شؤون خليجية -
يفتح "شؤون خليجية" ملف العلاقات الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، تزامناً مع احتفالاتها بعيدها الوطني الـ44، الذي يوافق 2 ديسمبر من كل عام، حيث تحولت السياسة الإماراتية من عنصر قوة للعرب إلى عنصر هدم، فضلًا عن تقاربها المعلن والمستتر مع الكيان الصهيوني، وتسخير أدواتها وسياستها الخارجية للحرب على الإسلام السياسي مستخدمة كل إمكانياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية.
دولة الإمارات وبعد وفاة المؤسس الشيخ زايد آل نهيان، انحرفت علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية نحو "أيديولوجية أمنية متطرفة" تسعى لفرضها على جميع دول العالم، مستخدمة في ذلك طرقًا غير نظيفة وغير شرعية في محاولاتها لشراء التأثير والنفوذ الدولي، كان أبرز هذه الأدوات "استعمال" الدبلوماسيين الدوليين، والتبرع لمراكز الدراسات والبحوث، والابتزاز الاقتصادي والتعاقد مع شركات العلاقات العامة الدولية.
عداء لثورات الربيع العربي
تقف الإمارات موقفًا معاديًا من ثورات الربيع العربي، حيث تآمرت على كل ما من شأنه أن يحيي ثورة تكون أيقونة لبلد ديمقراطي، وفتحت أبوابها وسخرت طيرانها وفنادقها لاستضافة الهاربين من دول الربيع العربي، لتكون ملجأ لرموز الأنظمة التي أطاحت بها الثورات، بداية من أحمد شفيق أحد المرشحين الخاسرين في انتخابات الرئاسة المصرية، التي فاز بها الرئيس الشرعي د. محمد مرسي، مرورًا بالقيادي المطرود من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان، وأسرة رئيس النظام السوري بشار الأسد، وغيرهم من أنصار وأقارب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وأسرة الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.
التطبيع مع الكيان الصهيوني
فتحت الإمارات فصلًا جديدًا من التطبيع مع الكيان الصهيوني، حيث قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل ستفتتح مكتبًا لها في وقت قريب في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبو ظبي، وذلك رغم أن مبادرة السلام العربية التي تلتزم بها الإمارات تنص على عدم تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، دون اعتراف إسرائيل "بالحقوق الشرعية" للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبرت إسرائيل أن موافقة إمارة أبو ظبي على فتح ممثلية لها على أراضيها، مؤشر على أنها "لا تعيش عزلة إقليمية"، إلا أن الإمارات واصلت السير على النهج المتبع في مثل هذه المواقف، ونفت أن يكون موقفها من العلاقات مع إسرائيل قد تغير، حيث أكدت مديرة إدارة الاتصال بوزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مريم الفلاسي، أن موقف الإمارات من العلاقات مع إسرائيل لم يتغير.
دبلوماسية الابتزاز
تحت عنوان "دبلوماسية الابتزاز" نشرت تقارير صحفية تتحدث عن شروخ في جدران السياسة الخارجية للإمارات، مشيرة إلى أن الأمر غير متعلق بسوء تقدير حكام الإمارات في إدارة ملفات استراتيجية حساسة بالمنطقة، لكن الأمر يبدو كأنه نهج جديد، لاستراتيجية إماراتية مضادة لكل ما هو عروبي وإسلامي، بل ووطني، في الشرق الأوسط، بدءًا من تمويل ودعم الانقلاب العسكري في مصر، وصولاً إلى تأييد نظام بشار الأسد في سوريا، مرورًا بتقويض التحالف العسكري الخليجي في اليمن، والتماهي مع الاستراتيجية الروسية والمشروع الإيراني في المنطقة، وأخيرًا، محاصرة الاستراتيجية السعودية في الخليج، والعمل على حلحة تحالفاتها التقليدية، إقليميًا، حتى داخل البيت الخليجي.
وأشارت التقارير إلى أن السياسة الإماراتية تصطف مع مشاريع مضادة لمصالح الدول العربية والإسلامية، مستخدمة في ذلك ملاءتها المالية والاقتصادية وشبكة علاقاتها العامة المتشعبة دوليًا وإقليميًا، وهو ما يعكس قصر نظر لافت لصانع القرار السياسي في تلك الدولة العربية المسلمة، لأن الإضرار بمصالح الأشقاء والجيران، من الدول والشعوب العربية والتدخل في شؤونها الداخلية، من شأنه، استراتيجيًا، أن يلقي بظلاله السلبية على دولة الإمارات وشعبها، على المستوى المتوسط والبعيد.
