سياسة وأمن » دراسات سياسية

طبول الحرب بين الشرق والغرب ... هل دقّت؟!

في 2015/10/12

بينة الملحم- الرياض السعودية-

ربما لم يكن مفاجئاً لدى الراصد السياسي أنّه ومنذ أن بدأت الثورات العربية والمنطقة العربية كانت تنذر بالانقسامات والتصدّع على مستويات كثيرة، أوّلها تغيّر الخرائط الدولية، وموازين القوى، وتبدّل المحاور، وتحوّل التحالفات وتقاطع المصالح.

بدايةً منذ أن عادت الصين لتمارس دوراً دولياً بائساً وتحديداً بذلك الفيتو الأسود ضد الشعب السوري والذي انعكس بدوره على قيمة الصين التي لم يعرفها العرب حقيقةً بأي دورٍ سياسي يمسّهم من قبل، وحين بدأت تمارس دورها إذا به دور ضد الإنسان وضد كرامته وحقه في الحياة، أمّا الدولة الأخرى فلا جديد وهي روسيا سوى أنّها على ما يبدو وجدتها فرصة تسيل لعاب أوهام الاتحاد السوفياتي وأحلام التغلغل في الشرق والغرب.

وصحيحٌ أنّ القضية الفلسطينية كانت ولا تزال تثبت لنا وللعالم المُنصف والعادل على ازدواجيّة المعايير التي يحكم بها العالم، سوى أنّ الجديد الذي أثبتته ثورة الشعب السوري تحديداً هو أنّه بعد أن كان "الحد الأدنى" من الأخلاق يتمتع به مجلس الأمن وفي مواقف بعض الدول أمام الكوارث والمصائب، كل ذلك كان يعطينا مؤشرات لمرحلة ما بعد عام 2012 حيث ستسود المطاحنات بين الشرق والغرب، بين الصين والولايات المتحدة، والفرق بين الدولتين فرق في مصالحنا نحن، لهذا فإن الحالة المخيفة التي نشاهدها يومياً في سورية والعالم مجرد شرارة لما يمكن أن يتجدد!

نُذكَّر بالموقف الروسي ومنذ اندلاع شرارة ثورة الشعب السوري السلمية، والتي لم تتجاوز مجرد العتب على نظام الأسد وكيف كانت مجرّد تصريحات لذرّ الرماد بالعيون ومن أجل الإيحاء بأن المواقف الروسية مستقلة ولا تتبع لأحد.

من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى التحقيق الصحافي الذي نشرته "الجارديان" في عام ٢٠١٣ وأنه بعد 20 شهراً من الصراع في سورية بدأت دلالات التحول في الموقف الروسي المساند لنظام الأسد تلوح في الأفق، فبصرف النظر عما بدا عليه الدعم العسكري الروسي لدمشق من فشل، فإن روسيا تخشى من عوامل ثلاثة أضعفها شديد القسوة. أولها الآثار البغيضة التي ستنتج عن الدعم التقليدي لسورية، وثانيا نتاج المخاوف المحلية من نشوب ثورات شعبية في روسيا وتغيير النظام واندلاع ثورة إسلامية!

أما العامل الأخير، وفقاً للصحيفة البريطانية، فيتعلق بقراءة موسكو الخاطئة كلياً لطبيعة ثورات ما سمّي بالربيع العربي زوراً، فالعديد من محللي السياسات الخارجية في موسكو أقنعوا أنفسهم خلال العامين الماضيين بأن تلك الثورات ليست نتاج حراك شعبي، لكنها بدأت أساساً بين أروقة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه)!

لذلك فتنظيم (القاعدة) بالأمس؛ والذي يقابله اليوم (داعش)، ومنذ أن وجِد يتجاوز مجرّد ورقة لعب وصراع بين قوى المسرح السياسي إلى هدف قريب كان مكشوفاً من البداية وهو إطالة عمر بقاء الأسد.

فأيّاً يكن حقيقة تدخل روسيا العسكري في سورية اليوم فقد كان متوقعاً وكشفته مؤشرات أحداث المنطقة، وتغيّر الخرائط السياسية منذ الموقف والفيتو الروسي والصيني الأسود. ولكن للتذكير روسيا تبحث عن ثمنٍ وعوض فقط. وربما يحصل لها هذان في أي وقت!.