حسن علي كرم- الوطن الكويتية-
تمتد علاقة الكويت بروسيا إلى أكثر من قرن ونصف قرن يوم كانت السفن الروسية تجوب المياه الدافئة في الخليج وترمي بمراسليها على شواطئ المشيخات الخليجية، غير أنه عندما استقلت الكويت في (19 يونيو 1961) عارض الاتحاد السوفيتي الذي كان يعيش فترة الحرب الباردة مع الولايات المتحدة الامريكية حصول الكويت على عضوية الهيئة العامة للأمم المتحدة ، و ذلك بإيعاز من العراق الذي أدعى عبدالكريم قاسم تابعية الكويت للعراق ، وحال الفيتو السوفيتي دخول الكويت مبنى الهيئة الدولية و الجلوس على مقعدها فى الربع الأخير من العام ( 1963) عندما سقط نظام عبدالكريم قاسم بإنقلاب دموي نفذه البعثيون و أعدموا عبدالكريم قاسم فوراً في مبنى الاذاعة العراقية ، اعتراف الاتحاد السوفيتي بعد ذلك بالكويت ودخولها بعضوية كاملة إلى الهيئة الأممية لم يكن حدثاً عادياً ، فموسكو لم تكن تعادي الكويت كونها تصادق الغرب، ولا الكويت معادية للمعسكر الاشتراكي وللايدلوجية الشيوعية من كون الخلاف الأيدلوجي، فسياسة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله كانت مد الجسور بكل الاتجاهات ، خاصة أن الكويت كدولة صغيرة و في وسط بحر متلاطم الأمواج بحاجة إلى صداقات متعددة لا إلى عداوات ، لذلك ما ان أنتهت فعالية الفيتو السوفيتي حتى كانت الكويت استلمت مقعدها في الأمم المتحدة و تبادلت الاعترافات و قيام سفارات بينها و دول المعسكر الاشتراكي و الصين و كوبا ، فكانت الكويت أول دولة خليجية تبادلت السفارات و الاعترافات مع الدول الاشتراكية ، ثم تطورت العلاقة السياسية إلى العلاقات الاقتصادية و تبادل المصالح ، و لعلنا نذكر الصناعة الروسية و بخاصة السيارات ( موسكوفيتش ) التي جلبت إلى الأسواق الكويتية رغم تواضع صنعها ، وفي سنة (1990) أبان غزو القوات العراقية للكويت عارضت موسكو الغزو وكان لوزير خارجيتهم حينذاك شيفاردنادزا موقفاً صلبا من صدام حسين عندما قال: ينبغي دك عظامه.
روسيا لم تعد دولة شيوعية حتى نخاف أن تصدر لنا شيوعيتها ، بل لعل في ذروة شيوعيتها مدت الكويت يد العلاقة إليها، و روسيا ليست من دول العالم الثالث ، فهي لا زالت تشعر بأنها دولة عظمى و أن القطبية الامريكية كانت حالة استثنائية وأن قيصر روسيا الجديد فلاديمير بوتين عازم على استعادة الهيبة الروسية لا من خلال القوة العسكرية و التواجد في المناطق الساخنة و فرض نفوذها فحسب و لكن أيضا خلق قوة محورية و تحالفات سياسية ، فالمحور المعارض للهيمنة الامريكية في العالم يكاد يتسع هناك تحالفات جديدة تنشأ من روسيا و الصين و كوريا الشمالية و إيران و سوريا و العراق ، هذا في الظاهر لكن هناك دول أخرى قد تنضم إلى المحور الروسي الصيني ، فالعالم يتغير و الاستراتيجيات تتغير بتغير المصالح.
لا ريب في خضم الأحداث الراهنة التي تعيشها المنطقة تكسو أهميتها الزيارة المقررة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ألى روسيا مطلع الشهر القادم و ان كل الملفات سوف تكون مرشحة على طاولة البحث، خصوصا مع ما يجمع البلدين من علاقة تاريخية تمتد لعقود طويلة ، ناهيك عن المصالح المشتركة سيما في المجالات الاقتصادية و العسكرية و الثقافية و التعليمية، أن روسيا الباحثة عن دورها المفقود قادمة، وأن الاحادية القطبية لم تكن إلا استثناءً، ففي كل أدوارالتاريخ البشري كان هناك قطبان ومحوران، والصراع بين القطبين على النفوذ سيبقى قائما، ما بقي على الارض بشر.