محمد عبّود - الخليج أونلاين-
سعياً لرأب الصدع العربي وحلاً للأزمات وتضييقاً للخناق على التمدد الإيراني، حظي الملف الأفريقي بتحركات سعودية حثيثة عبر إقامة علاقات دبلوماسية على أعلى المستويات مع دول القرن الأفريقي.
ويأتي هذا الاهتمام السعودي بعد شهور قليلة من إعلان الرياض إطلاق التحالف الإسلامي العسكري الذي ضم عدداً من دول أفريقيا.
وشاركت الرياض في القمة الأفريقية الـ26 التي انعقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على مدار يومي 30 و31 يناير/كانون الثاني الماضي، في خطوة أثنى عليها الخبراء والمحللون واعتبروها بادرة إيجابية تعكس دور السعودية المتعاظم في الفترة الأخيرة.
وتعتبر مشاركة السعودية هي الأولى من نوعها؛ الأمر الذي يعكس تقارباً عربياً أفريقياً تحت مظلة التحالف الإسلامي، بالإضافة إلى مشاركة الإمارات بصفة مراقب في القمة ذاتها.
- تنقية الأجواء
وحرصت السعودية عبر مشاركتها في القمة الأفريقية على عقد جلسات مغلقة مع بعض الدول الأعضاء، للبحث في الموضوعات المشتركة والقضايا الإقليمية والدولية.
من جانبه، أشاد الرئيس السوداني، عمر البشير، بدور السعودية في أفريقيا، ومبادرتها الخيرة في كل البلدان الأفريقية، معتبراً أن مشاركتها في القمة تؤطر للدور الهام لها في توثيق العلاقات العربية الأفريقية.
كما ثمن البشير المساعي الكبيرة للسعودية في دول حوض النيل، لتنقية الأجواء بين السودان ومصر وإثيوبيا.
وتتمتع السعودية بعضوية مراقب في الاتحاد الأفريقي؛ ممّا ساعدها في إقامة شراكة استراتيجية مع الاتحاد في مواجهة الإرهاب.
- قواعد عسكرية
وتمركزت السعودية في جيبوتي عبر قاعدة عسكرية لخلق حالة من التوازن الدفاعي والهجومي العربي في منطقة البحر الأحمر، كما تعمل على تعزيز القدرات القتالية السعودية، بحيث تصبح مركزاً مستداماً يمكن استخدامه في الطوارىء.
وفي حوار له مؤخراً مع صحيفة الحياة اللندنية، أكد سفير جيبوتي، ضياء الدين بامخرمة، أن "حجم التعاون بين (السعودية وجيبوتي) في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية لا حدود له".
وليس هذا فحسب، بل إن التسهيلات العسكرية الجيبوتية ساهمت كثيراً في نجاح عمليات السفن والبوارج العسكرية لقوات التحالف العربي في تحرير جزيرة ميون اليمنية من سيطرة الحوثيين، فاستعادوا السيطرة على مضيق باب المندب واستلمته قوات الجيش الوطني اليمني الذي وصل هناك عبر جيبوتي.
- علاقات سياسية وأمنية
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استقبلت السعودية رئيس جمهورية جيبوتي، إسماعيل جيله، حيث تم الاحتفاء به بمراسم ملكية، أعقبها لقاءات ومباحثات على مستويات عدة؛ سياسية واقتصادية وعسكرية.
مراقبون ذهبوا إلى أن زيارة رئيس جيبوتي عززت العلاقات العسكرية بين الطرفين، والحرص على تحقيق استقرار ووحدة المنطقة، وأكد ذلك تصريح السفير الجيبوتي بالرياض، ضياء الدين بامخرمة، حيث قال: إن "سقف التعاون بين البلدين لا حد له في مختلف المجالات، وإذا احتاجت السعودية في أي مرحلة من المراحل أي تنسيق فدولة جيبوتي حاضرة".
وكان العميد الركن أحمد العسيري، صرح في حديث للعربية نت: "التحالف مهتم بتأمين الملاحة البحرية الدولية في مضيق باب المندب، ومنع عمليات التهريب باتجاه الأراضي اليمنية".
وفي أبريل/ نيسان الماضي، كشفت مصادر دبلوماسية عن توصل السعودية مع إريتريا إلى اتفاق تعاون عسكري وأمني واقتصادي "لمحاربة الإرهاب والتجارة غير المشروعة والقرصنة في مياه البحر الأحمر، وعدم السماح لأي تدخلات أجنبية في الشأن اليمني"، وذلك خلال زيارة الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، إلى السعودية.
والسودان جاء على رأس دول أفريقيا في تعزيز علاقته بالرياض، وتعزيز التحالف في اليمن، حيث أكد مشاركته بإرسال عدد من جنوده إلى اليمن، عقب تفاهمات بين الرياض والخرطوم، أدت إلى تقليص السودان تعاونها العسكري والسياسي مع طهران.
- مصر لاعب رئيسي
واتسمت تحركات مصر الخارجية مؤخراً بحرصها على أن تندمج أكثر مع القرار العربي الواحد، فجاءت مشاركة الجيش المصري في اليمن ضد الحوثيين، تحت مظلة التحالف العربي، معززة لرغبة مصر في أن تصبح طرفاً في القرار العربي الموحد، ضد التغول الإيراني بالمنطقة العربية.
وقرر وزراء الخارجية العرب في ختام الاجتماع الطارئ للجامعة العربية، في يناير/كانون الثاني الماضي، تشكيل مجموعة عمل، تضم كلاً من الإمارات ومصر والسعودية والبحرين، إضافة إلى الأمانة العامة للجامعة، لعرض التجاوزات الإيرانية في المنطقة العربية على الأمم المتحدة، الأمر الذي يوضح سعي مصر ليكون لها دور في المنطقة العربية في ظل النظام الحالي، وحرصها على التقرب من توجهات السياسة الخارجية للدول الفاعلة فيها.
ومنذ توليه الحكم، يواجه العاهل السعودي 8 تحديات داخلية وخارجية، تأتي في مقدمتها إيران التي تدعم الحوثيين في اليمن ونظام بشار الأسد في سوريا، وتتدخل في عدد من دول المنطقة.
كذلك، فإن تمدد تنظيم "الدولة" ومكافحة الإرهاب من الأسباب القوية التي دفعت السعودية إلى تعزيز علاقاتها عربياً وأفريقيا.