاركين.
تم إصدار هذه الدراسة بدعمٍ من برنامج X-Border Local Research Network (شبكة البحث المحلية حول القضايا العابرة للحدود الوطنية) الذي يحظى بتمويل من مشروع UK Aid التابع للحكومة البريطانية. إن الآراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبّر بالضرورة عن السياسات الرسمية للحكومة البريطانية.
هوامش
1 انظر على سبيل المثال: Gwenn Okruhlik and Patrick J. Conge, “The Politics of Border Disputes: On the Arabian Peninsula,” International Journal 54, no. 2 (Spring 1999): 230–248; Frauke Heard-Bey, “Conflict Resolution and Regional Cooperation: The Role of the Gulf Cooperation Council 1970–2002,” Middle Eastern Studies 42, no. 2 (March 2006): 199–222; Shahram Chubin and Charles Tripp, “Domestic Politics and Territorial Disputes in the Persian Gulf and Arabian Peninsula,” Survival 35, no. 4 (Winter 1993): 3–27.
أما يوئيل غوزانسكي فيتطرق في المقابل إلى الخلافات الحدودية بين المملكة العربية السعودية وكلٍّ من قطر والإمارات العربية المتحدة، لكنه لا يشير إلى الخلاف الكويتي-السعودي. انظر:
Yoel Guzansky, “Lines Drawn in the Sand: Territorial Disputes and GCC Unity,” The Middle East Journal 70, no. 4 (Autumn 2016): 543–559.
ولا تدرج كريستا ويغاند الخلاف الكويتي-السعودي ضمن قائمتها عن الخلافات الحدودية القائمة. انظر:
Krista Wiegand, Enduring Territorial Disputes: Strategies of Bargaining, Coercive Diplomacy, and Settlement (Athens, Georgia: University of Georgia Press, 2011), 87–88.
2 Kuwait News Agency, “Saudi-Kuwaiti Maritime Agreement Historical, Civilizational—MPs,” Kuwait News Agency, July 6, 2000, https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?language=en&id=1095399.
3 “Saudi Arabia and Kuwait Agree to Resume Neutral Zone Oil Production,” Pipeline, December 29, 2019, https://www.pipelineoilandgasnews.com/regionalinternational-news/regional-news/2019/december/saudi-arabia-and-kuwait-agree-to-resume-neutral-zone-oil-production.
4 J. E. Peterson, “Sovereignty and Boundaries in the Gulf States,” in International Politics in the Persian Gulf, edited by Mehran Kamrava (Syracuse, NY: Syracuse University Press, 2011), 21.
5 Richard Schofield, “Britain and Kuwait’s Borders, 1902–1923,” in Kuwait: The Growth of a Historic Identity, edited by B.J. Slot (Riyadh: Arabian Publishing House, 2003), 58–68; Richard Schofield, “Kuwait-Saudi Arabia,” in Border and Territorial Disputes, third edition, edited by John B. Allcock, Guy Arnold, Alan J. Day, D. S. Lewis, Lorimer Poultney, Roland Rance, and D. J. Sagar (Michigan: Gale, 1992), 395–396.
6 بحسب تصريحات بيرسي كوكس، المقيم السياسي في بوشهر آنذاك، إلى وزارة الخارجية البريطانية. انظر:
Arabian Boundary Disputes, Vol. 10, edited by Richard Schofield (Cambridge, UK: Archive Editions, 1992), 184.
7 Schofield, “Kuwait-Saudi Arabia,” 395; Ethan Tyler, “A British Lake: Kuwait and the 1913 Anglo-Ottoman Convention” (unpublished undergraduate thesis, April 26, 2017), 45.
8 Anthony Toth, “Tribes and Tribulations: Bedouin Losses in the Saudi and Iraqi Struggles over Kuwait’s Frontier, 1921–1943,” British Journal of Middle Eastern Studies 32, no. 2 (November 2005), 145–150; Joseph Kostiner, “Saudi Arabia’s Territorial Expansion: The Case of Kuwayt, 1916–1921,” Die Welt des Islams 33, no. 2 (Nov 1993), 225.
