سياسة وأمن » دراسات سياسية

السعودية لا تستطيع الاستمرار إلى أجل غير مسمى بمشاكلها الحالية

في 2015/10/12

شؤون خليجية-

رصد الكاتب البريطاني "بريان وايتيكر" في مقال نشره بصحيفة "جارديان" البريطانية، عدة أسباب لقلق الشعب السعودي، من بينها ما عرفه الغرب بسياسة الحزم الجديدة، والتي عرفها الكاتب من جهته بسياسة اليأس.

وأشار الكاتب إلى أن الحذر الشديد ظل هو المسيطر على حكام السعودية لفترة زمنية طويلة، سواء الحذر فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أو الحذر بشكل خاص فيما يتعلق بالتغيير الداخلي، فمنذ 2005م، عندما قرر الملك أنه أصبح بالإمكان السماح بانتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية، أخذ هذا الإجراء 10 سنوات أخرى من أجل السماح للمرأة للمشاركة.

وأكد أن هناك أسبابًا تدعو للحذر، كاغتيال الملك الراحل فيصل عام 1975م، وربط ذلك بمحاولاته للإصلاح وإدخاله للتلفاز، الذي اعتبره كثيرون في ذلك الوقت أداة تشجع على الإثم.

وتحدث الكاتب عن أن قطاعات كبيرة في المجتمع السعودي وأغلب علماء الدين الذين يتمتعون بالنفوذ، مازالوا محافظين بشكل كبير، وهذه المقاومة الاجتماعية تعني أن حكام المملكة لا يستطيعون إحداث التغيير– على افتراض أنهم يريدون فعليًا إحداث التغيير- بالوتيرة المطلوبة في عالم متغير بسرعة.

واعتبر الكاتب أن أيادي حكام المملكة مكبلة، لكن الأسرة الحاكمة هي التي فعلت ذلك بنفسها عندما ربطت شرعيتها السياسية بالوهابية، وإذا لم يستطع حكام المملكة التخلص من هذا القيد فسيخسرون في النهاية.

وتطرق الكاتب للعاهل السعودي الملك سلمان، الذي تخلص من الحذر في عدة تحركات قام بها منذ وصوله للحكم في يناير الماضي، لكنه يستنزف الاحتياطي النقدي في المملكة بوتيرة لا يمكن تحملها، وشن حربًا لا يمكن تحقيق الانتصار فيها باليمن، بجانب الصراع المشتعل بالفعل عند الحدود الشمالية في العراق وحرب الكلمات مع إيران شرقًا.

وتناول الكاتب التغييرات التي أدخلها العاهل السعودي على تشكيلة الحكم في المملكة، والكوارث التي وقعت مؤخرًا في مكة ومنى، وظهور حالة من السخط من داخل الأسرة الحاكمة.

وأشار إلى قيام أحد الأمراء من أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز، بإرسال رسالة على الملأ تدعو لرحيل الملك سلمان، ويبدو أنه يتمتع بالدعم من آخرين في الأسرة الحاكمة.

وأضاف أن الأمير السعودي يقول أشياء ربما يود أن يقولها سعوديون أقل حظًا منه لكنهم لا يستطيعون، مشيرًا إلى أن دمه الملكي يعني أنه قد لا يزج به في السجن ويجلد، ومع ذلك خشي من الكشف عن اسمه.

واعتبر الكاتب أن كل هذا يسلط الضوء على المشكلات الجوهرية التي يعاني منها النظام السعودي، كالاستبداد البعيد عن المحاسبة والقرارات التي تصدر من أعلى لأسفل، والتي يعتبرها كثيرون متهورة، ولها عواقب بعيدة تتعلق بمستقبل المملكة، مشيرًا إلى أن تلك القرارات يسبقها في بعض الدول الأخرى نقاش وطني، وتعرض على الجمهور قبل الانتهاء منها، لكن هذا ليس موجودًا في السعودية.

وأبرز الكاتب القمع المستمر على نشاط المجتمع المدني في المملكة، فكلما كان المجتمع المدني منفتحًا، كلما زادت الصعوبات على الحكم الاستبدادي، معتبرًا أن الحقوق تقدم في المملكة على أنها هبة.

وتناول الكاتب غياب الأحزاب السياسية في السعودية، واتجاه السعوديين للمجالس يتجمعون فيها في البيوت لمناقشة أوضاعهم، والتي تتطرق في الغالب إلى السياسة، مضيفًا أن 10 أشخاص اعتقلوا في 2007م، لأنهم تقدموا بالتماس لتحويل نظام الحكم إلى ملكية دستورية.

وذكر أن الأنشطة غير السياسية من قبل الجمعيات الخيرية والثقافية والشبابية أو حتى المهنية ليست محل ترحيب في المملكة، وتأخذ الإجراءات سنوات قد تصل إلى 17 عامًا قبل الموافقة على تسجيلها.

واعتبر أن سياسة الحزم واللجوء للقوة العسكرية التي انتهجتها المملكة مؤخرًا، جرى الترحيب بها بشكل عام على أنها دليل على أن السعودية تصبح أقل اعتمادًا على القوة العسكرية الأمريكية، لكن هذا غير صحيح، لأن هذه السياسة تعبر عن اليأس والخوف في الخليج كله، خاصة بعد ثورات الربيع العربي.

وحذر الكاتب من استمرار المملكة في استخدام المال لعلاج المشكلات أو لإسكات المعارضة الداخلية، أو لكسب ولاء الشعب، معتبرًا أن هذا النهج يجعل المملكة أقل ميلًا للبحث واعتماد الحلول غير المالية.

وأشار إلى أن كارثة منى يمكن أن تكون مثالًا على ذلك، حيث أنفقت السعودية أموالًا ضخمة في مشاريع تهدف لتحسين وتسهيل الحج، وجعل الحج على الأقل من الناحية النظرية آمنًا، لكن ما فقدته المملكة هو البحث عن أفكار أفضل تتعلق بإدارة الحشود.

وحذر من أن المملكة لا يمكن أن تستمر بتلك الطريقة إلى أجل غير مسمى، والسعوديون باتوا يعرفون ذلك بشكل متزايد.