د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج- الوطن العمانية-
عندما يدلي وزير بتصريح يؤكد فيه استمرار إقامة مشروع بالملايين من الريالات غير عاجل وغير ضروري، هل هذا يعني أن بلادنا تمر بأزمة نفطية؟ وهل هذا التصريح سوف يقنع المواطنين بخطة التقشف الحكومية المقبلة؟ هناك فعلا أزمة نفطية حقيقية ومتصاعدة، لكننا نعاني أزمة ادارتها، والاستمرار في مثل هذه المشاريع مثال على ذلك، والتصريح الجماهيري به وفي خضم التجاذبات المجتمعية، مستفز، ويؤكد على تأصيل الأزمة الادارية للأزمة النفطية، وبعد مقالين متتاليين حول الأزمة النفطية وتعاطينا الحكومي معها وصلنا الى نتيجة مهمة ، وهى أن الحل الوحيد للأزمتين ، سياسي بامتياز، فهل الظرفية الزمنية الراهنة مواتية للحل السياسي؟
تلكم رسالة عاجلة نوجهها للسلطة السياسية، ورسالتنا العاجلة اليوم إلى الناخبين العمانيين الذين هم بعد أربعة أيام على موعد مع استحقاق انتخابي لاختيار أعضاء جدد لمجلس الشورى، فما هو معيار اختيارهم للعضو؟ فمهما تكن القناعات الانتخابية، فإن المسألة المهمة التي ينبغي ألا يغفل عنها الوعي الانتخابي، هى ضرورة ربط أهلية المرشح (العضو المقبل) العلمية والعملية بظرفية الأزمة النفطية، فهى أزمة تشير كل التوقعات الى استمرارها طويلا ربما حتى بعد عام 2016، فهل نختار الأكفاء الأنسب لإدارة هذه المرحلة أم نساهم في تأزم ادارتنا لها؟ قدمنا سابقا نموذجا يعكس لنا حالة لا ترتقي الى مستوى ما الادارة الصحيحة للأزمة.
إننا أمام أزمة تهز أوضاع الدول النفطية، من هنا تبرز أهمية الأعضاء الجدد لمجلس الشورى، فأمام أول دورتهم البرلمانية قضيتان اساسيتان هما، موازنة 2016، والخطة الخمسية التاسعة الجديدة (2016- 2020م) فهل سنختارهم بعناية لهذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها البلاد؟ الحل نراه في غياب الحل السياسي أو حتى بوجوده، يكمن في الشراكة الحقيقية بين الحكومة ومجلس الشورى في تحمل تبعات المسئولية الوطنية الراهنة إذا أردنا ديمومة الاستقرار في ظل هذه الأزمة. سيكون حكمنا على الوعي الانتخابي من منظورنا الإقليمي فقط ، وقد يشكل أي الحكم مؤشرا عاما يمكن من خلاله القياس والتعميم وفقا لما نسمعه من ايجابيات مماثلة في عدة ولايات أخرى غير ولايات محافظة ظفار، ومنه يمكن القول إن هذا الوعي قد أصبح يتميز بمجموعات مميزات لافتة، أبرزها أن ارادته الانتخابية في معظمها لم تعد معومة، وإنما قد أصبحت منضوية لكيانات انتخابية أو لتفاهمات جهوية وبصورة تعبوية، بحيث أصبحت هذه الارادات محكومة بخيارات واختيارات الكيانات والتفاهمات، واللافت كذلك أن الارادة الانتخابية ـ المتكتلة ـ قد أصبحت تجمع كلها على خيار الكفاءة، وهذا لم يكن مجمعا عليه سابقا، لكن من أي رحم يمكن صناعتها أي الكفاءة؟ وهنا نجد الاختلاف الجوهري الكبير بين تلكم الكيانات الانتخابية، فالبعض يسعى لتجسيد الكفاءة من رحم كيانات مغلقة وحتى انغلاقها لم يكن جامدا كما كان في السابق، وإنما منفتح، وهذا في حد ذاته تطور له آفاقه المستقبلية، والآخرون يرون ضرورة خروجها اي الكفاءة من مصنع المواطنة التي تكون خياراتها واسعة ومتعددة ومفتوحة تماما للفرد وللجماعة، ومهما يكن فإن الكفاءة قد أصبحت شيئا مشتركا وعاما بصرف النظر عن تلكم الفوارق التقنية الكبيرة، وهذا لم يكن، ولن يكن لولا تطور تجربة الشورى في بلادنا خاصة في جانبها العملاتي عبر ترك الممارسة المجتمعية تشكل القناعات الفردية والجمعية، وتساهم في صياغة أدوات ووسائل صناعة مشاريع النخب البرلمانية، وكلما تركنا لها المساحة الكبيرة ، انتجت لنا وقائع ومنتجات من وحي التجربة نفسها، وانتجت لنا نخبا عامة يمكن الدفع بها نحو تولي مسئولية العمل الوطني المستقل أو الحكومي.
الأهم مرحليا اختيار الأعضاء وفق متطلبات المرحلة لا قفزا فوقها، للزوم فعالية المشاركة التي نعول عليها لتحسين إدارة الحكومة للأزمة النفطية لتحقيق هدفين في وقت واحد، الخروج من الأزمة بأقل الخسائر والانطلاق من رحمها لايجاد مصادر دخل جديدة، والامكانية متوفرة، والمصادر متوافرة، تنقصنا فقط إدارة صناعة قطاعات السياحة والخدمات اللوجستية والزراعة والثروة السمكية .. الخ مع التركيز على تنمية العنصر البشري مع وضع جدول زمني ملزم لتحقيق النسب المئوية للتنويع الاقتصادي حدود استكمالها العليا عشرين سنة مقبلة، فمن رحم الأزمات يمكننا ايجاد المنجزات الكبيرة.