9 Kostiner, “Saudi Arabia’s Territorial Expansion: The Case of Kuwayt, 1916–1921,” 228–30; Schofield, “Kuwait-Saudi Arabia,” 396; Schofield, “Britain and Kuwait’s borders,” 92–93.
10 Farah al-Nakib, “The Lost ‘Two-Thirds’: Kuwait’s Territorial Decline between 1913 and 1922,” Journal of Arabian Studies 2, no. 1 (2012), 32–33.
11 H. R. P. Dickson, Kuwait and Her Neighbors (London: George Allen & Unwin, 1956), 274.
كان ديكسون وكيلًا سياسيًا بريطانيًا في الكويت، لكن عند انعقاد المؤتمر كان معينًا في البحرين. ووفقًا لذياب الحامد من جامعة الكويت، اتّخذت بريطانيا القرار بإعطاء جزء كبير من الأراضي الواقعة تحت سلطتها منذ فترة 1920-1921 نظرًا إلى التغيّر الذي طرأ في موازين القوى. إذًا، جل ما فعله مؤتمر العقير في العام 1922 هو إضفاء طابع رسمي على هذا القرار. انظر "مؤتمر العقير وتحديد الحدود شبه في الجزيرة العربية: وجهة نظر بريطانية"، فيديو على يوتيوب، 19:58، نشره "قسم التاريخ في جامعة الكويت"، 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وتمت زيارة الصفحة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=zQzZYR-mU7o&ab_channel=HistoryClubofKuwaituniversity
12 Schofield, “Britain and Kuwait’s Borders,” 93; al-Nakib, “The Lost ‘Two-Thirds’: Kuwait’s Territorial Decline between 1913 and 1922,” 34–36.
13 Dickson, Kuwait and Her Neighbors, 275.
14 Al-Nakib, “The Lost ‘Two-Thirds’: Kuwait’s Territorial Decline between 1913 and 1922,” 36; Toth, “Tribes and Tribulations: Bedouin Losses in the Saudi and Iraqi Struggles over Kuwait’s Frontier, 1921–1943,” 148–150; and Kostiner, 231–234.
15للاطّلاع على المحادثات بين المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس وحاكم الكويت حول هذه القضية، انظر:
Dickson, Kuwait and Her Neighbors, 279, and al-Nakib, “The Lost ‘Two-Thirds’: Kuwait’s Territorial Decline between 1913 and 1922,” 36.
16 ورد في المادة "جزءمنالأراضي... تعتبر مشتركة بين حكومتي نجد والكويت ولهما فيها الحقوق المتساوية إلى أن يتفق اتفاقًا آخر بين نجد والكويت بخصوصها بمصادقة الحكومة البرطانية". انظر:
United Nations Treaty Series, “Agreement Concerning the Boundary Between Nejd and Kuwait. Signed at Bandar al-Uqair on 2 December 1922,” United Nations Treaty Series, 1993, 533, https://treaties.un.org/doc/Publication/UNTS/Volume%201750/II-183.pdf.
17 انظر المصدر السابق، 533، عند الإشارة إلى مصطلحيْ "مشتركة" والحقوق المتساوية"؛ وأيضًا Peterson, “Sovereignty and Boundaries in the Gulf States,” 44.
18إن مصطلح منطقة محايدة مضلل، فهي ليست محايدة في حدّ ذاتها. ويفضّل الخبراء القانونيون تسميتها بـ"ملكية مشتركة". انظر:
Husain al-Baharna, “A Note on the Kuwait-Saudi Arabia Neutral Zone Agreement of July 7, 1965, Relating to the Partition of the Zone,” International and Comparative Law Quarterly 17, no. 3 (1968), 732.
