علاقات » دول أخرى

من التالي بعد السنغال.. هل تعيد دول مقاطعة قطر حساباتها؟

في 2017/08/25

الخليج أونلاين-

أثار تراجع جمهورية السنغال عن قرارها وإعادة سفيرها إلى الدوحة بعد نحو شهرين من استدعائه للتشاور، الذي اتخذته في ذلك الحين كإجراء تضامني مع الدول التي فرضت الحصار والمقاطعة على دولة قطر، جملة من التساؤلات؛ لعل أهمها إن كانت الدول التي أبدت تأييدها لإجراء الحصار قد بدأت بإعادة حساباتها، في ظل تصاعد المواقف الدولية الرافضة لإجراءات الحصار.

فقد اعتبر البعض أن انسحاب أول دولة من المصطفين بجانب دول الحصار الخليجي مؤشر على أن هذا الطريق قد تسلكه دول أخرى، فالسنغال التي استدعت سفيرها في قطر، بعد اندلاع الأزمة الخليجية، وعبرت عن "تضامنها" مع السعودية، أعادت سفيرها بعد مكالمة بين أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس السنغالي، مكي صال، مساء الاثنين 21 من أغسطس 2017، وكانت المكالمة كفيلة بإعادة العلاقات إلى نصابها الطبيعي، ما يعد نقطةً تحسب لقطر بوجه مقاطعيها.

مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية القطرية، السفير أحمد بن سعيد الرميحي، قال: إن "السنغال قررت إعادة سفيرها إلى الدوحة".

وذكرت وكالة الأنباء القطرية أنه تم خلال الاتصال بين أمير قطر والرئيس السنغالي، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات.

في حين قالت السنغال في بيان أصدرته خارجيتها مؤخراً، إنها تؤيد الجهود المبذولة لتسوية الخلاف بين قطر وجيرانها، وأبدت استعدادها للمساهمة في الجهود الرامية لحل الأزمة في إطار التضامن الإسلامي.

- أفريقيا.. الدعم السياسي مقابل المساعدات

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية سعى محور مقاطعة قطر لضم الدول الأفريقية الفقيرة التي تسعى للمحافظة على علاقات مستقرة مع داعميها الخليجيين وعلى رأسهم السعودية.

فمع إعلان السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، في 5 يونيو الماضي، انضمت موريتانيا وجزر القمر، في حين سحبت السنغال سفيرها من الدوحة، وخفضت جيبوتي تمثيلها الدبلوماسي هناك.

ومع الموقف السنغالي تستمر التوقعات بأن تعيد الدول المقاطعة الأخرى حساباتها، وعلى رأسها الأفريقية، فموريتانيا مثلاً تعتبر واحدة من أفقر الدول في أفريقيا والعالم، تعتمد بشكل كبير على الدول المانحة للموارد لا سيما دول الخليج؛ وذلك لتمويل معظم مشاريعها بما في ذلك الحياة الباهظة للسياسيين.

وتهتم قطر بالجانب الخيري في تعاملها مع موريتانيا، وافتتحت شركة قطرية كبرى مشروعاً عقارياً ضخماً أعلنت عنه في حفل حضره وزير المالية الموريتاني، وتعد اليد البيضاء لقطر سبباً محرجاً لنواكشوط للابتعاد عن التحالف المقاطع.

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريراً للباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، بنجامين أوجي، في يوليو الماضي، كشف فيه عن بعض وسائل الضغط التي تستخدمها المملكة العربية السعودية من أجل التأثير على دول أفريقية، وإجبارها على مجاراتها في قرارها بقطع العلاقات مع قطر، في ظل إصرار بعض هذه الدول على الوقوف في وجه هذه الضغوط.

وبحسب الصحيفة، فإن السعودية تستخدم هذه الأسلحة من أجل جر هذه الدول؛ حيث إن رؤساء الدول الأفريقية التي تعيش فيها أغلبية مسلمة، أو توجد بها أماكن عبادة ومؤسسات دينية تسيطر عليها السعودية عبر مؤسسات خيرية، تعرضوا لضغوط هائلة منذ اندلاع الأزمة في الخليج.

