ناشد مجموعة من السجناء الأجانب السابقين بسجون دولة الإمارات العربية المتحدة حكوماتهم التحذير من السفر إلى الدولة الخليجية، وذلك بسبب خطر الوقوع تحت «احتجاز غير محدد المدة بمعزل عن العالم الخارجي، وغير قابل للاستئناف».
جاء ذلك في بيان أصدرته مجموعة من مواطني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وجنوب أفريقيا بالتوافق مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي دشنته الأمم المتحدة.
وفي خطاب أرسله كل من المتضررين بشكل فردي كلٌ إلى حكومته، ناشد السجناء السابقون الدول «حماية أمن مواطنيها» بالتحذير من أن السفر إلى الإمارات يحتمل «مخاطرة هائلة» بإمكانية التعرض للاحتجاز دون محاكمة أو دليل أو سماح بالتواصل مع أحد من العائلة أو الأصدقاء أو حتى الحق في الحصول على تمثيل قانوني.
ومن بين الموقعين كان المواطن البريطاني «ديفيد هاي»، الذي أطلق سراحه من السجون الإماراتية في أبريل/ نيسان، بعد قضاء 22 شهرًا بتهمة الاحتيال. وقد تم اتهام «هاي»، المدير العام السابق لنادي «ليدز يونايتد»، من قبل المؤسسة التي كان يعمل بها سابقًا، وهي مجموعة أسهم خاصة تحمل اسم مجموعة «جي إف إتش» المالية والتي يقع مقرها في دولة الإمارات.
أثبت «هاي» براءته، وزعم أنه تعرض للضرب والصعق والاعتداء الجنسي من قبل حراس السجن المركزي في دبي.
ومن الموقعين أيضًا كان الأمريكي «شيزان قاسم»، الذي قضى 9 أشهر في السجن بعد إلقاء السلطات الإماراتية القبض عليه في 2013 بتهمة تهديد الأمن القومي، بعد إنتاجه لمقطع فيديو كوميدي عن الحياة في دبي.
وقضى «قاسم» جزءًا كبيرًا من حياة الطفولة في دبي، لكنه أرغم على التخلي عن وظيفته في الإمارات بعد إطلاق سراحه من سجن شديد الحراسة.
واتهم كل من «هاي» و«قاسم» وشركاؤهم في التوقيعات المسؤولين الإماراتيين «بالتواطؤ مع انتهاكات حقوق الإنسان».
وقال الموقعون في معرض خطابهم إن «نظام العدالة في الإمارات قد سلبنا حريتنا بدون محاكمة، وأوقع الضرر علينا، وأبقانا محتجزين بعيدًا عن أسرنا دون قيد أو مساءلة».
وجاء أيضًا: «إن الأمن الشخصي لهؤلاء الذين يسافرون إلى الإمارات أو المقيمين بها في خطر عظيم ومتزايد مع إمكانية التعرض لإجراءات مسؤولي منظومة العدالة في الإمارات».
وقد حذرت وزارة الخارجية البريطانية بالفعل المسافرين إلى الإمارات، مشيرة إلى أن السلطات هناك حساسة للغاية تجاه ما ينشر من محتوى على تويتر أو يوتيوب.
ونشرت تحذيرات السفر الأمريكية بيانًا تحذيريًا لمواطنيها من أن عقوبات انتهاك القانون بالإمارات «أكثر قسوة» مما هي عليه في الولايات المتحدة، وأن المدانين بجرائم، من الممكن أن يواجهوا «أحكامًا طويلة بالسجن، وغرامات باهظة، إضافة إلى الترحيل».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: «إن حماية مواطنينا الأمريكيين خارج البلاد هو من أهم أولويات وزارة الخارجية. وفقًا لذلك، فإننا نقدم معلومات الأمن والسلامة من خلال برنامجنا للاستشارات والمعلومات للمواطنيين الأمريكيين».
وتابع: «تستند تلك التقديرات والمعلومات على تقارير قنصلياتنا وسفاراتنا المختلفة ووسائل الإعلام والمصادر الحكومية الأمريكية والأجنبية الأخرى».
وأطلقت بريطانيا أيضًا تحذيرًا للمسافرين إلى الإمارات حول إمكانية التعرض لـ «عقوبات كبيرة» في الإمارات بسبب أنشطة ربما تكون قانونية داخل المملكة المتحدة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: «يعمل موظفونا حول العالم في دعم البريطانيين الذين يحتاجون إلى المساعدة. وهذا يشمل الإمارات، حيث يستمر موظفونا في التواصل مع كل السجناء الذين طلبوا المساعدة. ونأخذ كل مزاعم ومخاوف الوقوع تحت التعذيب أو سوء المعاملة محمل الجد، ونرفع بها تقارير للسلطات الإماراتية إذا كان لدينا تصريح من الأفراد أصحاب الشأن».
وأفادت منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش بانتظام تقارير حول التعذيب وسوء المعاملة في سجون الإمارات العربية المتحدة.
وخرجت استغاثات عديدة من داخل السجون حول التعذيب وخاصة في قضايا الأمن القومي، لكن السلطات الإماراتية رفضت العديد من طلبات الجماعات الحقوقية للحصول على الإذن بزيارة وتقييم أوضاع أماكن الاحتجاز.
كما رفضت السلطات الإماراتية تلك الاتهامات زاعمةً أنها ليس لها أساس من الصحة.
وعلى الرغم من إطلاق سراحه وعودته إلى بريطانيا، إلا أنّ «هاي» أعلن عن استمراره البحث عن تحقيق العدالة والحصول على حقه ضد سوء المعاملة التي تعرض لها. وأقر «هاي» أنه يتلقى حتى الآن رعاية نفسية وبدنية لعلاج آثار ما تعرض له داخل السجن على يد حراس سجن دبي.
وقال «هاي» أنه كان بصدد رفع قضيته إلى الأمم المتحدة، وأنه بصدد إنشاء عمل خيري لمساعدة السجناء الفقراء في الإمارات.
أما «قاسم»، فقد قال، أنه وبالرغم من أنه أصبح حرًا، إلا أن تأثير الفترة التي سجن بها في الإمارات لازال مستمرًا، بعد أن فقد وظيفته بسبب السجن، وتعرضت أسرته للإفلاس بعد أن أنفقت مدخرات حياتها على محامي من دبي منعوه حتى من الدخول إليه.
ومنذ عاد «قاسم» إلى الوطن، وهو يسعى إلى الحصول على خطاب اعتذار وتعويض من السلطات الإماراتية، حيث أنه يعاني من عدم قبوله في أي وظيفة بسبب سجله الإجرامي الذي عاد به من دبي.
ويقول «قاسم»: «يظن الناس الذين لم يتعرضوا لتجربة السجن أنه يمكنك الخروج والعودة لحياتك الطبيعية، لكن هذا لا يحدث. ربما يدمر السجن حياتك تمامًا، وقد حاولت كثيرًا التواصل مع السلطات الإماراتية لإصلاح خطئهم، لكنهم دائمًا ما قابلوا ذلك بتجاهل الأمر».
وأضاف: «وبسبب رفض الإمارات تعرض مسؤوليها لأي نوع من المحاسبة، فإنها تستمر في انتهاك حقوق الإنسان، وتفلت دائمًا من العقاب. على المجتمع الدولي أن يحاسب الإمارات في هذا الشأن».
ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-