واستشهد البحارنة بإدوارد هوغلاند براون، الذي قال ما مفاده أن "المنطقة المحايدة ليست محايدة بالمعنى الحرفي... فهي أحد أكثر الكيانات القانونية إثارة للفضول والتعقيد". وقد ظهرت منطقة محايدة أخرى بين العراق وسلطنة نجد آنذاك. واستخدم البريطانيون المنطقة المحايدة كحل وسط لتهدئة حماسة ابن سعود التوسعية، وبالتالي حرمان الكويت والعراق من التمتع بالسيادة الكاملة على أراضيهما ووضع ابن سعودكمالكمشاركبالتساوي. انظر أيضًا:
M. T. el-Ghoneimi, “The Legal Status of the Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” International and Comparative Law Quarterly 15, no. 3 (July 1966), 695.
19منحت كلا الدولتين امتيازات لمدة ستين عامًا في المنطقة المحايدة، علمًا بأنه سيتمّ تقاسم العائدات بالتساوي. فتعاقدت الكويت مع شركة النفط الأميركية "أمينويل" في العام 1948، وحذت السعودية حذوها في العام 1949 وأبرمت اتفاقًا مع شركة "باسيفيك ويسترن النفطية" ("غيتي أويل"). وقد عرضت الدولتان على شركة النفط اليابانية امتيازات للتنقيب عن النفط في البحر في 1957-1958. انظر:
Schofield, “Kuwait-Saudi Arabia,” 396–397; and Muthafar Haider al-Najar, “The Geography of Oil in the Persian Gulf,” (Ph.D. dissertation, October 1971), 27–28.
20 El-Ghoneimi, “The Legal Status of the Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” 697.
21 Krista E. Wiegand, “Resolution of Border Disputes in the Arabian Gulf,” The Journal of Territorial and Maritime Studies 1, no. 1 (January 2014), 36; Schofield, “Kuwait-Saudi Arabia,” 396–97; Al-Najar, “The Geography of Oil in the Persian Gulf,” 28–30.
تعاقدت الدولتان مع الشركة اليابانية Pacific Aero Survey لتحديد الإحداثيات بدقة وإعداد التقريرالفني.
22 United Nations Treaty Series, “Agreement between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait on the Partition of the Neutral Zone,” United Nations Treaty Series, 1993, 48–52, https://treaties.un.org/doc/Publication/UNTS/Volume%201750/v1750.pdf.
23يُعتبر هذا الرقم موضع خلاف، إذ أشار عضوان في البرلمان إلى خسائر بلغت 10 مليارات دولار، نقلًا عما ورد في تقرير لديوان المحاسبة. انظر: محيي عامر وعلي الصنيدح، "المجلس يحيل اتفاقية "المقسومة" إلى "الخارجية البرلمانية""، الجريدة، 10 كانون الثاني/يناير 2020، 5،
https://www.aljarida.com/articles/1578590031831410900/
وقد قدّر النائب السابق في مجلس الأمة والمسؤول النفطي صالح الملا، الخسائر بنحو 20 مليار دولار في مناقشة مع أحد النواب. انظر: "مناظرة بين د. عبدالكريم الكندري وصالح الملا حول إتفاقية المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية"، فيديو على يوتيوب، 1:37:15، نُشر بواسطة مدونة الزيادي، 30 كانون الثاني/يناير 2020، تمّت زيارة الصفحة في 14 شباط/فبراير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=-FiMoJqL-h0
وتحدّث الخبير في الشؤون النفطية عبدالحميد العوضي عن خسائر تصل إلى 44 مليار دولار. انظر: عبدالحميد العوضي، "رأي متخصص 44 مليار دولار خسائر فترة إيقاف إنتاج "المقسومة""، القبس، 28 كانون الثاني/يناير 2020،
https://alqabas.com/article/5746491
ورجّح خبير نفطي آخر وهو عبد السميع بهبهاني بلوغ الخسائر 50 مليار دولار بين العامين 2014 و2019. انظر: "كلمة د.عبد السميع بهبهاني في المؤتمر الصحفي بشأن اتفاقية المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية"، فيديو على يوتيوب، 39:25، نُشر بواسطة شبكة سرمد، 15 كانون الثاني/يناير 2020، تمّت زيارة الصفحة في 14 شباط/فبراير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=PY6jyGQmeUs.
