شؤون خليجية-
تأتي الضربات الروسية لسوريا في وقت زادت فيه وتيرة التقارير الغربية، التي تشير لقرب انهيار النظام السعودي، نظرًا للتحديات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية، والخارجية الحوثي وداعش وإيران، والتي تمثل عبئًا كبيرًا على الإدارة الحالية، قد تجعلها عاجزة عن الاهتمام بملفات أخرى وعلى رأسها الأزمة السورية، خاصة بعد التدخل الروسي ومحاولات تغيير المعادلة لصالح النظام السوري، مما يثير العديد من التساؤلات حول مدى قدرة السعودية على مواصلة الدعم المقدم للمعارضة السورية، خوفًا من نجاح الأسد وشركائه في قلب المعادلة لصالحهم، بما يصب في صالح المشروع الإيراني، الذي تبذل السعودية ودول الخليج جهودًا مضنية لعرقلته ومنعه من تطويق الخليج وتهديد الأمن والاستقرار فيه، وكذلك وضع حد للتدخل الروسي الذي يتطور لصالح دعم الحركات والجماعات الموالية لإيران في المنطقة، خاصة في اليمن التي تشهد حربًا ضروسًا ما بين المملكة وحلفائها من جهة، وما بين جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح من جهة أخرى، تلك المواجهة التي يخشى من استمرارها بسبب الدعم الإيراني والروسي المستمر لجماعة الحوثي، لفرض المزيد من الضغوط على المملكة لإجبارها على التخلي عن المعارضة السورية، وترك الساحة مفتوحة لروسيا وإيران لحسم المعركة لصالح بشار الأسد ونظامه، حفاظًا على مصالحهم ومشاريعهم في المنطقة، حتى ولو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار فيها.
المعادلة الصعبة والخيار المر
أدت التطورات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد توقيع الإدارة الأمريكية الحالية اتفاقية مع إيران بخصوص مشروعها النووي، وموافقة الكونجرس الأمريكي على تجميد العقوبات المفروضة عليها، والتعاون والتفاهم البادي على العلاقات المشتركة، لتعقيد المشهد ودفع دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، لإعادة التفكير في حساباتها وعلاقاتها الخارجية، بعد أن ثبت بالدليل أن هناك صعوبة في الاعتماد على الولايات المتحدة لحماية الأمن الخليجي، الأمر الذي أدى إلى تأزيم الأمور بشكل معقد، فالمملكة بين خيارات صعبة أحلاها مر، فإما أن ترضخ للضغوط الروسية وتخلع يدها من الأزمة السورية، وتترك روسيا وإيران لاستكمال مشاريعهما الخاصة بالسيطرة على تطورات الأحداث فيها، وإما أن تتعاون مع الولايات المتحدة التي لا ترغب في استحواذ روسيا على مجمل الأوضاع في سوريا، وتسعى لإطالة أمد الصراع من خلال إحداث حالة من التوازن ما بين روسيا وإيران من جهة، وما بين السعودية ودول الخليج من جهة أخرى، أو أن تعمد إلى عقد شراكة مثلما يجري الآن مع تركيا أكبر المتضررين من الوجود الروسي في سوريا، وتستمر في مواجهة الحرب الروسية الداعمة لنظام الأسد، مهما كانت التضحيات والتحديات التي تواجهها المملكة، والتي قد تزيد من حدة التهديدات الداخلية والخارجية، التي قد تؤثر على الأمن والاستقرار فيها.
وعلى ما يبدو أن المملكة قد تبنت الخيار المر، وهو التحالف مع تركيا وشركائها في المنطقة لمواجهة التحالف الروسي الإيراني السوري الجديد، باعتبار أن ذلك هو الخيار الوحيد المتاح للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، والحيلولة بين إيران وشركائها، وبين الاستحواذ على المنطقة، ولعب دور أكبر من خلال حلفائها في العراق وسوريا واليمن، خاصة وأن الولايات المتحدة منشغلة في هذا الوقت الحساس من عمر المنطقة بملف الانتخابات الرئاسية، وصارت المنطقة تستحوذ على أولوية ثانية في اهتماماتها الخارجية، فضلًا عن أنها لا تملك رؤية لمستقبل الأوضاع والتطورات في سوريا، بعد أن سمحت لروسيا بلعب دور المنقذ للرئيس السوري بشار الأسد.
