ترجمة أسامة محمد - جون بارك وعلي أحمد - ذا دبلومات-
في سويحان، وهي بلدة صغيرة في أبوظبي، يعمل فريق من القوات الخاصة الكورية الجنوبية تحت اسم «أخ» باللغة العربية، وتعمل وحدة «أخ» تحت شعار: «أفضل محاربي القوات الخاصة في العالم.. ننجز المهمات معا».
ومنذ نشر الوحدة لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2011، تم إيفاد نحو 1600 جندي كوري جنوبي لتدريب القوات الخاصة في الإمارات العربية المتحدة وإجراء تدريبات مشتركة والمشاركة في عمليات التبادل مع الجيش الإماراتي.
ولكن في الأشهر الأخيرة، خضع وجودها وأنشطتها للتدقيق في كوريا الجنوبية، مثل الاتفاق النووي الذي أدى على ما يبدو إلى كشف وجود وحدة النخبة في الإمارات العربية المتحدة.
تم تسليط الضوء على وحدة «أخ» في إطار تحقيق خاص يجريه مكتب المدعي العام في كوريا الجنوبية تحت قيادة الرئيس الحالي «مون جاي» بشأن الادعاءات الموجهة ضد الرئيس السابق «لي ميونج باك» الذي تفاوض بشأن صفقة محطة الطاقة النووية بين كوريا والإمارات، واعترف وزير الدفاع السابق مؤخرا بأن اتفاقا عسكريا لم يكشف عنه بين كوريا الجنوبية ودولة الإمارات تم توقيعه لإخفاء اتفاق محطة الطاقة النووية.
واشتمل الاتفاق على بند مثير للجدل يلزم كوريا الجنوبية بالتدخل عسكريا لحماية دولة الإمارات العربية المتحدة في حالة حدوث أزمة، بالإضافة إلى نشر القوات الخاصة الكورية الجنوبية، أي وحدة «أخ» ووحدات إضافية، وإمدادات عسكرية ومعدات على أساس مستمر.
ويبدو أن وجود مثل هذا الاتفاق لعب دورا أساسيا في نجاح كوريا الجنوبية في الفوز في محاولة لبناء محطة نووية لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2009 وقد ظهرت تفاصيل محددة من الاتفاق عندما بدأت إدارة كوريا الجنوبية الحالية للرئيس «مون جاي» في محاولة لإعادة تعريف العلاقة مع دولة الإمارات، وردت دولة الإمارات من خلال الضغط على تكتلات البناء الكورية الجنوبية في البلاد.
وبعد عقد تقريبا من توقيع اتفاقية كوريا - الإمارات العربية المتحدة لبناء أول محطة للطاقة النووية في دولة الإمارات بالقرب من أبوظبي، فإن أول وحدتين من المفاعلات الأربعة المخططة التي ستنتج 1400 ميغاواط تقريبا على وشك الانتهاء.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، نقل عن وزير الطاقة الإماراتي «سهيل المزروعي» قوله إن أول محطة للطاقة النووية في الإمارات ستعمل في عام 2018.
ولا تعد التبادلات العسكرية أو عمليات الانتشار هذه جديدة على كوريا الجنوبية، ومن بين الوحدات العسكرية الكورية الجنوبية العاملة في الخارج، هناك وحدة هانبيت في جنوب السودان، ووحدة دونغميونغ في لبنان، ووحدة شيونغاي البحرية المتمركزة قبالة سواحل عمان، ووحدة أخ في الإمارات العربية المتحدة، لكن وحدة أخ كانت منحت سلطة القيام ببعثات مستقلة والمشاركة في القتال بصرف النظر عن تنفيذ عمليات حفظ السلام.
مثير للجدل
إن جوهر القضية هو بند مثير للجدل في الميثاق العسكري بين جمهورية كوريا والإمارات والذي لا يتطلب موافقة البرلمان على الدخول في صراع، في حال طلب دولة الإمارات للمساعدة العسكرية، وهذا المستوى من المشاركة العسكرية لم يكن موجودا إلا في التحالف الكوري مع الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالسياسة الداخلية لكوريا الجنوبية، فإن نشر القوات العسكرية الكورية الجنوبية للمشاركة بنشاط في الصراع في الشرق الأوسط سيكون أمرا لا يمكن تخيله تقريبا دون وجود هذا الاتفاق السري، حيث إن إقناع البرلمان بالإذن بهذا النشر سيكون عملية مضنية تتطلب رأس مال سياسي كبير للرئيس والحزب الحاكم بيد أن الاتفاق تجاوز موافقة البرلمان وتجاوز سلطة السلطة التشريعية.
ويظهر قرار الدخول في مثل هذا الاتفاق المخاطر التي كانت حكومة «لي» على استعداد لاتخاذها لتأمين الاتفاق النووي الإماراتي، والذي ربما كان ينظر إليه على أنه «بوابة فتح» للصادرات النووية الكورية الجنوبية في المستقبل إلى المنطقة.
ويذكر أن حكومة كوريا الجنوبية السابقة كانت مستعدة لنشر القوات لدعم صفقة تجارية دون إبلاغ الجماهير أو البرلمان بالخطر فى حالة التشابك العسكرى فى منطقة يزداد فيها انعدام الأمن، وليس من المستغرب لموردي التكنولوجيا النووية أن يساعدوا في تأمين المنشآت النووية الحساسة في البلدان المتلقية مثل الإمارات، ولكن يتساءل المرء عما إذا كانت حكومة كوريا الجنوبية في ذلك الوقت قد نظرت في جميع الآثار المحتملة لمثل هذه المشاركة في منطقة متقلبة.
ومن الجدير بالذكر أن الاتفاق النووي بين جمهورية كوريا والإمارات قد انتقد أيضا في كوريا الجنوبية لكونه ضعيفا تجاريا، وأفيد بأن العطاء بلغ نحو 20% تحت متوسط سعر المناقصة.
وقد يشعر مقدمو العروض الآخرون غير الناجحين من فرنسا واليابان والولايات المتحدة الآن بشعور أفضل، مع علمهم أن هناك المزيد من وراء الصفقة أكثر من مجرد تخفيض التكلفة.
وعلى الرغم من كل المخاطر التي كانت حكومة كوريا الجنوبية السابقة على استعداد لاتخاذها لإبرام اتفاق نووي مع دولة الإمارات، فإنه ليس من الواضح كم سيعود العقد بالفائدة على كوريا الجنوبية في سعيها للحصول على صفقات نووية مستقبلية.
وحتى الآن، لم تتمكن كوريا الجنوبية من تكرار نجاحها في دولة الإمارات في بلدان أخرى في المنطقة أو في أماكن أخرى على الرغم من الحديث عن كونها المورد المفضل للخطة السعودية لبناء أول محطة للطاقة النووية.
وفي المستقبل، من المحتمل أن تخضع سياسة كوريا الجنوبية للتصدير النووي أيضا لمزيد من التدقيق بسبب الميول الحالية المناهضة للأسلحة النووية.
كما ستواجه كوريا الجنوبية منافسة شرسة من المنافسين من القوى الأخرى فى سباقات العطاءات لبناء محطات الطاقة النووية فى منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك الصين واليابان والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
وفي ظل هذه الظروف، فإن صفقات توليد الطاقة النووية في المستقبل بين كوريا الجنوبية ودول الخليج قد لا تتكشف بسهولة.