-مساهمات قطر في أفريقيا

كان قرار دول أفريقية بمقاطعة قطر واحداً من الصدمات التي واجهت العالم العربي، بعد سنوات من علاقات استراتيجية عززتها الدوحة بالاعتماد على مجموعة من الأدوات، ركزت على حل النزاعات وإقامة الشراكات في أفريقيا.

ومن أبرز المحطات قامت بأدوار مهمة في الوساطة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة في دارفور منذ عام 2008، ويعتبر اتفاق الدوحة الذي وقّع بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، في فبراير 2013 تتويجاً لنجاح هذا الجهد، وهو ما انعكس على موقف السودان المعتدل من الأزمة الخليجية والساعي للحوار والحل.

كما توسطت الدوحة بين السودان وإريتريا، وجيبوتي والصومال، وإثيوبيا والصحراء الغربية، ووقّعت 5 مذكرات تفاهم مع الحكومة الإثيوبية، مطلع عام 2013 في بادرة هي الكبرى من نوعها في تاريخ العلاقات بين الدوحة وأديس أبابا، التي تطورت بشكل كبير، وذكر مراقبون في حينه أن تطور وتقدم تلك العلاقات يعود بالنفع على العالم العربي ككل، في ظل انسحاب عدة دول عربية وخليجية من القيام بدورها الدبلوماسي والسياسي في أفريقيا، التي تعد أديس أبابا قوة لا يمكن إغفالها فيها.

وتأثرت جيبوتي بتأييدها لمقاطعة قطر، بعد أن ربط مراقبون قرار الدوحة بإنهاء وساطتها للحل مع إريتريا، بعد موقف جيبوتي من الأزمة الخليجية.

يذكر أن قطر تتوسط بين جيبوتي وإرتيريا منذ النزاع الحدودي بين البلدين في 2008، وفي إطار الوساطة قامت الدوحة بنشر المئات من قواتها على طول حدود البلدين، بعدما نجحت في إقناع البلدين بتوقيع اتفاقية سلام بينهما في الدوحة لتسوية النزاع الحدودي في مارس عام 2011، لكن سحبت تلك القوات على إثر الموقف الجيبوتي.

وكان آخر جهود الوساطة القطرية في مارس 2016؛ إذ أفرجت سلطات إريتريا حينها عن 4 أسرى جيبوتيين كانوا معتقلين في السجون الإريترية منذ 8 سنوات.

اقتصادياً، تعد دولة قطر إحدى كبرى الدول الداعمة مالياً لمؤتمرات المانحين في أفريقيا، كما حدث في النيجر والصومال، وكان لها دور تنموي كبير داخل القارة الأفريقية خصوصاً في جمهورية جزر القمر، وما زالت مشاريعها فاعلة فيها، وقدمت الكثير من الجهد والمال لصندوق دعم التنمية فيها.

- الأردن.. تخفيض التمثيل لا ينجي من عواقب

من جانبه تعرض الأردن لخسائر فادحة بعد إغلاق الحدود البرية من السعودية لقطر، حيث تكبدت قطاعات تصديرية في الأردن كانت تنشط في قطر، خسائر بملايين الدنانير منذ 5 يونيو الماضي.

وغالبية الصادرات الأردنية إلى قطر زراعية، وتشكل نحو 11 بالمئة من إجمالي صادرات الأردن من الخضار والفواكه، بحسب مصدر حكومي مسؤول طلب عدم الإفصاح عن اسمه لوكالة "الأناضول"، مشيراً إلى أن القطاع التصديري هو المتضرر الأكبر حالياً من تبعات الأزمة.

وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية (حكومية)، بلغ حجم الصادرات الوطنية إلى قطر خلال الثلث الأول من العام الجاري 40.5 مليون دينار (57.1 مليون دولار)، مقارنة بنحو 31 مليون دينار (43.7 مليون دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما ينعكس على مخاوف مستقبلية على اقتصاد المملكة الفقيرة.

وتشير الأضرار التي تعرضت لها الدول المؤيدة لمقاطعة قطر، إلى نيات جادة لمراجعة قراراتها، حيث حرصت خلال السنوات السابقة على علاقة متزنة مع الدوحة، وهو ما تبدد بقراراتها تحت ضغط المحور السعودي.