وكشف تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، نشر مؤخرًا، أن دولة الإمارات هددت في وقت سابق بوقف صفقات بمليارات الجنيهات الإسترلينية، ووقف الاستثمارات داخل بريطانيا، وقطع التعاون العسكري والأمني مع لندن، ما لم تضطلع الأخيرة ممثلة في رئيس وزرائها ديفيد كاميرون، بالتحرك ضد جماعة الإخوان المسلمين، واتخاذ إجراءات قانونية صارمة بشأنها، ووصمها بالإرهاب، لدعم جنرال مصر عبد الفتاح السيسي، حليف الإمارات الأثير في المنطقة العربية.
فيما قالت صحيفة "ذي ميل أون سانداي" البريطانية، إن الإمارات العربية المتحدة تغلغلت داخل الأوساط السياسية والإعلامية البريطانية، وشكلت شبكة ناجحة لتلميع صورتها وتشويه صورة قطر والإخوان المسلمين أمام الرأي العام البريطاني. مضيفة أن "هذه الشبكة تضم مقربين من الرئيس البريطاني ديفيد كاميرون، وسعت لجعل السياسة البريطانية ملائمة للطموحات السياسية للإمارات على حساب منافسيها في منطقة الشرق الأوسط".
علاقات مشبوهة
فيما يتعلق بسياسة الإمارات تجاه ليبيا، توالت التسريبات والفضائح الموثقة حول الدور الإماراتي في الصراع الليبي، وبدأت بفضيحة العلاقة المشبوهة بين السلطات الإماراتية والمبعوث الأممي بيرناردينو ليون، والتي أظهرت انحياز الأخير لحلفاء الإمارات في الصراع الليبي، وصولاً إلى اكتشاف أمر جاسوسين إماراتيين في الأراضي الليبية، وأخيراً تقارير تحدثت عن شحنات من الأسلحة الإماراتية دخلت إلى الأراضي الليبية لدعم قوات حفتر.
كل ذلك دفع وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إلى إصدار بيان رسمي، وصفه محللون ونشطاء سياسيون بأنه "عاماً ومعوماً"، وما غاب عن البيان كان أكثر مما ورد فيه، حيث قال قرقاش في بيانه: "الإمارات تؤكد التزامها باستقرار وازدهار ليبيا والشعب الليبي، إدراكاً منها بأن ليبيا المستقرة والمعتدلة ستساهم بشكل إيجابي في المنطقة والمجتمع الدولي"، وأضاف: "إن دولة الإمارات تدعم بشكل مستمر عملية السلام، في محاولة للتوصل الى فترة انتقالية ناجحة لمصلحة الشعب الليبي والمنطقة".
مواجهة الإرهاب وعداء الإسلام السياسي
وكان الكاتب المصري فهمي هويدي قد كتب مقال في يونيو الماضي، أشار في إلى النشاطات التي تقوم بها الإمارات في مواجهة الإرهاب، ومنها إطلاق مركز "صواب" الذي يتولى مواجهة الفكر الداعشي بالتعاون مع الولايات المتحدة، والذي وقعه عن دولة الإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، وعن الولايات المتحدة وكيل وزارة الخارجية للدبلوماسية والشؤون العامة، ريتشارد ستنجل، وكذلك مركز "هداية"، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ومجلس حكماء المسلمين، معتبرًا أنها مبادرات متشابهة لا تختلف في دورها.
ولفت هويدي في مقاله الذي لاقى انتقاداً واسعاً في الإمارات، إلى عدة ملاحظات، منها أن الإمارات "لا تعاني من مشكلة التطرف والإرهاب من أي باب.. ثانيها، أن الاتفاق تم مع الولايات المتحدة، التي لا يعرف لها دور في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين.. الأمر الثالث أن المبادرات الأخرى التي أطلقتها الإمارات تصب في ذات الاتجاه".
وجاء في مقال هويدي أن "أبوظبي دخلت في مواجهة واسعة النطاق وحامية الوطيس، مع جماعات الإسلام السياسي، خصوصاً بعدما هبت رياح الربيع العربي، ورغم أنها لم تتخل عن ذلك الدور حتى الآن، إلا أنها ركزت في الآونة الأخيرة على الحرب ضد الإرهاب.. في حين لم تكن لها مشكلة مع الاثنين، لكن مشكلتها الحقيقية كانت مع الربيع العربي، الذي عارضته واحتشدت ضده أغلب الدول الخليجية"، بحسب ما ورد في المقال.