علاقات » دول أخرى

تسريبات جديدة حول العلاقة بين «العتيبة» وفضيحة «تنمية ماليزيا»

في 2017/08/03

وول ستريت جورنال- ترجمة شادي خليفة -

يُعتبر «يوسف العتيبة»، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، لاعبٌ قوى في واشنطن، ويدفع بقوة في محاولة لصياغة السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، والضغط في النزاع الإقليمي مع قطر.

ومؤخرًا، تم ذكر دورٍ له في فضيحة فساد عالمية كبرى.

وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني المخترقة حديثًا علاقة طويلة الأمد بين «العتيبة» و«جو لو»، وهو ممول ماليزي يقول مسؤولو إنفاذ القانون الأمريكيون أنّه متهم باختلاس 4.5 مليار دولار من صندوق التنمية الماليزي.

وقد دفعت هذه العلاقة إلى تحقيقٍ جديد من السلطات الأمريكية والسويسرية والسنغافورية، وفقًا لأشخاص مطلعين على التحقيقات. وتُظهر الرسائل الإلكترونية المسروقة أنّ «العتيبة» و«شاهر العورتاني»، شريكه الأردني، قد تناقشا حول الاستفسارات الواردة من تلك البلدان بشأن المعاملات التي تلقوها من كيانات على صلة بالسيد «لو».

وفي إحدى الرسائل الإلكترونية، اقترح «العورتاني» على «العتيبة» شراء سيارة فيراري، ورد «العتيبة» بأنّه لا يحبذ ذلك في شوارع أبوظبي.

وقد رفضت مجموعة غلوبال ليكس، التي تقول أنها حصلت على رسائل البريد الإلكتروني المسروقة وكشفت عنها لصحيفة وول ستريت جورنال، تحديد أعضائها أو كيفية الحصول على الرسائل. وقالت غلوبال ليكس في بيانٍ نشرته يوم الأربعاء أنّها تريد «كشف الفساد والاحتيال المالي الذي تقوم به الحكومات الغنية».

وأفادت وول ستريت في يونيو/حزيران أنّ الشركات المرتبطة بالعتيبة قد تلقت 66 مليون دولار من كيانات يقول المحققون أنّها كانت بمثابة قنوات للمال يُزعم أنّها قد سُرقت من صندوق الاستثمار الحكومي الماليزي. ونقلت المجلة وثائق من المحكمة ووثائق تحقيق ورسائل بريد إلكتروني كتبها «العتيبة».

ثروة ضخمة

وكان «العتيبة» لسنوات شخصية رئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية، مع علاقاتٍ واسعة بالدبلوماسيين والمسؤولين في واشنطن، والذين يتناولون معه وجبات الغداء في مقهى ميلانو والتجمعات الفخمة في مقر إقامته.

وتبرز رسائل البريد الإلكتروني ثروة «العتيبة» الكبيرة للغاية، بما في ذلك الملايين من الدولارات من أسهم في بلانتير تكنولوجيز، وهي شركة تحليل بيانات لديها العديد من العقود مع المخابرات الأمريكية ومجتمع إنفاذ القانون، وشركة الاستثمار كارلايل غروب.

وفي الآونة الأخيرة، أصبح «العتيبة» مصدرًا متكررًا لتقديم المشورة لصهر الرئيس «دونالد ترامب» ومستشاره، «جاريد كوشنر»، حول سياسة الشرق الأوسط، بحسب ما قاله أشخاصٌ مطلعون على الأمر. كما حث إدارة «ترامب» على دعم جهود الإمارات والسعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى لعزل قطر، التي تتهمها تلك الدول بدعم الجماعات الإرهابية الإسلامية مثل القاعدة. وقد ردت قطر بأنّها لا تمول الإرهاب.

وأصدر «العتيبة»، في يوليو/تموز، بيانًا نفى فيه تقارير وسائل الإعلام بأنّ الإمارات قد شاركت في مخطط مزعوم لاختراق مواقع الحكومة القطرية ونشر اقتباساتٍ مفبركة نُسبت إلى أمير قطر.

ويُذكر أنّ سفارة الإمارات في واشنطن قد رفضت التعليق على رسائل البريد الإلكتروني المسربة التي تخص «العتيبة»، وأقرت بأنّ السفير له مصالح تجارية خاصة بعيدًا عن دوره الدبلوماسي.

وقال أشخاصٌ لديهم دراية بالتحقيقات التي أجرتها الحكومة في سويسرا وسنغافورة والولايات المتحدة أنّ المسؤولين يبحثون في ظروف عمليات النقل إلى الشركات التي يسيطر عليها «العتيبة» و«العورتاني»، وما إذا كانوا قد اشتروا أصولًا بأموالٍ مصدرها صندوق التنمية الماليزي.