24تبادل الخبراء القانونيون في البلدين تفسيرات متناقضة في المجلات القانونية بعد مرور عام على توقيع الاتفاقية. انظر:
M. T. el-Ghoneimi, “The Legal Status of the Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” 690–717; and S. M. Hosni, “The Partition of the Neutral Zone,” The American Journal of International Law 60 (1966), 735–744.
25 Hosni, “The Partition of the Neutral Zone,” 735–744; el-Ghoneimi, “The Legal Status of the Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” 703–704; al-Baharna, “A Note on the Kuwait-Saudi Arabia Neutral Zone Agreement of July 7, 1965, Relating to the Partition of the Zone,” 730–732.
26 El-Ghoneimi, “The Legal Status of the Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” 703–704 and 715; al-Baharna, “A Note on the Kuwait-Saudi Arabia Neutral Zone Agreement of July 7, 1965, Relating to the Partition of the Zone,” 730–732. El-Ghoneimi calls the Neutral Zone a “compromise area” (703).
27 انظر المادة الثالثة من الاتفاقية للاطّلاع على الجزء الذي يلمح إلى السيادة.
United Nations Treaty Series, “Agreement between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait on the Partition of the Neutral Zone,” United Nations Treaty Series, 1993, 48–52, https://treaties.un.org/doc/Publication/UNTS/Volume%201750/v1750.pdf.
28 United Nations Delimitation Treaties Infobase, “Agreement Between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait Concerning the Submerged Area Adjacent to the Divided Zone. Kuwait, 2 July 2000,” United Nations Delimitation Treaties Infobase, 2002, https://www.un.org/Depts/los/LEGISLATIONANDTREATIES/PDFFILES/TREATIES/SAU-KWT2000SA.PDF; Peterson, “Sovereignty and Boundaries in the Gulf States,” 36–37
يشير هذا المصدر إلى وضع الجزيرتين الذي كان موضع نقاش عند توقيع الاتفاقية في العام 2000. انظر أيضًا:
Greg Shapland, “Maritime Boundaries in the Middle East,” Asian Affairs 51, no. 1 (2020): 146–168.
29 Sneha Abraham, “Understanding the Divided Zone Dispute,” Middle East Economic Digest, August 16, 2015, https://www.meed.com/understanding-the-divided-zone-dispute.
قامت شركة "تكساكو" بشراء "غيتي أويل" ومعها الامتياز الممنوح لها في المنطقة المقسومة. ثم دخلت شركة "شيفرون" المشهد عند دمجها مع "تكساكو" في العام 2001 وشرائها الامتياز.
30محمد عبد الناصر، "ماذا تعرف عن المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية؟"، صحيفة القبس، 24 كانون الأول/ديسمبر 2019،
https://alqabas.com/article/5737249-ماذا-تعرف-عن-المنطقة-المقسومة-بين-الكويت-والسعودية
انظر أيضًا: "الكويت تتدارس مع السعودية حل الخلافات بشأن حقلي نفط الخفجي والوفرة"، موقع RT، 16 كانون الأول/ديسمبر 2018،
https://arabic.rt.com/business/989174-الكويت-تتدارس-مع-السعودية-حل-الخلافات-بشأن-حقلي-نفط-الخفجي-والوفرة/
و"قصة خلاف معلن.. أزمة المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية"، ساسة بوست، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2019،
https://www.sasapost.com/saudi-kuwaiti-neutral-zone
31حاولت شركة "أمينويل" عكس قرار التأميم لكنها لم تفلح في ذلك. وكان على الكويت أن تدفع تعريضات لشركة "أمينويل". للاطّلاع على الحكم، انظر:
The State of Kuwait v The American Independent Oil Company (Kuwait v Aminoil) (1982), https://www.biicl.org/files/3938_1982_kuwait_v_aminoil.pdf
32 “Saudi Arabia,” Chevron Worldwide, https://www.chevron.com/worldwide/saudi-arabia; and Chris Baltimore, “Chevron Extends Agreement With Saudi Arabia,” Reuters, September 11, 2008, https://www.reuters.com/article/us-chevron-saudi/chevron-extends-agreement-with-saudi-arabia-idUSN1039993520080911.