وحسب العديد من الخبراء، يعتبر الخيار السعودي من أفضل الخيارات الممكنة في هذا الوقت الحساس، للعديد من الأسباب، أهمها:
أولاً: قطع الطريق على روسيا التي تحاول استغلال انشغال الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية، وإحراز تقدم لصالح النظام السوري على حساب المعارضة والشعب السوري، الذي فقد مئات الآلاف من أبنائه من أجل الحرية والديموقراطية والكرامة الإنسانية.
ثانيًا: تكوين حلف سني قادر على مواجهة التحديات الخارجية، وخاصة المشاريع الغربية والصهيونية والإيرانية التي تستهدف نهب ثروات المنطقة بعد تقسيمها وتفتيتها إلى دويلات صغيرة متناحرة.
ثالثًا: مواجهة محاولات تهديد أمن واستقرار الأنظمة الداعمة لثورات الربيع العربي من خلال دعم الإرهاب ونشر الذعر في صفوف مواطنيها، مثلما حدث مؤخرًا في تركيا التي باتت تعاني من شبح الإرهاب.
رابعًا: التأكد من أن الاعتماد على الذات في مواجهة التحديات أفضل بكثير من الاعتماد على الآخرين، وخاصة الولايات المتحدة، التي ثبت بالدليل القاطع أنها لا تبحث سوى عن مصالحها ومصالح حليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني في المنطقة، وأنها قد تضحي بمصالح حلفائها في دول الخليج العربي إذا تعارضت مصالحها مع مصالحهم، أو إذ قررت تغيير هؤلاء الحلفاء بحلفاء جدد كإيران، مثلما حدث خلال الفترة الماضية.
خامساً: تراجع الجماعات الموالية لإيران عن مواقفها، وقبولها بقرارات الأمم المتحدة مثلما شاهدنا في اليمن من قبل جماعة الحوثي، التي تحاول كسب التعاطف الدولي تجاهها بعد تراجع الدعم المقدم إليها من قبل إيران وروسيا لانشغالهما بالملف السوري، والحفاظ على بقائها في اليمن بعد الضربات القاسمة التي وجهت إليها خلال الفترة الماضية.
إلا أنه ورغم ذلك فإن هذا الخيار يمثل تحديًا كبيرًا، لأنه ليس موجهًا إلى العدو الإيراني والروسي فحسب، بل وإلى المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة، لذلك فإن احتمالات مواجهته ومواجهة الأنظمة الداعمة والمشاركة فيها ستكون كبيرة، لأن ذلك يرتبط بمواجهة الهيمنة الأمريكية في المنطقة ومحاولات تغيير هيكل المنطقة لإدماج الكيان الصهيوني فيها، وجعله من أكبر وأقوى الكيانات الموجودة فيها خلال الفترة المقبلة.
