مازن حماد- الوطن القطرية
نعرف جميعا في هذه المنطقة من العالم، أن أحدا لن يستطيع وقف حملة بوتين العسكرية في سوريا، سوى الولايات المتحدة. لكن رياح واشنطن لا تسير كما تشتهي سفننا، ليس فقط لأن الروس ماضون بتصميم واضح لاستكمال أهدافهم دون أن نسمع حرفا واحدا يفيد بأن الأميركيين يعتزمون فعل شيء لعرقلة الخطط الروسية، ولكن لأن باراك أوباما «لا يكترث بالفوضى التي تعم الشرق الأوسط» على حد قول الجنرال الأميركي المعروف ديفيد بترايوس.
وبترايوس ليس الأميركي المتنفذ الوحيد الذي تحدث بهذه اللهجة، إذ سمعنا «ستيفن وارن» الناطق بلسان القيادة المشتركة في البنتاغون يقول بالحرف الواحد: «لسنا قادرين على حماية المعارضة السورية.. إنها ساحة معركة لا نستطيع خلالها أن نحمي الجميع من كل شيء»! كلامه فظ وخطير، ويتعارض مع تعهدات أوباما، لكنه يتماشى تماما مع المسلك المتخاذل الحالي الذي اشتهر به الرئيس الأميركي مؤخرا.
أما الغارات الجوية المكثفة التي تشنها الطائرات الروسية على مواقع المعارضة دون تفريق بين المتطرف والمعتدل أو الإرهابي والوطني، فمدانة ومجحفة، حيث لا تجوز مثلا، المساواة بين داعش والجيش الحر واعتبارهما إرهابيين، لأنهما تحاربان «حبيب بوتين»، الإرهابي بكل المقاييس، بشار الأسد.
هذه المعضلة لم ولن تحل ما دامت موسكو تركب رأسها وتواصل احتلال الأرض دون أي التفات لضرورة استهداف داعش فقط وإعطاء المعارضة المعتدلة والوطنية حق المشاركة في بناء الوطن، بدل السعي لتحسين وضع بشار على الأرض وفرضه كطرف أساسي لتحديد مستقبل سوريا، وهو على رأس الدولة، كما يصر الكرملين.
كيف يمكن احتواء المخطط الروسي إذن، بعد أن عمل أوباما على تقويض مكانة أميركا على المستوى الجيو - سياسي في الشرق الأوسط، كما قال «ماركو روبيو» المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأميركية؟
الخبراء الروس يقولون دفاعا عن موقف رئيسهم إن «سقوط بشار يعني فقداننا ميناء طرطوس، وهذا ما لا يمكن قبوله أبدا»، لكن المضحك المبكي حقا ما أعلنه أوباما لراديو «سوا» قبل يومين، حول نية بلاده تدريب الآلاف من المعارضين السوريين لنظام الأسد (نعيما!) في غمرة تقارير مؤكدة تفيد بتأجيل أميركا معركة تحرير الأنبار العراقية حتى لا يصب أي إنجاز هناك في مصلحة الحملة الروسية! وفيما يتجذر الحلف الرباعي الذي شكلته موسكو ليضم بالإضافة لها، بغداد وطهران ودمشق بهدف ضرب مواقع داعش، لفتت الكنيسة الأورثوذكسية في موسكو أنظار العالم عند مباركتها، غير المعتادة، حملة بوتين واعتبارها «حربا مقدسة» ستحول روسيا إلى «الدولة الأنشط في العالم في مجال محاربة الإهاب»! سؤال نوجهه إلى بوتين وأوباما وكل الدول المؤثرة: هل التحرك الروسي الذي فاجأكم جميعا، هو احتلال أم استعمار أم حرب صليبية، أم كل هذه مجتمعة؟! وماذا أنتم - بالله عليكم - فاعلون؟