33 United Nations Treaty Series, “Agreement between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait on the Partition of the Neutral Zone,” United Nations Treaty Series, 1993, 48–52, https://treaties.un.org/doc/Publication/UNTS/Volume%201750/v1750.pdf.
34الشبكة الوطنية الكويتية، "السعودية تصعد ضد الكويت وتعرقل بناء المصفاة الرابعة في منطقة الزور المتنازع عليها"، الشبكة الوطنية الكويتية، 15 تموز/يوليو 2008،
https://www.nationalkuwait.com/forum/index.php?threads/32920
تم الإعلان عن القرار السعودي في تموز/يوليو 2008 ولكن تمت المصادقة عليه في شباط/فبراير 2009. تناولت المداولات البرلمانية جذور السردية كما نقلها فهد التركي ومحيي عامر، "المقسومة تعبر بالمداولتين"، الجريدة، 23 كانون الثاني/يناير 2020، 1، 6-9؛ حمد الخلف وفهاد الشمري، "جلسة تبديد الهواجس"، صحيفة القبس، 23 كانون الثاني/يناير 2020، 8-9. لم تصبح الرسالة ومضمونها متاحين للعامة آنذاك ولم يتم ذكرهما إلا بعد انتهاء الخلاف.
35 Rania el-Gammal and Reem Shamseddine, “Saudi Arabia, Kuwait Shared Zone Tensions Underlie Oilfield Closure,” Reuters, October 21, 2014, https://www.reuters.com/article/saudi-kuwait-oil-disputes-idUSL6N0SF0BM20141021;
ومقابلة أجراها المؤلّف مع د.خالد الفاضل، وزير النفط الكويتي السابق، الكويت، 1 كانون الأول/ديسمبر 2020. قدّم د. الفاضل نبذة عن القوانين والتنظيمات الكويتية التي ينبغي أن تتقيّد بها جميع الشركات العاملة في البلاد. كان د. الفاضل وزيرًا للنفط خلال فترة انعقاد الاجتماع لكنه لم يعد في الحكومة بعد أن أدّت الحكومة قسم اليمين في 14 كانون الأول/ديسمبر 2020.
36 Abdelghani Henni, “Saudi Arabia, Kuwait Mull Resuming Production From Neutral Zone Fields,” Hart Energy, March 13, 2017, https://www.hartenergy.com/exclusives/saudi-arabia-kuwait-mull-resuming-production-neutral-zone-fields-29721.
37حفصة جودة، "قصة الصراع النفطي الخفي بين السعودية والكويت بالمنطقة المقسومة"، نون بوست، 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018،
https://www.noonpost.com/content/25410
تم الإعلان عن إجراء أعمال صيانة لمدة أسبوعين، لكن الحقل بقي مغلقًا لأكثر من أربع سنوات. انظر موقع سكاي نيوز عربية، "السعودية والكويت تغلقان حقل الوفرة"، سكاي نيوز عربية، 11 أيار/مايو 2015،
https://www.skynewsarabia.com/business/744615-السعودية-والكويت-تغلقان-حقل-الوفرة
لتسليط الضوء على أهمية إغلاق عملية بهذا الحجم، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدر قوله إن المنطقة المقسومة “هي الأصل الأكبر في العالم الذي أُوقف على نحو متعمد ولم يعد منتجًا لمدة ثلاث سنوات". كان ذلك في العام 2018. وقد توقف الإنتاج لأربع سنوات ونصف. انظر: رانيا الجمل وديمتري جدانيكوف، "توقف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة بين السعودية والكويت مع تدهور العلاقات"، رويترز، 18 تشرين الأول/أكتوبر 2018،
https://www.reuters.com/article/saudi-kuwait-oilfields-mr5-idARAKCN1MR1YP
لا يعكس عنوان المقال فهمًا للعلاقات الكويتية-السعودية والمقاربة المرنة حيال مسألة الحدود، إذ إن العلاقات لم تتدهور، وإن واجهت بعض التحديات.
38مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول بارز في وزارة الخارجية، الكويت، 9 تشرين الثاني/نوفمبر2020 ؛ و"لقاء خاص"، فيديو علي يوتيوب، 1:47:26، نُشر بواسطة القناة السعودية الإخبارية، 28 كانون الأول/ديسمبر 2019، وتمت زيارة الصفحة في 24 كانون الثاني/يناير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=gY13sknyyO0
هذه المقابلة أجرتها القناة السعودية الرسمية مع مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية يمثّلون الجانب الكويتي في المفاوضات مع السعودية.
39مقابلة أجراها المؤلّف مع د. محمد صباح الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي سابقًا، الكويت، 1 أيلول/سبتمبر 2020.
40المصدر السابق.
41مقابلة أجراها المولّف مع وليد النصف، رئيس تحرير صحيفة القبس، الكويت، 16 أيلول/سبتمبر 2020؛ ومقابلة أجراها المولّف مع مسؤول بارز في وزارة الخارجية، الكويت، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020؛ وسيف العبد الله، "الكويت تنفي تفاقم الخلاف مع السعودية حول حقلي الخفجي والوفرة"، الرياض بوست، 16 كانون الأول/ديسمبر 2018،
https://riyadhpost.live/14290
42تتألف مادة حل النزاع في اتفاقية العام 1965 (المادة 22) من خطوتين هما: أولًا، الدخول في مفاوضات ثنائية ودية يمكن بعدها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وفي مرحلة ما، ألمحت الكويت إلى هذا الخيار بعد مسار السعودية البطيء في حل القضية، لكن نظرًا إلى أن العلاقة الاستراتيجية مع السعودية تُعتبر مهمة بالنسبة إلى الكويت أيضًا، أعطت الأولوية للتوصّل إلى حلّ بوساطة مباشرة.
43فهد التركي ومحيي عامر، ""المقسومة" تعبر بالمداولتين"، الجريدة، 23 كانون الثاني/يناير 2020، 1 6-9 https://www.aljarida.com/ext/articles/print/1579712823833820000/ وانظر أيضًا:
Hamad al-Khalaf and Fahad al-Shammari, “Jalsat tabdid al-hawajis” [Parliament Session Ends Concerns (over Divided Zone Agreement)], Al-Qabas, January 23, 2020, 8–9.
ذكّر رئيس البرلمان بموقف محمد بن سلمان الذي وقف إلى جانب الكويت ضدّ فريقه، عندما أشار الأخير إلى أن السعودية تحمّلت تكاليف تشغيل المنطقة المحايدة خلال الاحتلال الكويتي. ورد محمد بن سلمان على فريقه بحضور الفريق الكويتي أن جدّه نُفي إلى الكويت وانطلق منها لاستعادة أراضيه. انظر أيضًا: "لقاء خاص"، فيديو على يوتيوب، 1:47:26، نُشر بواسطة القناة السعودية الإخبارية، 28 كانون الأول/ديسمبر 2019، تمّت زيارة الصفحة في 24 كانون الثاني/يناير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=gY13sknyyO0
44مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول بارز في الكويت، 2 كانون الأول/ديسمبر 2020.
45"الغانم في مداخلة للتاريخ يضع النقاط على الحروف حول إتفاقية المنطقة المقسومة"، فيديو على يوتيوب، 25:05، نُشر بواسطة مجلس الأمة، 9 كانون الثاني/يناير 2020، تمّت زيارة الصفحة في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=YYoWBIMD_iQ;
ومرزوق الغانم، مقابلة مع علي خاجه، قناة الراي، 3 كانون الأول/ديسمبر 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=xqGSrrdprsE&list=UUurswD2w4wt1sWF0G-fZV2g&ab_channel=ALZIADIQ8BlogPlus2
46 Mubasher, “Kuwait Has World’s Sixth Largest Oil Reserves of 104 bln Barrels,” Mubasher, April 16, 2013, https://english.mubasher.info/news/2296423/Kuwait-has-world-s-sixth-largest-oil-reserves-of-104-bln-barrels; and Reuters, “Kuwait, Saudi Arabia Start Trial Oil Pumping From Divided Zone: Kuwait Minister,” Reuters, February 16, 2020, https://www.reuters.com/article/us-kuwait-saudi-oil/kuwait-saudi-arabia-start-trial-oil-pumping-from-divided-zone-kuwait-minister-idUSKBN20A0I9.
