ياسر قبيلات- البيان الاماراتية-
تستخدم موسكو مجموعة كبيرة من «الأسلحة الناعمة»، التي لا ينتبه الآخرون إليها ولا يتحسبون لقوتها، ما يجعل منها أسلحة خفية، لا تقل أهمية عن أسراب الـ «سو» ومروحيات الـ «مي».
وأول هذه الأسلحة هو القانون الدولي، الذي يسير اليوم جنباً إلى جنب مع السياسة في العقل الروسي، ليس فقط لأن بوتين ولافروف يمتلكان تأهيلاً علمياً في هذا المجال، بل لأن هذا حقل يمثل بالنسبة لدولة صاعدة، مثل روسيا، فرصة واعدة، لتسجيل نقاط ضد السياسة الأميركية، المبنية في أغلبها على مصالح تتجاهل القانون الدولي.
وفي التطبيق العملي، تصرّ موسكو على أن «المعارضة المعتدلة» مفهوم سياسي، لا مكان له في القانون الدولي، الذي لا يتعامل مع «معتدل» و«غير معتدل»، بل مع «شرعي» و«غير شرعي»؛ وأن واقع القانون الدولي يلفت إلى أن العلم المرفوع أمام الأمم المتحدة هو العلم الذي تتمسك به الحكومة، وليس الذي ترفعه القوى المناوئة لها. وممثل سوريا في المنظمة الدولية هو مندوب الحكومة السورية..
وليس ممثل خصومها. وحين تشير الأمم المتحدة وأمينها العام ومجلس الأمن إلى الرئيس السوري فإنهم يقصدون على وجه الحصر بشار الأسد. وهذا يقود إلى الموقف الروسي القائل إن الحكومة القائمة لا تزال تمثل في واقع القانون الدولي الشرعية السورية؛ وصولاً إلى عدم شرعية رفع السلاح بوجهها.
وخلافاً لواشنطن، التي تتجاهل لاعتبارات سياسية معروفة الحكومة السورية وضرورة الحصول على تفويض أممي، فإن موسكو حرصت أن يأتي تواجدها العسكري في سياق يحميه القانون الدولي، وبهذا انفردت طائراتها بامتلاك حق شرعي بالتحليق في الأجواء السورية؛ ما يمكّنها الانتقال في يوم مقبل من طلب التنسيق مع الأميركيين في الأجواء، إلى تطبيق أي قرار من الحكومة السورية بإغلاق المجال الجوي.
وفي الواقع، فإن استخدام الروس للقانون الدولي، وتجاهل الأميركيين له مكّن موسكو من تحقيق أفضلية سياسية واضحة، بينما تخاطر واشنطن في أن تجد نفسها غير ذات شأن في معركة مكافحة الإرهاب وخارج المعادلة الدولية الملحة.
ولا بد أن يكون في المفاضلة بين الحالتين معان توضح صعود روسيا، وتراجع الدور الأميركي، ولماذا أصبحت أميركا أصغر وأضعف من الفكرة الإمبريالية، التي كانت تضمن لها النفوذ والهيمنة المطلقين..!
ربما هي فعالية الأسلحة الخفية الناعمة!