توريط البنوك الإماراتية

وتُظهر الرسائل الإلكترونية المسربة أنّ «العتيبة» قد استخدم نفوذه الدبلوماسي لإقناع عدد من البنوك بتقديم قروض، قائلًا أنّها مهمة للعلاقات بين الإمارات وماليزيا.

وفي شهر سبتمبر/أيلول عام 2014، شجع «العتيبة» بنوك أبوظبي على المشاركة في قرض إعادة تمويل قصير الأجل يتم ترتيبه من قبل دويتشه بنك لصالح صندوق التنمية الماليزي.  وكان الطلب عبر البريد الإلكتروني مطابقًا لمشروع تم إرساله إلى العتيبة من «إريك تان»، وهو شريك للسيد «لو».

وكانت وزارة العدل قد ذكرت أنّه تم مؤخرًا اختلاس مبلغ 700 مليون دولار من قرض دويتشه بنك البالغ 975 مليون دولار، مع استخدام بعض تلك الأموال من قبل السيد «لو» لشراء مجوهرات لصديقته، العارضة الأسترالية «ميراندا كير». وقال أشخاصٌ مطلعون على الصفقة أنّ العديد من بنوك أبوظبي قدمت أموالًا في قرض دويتشه بنك.

وتُظهر وثائق التحقيق في سنغافورة دفع مبلغ 3 ملايين دولار لشركة بجذر فيرجن البريطانية يسيطر عليها «العتيبة» و«العورتاني»، قبل بضعة أيام من رسالة البريد الإلكتروني من السيد «تان»، ودُفعت 13 مليون دولار أخرى لنفس الشركة بعد شهرين. وتقول وزارة العدل أنّ كلا المبلغين قد تم اختلاسهما من صندوق التنمية الماليزي، بما في ذلك قرض دويتشه بنك.

ولم تنجح الجهود المبذولة للوصول إلى السيد «تان». ولا يُعرف مكان وجوده. ولم يعلق من قبل على هذه المسألة.

وتُظهر رسالة بريد إلكتروني أخرى، تعود إلى ديسمبر/كانون الأول عام 2009، «العتيبة» يحث «توماس باراك الابن، الملياردير من ولاية كاليفورنيا، لقبول محاولة من شركة لتشغيل الفنادق مملوكة جزئيًا من قبل عائلة السيد «لو» لشراء فندق أرميتاج في بيفرلي هيلز، وهو الفندق الذي تملكه شركة كولوني كابيتال.

واشترت شركة «لو» للاستثمار الخاص في نهاية المطاف الفندق عام 2010 بأكثر من 45 مليون دولار. وقد رفعت وزارة العدل دعاوى تتعلق بالممتلكات المدنية وتسعى للاستيلاء على الفندق، مدعيةً أنّه تم شراؤه بأموالٍ مسروقة من صندوق التنمية الماليزي.

وقال باراك أنّ «العتيبة» كان صديقًا، وأنّ العطاء الفائز بالفندق كان الأعلى.

بداية التدقيق

ويبدو أنّ التدقيق في حسابات «العتيبة» في الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة قد بدأ عام 2015، عندما بدأت عدة بلدان تحقيقاتٍ ذات صلة بصندوق التنمية الماليزي. وبدأ البنك الخاص السويسري لومبارد أودييه بالمطالبة بمزيد من المعلومات حول التحويلات إلى الحسابات التي يسيطر عليها «العتيبة» و«العورتاني»، وفقًا للرسائل الإلكترونية التي تم نشرها حديثًا والتي استعرضتها الصحيفة.

وقد كتب «توبياس بيستر»، وهو مصرفي سابق في كريدي سويس، في دبي للعتيبة في رسالة إلكترونية أنّ «السيد لو يوصي العتيبة والعورتاني بإغلاق الحسابات المصرفية، والإجابة على الاستفسارات حول الحسابات والمدفوعات بشكل شخصي، وليس عبر البريد الإلكتروني».

وبعد أسابيع قليلة، أغلق «العتيبة» و«العورتاني» حساباتهما وحولا الأموال إلى مكانٍ آخر، وفقا للرسائل الإلكترونية المسربة التي أظهرت هذا الطلب وتأكيده.

وكتب السيد «لو» من عنوان بريد إلكتروني تابع لجزيرة سانت هيلانا في مايو/أيار، إلى السيد «العورتاني» يسأله عن كيفية الاتصال بسرعة: «نحتاج للتحدث بشأن الأسئلة المطروحة. نريد أن ننسق»، وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني المسربة، التي تم تحويلها إلى العتيبة.

ومن غير الواضح ما إذا كانوا قد تحدثوا بعد ذلك أم لا.