يرسل الجيش الباكستاني كتيبة من الجنود المقاتلين لتعزيز الحدود الجنوبية للسّعودية وحمايتها من الهجمات الانتقامية التي يشنّها الحوثيّون من اليمن، وفقًا لمصادر أمنية بارزة.
وستتمركز الكتيبة في جنوب المملكة، لكنّها ستنتشر فقط داخل حدودها، كما قالت المصادر. وقال أحد المصادر: «لن يتم استخدامها خلف حدود السّعودية».
هذا هو التطوّر الأحدث في الحرب المستمرّة منذ عامين في اليمن، والتي تسببت في أزمة إنسانية كبيرة. وقد اتّهم كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب وتجويع للمدنيين المحاصرين في هذه المذبحة.
وقد بدأت الحرب من قبل السّعودية وتحالفها العربي بعد اقتحام الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء وميناء عدن الجنوبي، والإطاحة بالرئيس «عبد ربه هادي»، المدعوم من السّعودية.
وعلى نحوٍ متزايد، كان الحوثيّون يردّون بقصفٍ صاروخي باستهداف أهداف عميقة داخل المملكة.
وزعم الحوثيّون الشهر الماضي ضرب معسكر عسكري بالقرب من المزاحمية القريبة من الرياض بما أسموه «صاروخ باليستي دقيق طويل المدى». وأنكر السّعوديّون هذه المزاعم.
وفي 31 يناير/كانون الثاني، قتل صاروخ 80 جنديًا بقاعدة ذات إدارة مشتركة بين السعودية والإمارات في جزيرة زوجار في البحر الأحمر، وفقًا لتقارير بوسائل الإعلام العربية. ولم يؤكّد السّعوديّون الهجوم ولم ينكروه كذلك.
وفي أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، سقط أحد الصواريخ على بعد 65 كيلومترًا من مكة، على الرّغم من إنكار الحوثيّين استهدافهم للمدينة المقدّسة.
وأتى نشر الكتيبة الباكستانية بعد زيارة من اللواء «قمر جاويد باجوا»، رئيس أركان الجيش الباكستاني، للسّعودية في زيارة رسمية استغرقت 3 أيام في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
وقال الجيش الباكستاني في بيانٍ له: «كرّرت رئاسة أركان الجيش التزامها بأمن وحماية الحرمين الشريفين وكذلك سلامة أراضي المملكة».
وفي وقتٍ لاحق، تقابل اللواء «قمر جاويد باجوا» مع رئيس الأركان العامة للقوّات السّعودية، اللواء «عبد الرحمن بن صالح البنيان»، لمناقشة العلاقات بين الجيشين والتعاون العسكري وموقف الأمن الإقليمي. واتفق القائدان على تعزيز التعاون والتنسيق العسكري.
ويعتبر موضوع نشر الكتيبة الباكستانية حسّاسًا في إسلام آباد، نظرًا لرفض البرلمان قبل عامين طلبًا من قبل السّعودية بانضمام باكستان إلى التحالف السنّي لقتال الحوثيين.
والحوثيّون، الذين يتبعون المذهب الزيدي، وهو مذهبٌ شيعي يمارس من قبل أقلّية في شمال اليمن، مدعومون من إيران، على الرغم من الاختلاف حول مدى الدعم المباشر الذي تقدّمه طهران.
وناقش البرلمان عملية نشر الجنود لمدّة 4 أيّام، وهو النقاش الذي هيمن عليه المخاوف من تأجيج عنف طائفي جديد في باكستان، حيث 20% من السّكان من الشيعة.
وأصبح نقاش البرلمان هدفًا للضّغط المكثّف.
وتقابل وزير خارجية إيران، «جواد ظريف»، مع كلٍّ من رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» ورئيس الأركان السابق للجيش، «رحيل شريف».
يدعم الإيرانيون الحوثيين سياسيًا، لكن كلا من السعودية والولايات المتّحدة وأستراليا جميعهم يقولون أنّها تدعمهم عسكريًا كذلك.
وقد تمّ تدريب القادة البارزين للحوثيين على يد إيران على غرار حزب الله، الميليشيا اللبنانية المدعومة من إيران. وقد شارك في التدريب أيضًا مستشارين من الحرس الثوري الإيراني.
وفي العام الماضي، قالت وسائل الإعلام الموالية للدولة في إيران أنّ الحوثيين يستخدمون صواريخ الوقود الصلب أرض أرض إيرانية الصنع، زلزال 3، على الرغم من إصرارها أنّ الصواريخ تمّ صنعها «محليًا».
يدين «شريف» بحياته للسّعوديين، والذين أنقذوا حياته من الإعدام بعد انقلابٍ عسكري جاء بـ«برويز مشرف» إلى السلطة عام 1999.
ومع ذلك، فإنّ رغبة رئيس الوزراء في دفع ديونه الشّخصية للسّعودية، لا يقابلها نفس الرغبة من قبل الجيش الباكستاني.
وبرّر الجنرالات ذلك بأنّ الجيش يتحمّل فوق قدرته وطاقته في حملات ضدّ طالبان باكستان في المناطق القبلية الشمالية الغربية.
وذلك على الرغم من أنّ مصادر عسكرية بارز في باكستان تدّعي أّنها نجحت في إخراج طالبان من وادي سوات وشمال وزيرستان.
موازنة العلاقات
ومع كل ذلك، يسعى البرلمان حاليًا إلى توسيع العلاقات التجارية مع إيران. وتقابل مؤخّرًا «عويس لاغاري»، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية، مع «علي لاريجاني»، رئيس مجلس الشورى الإيراني، و«علاء الدين بروجردي»، رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي.
ومن المقرر أيضًا أن يزور طهران وفد برلماني من إسلام آباد في مايو/أيار. وسيناقشون إعادة فتح ثلاثة أسواق حدودية ومشاريع خطوط أنابيب الغاز والسياحة.
وأخبر «لاغاري» صحيفة الفجر الباكستانية أنّ كلا الجانبين، كما لاحظ، يشعران «بالضّغط الداخلي» للانخراط معًا بشكلٍ كبير من أجل المنفعة المتبادلة.
ولن يكون انتشار الجنود هو الأول من نوعه في العلاقة بين البلدين. وقد أرسل «محمد ضياء الحق» لواء نخبة باكستاني من قوّة المدرّعات إلى المملكة بناءً على طلب الملك «فهد»، بعد الثّورة الإيرانية، عام 1980.
واستمر نشر الجنود 10 أعوام، وخدم فيه نحو 40 ألف جنديّ.
ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-