سياسة وأمن » دراسات سياسية

خارطة طريق لمجلس التعاون

في 2015/10/31

سعيد الحمد- الايام البحرينية-

بعد المتغيرات الجيوسياسية الحادة في المنطقة وبعد ان أصبح الجميع في التعاون يدرك حجم ومخاطر الاستهداف الذي يترصده وبعد أن اصبح الوقوف على «الحياد» موقفاً يخدم مخططات المستهدفين للمنطقة وبعدما شهده الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية من متغيرات، في مقدمتها الحرب لاستعادة الشرعية في اليمن وحماية حدود وسيادة واستقرار دول التعاون بات من الضروري ترسيم ووضع خارطة طريق لدول التعاون تضع في اعتبارها جميع ما ذكرناه من عناوين كبيرة وغيرها من العناوين والتفاصيل التي تفرض وضع خارطة طريق جديدة بعد ان استنفدت خارطة الطريق القديمة التي وضعتها دول المجلس غداة تأسيسه وانشائه مطلع ثمانينات القرن الماضي.

صحيح ان تكتل دول الخليج العربي في مجلس تعاوني واحد لم يلب جميع طموحات وتطلعات ابنائه، وصحيح ان مجموعة العوائق التي حالت بين هذه التطلعات وبين تلبيتها كان ينبغي ازالتها منذ سنين وتجاوزها منذ مدة لكن الصحيح أو الأصح ان الحاجة إلى خارطة طريق جديدة أصبحت ضرورة وجود وضرورة بقاء وشرطاً من شروط الاستمرار والاستقرار المستهدف من مشاريع مضادة وخطيرة ما عادت محل جدال أو تشكيك بعد ان انكشف الغطاء عن هذه المشاريع.

ولا أزعم هنا تصوراً دقيقاً للخارطة التي لا اقترحها فقط، بل أدعو وألح عليها كمتابع قريب، بل وداخل المشهد وكمحلل سياسي عايش المشاهد طوال سنين.

لكنني ألفت النظر إلى نقطة محورية مهمة وهي ان دول التعاون ما عادت تستطيع الاطمئنان لمحيطها القريب بوجود النظام الإيراني الحالي الذي حرك وسلح وموّل ودرب واسند جيوشاً في شكل ميليشيات مسلحة للانقضاض على دولة واحدة تلو الأخرى وتقويض أنظمتها واستبدالها بأنظمة صورية يتحكم فيها عن بُعد وبالرموت كونترول نظام الملالي الإيراني الذي ظهرت أوراقه الخفية امام أبناء التعاون.

وما عادت مسألة وحدة دول التعاون بمعنى الانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد مسألة ترفية يُغالي «ولن نقول يزايد» بها المثقف والكاتب والمواطن الخليجي في دول المجلس، بل يراها بحق صمام الأمان لمستقبل مستقر سياسياً وفاعل تنموياً واقتصادياً.

فالأوضاع الاقتصادية العالمية اليوم والتراجع الحاد في أسعار النفط يضعنا في دول التعاون أمام حالة أخرى لم نعهدها من قبل وفي جميع تجاربنا السابقة ويفرض علينا صياغة مشروعنا التعاوني القادر على استعادة الاطمئنان وعودة النماء إلى اقتصادياتنا في المنطقة وفي دولنا تحديداً.

وخارج صيغة الاتحاد الخليجي سنظل مترهنين لشتى الاحتمالات ذات الأثر السلبي والسيئ على قوة وعلى نشاطنا الاقتصادي وعلى ثقلنا السياسي المتوقع مضاعفته حين نباشر بالدخول، بل حين نتحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد المنتظر.

وخارطة الطريق التي ندعو لها ربما هي التي ستؤسس لصيغة الاتحاد أو تمهد الطريق أمام التعاون لتحقيق نقلته من التعاون إلى الاتحاد دون ان تتعرض النقلة إلى عقبات ومحبطات وعوائق لا ننفيها لكن تجاوزها لا بد وان يكون عبر خارطة طريق جديدة تكسر المعوقات السابقة ولا ترهن بالمواد والنصوص القديمة التي ستأتي المواد والنصوص القانونية لهذه الخارطة بديلاً متطوراً ومتجاوزاً لما كان ومتطلعاً لما ينبغي ان يكون في ظل الظروف والمتغيرات والتبدلات التي أشرنا لها.

نحن الآن لا نعيش استرخاءً في الظرف ولا نجلس في الظل الضليل، بل نحن نعيش في منطقة ملتهبة تحيط بنا مناطق عربية أكثر التهاباً في داخلها والوضع العالمي مفتوح على مؤشرات غير مطمئنة وبالنتيجة فلا بد من ان ندرأ كل الأخطار وعلى أي مستوى كان، ولا بد من خطوات فاعلة وكبيرة في هذا الاتجاه، ولا بد من خارطة طريق جديدة وديناميكية لدول التعاون الخليجي.