نادية الفواز- الشرق السعودية-
تلك المرأة التي حاكت بإبرتها ملابس الصغار وأحلامهم وطرزت على طرف منديلها الأبيض اسم من تحب، تلك التي سجلت بصمتها بغرزه الحياة والحرية والشموخ تلك التي جلست إلى ماكينة الخياطة لترقع فقر أسرتها، وتحول قطع القماش إلى مساحات فرح تهطل مع الأعياد وحكايات ثياب الدراسة، وهي التي حنت ظهرها طوال الليل وهي تحيك كنزاتها حتى تشرق ابتسامات الصغار في الصباح، وهم يرون ملابسهم نظيفة مرتبة تنتظرهم معلقة على بوابات الأمل مع الشروق، وهي التي طرزت ثوبنا العربي وصنعت قفطانه وأوشحته وغزلت كوفياته وعمائمه، وقصت المترهل من معاني الحياة ووضعت ضمادات لجراحنا النازفة إنها حمامة سلام ودرع الحماية وصمام الأمان والفتيلة التي يجب أن لا تنزع من رحم الأزمة والظهر الذي يجب أن لا ينكسر عند تكالب الأعداء تلك التي تقف لترفع واقعها ككل أعمدة خيام، وأساس بنيان الأمم ومدرسة الأجيال المرأة الأم والأخت والزوجة والابنة والحفيدة التي قال نابليون عنها «اليد التي تهز المهد… قادرة على هز العالم» إنها بانية الحضارات والمشاركة في صناعة التاريخ ودعم الأمة.
فكيف لهذه القيمة أن تستدرج إلى ساحات الإرهاب، لتغير مسارها فتحيك حزاماً ناسفاً أو جيوباً خفية لقذيفة كيف استدرجت إلى مطابخ السياسة كي تشارك في وضع السم في وجبتنا الآمنة ولقمتنا السائغة؟
لقد ظهر التأثير جلياً في صفوف النساء من خلال محاولات تجنيدهن في دعم الإرهاب وتحويلهن إلى وقود جديد في معركة ضد الإنسانية إننا نقف أمام حتمية الوصول إلى المرأة وإشراكها في مقاومة التطرف وإخراجها من قصص السبي والاغتصاب والاعتداء والتغييب الفكري إلى المشاركة الفعالة في حماية الوطن إنها الجندي المجهول الذي يجب إيقاظه وتسليحه بالمعرفة للعودة إلى ميدان المعركة وعدم تصديق الخطابات الرومانسية والروحية التي تعدها بجنات النعيم في أحضان الإرهاب، فالموت لا يخلف إلا الموت والإرهاب لا يمكن أن ينجب سلاماً مهما ارتفعت رايته وعلا صوته.
لا بد من رسم استراتيجيات لحماية وإشراك النساء في الجهود المبذولة لوقف التجنيد والتطرف، والاستفادة من جهودهن بشكل كامل في القطاع الأمني، فالمرأة قادرة على الملاحظة والتتبع وواعية بما يكفيها أن تؤدي دورها في حماية وطنها حتى لو كان المعتدي أحد أبنائها..
يقول الشاعر نزار قباني: متهمون نحن بالإرهاب.. إذا كتبنا عن بقايا وطن..
مخلع.. مفكك مهترئ.. أشلاؤه تناثرت أشلاء.. عن وطن يبحث عن عنوانه.. وأمة ليس لها أسماء!
عن وطن.. لم يبق من أشعاره العظيمة الأولى.. سوى قصائد الخنساء!!