قتادة الطائي - الخليج أونلاين-
لعل الخوض كثيراً بالجانب السياسي بين السعودية والهند، يدخل الأولى في إحراجات أمام الشريك الاستراتيجي باكستان، لكن ذلك لم يمنع تعميق العلاقة بين نيودلهي والرياض في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية، والتي تعززت خلال زيارة رئيس وزراء الهند الأخيرة للرياض.
عند الحديث عن العلاقة بين البلدين، يبرز الثقل الاقتصادي بينهما بوجود 3 ملايين هندي يعملون في السعودية، والمملكة رابع أكبر شريك للهند في المجالات التجارية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي 39 بليون دولار.
وتستورد الهند من السعودية بصفة أساسية النفط الخام، الذي يمثل خمس إجمالي وارداتها منه، كما تعد الجالية الهندية العاملة في السعودية من أنشط الجاليات التي أسهمت في تحقيق نهضة وتطور عدد من القطاعات.
- زيارة تعزز التعاون
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، اختتم زيارة للمملكة في 4 أبريل/ نيسان، التقى خلالها العاهل السعودي وولي عهده وولي ولي العهد، وكبار المسؤولين السعوديين، وأكد حرص بلاده على تطوير العلاقات وتعزيزها مع المملكة في مختلف المجالات، خصوصاً العمل على مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات الأمنية والدفاعية، وزيادة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
وبعد جلسة المحادثات الرسمية، قلّد الملك سلمان بن عبد العزيز، رئيس وزراء الهند "وشاح الملك عبد العزيز" تقديراً له.
وجرى التوقيع على اتفاق وبرنامجي تعاون وبرنامج تنفيذي ومشروع مذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والهند، تشمل ترويج الاستثمارات بين الهيئة العامة للاستثمار في المملكة وهيئة الاستثمار الهندية، وجرى التوقيع على برنامج تعاون فني في مجالات التقييس، واتفاق تعاون عمالي في مجال توظيف العمالة العامة بين وزارة العمل في المملكة، ووزارة الشؤون الخارجية في الهند.
وفي مجال التعاون بقطاع الحرف والصناعات اليدوية، تم التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون في هذا المجال بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومجلس ترويج صادرات الحرف والصناعات اليدوية الهندي.
ولمراقبة الأموال المتداولة بين البلدين، تم التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم بين وحدة التحريات المالية السعودية ووحدة التحريات المالية الهندية حول التعاون في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الجرائم والإرهاب.
تتميز الهند في الجانب الطبي ومنافستها لدول العالم، فتح فرصاً للملكة للتعاون، حيث أكد رئيس الوزراء الهندي أن هناك فرصاً واسعة للتعاون بين البلدين في التكنولوجيا بشكل عام وفي القطاع الصحي تحديداً، لافتاً إلى أن الهند ترغب في إعطاء هذا القطاع دفعة في الشرق الأوسط حيث توجد حاجة وطلب كبير، خصوصاً وأن بلاده تتبنى نموذج الرعاية الشاملة، كما اتفقا على تقوية التعاون بين المؤسسات التعليمية، والجامعات، والمؤسسات العليا للأبحاث في كلا البلدين.
وأضاف: "تستطيع الهند تقديم التدريب لرفع مستوى مهارات العاملين في هذا النشاط، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل الأسمدة والنقل والطاقة المتجددة، والإسكان والتعدين وأمن المعلومات والتصنيع الغذائي والتأمين".
ودعي قطاع الأعمال السعودي لزيارة الهند والعمل سوياً مع نظيره الهندي للاستفادة من الفرص المتاحة بشكل كبير في تلك المجالات.
من جهته، ثمن رئيس مجلس الغرف السعودية، الحضور القوي للشركات الهندية في السوق السعودية، إذ تعمل بشكل رئيس في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية، كما أصدرت الهيئة العامة للاستثمار أكثر من 400 رخصة حديثاً لشركات هندية حتى تبدأ في مشاريع مشتركة، وهو ما رفع القيمة الإجمالية للاستثمارات الهندية لنحو 1.6 بليون دولار.
- السياسة حاضرة بدون اتفاقات
تدرك الهند حجم الثقل السياسي الذي تعيشه السعودية حالياً، وجاءت زيارة رئيس الوزراء الهندي تزامناً مع انتهاء مناورات عسكرية وتدشين التحالف الإسلامي الذي تعد جارة الهند اللدود (باكستان) أبرز الحاضرين فيه.
إضافة لذلك، تقود المملكة مبادرات وتحركات كالعمليات في اليمن التي توشك على الانتهاء، والحضور الفاعل في لحل الأزمة السورية.
زيارة رئيس الوزراء الهندي، حملت مناقشات مع الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد، أبرزها "بحث سبل تعزيز مسارات التنسيق بين الرياض ونيودلهي تجاه عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن ذلك جهود البلدين في مكافحة الإرهاب".
فقد أعرب مودي عن أمله بأن "تُثمر الجهود الدولية في حل الأزمة السورية وفق مقررات جنيف 1، وأن يحل السلام والأمن في اليمن، من خلال المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة"، و"يتوصل اليمنيون إلى حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن الرقم 2216".
وفي تقديره للدور السعودي وموافقته الضمنية عليه، وجه مودي خطابه للملك سلمان قائلاً: "إننا نقدر لبلادكم اهتمامها بقضايا المنطقة وحرصها على دعم استقرار دولها، ونأمل أن تثمر الجهود الدولية في حل الأزمة السورية وفق مقررات (جنيف 1)، وأن يحل السلام والأمن في اليمن الشقيق".
- إعلان الرياض والأفق الواسع
تستند الزيارة الأخيرة بحسب بيان السفارة الهندية، على برامج الشراكة الاستراتيجية التي أنشئت من خلال إعلان الرياض في 2010، حيث وقع البلدان "إعلان الرياض"، بحضور رئيس الوزراء آنذاك مانموهان سينغ، سعياً "للارتقاء بالعلاقات لمستوى الشراكة الإستراتيجية لتشمل المجالات الأمنية والاقتصادية والدفاعية والسياسية".
وأكدت الاتفاقية رغبتة البلدين في المشاركة في تطوير اقتصاديهما ليصبحا اقتصادين قائمين على المعرفة والتكامل استناداً على التقدم الحاصل في مجالات تقنية المعلومات وعلوم الفضاء والتكنولوجيات الرائدة الأخرى، ورحبا بالاتفاقيات الموقعة بني الجانبين في مجالات البحث والتعليم وتكنولوجيات المعلومات والخدمات والعلوم والتقنية والاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.
"إعلان الرياض"، هيئت له "الزيارة التاريخية" للملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى الهند في عام 2006، والتي شكلت نقطة تحول في العلاقات الثنائية، وفتحت صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، وتضمنت "إعلان دلهي" الذي وقعه زعيما البلدين وتضمن رؤيتهما المشتركة "بشأن علاقة جديدة".