47 Benoit Faucon and Summer Said, “Saudi Arabia and Kuwait End Dispute Over Shared Oil Fields,” Wall Street Journal, December 24, 2019, https://www.wsj.com/articles/saudi-arabia-and-kuwait-end-dispute-over-shared-oil-fields-11577191072; Hartford Business, “Trump Asks Saudi Arabia to Increase Oil Production,” June 30, 2018, https://www.hartfordbusiness.com/article/trump-asks-saudi-arabia-to-increase-oil-production; and DW, “Kuwait Pumps Up Oil Output as Part of OPEC Russia Plan,” June 30, 2018, https://www.dw.com/en/kuwait-pumps-up-oil-output-as-part-of-opec-russia-plan/a-44470829.
48مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول بارز في وزارة الخارجية، الكويت، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020؛ و"لقاء خاص"، فيديو على يوتيوب، 1:47:26، نُشر بواسطة القناة السعودية الإخبارية، 28 كانون الأول/ديسمبر 2019، تمّت زيارة الصفحة في 24 كانون الثاني/يناير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=gY13sknyyO0
49مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول بارز في وزارة الخارجية، الكويت، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020؛ و"لقاء خاص"، فيديو على يوتيوب، 1:47:26، نُشر بواسطة القناة السعودية الإخبارية، 28 كانون الأول/ديسمبر 2019، تمّت زيارة الصفحة في 24 كانون الثاني/يناير 2020،
https://www.youtube.com/watch?v=gY13sknyyO0
ومقابلة أجراها المؤلّف مع د. الفاضل، الكويت، 1 كانون الأول/ديسمبر 2020.
50انظر المادة 3 من القانون رقم 1 للعام 2020، الاتفاقية الملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، الكويت اليوم – الصحيفة الرسمية، الإصدار 1482، 2 شباط/فبراير 2020، ص. 2-11؛ ومسلم عبدالودود، "ماذا يعني اتفاق الكويت والسعودية حول المنطقة المقسومة؟"، موقع خبريات، 25 كانون الأول/ديسمبر 2019،
https://hafryat.com/en/node/13801
يشير نموذج العمليات المشتركة إلى تأسيس شركة كويتية-سعودية مقسّمة بالتساوي لإدارة حقول النفط في المنطقة المقسومة. وتدير العمليات البرية عمليات الوفرة المشتركة، التي تمولها وتديرها بشكل متساوٍ الشركة الكويتية لنفط الخليج وشركة "شيفرون العربية السعودية"، اللتين تمثلان الحصص المتساوية للدولتين. والأمر سيان بالنسبة إلى العمليات البحرية في إطار عمليات الخفجي المشتركة، التي تديرها أيضًا بشكل مشترك الشركة الكويتية لنفط الخليج (كممثلة لدولة الكويت)، وشركة أرامكو لأعمال الخليج المحدودة (كممثلة للمملكة العربية السعودية). للاطّلاع على المزيد من التفاصيل حول العمليات، انظر:
NS Energy, “Al-Khafji Field Development, Saudi-Kuwaiti Neutral Zone,” NS Energy, https://www.nsenergybusiness.com/projects/khafji-field-saudi-kuwaiti-neutral-zone;
والشركة الكويتية لنفط الخليج، "النفط والغاز"،
https://www.kgoc.com/UI/oil-gas.aspx
وأيضًا:
OGJ editors, “Kuwait and Saudi Arabia to Resume Joint Oil Production,” Oil & Gas Journal, https://www.ogj.com/general-interest/article/14074106/kuwait-saudi-arabia-to-resume-joint-oil-production.
