علاقات » دول أخرى

العمالة الفلبينية.. من مانيلا إلى الخليج

في 2018/05/01

الخليج أونلاين-

سلَّطت أزمة العمالة بين الكويت والفلبين الضوء على نسب انتشارها في دول الخليج والعالم، ومدى الاعتماد عليها بالمجتمعات، ونقاط قوتها التي تميزها عن غيرها.

الأزمة بين البلدين بدأت بمقتل عاملة منزل فلبينية، عُثر على جثتها مخبَّأةً في ثلاجة منزل رب عملها بالكويت، في وقت سابق من العام الجاري، ليحدُث بعدها الكثير من التطورات، التي وصلت إلى حد إعلان الرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، رغبته في مغادرة جميع أبناء جاليته؛ إثر الخلافات الدبلوماسية.

وبعد حادثة الكويت والفلبين، برزت العديد من الإشادات بدور العمالة الفلبينية المنتشرة في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تسهم في عدة قطاعات، منها: قطاع الخدمات، والمبيعات، والتمريض، والأعمال المهنية، والبناء.

انتشار هذه العمالة في الخليج والعالم يعود إلى عدة أسباب، منها اقتصادية داخلية بالفلبين، من تمييز في التوظيف وقلة الرواتب، بالإضافة إلى خارجية مثل الطلب الكبير عليهم لإتقانهم اللغة الإنجليزية، ومستواهم العالي بالتعليم، وسمعتهم الجيدة في الحفاظ على العلاقات مع أرباب عملهم، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، سابقاً.

وعن الرواتب في الفلبين، وهي قِصة يعانيها الشعب الفلبيني منذ سنوات، كتب ريتشارد بادوك في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عام 2006: "يمكن لطهي الطعام على سفينة شحن أن يدرَّ راتباً أفضل من ذلك الذي يتقاضاه الرئيس الفلبيني عند 1000 دولار شهرياً".

وبمقارنة رواتب المعلمين والممرضات في أمريكا مثلاً، فهي تتراوح بين 25 ألفاً و45 ألف دولار كحد أقصى، في حين يُدفع نحو 3.6 آلاف دولار سنوياً بالفلبين في القطاعات ذاتها.

وبالعودة إلى تاريخ تدفُّق العمالة الفلبينية، فإنها بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، وازدادت هذه الأعداد في أواخر التسعينيات، بعد الأزمة الاقتصادية الآسيوية. واشتُهرت بأداء دور "البحّارة"، حيث أظهرت الإحصاءات الحكومية، آنذاك، ارتفاع عدد البحارة من 23 ألفاً عام 1975 إلى نحو 86 ألفاً في 1988.

وحتى عام 2016، يقدَّر عدد العمالة الفلبينية في الخارج بنحو 2.2 مليون عامل، وفق أرقام صدرت عن هيئة الإحصاءات الفلبينية، و97.5% منهم لديهم عقود عمل.

وبحسب هذه الإحصاءات، فإن 57% من إجمالي هذه العمالة يتخذون من آسيا الغربية مقراً لهم، في حين تعد السعودية الوِجهة الأولى للعمالة الفلبينية، فهي تستقبل نحو 23.8% منهم، وتأتي الإمارات بعدها بنسبة 15.9%، والكويت بـ6.4%، وقطر بـ6.2%، وأوروبا بـ6.6%، وباقي الدول مثل لبنان والبحرين والأردن 4.6%.

وتعد هذه العمالة مصدر دخل قومي وإنعاش لاقتصاد الفلبين، ويُعتمد عليها بشكل كبير في البلاد؛ إذ بلغ إجمالي التحويلات المالية التي أرسلها العمال الفلبينيون بالخارج من أبريل إلى سبتمبر 2016، نحو 203 مليارات بيزو (3.899 مليارات دولار) سنوياً.

وتبلغ نسبة العمالة الفلبينية التي تشغل مهنة الطب والتمريض والهندسة 34.5%، وهي النسبة الأكبر، ويعود ذلك لوجود أكثر من 100 معهد وكُلية بالفلبين، تُخرِّج أكثر من 10 آلاف ممرض وممرضة، ويتوزعون في دول العالم.

أما في قطاع الخدمات والمبيعات، فتبلغ نسبتهم 19%، والنسبة المتبقية تتوزع وفق المهن التالية: 12.8% مشغلو المصانع والماكينات، و11.6% الحِرف والأعمال ذات الصلة، و9.1% مهنيون، و6.6% تقنيون، و4.8% عمالة منزلية، و1.5% مديرون، و0.3% صيادو أسماك ومُزارعون.

هذه العمالة المنتشرة في العديد من الدول، والتي تعد ثروة للفلبين، تعاني مشاكل ضمان الحقوق؛ إذ يمكن أن تُطرد من عملها، أو يتم تعنيفها وإهانتها.

وفي الفترة الأخيرة، وبعد حادثة الكويت، علَّق الرئيس الفلبيني على أنباء زيادة حالات الانتحار في أوساط العاملين الفلبينيين، لأسباب لها علاقة بظروف العمل، مطالباً بعودتهم فوراً لبلادهم.

وعن كيفية التعامل مع قضايا التعنيف ضد الفلبينيات قانونياً، قال سرمد الأمين، المسؤول الإداري في شركة "بانوس" لتوظيف الخادمات العاملات بالشرق الأوسط: إنه "تلجأ العاملات، حال تعنيفهن، إلى سفارة بلادهن والسلطات الحكومية كوزارة الداخلية ووزارة العمل".

وأكد الأمين لـ"الخليج أونلاين": "إن تعرَّضت إحدى العاملات للعنف فهي تشتكي، ولا تخاف على قطع رزقها". وبيَّن أن العنف قليل في بعض الدول، وبعض العائلات تكون هي السبب في العنف، في حين تكون العاملة بأحيان أخرى سبباً فيما يحدث لها.

وقُدِّرت نسبة الخادمات اللاتي يرضخن للعنف بإرادتهن بسبب كسب المال، بـ2% وهي نسبة قليلة جداً، على حد قوله.

وكانت السلطات الفلبينية شددت، منذ سنوات، إجراءات تصدير عمالتها، وطالبت الجهات الساعية لاستقدام هذه العمالة، بأن تبرز سبباً مقنعاً للاستقدام؛ من سجلٍّ أُسري أو تجاري أو أرقام حساب، وذلك بالإضافة إلى توضيح ماهية العمل الذي سينفذه العامل أو العاملة.

ولكن بعد مطالبات الرئيس الفلبيني بعودة عمالة بلاده من الكويت، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي تمارَس في حق هذه العمالة بالعديد من الدول، يبقى السؤال: هل يمكن الاستغناء عن هذه العمالة في دول الخليج والعالم؟ وإن عادت فعلياً هذه العمالة إلى بلادها، فهل ستجد أجراً كما كانت تأخذ في دول أخرى؟