سياسة وأمن » دراسات سياسية

انتخابات الشورى .. وأمانة الاختيار

في 2015/10/20

رأي الوطن العمانية-

خمسة أيام تفصلنا عن موعد العرس الانتخابي الذي يعد أحد الأيام الوطنية في تاريخ نهضة عُمان الحديثة التي قاد مسيرتها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، حيث سيكون كل مواطن يوم الأحد القادم الخامس والعشرين من أكتوبر على موعد مع التاريخ ليكتب على صفحاته شهادة استحقاق وطني يؤكد فيها انتماءه الوطني وولاءه لوطنه وقائده، ويدون فيها ما يدل على أنه تجاوز الزمن الغابر الذي كانت فيه مظاهر القبيلة والنسب والمحسوبيات وشراء الذمم، وأن هذا المعيار بات في مرحلته الراهنة وعلى طريقة التعبير المحلي الدارج “لا يؤكل عيش”، ولا يضع حجرًا على حجر، بل إنه يزيل ما استقام من بناء أو يهدد بقاءه، لماذا؟ لأن السمات والشروط الواجب توافرها في من يتولى قيادة دفة المشاركة في عملية التنمية لا تؤهله لهذه المهمة الوطنية الكبرى، ولا يملك أبسطها، فأصبح الناخب والمنتخب كمن خرَّ عليهم السقف من فوقهم، جراء غياب الوعي والجهل بمهام هذه المسؤولية الوطنية وأدوارها، والنظر إليها من منظور مادي بحت، تبعًا للسيطرة المادية والنظرة الضيقة التي تصل إلى حد النرجسية في حب الوجاهة والظهور، أو الرغبة في الحصول على عضوية مجلس الشورى لامتطاء هذه العضوية لتحقيق مصالح شخصية.

لقد أثبتت العملية الانتخابية يوم أمس الأول للعمانيين المقيمين بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذين أدلوا بأصواتهم في سفارات السلطنة بدول المجلس ومكتب السلطنة التجاري بإمارة دبي، وكذلك لرؤساء وأعضاء لجان التنظيم والفرز والعاملين في اللجان الانتخابية واللجان المنبثقة والإعلاميين في محافظات السلطنة، والناخبين من مواطني محافظتي ظفار ومسندم العاملين بمحافظة مسقط، أثبتت هذه العملية مدى الوعي بأهمية الصوت الانتخابي ودوره في المساهمة في التنمية، وصنع مستقبل عُمان، وذلك من خلال الإقبال على مراكز الاقتراع، حيث تحدوهم الآمال العراض، ولسان حالهم يقول وهم يضعون أصواتهم في الصناديق: “إنها أمانة تاريخية ومسؤولية وطنية”، باعثين هذه الإشارات المهمة والجدير أخذها في الاعتبار إلى أشقائهم الذين ينتظرون يومهم الموعود في الخامس والعشرين من أكتوبر.

نعم، أيها الناخب قد اخترت مرشحك، ولكن لا بد أن تسأل نفسك وتراجع ذاتك: على أي أساس اخترت مرشحك؟ هل من أجل مبلغ زهيد يعطيه إياك؟ أم لتعزز وضع قبيلتك في المجتمع؟ أم أن علاقة ما تربطك به غاضًّا النظر عن السمات والشروط التي يجب أن تتوافر فيه وتؤهله ليكون ممثلك؟ تأكد أيها الناخب، إن كنت قد اخترت مرشحك بناء على ذلك، فإنك قد أسأت لنفسك قبل مجتمعك ووطنك، لأن مرشحك في حالة فوزه سيكون ممثلك وعنوانًا لك، قبل أن يكون ممثلًا لولايتك ولمجتمعك ولوطنك، فهل تقبل أن يكون ممثلك الذي يتحدث باسمك وباسم وطنك وولايتك ومجتمعك غير مؤهل ولا يجيد ألف باء تنمية ولا سياسة ولا خطط ولا اقتصاد؟ وما شعورك وأنت تقف أمام الشاشات والعالم يشاهد ممثلك وقد أطاح بكل شيء تحت قبة مجلس الشورى لعدم تمكنه من أدواته؟

لا تزال هناك خمسة أيام تمثل فرصة أمام الجميع لمراجعة مواقفهم وتقديم تلبية نداء الوطن ومصلحته على المصالح الخاصة الضيقة، فهل سنعي ذلك؟ هذا ما نتمنى.