سياسة وأمن » دراسات سياسية

لماذا تزيد السعودية من حضورها العسكري في المنطقة؟

في 2015/10/31

الخليج الجديد-

في خضم ما يوصف بالربيع العربي ومن خلفية حسم إيران لأزمتها النووية مع الغرب، تتجه السعودية إلى تقوية حضورها العسكري المباشر في المنطقة، فهل يشير ذلك إلى مواجهة النفوذ الإيراني هناك أو إلى المنافسة على دور شرطي المنطقة؟

يخطط القادة السعوديون لجعل بلدهم الأكثر ثراء، القوة العسكرية الأكبر في المنطقة العربية، حيث من المتوقع أن تزداد القدرة العسكرية السعودية على مدى 5 أعوام مقبلة بإنفاق يصل 150 مليار، كما يرى محللو معهد لندن للدراسات الاستراتيجية الدولية في تقرير نشر عام 2015.

لكن اللواء المتقاعد في الجيش المصري طلعت مسلّم يشير إلى «أنّ انخفاض أسعار النفط وبالتالي انخفاض الموارد المالية في المملكة العربية السعودية سيكون له تأثيره على خفض العمل العسكري السعودي في المنطقة».

يأتي هذا في ظل تراجع دور مصر المشغولة بعلاج قروح تجربة ” الربيع العربي” فيها، دون أن ينسى الساسة المصريون أنّ الدعم السعودي هو الذي ساهم بشكل كبير في ازاحة الاخوان المسلمين عن السلطة هناك. إن ذلك يطرح سؤالا حول ما إذا كانت السعودية تود أخذ دور مصر الريادي، على الصعيد السياسي والعسكري، كما في الحقبة الناصرية.

اللواء المتقاعد في الجيش المصري طلعت مسلّم يجيب على ذلك بالقول: “لن تستطيع (السعودية) ان تأخذ دور مصر العسكري، ولكنها تحاول أخذ دور القيادة السياسية. وكان هذا واضحا في تصرفها بخصوص مقترح تشكيل القوة العربية الموحدة المزمع إنشائها بواسطة الجامعة العربية، حيث نلاحظ أنها قد طلبت تأجيل المشروع، ساعية الى لعب دور قيادي سياسي”.

أولويات السعودية: سوريا واليمن

وتهتم العائلة الملكة السعودية الآن بشكل خاص بأولويتين اثنتين ، هما ازاحة بشار الاسد عن السلطة في سوريا باعتباره أقوى حليف لإيران في المنطقة، وأزاحه الحوثيين وعلي عبد الله صالح في اليمن وهو ائتلاف ترى فيه السعودية واجهة قوية لإيران، وهذا ما يدفع بالمراقب لأخذ فرضيةّ التدخل العسكري البري السعودي في اليمن بعين الاعتبار، غير أن اللواء المتقاعد في الجيش المصري طلعت مسلّم يعتبرفي حديثه مع DW عربية أن «التدخل البري السعودي في اليمن محدود للغاية، بل إن القوات الإماراتية البرية تلعب هناك دورا أكبر».

في السابق كانت سياسة المملكة العربية السعودية في المنطقة تتفادى التدخل العسكري المباشر، فاكتفت بتحريك حروب النيابة أو الوساطة السياسية وفي أسوأ الأحوال بتدبير انقلابات عسكرية في البلدان المعنية ، فيما يتسمّ دورها الجديد بالتدخل المباشر بالقوات والطائرات ، وهذا ما يثير أسئلة حول مدى قدرة المملكة على التدخل وحدها بعد أن وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية على اتفاقية تنظيم عمل البرنامج النووي الإيراني المثيرة للجدل.

”منّا المال ومنكم الرجال“

شاعت في كواليس السياسة العربية خلال ثمانينات القرن الماضي وإبان الحرب العراقية الإيرانية المقولة الخليجية التي كانت تحت شعار: «منّا المال ومنكم الرجال»، وقد كان ذلك يعني أنّ الخليج يقدم الأموال والعراق يقدم الرجال للتصدي للتهديد الإيراني بتصدير الثورة الإسلامية. ولذلك أطلق على صدام حسين لقب حارس البوابة الشرقية. ومع غزو صدام حسين للكويت واحتلال حفر الباطن السعودية سقطت هذه المقولة.

السعودية تقدم اليوم المال والرجال لمحاربة التهديد الإيراني بعد أن فقدت حلفاءها الأمريكيين والأوروبيين الذين باتوا يتحدثون علنا وبصوت عال عن حقوق الإنسان المنتهكة في المملكة أوعن الوهابية التي تعتمدها المملكة كمذهب إسلامي والتي كانت سببا مباشرا في ظهور التيارات الإسلامية المتطرفة.

الأسلحة التقليدية وحدها لا تحسم الحروب، خصوصا عندما يكون عدد أفراد الجيش قليلا، والسعودية لا تملك أسلحة نووية لتغيير معادلات المنطقة. وهذا أحد أسباب مخاوفها من القوة الإيرانية المتنامية ومن المشروع النووي الإيراني المجمد حسب الاتفاق الدولي.

ويرى العديد من الخبراء أنّ التدخل العسكري السعودي في اليمن، لن يتطور الى مستوى الدفع بقوات عسكرية على الأرض، كما ذهب اللواء المتقاعد في الجيش المصري طلعت مسلّم، موضحا أن «الاحتمال الأكبر يتجلى في أن تستمر السعودية في أداء دورها العسكري في اليمن من خلال استخدام قواتها الجوية، في حين ستظل قواتها البرية هناك محدودة ومن خلال المشاركة في العلميات البرية. ولا أتصور أن تقوم السعودية بدور مشابه للدور الإيراني، حيث إن إيران تملك قوة بشرية أكبر بكثير مما لدى المملكة».