51في كانون الثاني/يناير 2021، سعت السعودية إلى وضع حدّ للخلاف الخليجي، وطمأنت سوق الطاقة من خلال تحمّل أعباء خفض الإنتاج في اجتماع أوبك+ الأخير. وقد سبق ذلك إنهاء الخلاف الحدودي مع الكويت، وأعقبه تخفيف الأحكام الصادرة بحق عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وخفض عدد الإعدامات في العام 2020. ويربط العديد من المراقبين علامات هذا التحول بالتغيير الأخير في الإدارة الأميركية، في حين يقلّل آخرون من شأن هذا العامل ويؤكدون على ضرورة إعادة رسم صورة ولي العهد كرجل دولة أكثر مسؤولية على ضوء خلافة وشيكة واستمرار السخط الأجنبي من سياساته السابقة.
52مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول بارز في وزارة الخارجية، الكويت، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
53تتألف مذكرة التفاهم من 18 مادة، وتفصّل المواد 5-9 التعويضات. انظر مشروع قانون مذكرة تفاهم بين حكومة دولة الكويت وحكومة المملكة العربية السعودية"، مجلس الوزراء، الكويت، 7 كانون الثاني/يناير 2020.
54تنص المادة 3 من مذكرة التفاهم بين السعودية والكويت على أن "ترعى شركة "شيفرون العربية السعودية" مصالح المملكة العربية السعودية في المنطقة المقسومة ومنطقة الستة أميال بحرية من المنطقة المغمورة المقسومة، بموجب اتفاقية الامتياز المبرمة مع حكومة المملكة العربية السعودية، التي سوف تنتهي بتاريخ 3 ربيع الأول 1469هــ، الموافق 31 ديسمبر (كانون الأول) 2046 م"، انظر:
United Nations, “Kuwait—Supplementary Agreement to the Agreement between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait on the Partition of the Neutral Zone and to the Agreement Between the Kingdom of Saudi Arabia and the State of Kuwait Concerning the Submerged Area Adjacent to the Divided Zone, 24 December 2019,” United Nations, page last updated December 1, 2020, https://www.un.org/Depts/los/LEGISLATIONANDTREATIES/PDFFILES/TREATIES/KuwaitSaudiArabiaTreaty_English.pdf
يُعتبر العام 2039 تاريخ انتهاء الأكثر تداولًا، وهو التاريخ الذي شاركه مسؤول نفطي خلال مقابلة أجراها معه المؤلّف قبل سماعه بالبند الذي ينص على أن 2046 هو عام الانتهاء في مذكرة التفاهم، وبعد ذلك طلب الالتزام بالتاريخ الوارد في مذكرة التفاهم. مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول في القطاع النفطي (عبر الهاتف)، 15 شباط/فبراير 2021. من الممكن تفسير ذلك على أن تاريخ الانتهاء هو 2046 بالفعل أو أنه العام 2039 بالنسبة إلى شركة "شيفرون العربية السعودية" لكن يُبقي الطرفان حيزًا من المرونة من خلال ترك بضع السنوات للتفاوض على وضع الامتياز بعد تاريخ انتهائه في العام 2039.
55مجلس الأمة، "التقرير الثالث للجنة الشؤون الخارجية بالموافقة على (1) مشروع قانون بالموافقة على مذكرة تفاهم بين الكويت والسعودية، و(2) مشروع قانون بالموافقة على اتفاقية ملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين حكومة الكويت وحكومة السعودية"، مجلس الأمة، الكويت، 20 كانون الثاني/يناير 2020.
56 Krista E. Wiegand, “Resolution of Border Disputes in the Arabian Gulf,” The Journal of Territorial and Maritime Studies 1, no. 1 (January 2014), 37.
57 "الجبير يزور البلاد لتوقيع صيغة مجلس التنسيق السعودي – الكويتي"، الجريدة، 18 تموز/يوليو 2018، https://www.aljarida.com/articles/1531851501144790200