تناقضات المصالح في المنطقة
يبدو أن الصراع في سوريا قد تحول من صراع داخلي للحصول على الحرية والديموقراطية إلى صراع مصالح خارجي في المنطقة، ومما يزيد من حدة الصراع تناقض المصالح الخاصة بالقوى الخارجية، فما تريده الولايات المتحدة الأمريكية وشريكها الاستراتيجي الكيان الصهيوني يختلف جذريًا عما تسعى إليه روسيا والصين وإيران، ويختلف كذلك مع الأهداف والمصالح الخليجية الداعمة للمعارضة السورية، بل وتختلف المصالح داخل كل جبهة من دولة لأخرى، فما تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية من محاولات للهيمنة والسيطرة وفرض نفوذها على المنطقة، باعتبار أنها القطب الأوحد المسيطر على العالم، يختلف عما يريده شركاؤها الأوربيون الذين يبحثون فقط عن مصالحهم الاقتصادية في المنطقة، والصهاينة الذين يبحثون عن شريك يضمن لهم الأمن والاستقرار على حدودهم، ويسمح لهم بمواصلة احتلال هضبة الجولان دون أي محاولة أو مساعي لاستردادها، الأمر نفسه بالنسبة للحلف الروسي الإيراني، فما تسعى إليه روسيا من ضمان بقاء قاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس والحفاظ على مصالحها مع نظام الأسد، يختلف عن إيران التي تسعى لاستكمال مشروع الهلال الشيعي الخاص بها، خاصة بعد أن مني بانتكاسة كبيرة على خلفية الضربات الموجعة التي تتعرض لها جماعة الحوثي في اليمن، والتي أجبرتها على ترك العديد من المحافظات التي احتلتها عقب إسقاط حكومة الرئيس عبدربه منصور.
وفي الواقع أن هذه التناقضات وإن كانت تعقد المشهد من جهة، إلا أنها تفتح المجال أمام الخليج وعلى رأسه المملكة العربية السعودية للتواصل مع الجميع والتأكيد على رؤاها الخاصة بالحل، باعتبار أن مسألة الحفاظ على الأسد ليست استراتيجية ثابتة تتبناها القوى العظمي وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، وإنما المصالح الاستراتيجية الخاصة بكل دولة، وهو ما يمكن التفاوض بشأنه والوصول لحلول توافقيه.
ولذلك نلحظ قيام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بلقاء نظيره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وكذلك لقاء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة إشكاليتين أساسيتين؛ كيفية محاربة الإرهاب في سوريا، وصياغة حلّ في هذا البلد. وما تبعه من تأكيدات خاصة لوزير الخارجية السعودية تفيد بوجود السعودية ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد بعد عملية انتقالية تحفظ وحدة سوريا وبقاء مؤسساتها.
تلك اللقاءات التي أثارت حفيظة الخبراء والمحللين الذين اعتبروها تعبر عن تناقض السياسات السعودية المعلنة تجاه الأوضاع في سوريا، بينما الواقع أن المملكة تحاول استغلال تناقض المصالح في سوريا للوصول إلى حلول توافقيه بخصوص مستقبل تلك الأزمة، بحيث لا تترك المجال لإيران لمواصلة مشروعها في المنطقة، وذلك بالرغم من عدم رضاها عن استمرار الضربات الروسية للمعارضة السورية، بزعم أن تلك الضربات موجهة لتنظيم داعش، بينما هي في الحقيقة موجهة ضد المعارضة السنية المعتدلة.
فبالرغم من التناقض الكبير بين الموقفين الروسي والسعودي، إلا أن الطرفين يحرصان على التأكيد على أن مواقفهم متطابقة، حيث سبق وأن أشار وزير الخارجية الروسي إلى أن موقف السعودية يتطابق مع الموقف الروسي، فيما يخصّ هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
من جهة ثانية، يعتبر محللون سياسيون أنّ السعودية لا تريد أن تتعامل مع روسيا كعدو، في سياق الهزة التي تتعرض لها العلاقة السعودية – الأميركية، والتدخل السعودي العسكري في اليمن، بل على العكس تعمل على استغلال التناقضات لدفع روسيا للضغط على الأسد للرحيل حتى ولو بعد فترة انتقالية قصيرة، وهذا ما يعني أن المتغير السعودي الوحيد الذي يمكن تسجيله هنا، أن المملكة تخلّت عن شرط رحيل الأسد الفوري، وصارت قابلة لبقائه بشكل رمزي في مرحلة انتقالية تنتهي برحيله، بحسب ما يرى البعض. فالسعودية تصرّ على رحيل الرئيس السوري، لكنها تعرض اليوم التفاوض مع روسيا وإيران على التوقيت.
