سياسة وأمن » دراسات سياسية

مجلس الشورى.. إلى أين؟!

في 2015/10/10

سهيلة زين العابدين حماد- المدينة السعودية-

بيّنتُ في الحلقة الماضية أنّ قانون مكافحة التمييز الإماراتي لا يختلف في مضامينه عن مشروع نظام الوحدة الوطنية الذي أسقطه مجلس الشورى، ولقد فنّد مبررات الشورى، ورد عليها عضو مجلس الشورى الدكتور ناصر بن داود في الوطن بتاريخ 25/6/2015م.

وممّا استوقفني في تلك المبررات: أولًا: قول بعضهم «أنّ أقلية تريد فرض رأيها على أكثرية، أو أنّ طائفة معينة تستغل أحداثًا لتطالب بما هو أكثر من حجمها».. فهذا القول يكشف لنا أنّ بعض أعضاء المجلس يُصنّفون النّاس تصنيفاتٍ معينة، فكيف يقبلون بنظام يُعاقب من يمارس هذه التصنيفات؟!

في حين -كما ذكر الدكتور ناصر- أنّ مشروع هذا النظام قُدِّم للمجلس قبل ست سنوات، أي قبل أحداث الدالوة والقديح والدمام، وجميع الذين قدّموه من السُّنَّة، فكيف يبدر مثل هذا القول من بعض الأعضاء، وهم على علم بذلك؟!

ثانيًا: قول بعضهم: «إنّ المطالبة بعدم التمييز في الحقوق والواجبات على أساس الجنس يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ونظام الأحوال الشخصية، بمعنى منح الجنسين نفس الحقوق في كل شيء، وذلك يلغي أحكام الإرث والزواج والعدة والنفقة وتعدد الزوجات».. وقد فات على قائليه الحقائق التالية:

1- نص المادة (2) لمشروع نظام الوحدة الوطنية على: «مبادئ الشريعة الإسلامية والنظام الأساسي للحكم يُشكِّلان مرجعية أحكام هذا النظام، وتنص المادة (8) من النظام الأساسي للحكم على أن: «يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية».. وقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في مارس الماضي: «أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات».

2- الأصل في الشرع هو المساواة بين الذكور والإناث في الأهلية والتكليف، وتحمّل أمانة الاستخلاف، وفي القصاص والحدود والعقوبات، وكذا في الثواب والعقاب، وهذا يعني مساواتهما في كل الحقوق، والاختلاف في أحكام الإرث والزواج والعدة والنفقة وتعدد الزوجات وغيرها يرجع إلى اختلاف الوظيفة الفطرية لكل منهما، ولكن يوجد تمييز واضح ضد المرأة لا علاقة له بالشريعة الإسلامية مُتمثِّل في بعض أنظمة الأحوال المدنية، والضمان الاجتماعي، والتأمينات الاجتماعية... وغيرها، وهناك أيضًا تمييز واضح بين الشخصية القانونية للرجل والمرأة، وما ترتب على هذا التمييز من أحكام تنتقص أهلية المرأة.

3- هناك خطأ في فهم الديات الشرعية، حيثُ جُعِلَ دية المرأة نصف دية الرجل، مع أنّ آية الدية لم تنص على تنصيفها، وحديثه عليه الصلاة والسلام: «وفي النفس المؤمنة مائة من الإبل».. وأضاف البيهقي: «ودية المرأة نصف دية الرجل»، فتُرِكَ كلام الله ورسوله، وأُخِذَ بإضافة البيهقي، وللأسف نُصِّفَت دية المرأة في تقدير الديات الشرعية للأخطاء الطبية.

فكيف تغيب هذه الحقائق عن أعضاء المفروض أنّهم أول من يُطالب بإلغاء هذا التمييز، بدلاً من إسقاطهم لمشروع نظام ينص على إلغائه؟. وللحديث صلة.