فالنظام السعودي الذي يواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية يحرص على عدم مصادمة الروس في الأزمة السورية، لإبعادهم عن العدو التقليدي إيران، التي تحاول ومن ورائها نظام الأسد الاحتماء بالدب الروسي، ومن ثم فهي تسعى خلف حل سياسي للأزمة عن طريق محادثات جنيف التي كانت روسيا طرفًا فاعلًا فيها .
وفي هذا الصدد حاولت السعودية مجاراة روسيا في مساعيها للحل السياسي، واستقبلت اللواء علي مملوك في جدة في 7 يوليو الماضي، وكان هدف اللقاء هو إسقاط القناع الذي يخفي وجه النظام السوري وتعرية رئيسه بشار الأسد أمام الروس، ولما فشلت في تحقيق هذا الهدف، أصبحت التصريحات السعودية عبر وزير خارجيتها أكثر قوة، حيث صرح الجبير على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: إنه "لا مستقبل للأسد في سوريا"، مضيفًا أن: "هناك خيارين أمامه، يتمثل الأول في عملية سياسية يتم من خلالها تشكيل مجلس انتقالي ورحيل الأسد، والآخر عسكري ينتهي أيضًا برحيله، وهو ما يعني أن النظام السعودي يحاول أن يمسك العصا من المنتصف، بحيث لا يدخل في صراع عسكري مع الروس على الأرض السورية".
خيارات السعودية لمواجهة التدخل الروسي المباشر
على عكس ما هو متوقع، زادت الضربات الروسية الموجهة لقوى المعارضة المعتدلة في سوريا من تصميم المملكة العربية السعودية على الإطاحة بالأسد، خاصة بعد أن بدت على هذا النظام علامات الضعف والتراجع أمام مقاتلي المعارضة، وهي تهدف من خلال ذلك إلى كسر المحور الشيعي (طهران – دمشق – حزب الله)، وذلك بهدف مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة، الذي يستهدف استنزاف السعودية ودول الخليج، فالتأخر عن الحسم في المواقف يضاعف الخسائر يومًا بعد يوم، كما يزيد من المخاطر لدرجة احتمال دخول دول الخليج في حروب قد تنتهي باختفاء بعضها تحت احتلال أجنبي، أو دخول منظمات إرهابية كداعش لضرب عمق الدول الخليجية، مدعومة بصمت غربي وسلاح ومعلومات "روسية – إيرانية – إسرائيلية".
وقد وضعت تلك الضربات– حسب صحيفة لوموند دبلوماتيك– السعودية أمام خيارين، إما زيادة دعمها لفصائل المعارضة، أو تركهم ينضمون لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، إلا أنها قد فضلت الخيار الأول، باعتبار أنه يمثل المصلحة الكبرى لها ولمصالحها ولنفوذها في المنطقة، وهذا الخيار يتطلب العديد من الأمور حتى ينجح في تحقيق الهدف منه، أهمها:
1- المساهمة في توحيد الثوار السوريين قدر الإمكان، وتزويدهم بأسلحة نوعية، وتنسيق صفوف المعارضة السياسية لتشكل كيان فاعل يعبر عن الثوار المقاتلين على الأرض.
2- التحالف الوثيق مع دول ذات ثقل إقليمي كتركيا وباكستان، ليس فيما يخص سوريا وحسب، بل على المستوى الاستراتيجي.
3- صياغة خطاب إسلامي جديد يمثل تطلعات الشعوب السنية، وتبني مصطلح الجهاد والتنظير الصحيح له، ليتم بذلك قطع الطريق على اجتذاب التنظيمات الإرهابية للشباب الغاضب.
ويمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه المملكة في هذا الشأن في الانسحابات المتوالية من قبل حلفائها، فبعد انسحاب مصر التي أشادت بالضربات الجوية، فضل الأردن والإمارات التراجع أيضًا عن دعمهما للسعودية. إذ إن كل طرف له حساباته المعقدة، فالقاهرة تشيد بالضربات الروسية لرغبتها في القيام بضربات مماثلة بليبيا، أما موقف الإمارات المعادي للإخوان المسلمين والمجموعات المسلحة المتشددة فلم يتغير، وبالنسبة للأردن فإنه يرفع شعار الحياد، نظرًا لحدوده الممتدة مع سوريا، وخوفًا من انتقال الصراع لأراضيه.
وبالتالي فهي في حاجة للبحث عن حلفاء وشركاء جدد حتى تستطيع مواصلة دعمها لقوى المعارضة السورية، وهذا ما وضح بعد تقاربها مع تركيا خلال الفترة الماضية، وقيامهما بالتنسيق سويًا لدعم المعارضة السورية، حتى لا تكسرهم الضربات الروسية الموجعة، والتي سمحت للنظام بالتقدم في بعض المناطق.
استمرار المواقف الداعمة للمعارضة
بالرغم من التحليلات التي أشارت إلى احتمالات تغير الموقف السعودي عقب الضربات الروسية لقوى المعارضة في سوريا، إلا أن وزير الخارجية السعودي شدد أكثر من مرة على أن موقف السعودية من سوريا والأسد لم يتغير.
وأكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي ونظيره التركي ريدون سينيرلي أوغلو، على اتفاق بلديهما في الاستمرار بدعم المعارضة السورية المسلحة في مواجهة القوات السورية، مشيرًا إلى أن إعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا سيؤهلنا لمحاربة الإرهاب.
وقد سبق وأن كشف مسؤول سعودي عالي المستوى أن عدداً من الأسلحة الحديثة عالية القوة، بما فيها مضادات الدروع، ستقدم لما أسماه ميليشيا "الجيش الحر" لاستخدامها في المعارك ضد الجيش العربي السوري.
ونقلت صحيفة لوموند عن مسؤول سعودي، رفض الإفصاح عن هويته، قوله «إن الدعم العسكري للمعارضة سيتضاعف»، ما ينذر بتواصل الحرب في سوريا.
ويتمثل الهدف السعودي من دعم المعارضة في هذا التوقيت في أنه يجب على المعارضة أن تجد طريقها للصمود، وأن تعيد ما خسرته، وإن لم تتمكن من إعادته، أن لا تخسر كثيرًا. بحيث يمكن في مرحلة لاحقة أن تقلب الوضع مجددًا، إذا ما حصلت على مساعدات نوعية، خاصة وأن الهجمات الروسية على الجماعات المدعومة من السعودية تشكل تهديدًا مباشرًا على المملكة، ولها تأثير مباشر على الأمن الداخلي في السعودية، لأن هذه الهجمات ستترك تأثيرًا، وقد تدفع بعض هؤلاء المتطرفين (في سوريا) للعودة إلى المملكة العربية السعودية.
وفي هذا الصدد يؤكد سامي الفرج، مستشار أمني كويتي لدى مجلس التعاون الخليجي، أن دول الخليج ستواصل تقديم الأسلحة إلى جماعات المعارضة، وأن تقديم هذه الأسلحة ليس بهدف قتال القوات الروسية في سوريا، وإنما لضمان عدم استمرار الأسد في حكم سوريا.
ويعني ذلك أن دعم السعودية للمقاومة السورية ليس خيارًا يمكنها التراجع عنه، وإنما طريق وحيد يتعين عليها أن تسلكه، لأن ما سيترتب عليه من نتائج سيتوقف عليه مستقبل النظام السعودي، الذي يواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية، بسبب المشروع الإيراني الذي بات يحاصره في أكثر من مكان، فمن شأن التخلي عن دعم المعارضة السورية، أن يعني نجاح إيران في استكمال مشروع الهلال الشيعي، وتهديد أمن واستقرار السعودية ودول الخليج.